بن سلمان يزور اليونان.. فهل انتهت عزلته الدبلوماسية؟
٢٦ يوليو ٢٠٢٢
مؤخرا استقبل الرئيس الأمريكي في جدة، والآن يزور ولي عهد السعودية اليونان في أول زيارة رسمية له لبلد أوروبي منذ سنوات. فهل انتهت عزلته وأُغلِق ملف مقتل الصحافي جمال خاشقجي، يتساءل رونالد مايناردوس* من مركز أثينا للأبحاث.
إعلان
زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى اليونان الثلاثاء (26 تموز/ يوليو 2022) هي أول زيارة له إلى بلد أوروبي منذ مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي عام 2018. وبذلك يترك بن سلمان خلفه مرحلة من النبذ الدبلوماسي، بعد أن كان قادة الدول الغربية لا يرغبون بلقاء المتهم بتدبير اغتيال خاشقجي.
ويظهر كل ذلك أن السعودية التي لديها احتياط نفطي هائل وكقوة رائدة في العالم العربي، تعتبر دولة ذات ثقل كبير جدا رغم انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان.
نهاية العزلة؟
وليس صدفة أن تكون زيارة ولي العهد السعودي بعد سنوات من الاستراحة الدبلوماسية الإلزامية، إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي هي اليونان. فرئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس وبالتعاون مع الرئيس القبرصي نيكوس أنستاسياديس، قد لعب "دورا خاصا" لإنهاء العزلة الدبلوماسية على ولي العهد السعودي، حسب تحليل لموقع "المونيتور" المختص بشؤون الشرق الأوسط.
يسافر بن سلمان إلى اليونان على رأس وفد كبير وجدول أعمال واسع. والملفت في البيانات الرسمية للبلدين هو أن تعميق التعاون العسكري بينهما على رأس جدول أعمال الزيارة. وذكرت وسائل إعلام يونانية أن البلدين سيوقعان اتفاقية حول توسيع التعاون العسكري بينهما.
التعاون العسكري
يشعر البلدان بتهديدات ملموسة، ففي حين أن السياسة الخارجية والدفاعية السعودية مدفوعة بالقلق حول تنامي نفوذ عدوها اللدود إيران؛ فإن تطلعات تركيا ومطامعها هي الموضوع المهيمن على سياسة أثينا. والدافع الرئيسي لتعميق العلاقات بين اليونان والسعودية هو تبادل الاعتراف بالتهديدات التي يخشاها كل طرف وما يرتبط بذلك من الاستعداد للدعم قولا وفعلا.
في ربيع عام 2021 حين كان قد تم تجاوز أكبر أزمة بين تركيا واليونان للتو، شاركت مقاتلات سعودية في مناورات جوية مشتركة مع سلاح الجو اليوناني فوق بحر إيجة. وقبل ذلك كانت دولة الإمارات، الحليف القوي للسعودية، قد أرسلت مقاتلات إف 16 إلى جزيرة كريت اليونانية، في ذروة الأزمة والتوتر بين أنقرة وأثينا. وإن مشاركة الإمارات في المناورات الحربية اليونانية أثار استياء تركيا بشكل كبير، والتي كانت المناورات موجهة ضدها.
"السماء هي الحدود"
وفي مقابل التعاون العسكري والسياسي السعودي، أعارت اليونان بعد مدة قصيرة نظام الدفاع الصاروخي باتريوت مع فريق تشغيل كامل للسعودية. وحيث أن الحوثيين يطلقون الصواريخ وبشكل متكرر على أهداف سعودية، فإن صواريخ باتريوت التي قدمتها اليونان تعتبر وسيلة فعالة للتصدي لصواريخ الحوثيين.
وإلى جانب المسائل العسكرية سيتم خلال المحادثات الثنائية بحث توسيع التعاون في المجال الاقتصادي والتقني أيضا. وقال وزير الاستثمار السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، على هامش ملتقى اقتصادي عقد في أثينا نهاية مايو/ أيار الماضي، "إن السماء هي الحدود"، في إشارة إلى إمكانية التعاون غير المحدود بين بلاده واليونان، وإلى الموقع الجيوستراتيجي لليونان بين أوروبا والشرق الأوسط. وهذا ما يطرب رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس ويود سماعه، فهو لا يفوت أي فرصة ليشير إلى أنبلاده تعتبر مركزا استراتيجيا لإمدادات الطاقة لأوروبا مستقبلا.
ولن يقتصر الأمر على بحث أثينا والرياض موضوع الطاقة الأساسي والكبير، وإنما كما أعلن يريد البلدان تمديد كابل في قاع البحر المتوسط لتحسين نقل البيانات بين أوروبا والعالم العربي.
رونالد مايناردوس/ ع.ج
* د. رونالد مايناردوس: مدير برنامج البحر المتوسط في مركز أثينا للأبحاثELIAMEP
الرياض وواشنطن.. عقود من النفط والسلاح والمال مقابل الحماية
قامت العلاقات السعودية الأمريكية منذ تأسيس المملكة على مبدأ المصالح المتبادلة، بيد أن النفط والمال السعوديين كانا محركين أساسيين لهذه العلاقة ومقابل ذلك اعتمدت المملكة على حماية أمريكا، لكن العلاقات شهدت بعض التوترات.
صورة من: picture-alliance/Everett Collection
1931: اعتراف أمريكي بدولة وليدة
الولايات المتحدة تعترف بمملكة الحجاز ونجد، التي أعيد تسميتها إلى المملكة العربية السعودية في العام التالي. وبعد عامين منحت المملكة امتياز التنقيب عن النفط لشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا. وحقق فرعها السعودي، الذي أعيد تسميته فيما بعد إلى أرامكو، أول اكتشاف تجاري في عام 1938. ولم تستكمل السعودية شراء 100 بالمئة من أسهم الشركة إلا في 1980.
صورة من: picture alliance/dpa/CPA Media Co. Ltd
1945: لقاء في قناة السويس
الرئيس الأمريكي فرانكلين دي. روزفلت يلتقي مع الملك عبد العزيز على متن السفينة يو.إس.إس كوينسي في قناة السويس، مما مهد الطريق أمام علاقات وثيقة على مدى عقود من الزمن.
صورة من: picture alliance/akg-images
1950 – 1951: من النفط إلى السلاح
أعادت السعودية التفاوض بشأن امتياز أرامكو لتحصل على مزيد من الإيرادات. وبعد عام من ذلك وقعت المملكة مع الولايات المتحدة اتفاقية دفاع متبادل، مما فتح الطريق أمام مبيعات هائلة من الأسلحة الأمريكية.
صورة من: picture alliance/dpa/TASS
1973: حظر نفطي
انضمت السعودية إلى حظر نفطي عربي على الولايات المتحدة ودول أخرى بسبب دعمها لإسرائيل في حرب 1973 مع مصر وسوريا، مما أدى إلى تضاعف أسعار النفط إلى أربع مرات تقريباً. رفع الحظر في 1974.
صورة من: Pierre Manevy/Express/Hulton Archive/Getty Images
1979: تمويل "المجاهدين" الأفغان
بالتعاون مع الولايات المتحدة وباكستان، ساعدت المملكة السعودية في تمويل المقاومة الأفغانية للاحتلال السوفييتي. وقام العديد من السعوديين، ومن بينهم أسامة بن لادن السعودي المولد، بتمويل المقاتلين الأفغان والانضمام إليهم.
صورة من: AFP/Getty Images
1990: غزو الكويت
بعد أن قام نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بغزو الكويت، استخدم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة السعودية نقطة انطلاق لطرد القوات العراقية من الكويت. وشاركت القوات السعوية في العملية. وبعد ذلك غادرت معظم القوات الأمريكية المملكة، لكن الآلاف بقوا هناك.
صورة من: picture-alliance/dpa
1996: تفجير الخبر
أدى انفجار شاحنة مفخخة في مجمع عسكري أمريكي في الخبر إلى مقتل 19 جندياً أمريكياً. أعلن زعيم تنظيم القاعدة إسامة بن لادن "الجهاد" ضد الأمريكيين واصفاً القوات الأمريكية هناك بقوات احتلال.
صورة من: picture-alliance/AFP/EPA
2001: هجمات سبتمبر الإرهابية
قتل نحو ثلاثة آلاف في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول التي نفذها خاطفو طائرات من تنظيم القاعدة. ومن بين 19 خاطفاً، كان هناك 15 سعودياً. ونفت السعودية أي صلة أو معرفة بالهجمات. لم تجد لجنة حكومية أمريكية في 2004 أي دليل على أن السعودية مولت القاعدة بشكل مباشر. وتُرك الأمر مفتوحاً بشأن ما إذا كان مسؤولون سعوديون قد فعلوا ذلك بصورة فردية أم لا.
