لم يخف المسؤولون الامريكيون في الآونة الاخيرة عزمهم على اعادة الوئام الى العلاقات الامريكية الاوروبية كجزء من سياساتهم الاستراتيجية للمرحلة القادمة في التعامل مع قضايا عالمية غاية في الأهمية والحساسية، بدءا بملف الصراع في الشرق الاوسط مرورا بالملف العراقي والايراني وانتهاءا بمسألة مواصلة وتفعيل محاربة الارهاب. ففي كلمته التي القاها في العاصمة الاوروبية بروكسل، أكد الرئيس الامريكي بوش على خصوصية العلاقات مع اوروبا بالقول: "لا يوجد قوه على ظهر الارض يمكن أن أن تفرق بين أمريكيا وأوروبا." وقال بوش في كلمته بان الولايات المتحدة "تدعم ظهور اوروبا قوية، لأننا بحاجة الى شريك قوي لانجاز المهمات الجسام التي تنتظرنا وعلى رأسها تحقيق الحرية والديمقراطية في العالم." ومن أجل اظهار رغبته الجادة في اعادة الوئام الى العلاقات، أعلن بوش مسبقا عن استعداده البحث في مواضيع تهم أوروبا والاوروبيين مثل اتفاقية كيوتو ومشاكل الفقر في العالم الثالث. وقد كان لالمانيا نصيب الاسد من عبارات الود والتقرب التي اطلقها سيد البيت الابيض ومعاونوه في الفترة الاخيرة.

"مساعدة ملموسة" للعراق وتحذير لسوريا وايران

حث الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم الاثنين في بروكسل الاوروبيين على توفير "مساعدة سياسية واقتصادية وامنية ملموسة" الى العراق بعد الانتخابات التي شهدها هذا البلد في 30 كانون الثاني/يناير. ويتوقع ان يعطي وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في وقت لاحق من اليوم الضوء الاخضر لتدريب 800 قاض عراقي وشرطي وحراس سجون في بادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة. وكنوع من الترحيب بزيارة بوش سيفتتح الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين مكتب اتصال في العاصمة العراقية بغداد بغية المساهمة بشكل أقوى في إعادة الاعمار هناك. وقال أحد الدبلوماسيين الاوروبيين: "من الواضح اننا نريد للعراق النجاح، ومن المهم جدا ان نظهر عزمنا على المضي قدما نحو ذلك". وفي موضوع ايران قال بوش: "على النظام الايراني ن يضع حدا لدعم الارهاب وعليه الا يطور اسلحة نووية". ومن المعروف ان دول الاتحاد الاوروبي بما فيها المملكة المتحدة، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، تفضل اسلوب الدبلوماسية الهادئة في التعامل مع الملف الايراني، مبدية بذلك اختلافا واضحا مع الموقف الامريكي الذي يعتمد اسلوب الترغيب والترهيب. وفيما يتعلق بملف لبنان طالب الرئيس الامريكي سوريا "بانهاء احتلالها للبنان، مذكرا بالمظاهرات التي تجوب هذا البلد بعد اسبوع على اغتيال رئيس الورزاء اللبناني السابق رفيق الحريري مطالبة خصوصا بانسحاب القوات السورية من لبنان.

لقاء بوش وشيراك في بروكسل مساء اليوم

سوريا ولبنان والعراق وايران وحظر تصدير الاسلحة الى الصين مواضيع رئيسية سيبحثها مساء الاثنين في بروكسل الرئيسان الاميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك اللذان يرغبان بوضع الخلاف حول العراق جانبا. وقالت اوساط مقربة من شيراك ان الرئيس الفرنسي اراد ايضا ادراج مسألة التبدلات المناخية وتمويل التنمية على جدول اعمال اللقاء الذي يليه عشاء عمل، ويتوقع ان يستمر ساعة ونصف الساعة في مقر اقامة سفير الولايات المتحدة في بروكسل. وعلى صعيد شخصي لم تكن العلاقات بين الرئيسين قريبة جدا. لكن الاوساط الفرنسية تقول انه خلافا للظاهر، فان العلاقات بقيت ودية بين الرئيسين. لكن بوش اكد انه مسرور للقاء شيراك وانه لا يشعر باي "مرارة" لمعارضة الرئيس الفرنسي للحرب التي قادتها واشنطن على العراق العام 2003. وقال بوش "قامت خلافات بيننا لكن علينا وضعها جانبا الان". وفي باريس تم الترحيب بهذه اللهجة الجديدة الذي تريد اوساط شيراك ان ترى فيها ايضا تبدلا في السياسة الاميركية اي اعتراف واشنطن بان اوروبا هي "شريك". وقال قصر الاليزيه ان الرئيسين سيتطرقان خلال اللقاء الى سبل التوصل الى وقف التدخلات السورية في لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري قبل اسبوع. ويطالب البلدان بتحقيق دولي حول الاعتداء ويريدان التأكد من ان الانتخابات المقررة الربيع المقبل ستكون شفافة. ولا تستبعد فرنسا الانضمام الى عقوبات مالية تفرض على دمشق. لكن باريس تريد "تجنب مواجهة مع سوريا" ومن غير المطروح بالنسبة لفرنسا ان يدرج الاوروبيون حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية معتبرة ان ذلك سيوجه "رسالة سياسية خاطئة" الى الشيعة.

وحول طموحات ايران النووية يقول الاميركيون والفرنسيون ان لهم الهدف ذاته اي منع طهران من امتلاك السلاح النووي. وقال بوش انه يريد "التحدث بصوت واحد" مع الاوروبيين (المانيا وفرنسا وبريطانيا) اللذين يجرون مفاوضات صعبة لاقناع ايران بالتخلي عن جهودها النووية، لكنه لا يستبعد الخيارالعسكري. اما بشأن الخلاف حول رفع الحظر عن بيع الاسلحة الى الصين فسيسعى شيراك الذي يدعم هذا الاجراء الى التأكيد ان الامر يتعلق خصوصا بـ "بادرة سياسية". وفي مسعى لطمأنة الاميركيين واليابانيين يفترض ان يقترح الاوروبيون على واشنطن "آلية تشاور" مرفقة باعلان سياسي وبرفع تدريجي للحظر حسب ما أفادت اوساط شيراك.

وقد التقى بوش صباح اليوم في بروكسل بملك بلجيكا البرت الثاني وبرئيس الوزراء غوي فيرهوفشتات. وتركز الحديث حسب مصادر دبلوماسية على الوضع في العراق وايران والكنغو. يشار الى ان رئيس الوزراء البلجيكي شكل مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني جيرهارد شرودر أقوى جبهة لمعارضة الحرب على العراق.