1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بوادر باتجاه انسحاب القوات الأجنبية من العراق رغم هشاشة الوضع الأمني

٢٢ مايو ٢٠٠٦

رئيس الوزراء العراقي المالكي يتحدث ولأول مرة منذ بدء الحرب عن إمكانية تولي قوات عراقية السيطرة الأمنية على معظم أرجاء البلاد بحلول نهاية العام. وتوني بلير يقدم دعمه للحكومة الجديدة وذلك في زيارة مفاجئة إلى بغداد.

توني بلير يصافح نوري المالكيصورة من: AP

منذ لحظة ولادتها الأولى أخذت الحكومة العراقية الجديدة على عاتقها مهمة وقف إراقة الدماء التي دفعت بالعراق إلى شفا حرب أهلية طائفية. فقد دعا رئيس الوزراء الجديد نوري المالكي في خطاب إعلان الحكومة أمام البرلمان يوم السبت الماضي(20 مايو/آذار)، دعا الأجهزة الأمنية إلى العمل من أجل بسط الأمن في البلاد، متعهدا باستخدام أقصى درجات القوة في مواجهة الارهابيين والقتلة الذين يتسببون في سفك الدماء. وجاء اليوم الأول من عمر الحكومة الجديدة دليلا دامغا على مدى أهمية الملف الأمني، فقد عصفت بالبلاد هجمات دموية جديدة، أسقطت أكثر من 53 قتيلا وعشرات الجرحى، كان أكثرها دموية تفجير انتحاري بحزام ناسف في مطعم شعبي وسط العاصمة بغداد. كما عُثر على أكثر من 20 جثة عليها آثار التعذيب ومصابة بالرصاص في أنحاء متفرقة من البلاد، كل هذه الشواهد وغيرها تؤكد على أن مهمة وقف إراقة الدماء هي مهمة معقدة لن تُنجز في بضعة أشهر.

مظاهر الحزن والأسى بعد الهجمات الأخيرةصورة من: AP

وما أن تم الإعلان عن أول حكومة عراقية كاملة التفويض في عراق ما بعد صدام حسين حتى حصدت الدعم والإشادة من كافة الأطراف. فقد أشاد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مؤكدا انها ستقود إلى مزيد من الاستقرار في العراق. وقال على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ انه أجرى اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء العراقي لتهنئته بالحكومة الجديدة. وفي بروكسل، رحبت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر بتشكيل الحكومة العراقية. وقالت إن "تشكيل الحكومة العراقية الجديدة خبر جيد. ستكون هذه الحكومة اداة قوية للمساعدة في تجاوز الطائفية والتصدي للعنف الذي يمنع تقدم العراق". وأضافت "نحن مستعدون لبدء المفاوضات لإرساء علاقات تعاقدية بين الاتحاد الأوروبي والعراق وفق التوصيات الصادرة عن الدول الأعضاء".

ولم يتأخر الدعم الأمريكي، حيث تُشكل الحكومة العراقية الجديدة ورقة رابحة لإدارة بوش تبرهن بها على تقدم العملية الديموقراطية وبالتالي صواب خيار الحرب. فقد قال الرئيس الأمريكي جورج بوش، الذي تدنت شعبيته إلى مستويات قياسية، للصحفيين يوم الأحد أن تشكيل حكومة عراقية جديدة هو بمثابة "يوم جديد لملايين العراقيين الذين يريدون العيش في حرية." وذكر بوش انه اتصل بالمالكي وغيره من القادة العراقيين لتهنئتهم. وقال بوش إن تشكيل الحكومة العراقية يفتح "فصلا جديدا" في العلاقات العراقية الأمريكية. من ناحية أخرى قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قالت في مقابلة مع تلفزيون فوكس نيوز ان من السابق لأوانه الالتزام بسحب الجنود الأمريكيين وعددهم 130 الفا وأضافت أن كبار قادة الجيش الأمريكي سيلتقون مع الحكومة العراقية على مدى الأسابيع المقبلة لبحث خطط بخصوص دور القوات الأمريكية والعراقية.