صورة من: picture alliance/dpa/NIST
2003: غزو العراق
لم تشارك السعودية في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق. وسحبت الولايات المتحدة جميع القوات القتالية المتبقية من المملكة. في هذا العام قتل ثلاثة مفجرين انتحاريين 35 شخصاً على الأقل، بينهم تسعة أمريكيين، في الرياض، وذلك في إطار هجمات ضد أجانب ومنشآت حكومية سعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa
2011: الربيع العربي
هزت الاضطرابات العالم العربي بسبب الانتفاضات والاحتجاجات التي سُميت بـ "الربيع العربي". وسرعان ما أبدت السعودية قلقها مما تعتبره تخلي الرئيس باراك أوباما عن الرئيس المصري حسني مبارك حليف الولايات المتحدة.
صورة من: AFP/Getty Images
2013: قلق وشكوى
في حدث نادر أعلن أفراد العائلة المالكة للسعودية عن تذمرهم علناً من سياسات الحليف الأمريكي بعد أن حاولت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما تغيير نهجه بلاده إزاء إيران وعدم تدخلها بقوة في الملف السوري الملتهب بخلاف تدخلها في إسقاط النظام بليبيا.
صورة من: Reuters/Jim Bourg
2015: الملف النووي الإيراني
بعد أن توصلت القوى العالمية الكبرى إلى اتفاق مع إيران لتخفيف العقوبات على طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، أعلنت الرياض عن خشيتها أن يقوي هذا الاتفاق الغريم الإيراني. وفي هذا العام شنت المملكة حملة عسكرية على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن بعد أن أبلغت واشنطن قبلها بساعات قليلة فقط. لكن الولايات المتحدة قدمت الدعم العسكري المطلوب.
صورة من: Reuters/C. Barria
2016: فيتو الكونغرس
ألغى الكونغرس حق النقض (الفيتو) الذي استخدمه أوباما ضد قانون يرفع الحصانة السيادية ويفتح الطريق أمام أقارب ضحايا 11 سبتمبر/ أيلول لمقاضاة السعودية بشأن الهجمات الإرهابية التي أوقعت الآلاف من القتلى والجرحى.
صورة من: picture-alliance/ dpa
2018: انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي
أبدت السعودية ترحيبها بقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، أدانت الولايات المتحدة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
صورة من: picture-alliance/Xinhua/T. Shen
2019: دور محمد بن سلمان
قام مشرعون أمريكيون، مستشهدين بأدلة على دور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قضية خاشقجي ومدفوعين بالغضب من الخسائر بين المدنيين في الغارات الجوية السعودية باليمن، بزيادة جهود منع بيع الأسلحة إلى الرياض. وقالت الرياض إن قتل خاشقجي ارتكبته مجموعة خالفت صلاحيات الأجهزة وتنفي أن يكون للأمير محمد بن سلمان أي دور.
صورة من: Getty Images/W. McNamee
2020: دعم لاتفاقيات إبراهيم
أعلنت السعودية دعمها لاتفاقيات إبراهيم التي أقام بموجبها حلفاؤها الإمارات والبحرين علاقات مع إسرائيل. ولم تصل الرياض إلى حد الاعتراف بإسرائيل نفسها.
صورة من: Alex Wong/Getty Images
2021: سجل حقوق الإنسان
تبنى الرئيس الأمريكي جو بايدن موقفا أكثر تشددا تجاه سجل السعودية في حقوق الإنسان. وتعهد بايدن أثناء حملته الرئاسية بجعل الرياض "منبوذة" بسبب مقتل خاشقجي. كما أعلن بايدن وقف الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة.
صورة من: Yasin Ozturk/AA/picture alliance
2022: "قيادة شجاعة"
في يونيو/ حزيران الماضي، قال بايدن إن المملكة أظهرت "قيادة شجاعة" من خلال مساندة تمديد الهدنة المدعومة من الأمم المتحدة في اليمن. ومع ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب في أوكرانيا، رحب البيت الأبيض بقرار دول أوبك+ زيادة الإمدادات النفطية.