بوتين يغضب أوروبا بمقارنة هزيمة النازيين بالحرب في أوكرانيا
٩ مايو ٢٠٢٥
ساوى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة (التاسع من مايو/ أيار 2025) الجاري، بين حربه في أوكرانيا وبين انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية، بينما تحيي موسكو الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية بعرض عسكري كبير.
وقال بوتين في خطابه: "إن روسيا ما زالت عقبة يتعذر تجاوزها بالنسبة للنازية، والخوف غير المبرر من روسيا، ومعاداة السامية، وستكافح التجاوزات التي يرتكبها أنصار هذه الأفكار المدمرة العدوانية".
وقال الرئيس الروسي إن الحقيقة والعدالة إلى جانب روسيا، مضيفا أن موسكو بأكملها دعمت المقاتلين في "العملية العسكرية الخاصة"، وهو الاسم الذي يطلقه الكرملين على غزو أوكرانيا.
وشدد بوتين على أن الجنود السوفيت أدوا دورا مهما في هزيمة النظام النازي. وأقر رغم ذلك بأن فتح جبهة ثانية في أوروبا عجل بانتصار الحلفاء. كما أشار إلى مساهمة الصين في الحرب بشكل منفصل، في ظل تواجد الرئيس الصيني شي جين بينج بين القادة الدوليين الحاضرين.
بوتين يشيد بالجيش الروسي!
أشاد الرئيس فلاديمير بوتين خلال الاحتفالات بـ"بسالة" الجنود الروس الذين يحاربون في أوكرانيا، أمام عشرات آلاف الأشخاص المحتشدين في الساحة الحمراء ونحو 20 زعيما أجنبيا حضروا إلى موسكو للمشاركة في احتفالات الذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية.
وانتهز بوتين هذه المناسبة التي تعدّ أهمّ الاحتفالات القومية الروسية لعقد مقارنات تاريخية بين الحرب العالمية الثانية والهجوم الواسع على أوكرانيا الذي أمر بشنّه في شباط/فبراير 2022.
وقال "البلاد برمتها، مجتمعا وشعبا، تدعم المشاركين في العملية الروسية الخاصة" في أوكرانيا، مضيفا "نفتخر ببسالتهم وعزمهم وقوّة معنوياتهم التي لطالما جلبت لنا النصر"، مشددا على أن بلاده "كانت وستبقى سدا منيعا ضد النازية ورهاب روسيا ومعاداة السامية".
دعم واضح لروسيا رغم العزل الغربي!
وبين الحضور، كان هناك قدامى المشاركين في الحرب ونحو عشرين من قادة الدول، من بينهم الرئيس الصيني شي جينبينغ، والبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، فضلا عن بلدان حليفة لروسيا مثل: كازاخستان وبيلاروس وفيتنام وأرمينيا وكوبا وفنزويلا.
وبالرغم من سياسة عزل روسيا التي تنتهجها الدول الغربية، شارك في الاحتفات أيضا، رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو متحديا بروكسل، والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، فضلا عن رئيس صرب البوسنة ميلوراد دوديك المطلوب من العدالة البوسنية.
وأمامهم قدّم نحو 11 ألف جندي، من بينهم 1500 شاركوا في الحرب في أوكرانيا، بحسب وكالة تاس الرسمية، عرضا عسكريا ضخما على الساحة الحمراء بمشاركة جنود من 13 دولة، بينهم قوات من الصين وفيتنام وبورما ومصر.
ووجه الرئيس الروسي تحيّة إلى جنود كوريا الشمالية التي ساندت روسيا في حربها على أوكرانيا. وأظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي بوتين يقول لعدّة ضبّاط كوريين شماليين بالزيّ الرسمي "أقدّم لكم ولقوّاتكم أطيب التمنّيات".
عرض باذخ للأسلحة المتطورة!
وحفل استعراض هذه السنة بالأسلحة، من بينها دبابات "تي-90" حديثة وصواريخ "اسكندر" وأنظمة دفاع جوي "اس-400". وللمرّة الأولى شاركت هذه السنة في الاستعراض مسيّرات من نوع "أورلان" و"لانسيت" و"جيران" تستخدمها روسيا بوتيرة شبه يومية لقصف أوكرانيا.
ولم تستعرض تجهيزات عسكرية على هذا النحو في أول سنتين من الحرب في أوكرانيا عندما كانت القوّات الروسية في وضع أصعب على الجبهة.
وهذه السنة، أمر الرئيس الروسي جنوده بوقف إطلاق النار في أوكرانيا من الثامن من أيار/مايو إلى العاشر منه بمناسبة هذه الاحتفالات المتوجة كما كل سنة، بعرض عسكري كبير أمام أسوار الكرملين.
إلا أن أوكرانيا التي تواجه منذ 2022 غزوا روسيا واسع النطاق، اتهمت الجيش الروسي الخميس بهجمات على طول خط الجبهة مشيرة إلى انتهاك الهدنة مئات المرات.
وفي المقابل، أكدت القوات الروسية أنها "تحترم بصرامة" الهدنة مؤكدة أنها تكتفي "بالرد" على الانتهاكات الأوكرانية.
زيلينسكي ممتعض وكالاس تتوعد!
انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاستعراض العسكري على الساحة الحمراء، واصفا إياه بـ"عرض الأكاذيب" ومعتبرا كلّ مشاركة أجنبية فيه "دعما لدولة العدوان" الروسية.
وأعلنت المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن كييف والدول الداعمة لها ستقرّ إنشاء محكمة خاصة تنظر في "جرائم العدوان" الروسي خلال اجتماع الجمعة في لفيف (غرب أوكرانيا). وقالت كالاس الخميس "لن تمرّ الجرائم بلا محاسبة".
وعلى حسابها على منصة X، نشرت كالاس صورة لوزراء الخارجية الأوروبيين خلال لحظة وصفتها قائلة :"نحتفل اليوم بيوم أوروبا مع أوكرانيا وشعبها. ففي العائلة الواحدة، تتشارك الأفراح والمصاعب".
أكدت السلطات الروسية أن الاحتفالات هذه السنة غير مسبوقة من حيث الضخامة إذ إن التاسع من أيار/مايو هو محطة أساسية في السردية الوطنية في روسيا وفي جمهوريات سوفياتية سابقة أخرى.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة، كثيرا ما استشهد بوتين بالانتصار على ألمانيا النازية للدفاع عن هجومه على أوكرانيا مشددا على أن روسيا تريد "اجتثاث النازية" من هذا البلد المجاور الذي يحتل الجيش الروسي 20 % من أراضيه تقريبا.
وخلفت الحرب العالمية الثانية التي حصدت أكثر من 20 مليون قتيل في الاتحاد السوفياتي وتطلبت تضحيات جمة من سكانه، صدمة لا تزال تردداتها ملموسة في المجتمع وغذت حسا وطنيا يستغله الرئيس الروسي.
تحرير: عادل الشروعات