بمشاركة بايدن ـ الناتو يتطلع لبلورة سياسة حازمة بشأن الصين
١٤ يونيو ٢٠٢١
تسعى أول قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى طي صفحة التوترات خلال إدارة دونالد ترامب والتركيز بدلا من ذلك على التهديدات الخارجية وعلى رأسها الصعود المطرد للصين كقوة عظمى جديدة.
إعلان
يشارك الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت لاحق اليوم (الاثنين 14 يونيو/ حزيران 2021) في أول قمة له لحلف شمال الأطلسي "ناتو" في الوقت الذي تتطلع الدول الأعضاء بالحلف البالغ عددهم ثلاثون دولة إلى طي صفحة التوترات التي ميزت إدارة دونالد ترامب والتركيز بدلا من ذلك على التهديدات الخارجية. ومن المتوقع أن يرسل القادة رسالة محددة إلى روسيا، الخصم التقليدي للتحالف العسكري الغربي، وتناول صعود الصين على الساحة العالمية، والقضايا الأمنية المرتبطة بتغير المناخ، والدفاع الإلكتروني، والتكنولوجيا العسكرية الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يوقع الحلفاء على خطة إصلاح لعام 2030 ويقرروا رسميًا البدء في إصلاح جوهر عقيدتهم الاستراتيجية، والذي كان أخر تحديث أجري عليه في عام 2010. كما يخطط الرئيس الأمريكي عقد اجتماع ثنائي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وفي سياق متصل، دعا الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ زعماء دول الحلف، إلى وضع سياسة مشتركة أقوى لمواجهة الهيمنة المتزايدة للصين. وقال ستولتنبرغ في مقابلة مع قناة "سي بي سي" الكندية أمس الأحد، إن الصين تملك ثاني أكبر ميزانية دفاعية في العالم وأكبر بحرية وتستثمر بشكل هائل في المعدات العسكرية الحديثة، وهذا "يؤثر على أمننا". وأضاف "الصين لا تشاركنا قيمنا. نرى ذلك في طريقة قمعها للاحتجاجات الديموقراطية في هونغ كونغ واضطهادها أقليات مثل الأويغور" في غرب الصين، وكذلك في استخدامها التكنولوجيا الحديثة لمراقبة سكانها "بطريقة غير مسبوقة".
هل باتت الحرب بين الصين والولايات المتحدة وشيكة؟
01:11
وخلص ستولتنبرغ إلى أن كل هذا "يجعل من المهم لدول حلف شمال الأطلسي تطوير سياسة تجاه هذه التحديات وأيضا تعزيز سياستنا عندما يتعلق الأمر بالصين". وأقرّ ستولتنبرغ في مقابلته بأنّ من المهم للدول الأخرى أن تتعامل مع الصين بشأن المشكلات المشتركة مثل التغير المناخي والحد من التسلح. لكنه ندّد باستمرار احتجاز بكين المواطنين الكنديين مايكل كوفريغ ومايكل سبافور بتهم تجسّس، واصفاً الأمر بأنه "غير مقبول على الإطلاق". وتعتبر أوتاوا احتجاز الرجلين بأنه "تعسفي" وانتقام لاعتقال كندا مسؤولة تنفيذية في شركة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات بناء على طلب من الولايات المتحدة.
على صعيد متصل أدانت الصين اليوم البيان المشترك الذي أصدره زعماء مجموعة السبع الذي انتقد بكين في
عدد من القضايا ووصفته بأنه تدخل صارخ في الشؤون الداخلية للبلاد وحثت المجموعة على الكف عن التشهير بالصين.
كان قادة المجموعة وجهوا انتقادا حادا للصين على سجلها في حقوق الإنسان في إقليم شينجيانغ المسلم ودعوا إلى الحفاظ على قدر كبير من الحكم الذاتي في هونج كونج وشددوا على أهمية السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، وكلها قضايا في غاية الحساسية لبكين.
وقالت سفارة الصين في لندن إنها مستاءة بشدة وتعارض بكل حزم الإشارات إلى شينجيانغ وهونج كونج وتايوان والتي شوهت الحقائق وفضحت "نوايا شريرة لبضع دول مثل الولايات المتحدة".
وأضافت السفارة "سوف ندافع بكل حزم عن سيادتنا الوطنية وأمننا ومصالحنا التنموية ونتصدى بكل حزم لكل أنواع الظلم والتعديات التي تُفرض على الصين".
يشار أيضا إلى أن الحلف سيبحث قضية أخرى مهمة وهي انسحاب الناتو الجاري حاليا من أفغانستان بعد 20 عامًا تقريبًا من الغزو الأمريكي على خلفية هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001. وفي الوقت الذي يتعين فيه على حلفاء الناتو مواصلة التمويل والدعم الأمني والمدني، فإن طبيعة التعاون المستقبلي مع السلطات الأفغانية لم تتقرر بعد. ويتزامن الانسحاب، المقرر استكماله في وقت لاحق من العام الجاري، مع زيادة نزيف الدماء في أفغانستان، واستعادة حركة طالبان الإسلامية المتشددة السيطرة على المزيد من الأراضي.
ح.ز/ ا.ف (أ.ف.ب / د.ب.أ)
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.