بلير في بغداد

جانب من المباحثاتصورة من: AP

وفي أكبر إشارة لدعم المجتمع الدولي للحكومة الجديدة وصل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إلى بغداد اليوم الاثنين للالتقاء بأعضاء من الحكومة العراقية وبحث مسألة القوات في الوقت الذي توقع فيه مسئولون أن تغادر كل القوات الأجنبية المشاركة في العمليات القتالية البلاد في غضون أربع سنوات. وقال مسؤول بريطاني كبير ان تشكيل حكومة وحدة وطنية بالعراق سيعجل من انتقال السيطرة الأمنية من القوات التي تقودها الولايات المتحدة إلى العراقيين وسيتيح للندن سحب بعض قواتها بحلول منتصف العام. وقال المسئول الذي يرافق بلير في خامس زيارة له للعراق منذ الغزو "الهدف هو أن يصبح العراق في وضع تتمكن فيه القوة المتعددة الجنسيات من الانسحاب خلال فترة وجود الحكومة العراقية في السلطة." وأضاف "خلال السنوات الأربع سيتغير دور القوة المتعددة الجنسيات وهيكلها الحالي وسيصل إلى نهايته"، مشيرا إلى أن بعض القوات قد تبقى لما بعد ولاية الحكومة التي تمتد أربعة أعوام للاضطلاع بدور غير قتالي يتمثل في تدريب العراقيين. ووصل بلير على متن طائرة هليكوبتر الى المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد حيث يلتقي بقادة عسكريين أمريكيين وبريطانيين وبأعضاء من الحكومة العراقية الجديدة.

وفي مؤتمر صحفي بمناسبة الزيارة قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم الاثنين انه يعتقد ان بامكان قوات عراقية تولي السيطرة الامنية على معظم أرجاء البلاد بحلول نهاية العام. وأضاف ان هناك اتفاقا وجدولا لتسليم المسؤولية الامنية. وأشار الى ان محافظتي العمارة والسماوى ستسلمان للعراقيين في يونيو حزيران وان العملية ستستكمل بنهاية العام باستثناء بغداد وربما محافظة الانبار. ورفض بلير التحدث عن جدول زمني للانسحاب ولكنه اكد ان توقيت انسحاب القوات الاجنبية متوقف على مدى استعداد القوات العراقية لتسلم المسؤوليات. يذكر أن السماوة والعمارة محافظتان شيعيتان في الجنوب تخلوان من العنف الى حد كبير وتسيطر عليهما القوات البريطانية التي قال قادتها انها قد تنسحب من بعض المحافظات في وقت قريب. اما الانبار فهي معقل المسلحين العرب السنة بصحراء غرب العراق. والجدول الزمني الذي اشار اليه المالكي اكثر طموحا من اي توقيت عبر عنه علنا القادة الامريكيون او البريطانيون الذين يؤكدون على ان أي انسحاب سيعتمد على قدرة القوات العراقية على ضمان الامن.

تحديات الحكومة الجديدة

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكيصورة من: AP

اشتملت الحكومة العراقية الجديدة على أكثر من 30 منصبا وزاريا، تم توزيعها بشكل يهدف إلى تحقيق وحدة وطنية واسعة، فقد ذهب 17 منصب إلى الشيعة وخمسة للسنة، وحصل الأكراد والعلمانيون وأقليات أخرى على المقاعد المتبقية. واستغرق تشكيل الحكومة العراقية قرابة ستة اشهر منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة. وهي مدة تعكس حجم الخلافات والاحتقانات الطائفية الواسعة التي دارت حول اقتسام الموارد والسلطات. فقد أجبرت الخلافات بشأن من الذي يتولى وزارة الداخلية المهمة بالإضافة إلى إدارة حقيبة الدفاع المالكي على ترك هذين المنصبين شاغرين. وقال انه يأمل بشغلهما خلال يومين او ثلاثة أيام. وعلى الرغم من جهود المالكي للتوصل إلى إجماع بين الطوائف العراقية المتناحرة فان الخلافات الحزبية بشأن المناصب والخلافات بشأن دور الاسلام واقتسام الموارد الطبيعية للعراق وهيكل الدولة العراقية تسلط الضوء على المشكلات التي سيواجهها في إلزام زملائه بسياسة مشتركة.

ومن أبرز القضايا الشائكة التي قد تؤدي إلى انهيار حكومة المالكي مراجعة دستور البلاد الجديد الذي يقول السنة أنه يعطي الشيعة والأكراد سيطرة أكثر مما يجب على الموارد النفطية العراقية الضخمة وقد يؤدي إلى انقسام البلاد في نهاية الأمر. وبموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة ويهدف إلى اجتذاب السنة للانضمام إلى العملية السياسية يتعين على البرلمان تشكيل لجنة لوضع توصيات بشأن كيفية تعديل الدستور خلال أربعة أشهر. ومشاركة السنة الذين كانوا القوة المهيمنة خلال حكم صدام أمر حاسم لأنهم يشكلون العمود الفقري للتمرد.

بجانب هذه الخلافات تبرز في طريق الحكومة الجديدة عقبة أخرى كأداء وهي المليشيات المسلحة وفرق الإعدام من رجال الشرطة التي كثر الجدال حولها في العام الماضي. فرغم دعوة الحكومة إلى حل المليشيات ووضع السلاح جانبا، وتصميمها على إبقاء حق حمل السلاح حصريا في يد قوات الأمن النظامية، يرى مراقبون أن من الصعب تحقيق هذا المطلب نظرا لتمسك الشيعة الذين ينتمي إليهم رئيس الوزراء وحلفائهم الأكراد بالإبقاء على جماعاتهم المسلحة.

مسؤوليات وزارة النفط

جانب من الحكومة العراقية الجديدةصورة من: AP

العالم النووي المستقل حسين شهرستاني، والذي سُجن في عهد صدام حسين وحكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، سيتولى منصب وزير النفط في الحكومة العراقية الجديدة، وهو المنصب الذي اشتد عليه الصراع بين القوى المختلفة في العراق، فليس خافيا على أحد الدور المحوري الذي تلعبه صادرات النفط في اقتصاد العراق، إذ تشكل عائدات النفط 80 بالمائة من الميزانية العامة للبلاد. الخبير الألماني اوليفر ليودرز يقول إن منصب وزير النفط هو أهم منصب في حكومة البلاد التي مزقتها الحرب. ولعل ما يدلل على ذلك حقيقة أن هذا المنصب كان في عهد صدام حسين حكرا على الأعضاء المقربين من الأسرة الحاكمة فقط.

ينتظر الشهرستاني في وزارته ملف يضارع الملف الأمني أهميةً، ألا وهو ملف محاربة الفساد. فقد كشفت تحقيقات الآونة الأخيرة عن العثور على ملايين الدولارات في بنوك أردنية، هي حصيلة بيع غير شرعي لبراميل البترول العراقية في السوق السوداء. وفي بداية عام 2005 أعلنت وزارة النفط العراقية أن قرابة 9 مليارات دولار قد اختفت من خزانة الوزارة، أعقبها طرد مئات الموظفين الذين ثبت تورطهم في فضيحة الاختلاس. غير أن ما يزيد الآن من صعوبة الكشف عن مثل هذه الجرائم أن حريقا شب في مبنى وزارة النفط في بداية الشهر الحالي والتهم طابقين كاملين، وهما الطابقان المخصصان لقسم الحسابات والدفاتر.

بقي في هذا السياق أن نشير إلى تأكيد رئيس الوزراء نوري المالكي أن "المشروع السياسي والمشروع الاقتصادي والمشروع الثقافي يتوقف في هذه المرحلة الحساسة على أداء القائد العسكري في محاربة الفساد الذي أصبح متداخلا مع الملف الأمني، ونحن بحاجة إلى عملية شد بقوة في الملف الأمني."

دويتشه فيله + وكالات

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW