هل كان سليماني يسعى فعلا للتوصل لـ "اتفاق" مع السعوديين لخفض التوتر في المنطقة؟ وزير الخارجية الأمريكي بومبيو ينفي ذلك بشدة ويقول إن الجنرال الإيراني لم يكن في مهمة سلام بل كان "يخطط لهجمات تستهدف الأمريكيين" في العراق.
إعلان
مجلس الشورى الإيراني: كل القوات الأميركية "إرهابية"
23:33
دافع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء (السابع من كانون ثاني/يناير 2020) عن شرعية الضربة الأميركية التي أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأي عمل عسكري أميركي محتمل مستقبلا ضد إيران. وقال خلال مؤتمر صحافي في واشنطن "كان الرئيس دونالد ترامب بحاجة إلى قواعد قانونية مناسبة" لإصدار أمر بقتل أكبر مسؤول في الحرس الثوري.
لكنه لم يعط أي تفصيل عن الهجمات "الوشيكة" التي كان يخطط لها الجنرال سليماني بحسب إدارة ترامب، ضد المصالح الأميركية. كما قلل من شأن الخطر الوشيك الذي أصر عليه الرئيس الأميركي.
وردا على سؤال لمعرفة ما إذا تم استشارة قانونيين قبل الضربة الجوية الجمعة التي قتلت الجنرال الإيراني في بغداد، أوضح انه عاجز عن الإجابة بدقة. وقال "غالبا ما يدرس قانونيون مسبقا كافة الخيارات التي تعرض على الرئيس الأميركي ليتم المصادقة على كل خيار قانونا". وتابع "أنني واثق بأن الأمور جرت على هذا النحو". وأضاف "لم أر أبدا هذه الإدارة تتخذ قرارات من هذا القبيل بدون درس معمق واستنادا الى القواعد القانونية".
وقال "كان سليماني يواصل حملة الإرهاب في المنطقة. نعلم ما حدث... في ديسمبر وهو ما أدى في النهاية إلى مقتل أمريكي. بالتالي فإذا كنتم تهتمون بما هو وشيك، فعليكم أن تقصروا النظر على الأيام التي سبقت الضربة التي استهدفت سليماني". وأضاف بومبيو مخاطبا الصحفيين "ولديكم، بالإضافة إلى ذلك، ما رأينا بوضوح أنها جهود مستمرة، نيابة عن هذا الإرهابي، لبناء شبكة من الأنشطة ضمن حملة كانت ستؤدي إلى مقتل المزيد من الأمريكيين".
كما اتهم أيضا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالكذب بشأن سبب زيارة قاسم سليماني للعراق. وأعلن "قال إن سليماني كان يزور بغداد في مهمة دبلوماسية. من يصدق ذلك؟" ساخرا من "هذا الشخص النبيل، هذا الدبلوماسي الرفيع". وتابع "نعلم بأن هذا ليس صحيحا. سبق أن سمعنا مثل هذه الأكاذيب وهذا خاطئ تماما".
ونفى بومبيو سعي الجنرال الإيراني للتوصل إلى "اتفاق" مع السعوديين "لخفض المخاطر" في الشرق الأوسط. وردا على سؤال حول تهديدات الرئيس دونالد ترامب بضرب مواقع ثقافية إيرانية في حال ردت طهران عسكريا على مقتل سليماني، أكد بومبيو كما فعل مرارا الأحد أن واشنطن ستتحرك طبقا للقانون الدولي.
وصرح "كل الأهداف التي سيتم اختيارها وكل عمل ينفذ سيكون في إطار القانون الدولي للحرب". وأضاف "هذا يتماشى تماما مع ما قاله الرئيس" في حين يرى خبراء ونواب في المعارضة الأميركية أن مهاجمة مواقع ثقافية يرقى إلى "جريمة حرب".
وإذ أكد أن الولايات المتحدة "تكن أكبر احترام للتاريخ الفارسي"، اتهم بومبيو "نظام الملالي" في الجمهورية الإسلامية بـ"الإساءة إلى الثقافة الفارسية عبر وضع حد للتسامح الديني".
