بوتفليقة يعود رغم استمرار التظاهرات الرافضة لترشحه
١٠ مارس ٢٠١٩
رغم التظاهرات الرافضة لترشحه لولاية خامسة، عاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من جنيف إلى بلاده. وكانت طائرة أقلت بوتفليقة قد هبطت في مطار بوفاريك العسكري جنوب غربي العاصمة الجزائر، حسب مصادر رسمية.
إعلان
عاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأحد (العاشر من آذار/ مارس 2019) من رحلته الطبية في جنيف، بحسب ما أعلنت الرئاسة، فيما استمر الحراك الاحتجاجي في أنحاء عدة من الجزائر ضد ترشحه لولاية خامسة. وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "عاد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، ظهيرة اليوم الأحد إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة إلى جنيف (سويسرا) حيث أجرى فحوصات طبية دورية".
وحطت الطائرة بعيد الساعة 16:50 بتوقيت الجزائر، بحسب وسائل إعلام جزائرية. وبحسب قناة "دزاير نيوز" الخاصة تم تعزيز الإجراءات الأمنية حول القاعدة العسكرية الجوية ببوفاريك التي تبعد نحو 40 كلم جنوب العاصمة الجزائرية، ما شكل مؤشرا إلى عودة الرئيس الذي يواجه حركة احتجاج غير مسبوقة منذ انتخابه رئيسا أول مرة في 1999.
ومنذ 22 شباط/ فبراير نزل الجزائريون بكثافة إلى الشارع لمطالبة بوتفليقة الذي اعتلت صحته إثر تعرضه لجلطة دماغية في 2013، بالتراجع عن الترشح لولاية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 نيسان/ أبريل.
وعلت الأحد أصوات منبهات السيارات طوال النهار في وسط العاصمة الجزائر، وتجمع نحو ألف تلميذ مرددين شعارات مثل "لا للعهدة الخامسة يا بوتفليقة"، قبل أن يتفرقوا بهدوء عصر اليوم.
إضراب وتظاهرات
وفي كثير من المدن أغلقت المدارس الثانوية وتم تسريح الطلاب الأحد وهو اليوم الأول من الأسبوع في الجزائر وكانت وجهت دعوة عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى إضراب عام. كذلك احتل طلاب الجامعات وأساتذتهم الكليات والمعاهد رافضين الرضوخ لقرار وزارة التعليم العالي الصادر السبت بتقديم عطلة الربيع عشرة أيام وتمديدها عشرة أخرى.
وتشهد جامعات عدة منذ أيام إضرابا للطلاب والأساتذة كان يفترض أن يتوسع الأحد، قبل أن تقرر الوزارة تقديم العطلة. وألغت الحكومة، تحت الضغط، قرارا بإغلاق إقامات الطلاب ما كان سيجبر معظم هؤلاء على العودة إلى بيوتهم وعدم مشاركتهم في التظاهرات كما يفعلون منذ 22 شباط/ فبراير.
وكان ناشطون قد دعوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الإضراب العام يوم الأحد وسط استجابة متفاوتة للنداء. وتوقفت حركة النقل العام في العاصمة الجزائرية. وتوقفت كل القطارات المتجهة نحو الضواحي أو المدن الأخرى انطلاقا من المحطة الرئيسية بوسط الجزائر، كما شهدت خدمات الحافلات والترامواي والمترو شللا بحسب عمال تحدثت اليهم وكالة فرانس برس.
ولم تفتح معظم المحلات التجارية صباح الأحد أبوابها في الشوارع الرئيسية للعاصمة، بحسب صحافي وكالة فرانس برس. وكان الوضع نفسه في الأحياء الشعبية مثل باب الواد وفي الضاحية الغربية مثل زرالدة، بحسب شهادات السكان.
في المقابل ظلت العديد من المحلات وخصوصا المخابز والمقاهي مفتوحة في الأحياء البعيدة عن وسط المدينة بحسب السكان، وكذلك عملت أغلب الإدارات والشركات الخاصة بشكل عادي. لكن الوضع كان مختلفا في شركة صناعة السيارات الوطنية "فالجميع في إضراب" كما أفاد عامل في الشركة العامة الواقعة برويبة شرق العاصمة الجزائرية.
وأضرب موظفو شركة الكهرباء والغاز صباح الأحد لمدة ساعة واحدة كما سيضربون في المساء ساعة أخرى كما أفاد احد الموظفين. وسيستمرون على هذه الحال طيلة الأسبوع.
مدن أخرى...
وشهدت مدينة بجاية (شمال شرق) إضرابا عاما و"شللا كاملا لكل القطاعات"، كما أكد عاشور إيدير النقابي في التعليم لوكالة فرانس برس، موضحا أن كل المحلات مغلقة وكذلك المدارس والثانويات والشركات.
أما في وهران(غرب) ثاني اكبر مدن البلاد فقد فتحت كل المحلات في وسط المدينة أبوابها، وكذلك في سوق "لاباستي" الشعبي، بحسب صحافي يعمل في صحيفة محلية. وفي قسنطينة (شرق) ثالث أهم المدن في الجزائر أغلق جزء من التجار محلاتهم بينما فضّلت بعض المتاجر فتح أبوابها، بحسب صحافي محلي أوضح أن تلامذة الثانويات أيضا نزلوا إلى الشارع.
وفي عنابة، بأقصى الشرق الجزائري أغلق أهم سوقين في المدينة، الحطّاب والسوق الفرنسي، وكذلك المحلات التجارية والإدارات العامة، بحسب صحافي محلي. ونقل الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" أن عمال مصانع السكر والزيت في مجموعة "سيفيتال" الخاصة توقفوا عن العمل و"الانتاج متوقف".
كما أشار الموقع إلى إضرابات في فروع تابعة لشركة النفط العامة سوناطراك بدون توضيح إن كان الّأمر يتعلق بموظفي الإدارات أو بعمال الإنتاج. وفي فرنسا نظمت في مدن عدة تظاهرات احتجاج على ترشح بوتفليقة شارك فيها الآلاف.
ع.خ
في صور .. أبرز اللاعبين في المشهد السياسي الجزائري
بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باتت العملية السياسية أكبر التحديات يواجه البلاد ونخبها السياسية والعسكرية. والسؤال الآن: ما هو البديل السياسي ومن هم اللاعبون البارزون والمرشحون المحتملون لرئاسة الجزائر؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
الجنرال أحمد قايد صالح
رجل الجزائر الأقوى كما يراه كثيرون هو الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ 2004، ونائب وزير الدفاع الوطني منذ عام 2013. شارك صالح في معارك التحرير وهو في السنة السابعة عشرة من عمره. تولى مناصب قيادية في جبهة التحرير منذ عام 1957. ويمثل امتداداً لنفس الخط السياسي الذي حكم الجزائر في الجمهورية الأولى عام 1962.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
رئيس مجلس الأمة
عبد القادر بن صالح (77 عاما)، رئيس مجلس الأمة منذ 17 عاما وسيتولى رئاسة الجزائر بموجب الدستور بعد استقالة بوتفليقة، لمدة أقصاها 90 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.
صورة من: AFP/P. Kovarik
نور الدين بدوي
تولى وزير الداخلية السابق نورالدين بدوي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال، في 11 مارس/ آذار إثر إعلان بوتفيلقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى. وترفض معظم أحزاب المعارضة والشارع حكومة تصريف الأعمال لأن رئيسها بدوي مقرب جدا من النخبة الحاكمة. ولذلك من غير المرجح أن يترشح للمنافسة على الرئاسة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Bensalem
مصطفى بوشاشي
المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أبرز وجوه وزعامات الحراك الشعبي ويحظى بتأييد كبير بين المحتجين. ويصر على استمرار الاحتجاجات حتى بعد استقالة بوتفليقة إلى أن تتم الاستجابة لمطالب الشارع برحيل كل رموز النظام. ومن شأن ترحيبه بموقف الجيش طمأنه المؤسسة العسكرية. وبالتالي يمكن أن يحظى بدعم الشارع وتأييد الجيش له، وهو ما يجعله واحدا من أقوى المرشحين للرئاسة، هذا إذا قبل الترشح!
صورة من: DW/T.Bougaada
عبدالرزاق مقري
رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للتنافس على انتخابات الرئاسة عبد الرزاق مقري. يعرض مبدأ الإطار التوافقي الوطني لحشد الجزائريين حول قوة تخرج ببلدهم من خانق الأزمة. من أشد رافضي الولاية الخامسة لبوتفليقة. حركة مجتمع السلم ليست جزءاً من خارطة السلطة الحاكمة وتعلن أنّ الشعب هو مصدر السلطة.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
علي بن فليس
علي بن فليس هو جزء من النخبة السياسية الحاكمة، وكان رئيسا للحكومة فترتين بين عامي 1999 و2003، ثم تحول الى صف المعارضة بعد فضيحة تزوير الأصوات في انتخابات عام 2004. يترأس حزب طلائع الحريات وهو مرشحه الآن. أعلن بوضوح عن احتمالين في الانتخابات "الأول أن تكون فرصة عظيمة للذهاب إلى نظام ديمقراطي"، أما الاحتمال الثاني فهو "الغموض التام والذهاب نحو المجهول".
صورة من: Imago/Chahine Sebiaa
رشيد نكاز
رشيد نكاز هو مرشح مستقل، ويعد مرشح الشباب والتغيير ويرفض الانتساب لأي حزب. مثير للجدل وقد جرى إبعاده عن انتخابات عام 2014. كبر وتعلم في فرنسا، وقد فاجأ الجميع بإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2011، ثم تخلى عن جنسيته الفرنسية وبات يروج من خلال صفحته على فيبسوك لبرنامجه الانتخابي في الجزائر الساعي إلى الحد من الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. الصورة له وهو يتوسط الحراك الجزائري الجاري.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
عبد المجيد تبون
جزء من النخبة السياسية الحاكمة، ويعد مرشحا توافقياً، وكان رئيس الحكومة قبل تولي أحمد أويحيى المنصب. خلال رئاسته للوزراء مطلع عام 2017، أعلن عن إصلاحات أراد منها الفصل بين السياسة والمال، في محاولة معلنة لمحاربة الفساد المستشري في البلد. لا يملك برنامجا انتخابياً واضحاً، لكنه متحالف بقوة مع الجنرال أحمد قايد صالح.
صورة من: Imago/PanoramiC
شكيب خليل
شكيب خليل من رجال النخبة السياسية التي كانت تدور في فلك بوتفليقة، تولى منصب وزير الطاقة ويشير البعض إلى صلته بمرحلة الرفاه الاقتصادي. وهو من أبرز وجوه فضيحة سوناطراك، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عام 2013، لكنّ علاقته الشخصية بالرئيس المستقيل بوتفليقة أنقذته. لا يملك أي برنامج انتخابي أو سياسي.
صورة من: Imago/Imagespic Agency
لويزه حنون
لويزة حنون هي المرأة الوحيدة التي رشحت للمشاركة في السباق على كرسي الرئاسة في الجمهورية "الثانية" المنتظرة بالجزائر. ترشحت عن حزب العمال المعارض، ثم انسحبت بعد إعلان حزب العمال يوم (الثاني من آذار/ مارس 2019) مقاطعته لانتخابات الرئاسة لعام 2019، ولكن هل سيتراجع الحزب عن قراره بعد استقالة بوتفليقة أم يستمر في المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات؟
صورة من: Reuters
الجنرال المتقاعد علي غديري
أبن الجيش الجنرال المتقاعد علي غديري، طرده المتظاهرون بشارع ديدوش مراد بالعاصمة وظلوا يهتفون ضده بالفرنسية "ديغاج ديغاج" بمعنى "غادر". شغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع لمدة 15 سنة، يعلن أنّ برنامجه الانتخابي هو"القطيعة مع ممارسات الماضي وإعلان جمهورية ثانية". ومن آرائه أنّ مشاكل الجزائر ليست اقتصادية وإنما سياسية بالأساس وسببها الفساد السياسي. (صورة من الأرشيف لوحدة من الجيش الجزائري)
صورة من: Reuters
شعب الجزائر قد يدفع بمرشح غير معلن
يبدو أن صوت الشعب الجزائري هو الأعلى في الميادين والشوارع، فهو ما برح يعلن اعتراضه واحتجاجه عبر مظاهرات كل جمعة، والسؤال هنا هو: من يقود قوة الشعب ومن سيحرز ثقته؟ وقد يُقرر شكل الحكم المقبل من خلال انتخاب شخص لم تسلط عليها الأضواء.