بولندا ترفض رقابة ألمانيا لحدودهما وتتعهد بصد طالبي اللجوء
علي المخلافي د ب أ
٢ مايو ٢٠٢٥
نظراً لتسببه بـ"مشكلة لحركة المرور ولسوق الاتحاد الأوروبي" أعلنت بولندا عدم رغبتها بـ"أي تشديد" ألماني مستقبلي للرقابة السارية بالفعل على حدودها مع ألمانيا، مؤكدةً التزامها بحماية حدود أوروبا وخصوصاً مع روسيا وبيلاروسيا.
أرشيف - دورية للشرطة الألمانية - كثيرا ما يتم تهريب مهاجرين لا يحملون تأشيرات عبر الحدود في مثل هذه المركبات إلى ألمانياصورة من: Patrick Pleul/dpa/picture alliance
إعلان
أعربت السفارة البولندية في برلين عن تشككها إزاء خطط تشديد الرقابة على الحدود الألمانية التي أعلنها المستشار الألماني المرتقب فريدريش ميرتس ووزير داخليته في الحكومة المستقبلية ألكسندر دوبرينت. وقال القائم بأعمال السفارة، يان تومبينسكي، في تصريحات لمجلة "بوليتيكو" الألمانية اليوم الجمعة (الثاني من مايو/أيار 2025) إن "الرقابة الحالية على الحدود الألمانية-البولندية تشكل بالفعل مشكلة لحركة المرور الحدودية اليومية ووظيفة السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي"، مشيرا إلى التدابير السارية بالفعل منذ الحكومة الألمانية المنتهية ولايتها، والتي تسببت في اختناقات مرورية استمرت لساعات على الطرق من بولندا إلى ألمانيا، وقال: "لذلك فإننا لا نريد أن نرى أي تشديد للرقابة على الحدود".
التزام بولاندي بحماية حدود أوروبا الخارجية
وأضاف تومبينسكي، الذي لم يتم تعيينه رسميا سفيرا حتى الآن ولكنه يعمل فعليا كسفير: "نحن بطبيعة الحال نتمسك بالتزامنا بحماية الحدود الخارجية لأوروبا -وخاصة فيما يتعلق بالحدود مع روسيا وبيلاروسيا- ولكن في الوقت نفسه نتوقع الحفاظ على حرية التنقل داخل منطقة شينغن الأوروبية". وعندما سئل عن إنْ كانت بولندا ستقبل المهاجرين الذين سترفض ألمانيا استقبالهم من على الحدود، قال تومبينسكي إن بولندا تتمسك "بالتزاماتها في إطار تشريعات الاتحاد الأوروبي"، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في نظام اللجوء الأوروبي المشترك الجديد.
ألمانيا تعتزم تشديد الرقابة الحدودية
وكان زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي والمستشار المرتقب ميرتس قد أعلن أنه يعتزم تشديد الرقابة الحدودية "منذ اليوم الأول" لتوليه منصب المستشار. وقال وزير الداخلية المستقبلي المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، دوبرينت، في تصريحات لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الصادرة اليوم الجمعة: "سيكون هناك قرارات على الفور"، موضحا أن الهدف هو تحقيق المزيد من الرقابة الحدودية على المستوى الأوروبي أيضا، وقال: "أجريت بالفعل محادثات مع شركائنا الأوروبيين بشأن هذا الأمر".
تشديد عمليات التفتيش على الحدود الألمانية
02:53
This browser does not support the video element.
وأعلن رئيس ديوان المستشارية المستقبلي، تورستن فراي، في تصريحات لمجلة "دير شبيغل" الألمانية أنه سيتم إرسال أفراد إضافيين من الشرطة الاتحادية إلى الحدود على وجه السرعة. وينص اتفاق الائتلاف الحاكم المستقبلي في ألمانيا بين التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي على ما يلي: "بالتنسيق مع جيراننا الأوروبيين، سوف نقوم بعمليات إعادة لطالبي اللجوء من حدودنا المشتركة". ولكن من غير الواضح إنْ كان "التشاور" يعني الحصول على موافقة الجيران أو مجرد استشارتهم.
وأضاف فراي أن الحكومة الألمانية الجديدة ستعمل على ضمان "أن نتمكن، بالتعاون مع شركائنا الأوروبيين، من معالجة إجراءات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي أيضا، على سبيل المثال في بلدان أفريقية مصنفة كدول ثالثة آمنة".
تحرير: حسن زنيند
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.