ح.ع.ح/أ.ح(أ.ف.ب/رويترز)
قاسم سليماني.. نهاية دموية لجنرال إيران النافذ بالمنطقة العربية
ساعد الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في بسط نفوذ إيران في دول عربية عديدة، لكن نهايته جاءت مفزعة في ضربة جوية أمريكية بالعراق. كان يعتبر ثاني أقوى رجل في إيران، وفتح مقتله الباب لنتائج غير معلومة العواقب.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Al-Rubaye
نهاية مفاجأة
في ساعة مبكرة من صباح الجمعة (الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020) أعلنت الولايات المتحدة أنها نفذت ضربة جوية على مطار بغداد الدولي، أدت لمقتل عدد من الأشخاص على رأسهم الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، ما يمثل نهاية مفاجأة لشخص كان لاعبا كبيرا في الجزء الشرقي من العالم العربي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Office of the Iranian Supreme Leader
احتراق مركبته مع قادة بالحشد الشعبي
نُفذت الضربة ليلة الجمعة وقتل فيها معه أبومهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي. وكان الحشد قد أعلن فجر الجمعة عن مقتل خمسة من أعضائه بقصف استهدف مطار بغداد، وذكرت مصادر الحشد أن بينهم محمد رضا الجابري مسؤول التشريفات. أما خلية الاعلام الأمني التابعة لرئاسة الوزراء العراقية فقالت: "ثلاثة صواريخ سقطت على مطار بغداد.. قرب صالة الشحن الجوي، ما أدى إلى احتراق مركبتين اثنتين.."
صورة من: AFP/Iraqi Military
عقود في خدمة التمدد الإيراني بالمنطقة
عين المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي الجنرال سليماني قائدا لفيلق القدس في عام 1998، وهو منصب ظل فيه خلف الكواليس لسنوات بينما كان يعزز روابط إيران بحزب الله في لبنان وحكومة الأسد والفصائل الشيعية في العراق.
وبفضل نجاحات فيلق القدس، أصبح سليماني شخصية محورية في التمدد المطرد لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، وهو ما صعّب على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة كبح جماحه.
صورة من: FARS
محاربة الثوار في سوريا وداعش في العراق
مسؤول عراقي كبير سابق طلب عدم نشر اسمه قال في مقابلة عام 2014 "سليماني لم يكن رجلا يجلس على مكتب. كان يذهب إلى الجبهات لتفقد الجنود ويشهد المعارك". وحشد فيلق القدس الدعم للرئيس السوري الأسد عندما بدا على وشك الهزيمة في الحرب الأهلية المستعرة منذ عام 2011 كما ساعد الفصائل المسلحة على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. وفي الصورة هنا سلمياني يتحدث إلى جنود سوريين في شمال سوريا، في خريف 2015.
صورة من: khabaronline.ir
الجنرال ذو الشعر المصفف واللحية المشذبة
كان سليماني يخلط استراتيجيات الحرب بالسياسة، وكان حاضراً في نشاط إيران "الثوري" بالمنطقة، وخاصة العراق وسوريا ولبنان. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، زادت شهرته في الوقت الذي كان المقاتلون والقياديون في العراق وسوريا ينشرون صورا له في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها دوما بلحية مشذبة وشعر مصفف بعناية.
صورة من: Mehrnews
خامنئي- "انتقام عنيف ينتظر من قتلوه" !
قلّده خامنئي وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذا الوسام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979. وفي بيان بعد مقتل سليماني، قال خامنئي إن انتقاما عنيفا ينتظر "المجرمين" الذين قتلوه. وأضاف أنه رغم أن مقتل سليماني "يشعرنا بالمرارة" فإنه سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل.
صورة من: Khamenei.ir
الرجل الثاني بعد المرشد ويتحدى ترامب
وقال المسؤول العراقي المذكور إنه "لا يسبقه في تسلسل القيادة سوى الزعيم الأعلى. عندما كان يحتاج الأموال كان يحصل عليها وعندما كان يحتاج الذخيرة كان يحصل عليها وعندما كان يحتاج العتاد كان يحصل عليه".
وتحدى سليماني الرئيس الأمريكي علنا. وقال في مقطع فيديو نشر بالإنترنت "أقول لك يا سيد ترامب المقامر... اعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه". وأضاف "ستبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها".
صورة من: Fararu
"عواقب لا يمكن التكهن بها"
عبّر نواب جمهوريون عن دعمهم لترامب الذي أمر بتنفيذ العملية، فيما حذّر آخرون من تداعياتها. وقال النائب الجمهوري البارز كيفن ماكارثي: "ضربنا قائد هؤلاء الذين يهاجمون أراضينا الأميركية ذات السيادة". في إشارة على ما يبدو لإحراق السفارة الأمريكية في بغداد. لكن الديمقراطي إليوت إنغل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب قال إنها "تشكل "تصعيدا خطيرا لنزاعنا مع إيران مع عواقب لا يمكن التكهن بها".