1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بن سدرين: قوى الثورة في تونس تخوض معارك الإصلاحات شبرا شبرا

١٩ يوليو ٢٠١١

تعتقد الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين أن أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها تونس، أظهرت وجود "شبكة" من بقايا الجهاز الأمني لنظام بن علي. وفي حوار مع دويتشه فيله، شددت بن سدرين على دور المجتمع المدني في المرحلة الانتقالية.

الناشطة التونسية سهام بن سدرينصورة من: DW

شهدت تونس خلال الأيام القليلة الماضية تطورات دراماتيكية حيث عادت أجواء التوتر للشارع وقتل فتى في سيدي بوزيد مهد الثورة، وتحدثت بعض المصادر عن عودة أجهزة الأمن إلى الاعتقالات والتعذيب. وكان رئيس الحكومة الانتقالية باجي قايد السبسي قد اتهم"متطرفين" بالوقوف وراء أعمال العنف والسعي لإفشال مسار انتخاب المجلس التأسيسي المقرر ليوم 23 أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل. ومن جهته قال حزب حركة النهضة الإسلامي إنه يدين العنف وتحدث زعيمه راشد الغنوشي عن"مخططات لاستفزاز الشباب المتدين واستدراجه إلى العنف" محذرا من مما وصفها بـ "محاولات استهداف الإسلاميين".

وفي تحليلها لتطورات الأحداث الجارية في تونس، قالت الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين الناطقة باسم المجلس الوطني للحريات، في حوار مع دويشته فيله، إن تونس ستتمكن من تجاوز المرحلة الانتقالية رغم الصعوبات التي تواجهها. لكن الناشطة التونسية المعروفة بكونها من ألدّ خصوم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، تعتقد أن هنالك أطرافا بعينها لا ترضيها الثورة وهي تسعى لإجهاضها عبر بث العنف والاضطرابات في البلاد، ومحاولة توظيف معادلة الصراع بين اللائكيين (العلمانيين) والإسلاميين.

وفيما يلي نص الحوار مع سهام بن سدرين:

دويتشه فيله: ما هي قراءتك لأسباب عودة أجواء التوتر للشارع التونسي ووقوع أحداث عنف في الأيام الأخيرة في عدد من مدن البلاد، إثر الدعوة لتنظيم اعتصام جديد في القصبة؟

سهام بن سدرين: أعتقد أن هنالك أطرافا وجهات لا يرضيها استقرار البلاد، وبالمقابل فإن مناخ التوتر والتشنج يناسب أغراضهم الرجعية والاستبدادية. وما يجري في الواقع هو أنهم يقتنصون مناسبات مظاهرات سلمية ينظمها شبان يريدون التعبير عن آرائهم وغضبهم من سياسة الحكومة الحالية، فتدخل عناصر معينة على خط المظاهرات ويبدؤون بالاستفزازات فينتج عنها تدخل للشرطة، ويكون ذلك التدخل عنيفا جدا ضد المتظاهرين. وهكذا تصبح دوامة وعملية كرٍّ و فرٍٍّ.

مشهد من الاشتباكات بين شبان غاضبين ورجال الشرطة يوم الجمعة الماضي قرب ساحة القصبة في تونس العاصمةصورة من: picture alliance/dpa

وكيف تطورت الأمور إلى أعمال عنف في مختلف أنحاء البلاد؟

أعمال العنف التي شهدتها البلاد من شمالها إلى جنوبها، مصدرها في غالب الأحيان عناصر أمنية من المخابرات غير راضية بالثورة، وهنالك عناصر سلفية متشددة يوظفها بقايا جهاز الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وهذه البقايا يوجد جزء منها داخل المنظومة الأمنية وهناك جزء آخر خارجها، بعد أن أحيلوا على التقاعد. وبرأيي فإن هذا اللوبي، وهو بمثابة شبكة، تستخدم العنف كوسيلة لترويع المجتمع وخلق مناخ عدم استقرار يجعل المواطن في حالة عدم شعور بالطمأنينة والأمان، كي تجد النزعة والأساليب الأمنية والاستبدادية لجهاز بن علي الأمني، مبررا لها في ظل أوضاع التوتر.

لكن خطاب رئيس الحكومة الانتقالية باجي قايد السبسي وردود فعل الأحزاب السياسية عليه، أظهرت أن الطبقة السياسية منقسمة بشكل كبير إزاء استحقاقات المرحلة الانتقالية وإدارتها؟

بالفعل، وفي نفس الوقت للأسف، فإن الطبقة السياسية أظهرت أنها غير مهيأة لقيادة المجتمع في هذه المرحلة الانتقالية. فأبرز الأحزاب التي كانت معارضة وتنادي بالديمقراطية، يظهر أن همَّها الوحيد هو عدد المقاعد التي ستحصل عليها في الانتخابات، ولا يهمها مرافقة المجتمع المدني خلال هذه المرحلة الانتقالية ومشاطرته همومه ولعب دور في تهدئة الأجواء. والاكتفاء بالخطب والتنديد أو التأييد وإطلاق الأحكام على الآخرين، لا يمنح أصحابها دور القيادة أو الطبقة السياسية. ولا أريد أن أعمم هذه الملاحظة ولكن للأسف فإن أغلب الأحزاب تجلس على الربوة وتوزع أحكامها على الآخرين.

وإلى أي حد يمكن أن تؤدي عملية الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين إلى إحداث اضطراب في المرحلة الانتقالية في البلاد؟

قصة الاستقطاب الثنائي هي من صنع الاستخبارات التونسية كي تعيد لنا مرة ثانية سيناريو نظام بن علي الذي وظف خلال 23 سنة هذه الثنائية. وكسب بن علي عن طريق المقايضة بهذه المعادلة رضاء الطبقة السياسية، والآن يريدون إعادة إنتاج نفس المقايضة. وفي تقديري، وهو رأي قطاع واسع من المجتمع المدني، فإن الخط الفاصل ليس بين لائكيين (علمانيين) وإسلاميين وإنما بين قوى الثورة وقوى الرِّدة. وفي صلب قوى الثورة هنالك إسلاميون ولائكيون كما نجد في صلب قوى الردة إسلاميين ولائكيين.

رغم ديناميكية المجتمع المدني بعد الثورة، فإن صوته لا يبدو قويا في خضم هذه الأزمة، فما سبب ذلك؟

أنا لا أشاطر هذا الرأي، فنحن على الأقل كمجلس وطني للحريات، حاضرون في الميدان وخضنا ونخوض كل المعارك. ونتابع موضوع الاعتقالات القسرية والاعتداءات والتعذيب، ونعمل حاليا على متابعة ملفات الشباب الذين يمثلون أمام القضاء. وشغلنا الشاغل هو مرافقة مجتمعنا في هذه المحنة والعمل من أجل تهدئة الأجواء ونطلب من الجميع الوقوف ضد العنف كيفما كان، وهو ما يحصل ونقوم بهذا النشاط بتنسيق مع الهيئات الأهلية. ولذلك يمكنني القول بأن المجتمع المدني يقوم بوظيفته ودوره كاملا في الميدان وهو يتجاوز حتى دور الأحزاب.

عادت الاحتجاجات وأعمال العنف إلى الشوارع التونسية. صورة من الأرشيفصورة من: picture alliance/dpa

بعد مقتل فتى في سيدي بوزيد، نُشر على فيسبوك ومواقع الانترنت عودة مظاهر التعذيب في بعض مراكز الشرطة بتونس، إلى أي مدى تعولون، كمنظمة حقوقية، على استقلال القضاء في إعادة الأمور إلى نصابها، أم أن الجهاز القضائي لا يزال خاضعا لبقايا نظام بن علي؟

المؤسسة القضائية ليست مستقلة لكن فيها قضاة شرفاء، ونحن من جهتنا كمنظمة حقوقية نقوم بدورنا في الضغط على الدوائر وخاصة في وزارة العدل كي يتم احترام حقوق الإنسان وقواعد المحاكمة العادلة، ونحن نراقب عمل المحاكم كي تلتزم في سيرها بقواعد حقوق الإنسان. ونحن مهتمون حاليا بمسألة عودة التعذيب في مرحلة ما بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني ولدينا تقرير سينشر الأربعاء (20 يوليو/ تموز) كما سنعقد مؤتمر صحافي، لعرض التقرير الذي يتضمن كلما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان فيما بعد 14 يناير سواء كان مصدرها قوات الأمن أو الجيش أو قوة عمومية.

وهل هنالك بالفعل ما يدعو للقلق في هذا الصدد؟

أجل، نحن قلقون، لأن السلطات (العمومية) رغم بعض الإجراءات الايجابية التي اتخذت فإنها مازالت تنساق وراء الأساليب القديمة لنظام بن علي في القمع. والدوائر الأمنية مازالت نافذة. ونحن نعمل أيضا على ملف إصلاح المنظومة الأمنية ونحن في مفاوضات مع وزارة الداخلية حول هذا الأمر.

واعتقد أنه من الطبيعي أن لا يحدث تغيير بين عشية وضحاها، خلال المرحلة الانتقالية، وكل شبر من الإصلاحات يتم التفاوض عليه وخوض معارك بين النظام القديم والقوى الثورية الجديدة، ونحقق انتصارات في بعض المعارك وتصيبنا خيبات ونكسات في بعض الأحيان، وهذه من سنن المرحلة الانتقالية ولا ينبغي أن يصيبنا ذلك بالإحباط. ولدينا الثقة في قوى المجتمع المدني وقوى الشباب الذين هم مستعدون دائما للنزول إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم، كلما تحيد الحكومة عن الأهداف التي قامت من أجلها الثورة.

إجراء انتخاب المجلس التأسيسي في موعده المقرر ليوم 23 أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل ومحاسبة المسؤولين من النظام السابق عن الفساد وعن قتل المئات خلال الثورة، هل يتم التقدم بشكل واضح نحو هذه الأهداف الثلاثة، وهل أنت متفائلة؟

أجل أنا متفائلة، ففي ملف شهداء الثورة ومحاسبة المجرمين على قتل مواطنين خلال الثورة، هناك قضاة شرفاء يقومون بتحقيقات حول هذا الملف ونحن نتابع هذا الموضوع عن قرب ولدينا اليقين بأن المسؤولين عن تلك الانتهاكات سيحالون قريبا على القضاء، علما بأن قسما هاما من هؤلاء المجرمين هم قيد الإيقاف حاليا. ولدينا ثقة بأن حسابهم آت والحق سيعلو مادام هنالك يقظة من قبل المجتمع المدني وأهالي الضحايا. أما بالنسبة للاستحقاق الانتخابي فإننا نناضل من أجل احترامه. وإذا تم الانحراف عن هذا المسار فسنندد به وسنقوم بتعبئة الشباب من أجل أن فرض احترام أهداف الثورة على السلطات.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW