1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بلغراد - لاجئون قدامى يحتضنون لاجئين جدد

دييغو كوبولو / خ.س٢٢ يونيو ٢٠١٦

في مركز لجوء في العاصمة الصربية بلغراد، يحتضن لاجئون قدامى من أيام حرب البلقان لاجئين جدد من منطقة الشرق الأوسط، حيث يتقاسمون معهم المكان والطعام ويقدمون لهم عصارة تجاربهم. ريبورتاج DW من أحد المخيمات هناك.

Serbien Flüchtlingsunterkunft in Belgrad
صورة من: DW/D. Cupolo

على مرمى حجر خارج العاصمة الصربية، بلغراد، وبين مستوطنة للغجر ومكب نفايات تقع مجموعة من الثكنات العسكرية التي تحولت منذ تسعينيات القرن الماضي إلى مخيم للاجئين. وقد احتضنت تلك الثكنات منذ ذلك الوقت لاجئين من الحرب اليوغسلافية، التي دارت رحاها هناك آنذاك. وحتى اللحظة لا يزال يقيم في المخيم حوالي مئة لاجئ من صرب كرواتيا. يلا فوكسا هي إحدى هؤلاء. وتعيش يلا هناك منذ أكثر من عشرين سنةً وتمضي يومها في مشاهدة الحافلات التي تأتي إلى المخيم مملوءة باللاجئين وتعود فارغة بدون ركاب. وتطل السيدة السبعينية، ذات الرداء الأزرق برسوم الورد من شرفتها علينا وتقول: "انظر، لقد وصلوا. هذه المجموعة فيها الكثير من الأطفال. آمل أن ينزلوهم في أحد الأبنية الجيدة".

الاسم الرسمي للمخيم هو "مركز لجوء كرنياشا". بعد طوفان اللاجئين الذي اجتاح أوروبا، فتح المخيم منذ الصيف الماضي أبوابه للقادمين الجدد. ومذ ذاك الوقت يعيش هؤلاء، جنباً إلى جنب وفي تفاهم ووئام، مع اللاجئين القدامى الذين نزحوا بسبب حرب البلقان. ويبدو أن بيت شعر امرئ القيس: "أجارتنا إنّا غريبان ها هنا...وكل غريب للغريب نسيب" ينطبق الآن على هؤلاء المقيمين في مركز اللجوء هذا. "بالنسبة لي، كلهم متساوون"، كما تقول يلا "كل من يُجبر على ترك منزله، يواجه حياة صعبة. كلنا في نفس القارب. أفهم وضعهم، في بعض الأحيان نكون جميعنا في حاجة للمساعدة ".

مخيم كرنياشا للاجئين في بلغراد ... بدون رفاهية ولكن يقدم مأوى على الأقل.صورة من: DW/D. Cupolo

التاريخ يعيد نفسه!

عندما تسمع يلا قصص الحرب من اللاجئين السوريين والأفغان، يأخذ التفكر مأخذه منها فتتذكر قصتها أيضا "فيما عدا عبور البحر بقارب مطاطي، فإن قصتي الشخصية تتشابه إلى حد كبير مع ما يجري الآن في الشرق الأوسط". وتتابع يلا قائلة: "فقط البالغون يعون مسار الفترات العسيرة. الأطفال لايفهمون ما يجري حولهم. ولا يعني ذلك بأن الأمر غير صعب بالنسبة للصغار أو الكبار أيضا".

وتتذكر يلا وصولها إلى هذا المكان 1995 ، حيث لم تستطع التوقف عن البكاء. فلقد فرت من بيتها في زغرب ومات أحد أبنائها أمام عينيها بسبب الغرغرينا بعد أن بتر انفجار قنبلة جزءا من ساقه. بعد وصولها إلى هنا مع ابن آخر وابنتها وزوج ابنتها قضت يلا وقتها في أعمال العناية بالحديقة وتنظيف أرضيات أبنية المخيم، الذي كان يستخدم في الحقبة السوفيتية كمعتقل للأعمال الإجبارية. لم يستطع زوجها التكيف مع الحياة الجديدة كلاجئ، وتوفي بسكتة قلبية عام 2000. "حدث له شعور بالخجل، عندما رأى كيف دارت بنا الأيام وأصبحنا لاجئين. لم يكن يريد أن تعيش عائلته مثل هذه الحياة، فأصيب بارتفاع في ضغط الدم" وتعكس يلا صور ذكرياتها على الواقع الحالي وتضيف: "أرى نفس الألم في عيون اللاجئين العرب. ليس هناك من أب أو أم تريد رؤية أبنائها في وضع سيء".

التعود على فخ المكان

يعتني ابن يلا وبنتها وأطفالهما برعاية اللاجئة العجوز. فهم يزورونها ويزودوها أسبوعيا بالخبز والشاي والتفاح وغير ذلك. عندما سألنها لماذا لا تفعل مثلهم وتغادر المخيم إلى سكن المتقاعدين، أجابت بأنها تفضل البقاء في مكان تعودت عليه. ليست يلا هي الوحيدة هناك، حيث أفادنا منسق المخيم، ميلوتين لوستش، أن الحكومة الصربية عملت على إسكان اللاجئين، الذين أمضوا فترات طويلة في المخيم، في شقق مدعومة من حكومة بلغراد، غير أن العديد منهم رفض ترك المخيم. "لا يرغبون في ترك المكان، لأن لديهم كل شيء هنا. إذا غادروا وجب عليهم تحمل نفقات كثيرة كالطعام ودفع الفواتير". وساهم رفض الصرب الكروات لمغادرة المكان في خلق حالة غريبة، حيث تم تجهيز مباني جديدة لطالبي اللجوء الجدد الوافدين على دول الإتحاد الأوروبي.

يوجد في مخيم اللجوء 600 سريرصورة من: DW/D. Cupolo

على الرغم من كل الجهود التي بذلت لإيقاف تدفق اللاجئين من تركيا، يدخل يومياً من مقدونيا وبلغاريا إلى صربيا حوالي 200 طالب لجوء جديد كل يوم، حسب أحد العاملين في إغاثة اللاجئين، ويضيف أن معظم القادمين يدخلون صربيا ويغادرونها بواسطة شبكات تهريب البشر، حيث انتعشت سوقها بعد إغلاق طريق البلقان في وجههم. "واقع الحال يجبرنا على الجمع بين وضعنا كلاجئين في مخيم للجوء وفي مخيم للعبور. يتقدم أقل من واحد بالمائة بطلبات لجوء في صربيا، حيث يغادرون صربيا نهاية الأمر، قبل الانتهاء من دراسة طلباتهم والبت بها"، يقول ميلوتين.

اللاجئ الصربي الكرواتي، إيليا غاسبر، :"أكثر الناس سعادة هم المقيمون في أوطانهم".صورة من: DW/D. Cupolo

في سبيل مواجهة التطورات الجديدة، قامت إدارة المخيم بأعمال ترميم، بحيث أقيم هناك أكثر من 600 سرير للاجئين القدامى والجدد. وقد أثار المظهر الخارجي البراق لبعض الأبنية الجديدة شعور الغيرة لدى اللاجئين القدامى. على هذا الأمر يعلق ميلوتين: "الإحساس بالمرارة في غير محله. هناك إصلاحات وأعمال ترميم المظهر الخارجي، أما في الداخل فكل الأبنية متشابهة".

يقدمون عصارة تجاربهم كنصيحة

بشكل عام، يبقى معظم اللاجئين القدامى ودودين مع اللاجئين الجدد ويحثوهم على مغادرة صربيا. "القدوم إلى هنا كان أكبر غلطة في حياتي. كنت سأكون أكثر ذكاء لو اتجهت شمالاً إلى النمسا أو ألمانيا...ما يفعله اللاجئون اليوم بالتوجه شمالاً هو الصواب"، يقول الصربي الكرواتي إيليا غاسبر، ذو الخمس والخمسين سنةً. ويوافقه في الرأي الصربي والكرواتي الآخر، سلوبودنكا بابك، الذي يمارس في شقته العلاج بالريكي (شكل من أشكال الطب البديل وتسمى أيضا بالعلاج بالطاقة). "لا شيء ينتظرهم هنا. عليهم مواصلة السير باتجاه الشمال. صربيا ليست المكان المناسب لهم"، كما يقول بابك في تصريح خاص لنا.

جالسةً على شرفتها ومطلة على الباحة، تفكر اللاجئة الصربية الكرواتية، يلا فولسكا، ملياً في أزمة اللاجئين الحالية وتقول:"يستحق كل إنسان مكاناً يعيش فيه وفراشاً ينام عليه". عندما سألناها، ماذا يمكن أن تقول للجيل الجديد من اللاجئين، أجابت: "يوماً ما، سيتوجب عليهم شكر رئيس الوزراء على استقبال هذا العدد الكبير منهم".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW