فيما رفض أنطونيو غوتيريش اتخاذ أي إجراء إزاء إعلان الولايات المتحدة إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، هدد وزير الخارجية الأمريكي بـ"عواقب ضد المنتهكين".
إعلان
أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن الدولي أمس السبت أنه لا يستطيع اتخاذ أي إجراء إزاء إعلان أمريكي بإعادة فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران نظرا لوجود "شك" في المسألة. ووصفت وزارة الخارجية الروسية في بيان الأحد (20 سبتمبر أيلول 2020) الخطوة الأمريكية بـ"غير الشرعية".
من جهته هدد مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي مساء السبت بـ"عواقب" إذا أخفقت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على إيران.
وكان وزير الخارجية الأمريكي قد قال الشهر الماضي إنه قام بتفعيل عملية مدتها 30 يوما في مجلس الأمن تؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران يوم السبت اعتبارا من الساعة 20:00 بتوقيت واشنطن (الأحد الساعة 00:00 بالتوقيت العالمي)، والتي تمنع أيضا انتهاء أجل حظر للأسلحة التقليدية على طهران في 18 أكتوبر تشرين الأول.
لكن 13 دولة من أعضاء مجلس الأمن المؤلف من 15 بلدا تقول إن إجراء واشنطن باطل لأن بومبيو استخدم آلية متفق عليها بموجب الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الدولية الست (أعضاء مجلس الأمن الدائمين زائد ألمانيا) عام 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018.
فيما قال غوتيريش في رسالة للمجلس اطلعت عليها رويترز "يوجد شك على ما يبدو بشأن ما إذا كانت العملية...قد بدأت بالفعل، وشك في ذات الوقت بشأن ما إذا كان إنهاء (العقوبات)...لا يزال ساري المفعول". وأضاف "لا يمكن للأمين العام أن يمضي قدما وكأن مثل هذا الشك غير موجود".
وهدد وزير الخارجية الأمريكي الدول التي لا تنفذ العقوبات ضد إيران بـ"عواقب"، وأضاف أن "عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران هي من جديد سارية المفعول". واعتبر أنه إذا فشلت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في "الوفاء بالتزاماتها بتنفيذ العقوبات"، فان الولايات المتحدة "ستستخلص النتائج"، وأضاف إن „الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطاتها المحلية لفرض تبعات على هذه الإخفاقات وضمان ألا تجني إيران مكاسب من هذا النشاط المحظور من قبل الأمم المتحدة".
وتعهد بومبيو بأن تعلن واشنطن في الأيام المقبلة عن إجراءات إضافية لتعزيز تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة و"محاسبة المنتهكين".
واشنطن تصطدم برفض واسع في مجلس الأمن
وأثار الموقف الأمريكي بتفعيل عملية إعادة عقوبات الأمم المتحدة فيما يعرف بآلية Snapback التي يرفضها أعضاء آخرون في مجلس الأمن الدولي، ردود فعل واسعة.
ويقدم مسؤولون بالأمم المتحدة دعما إداريا وفنيا لمجلس الأمن لتنفيذ عقوباته ويعيّن غوتيريش خبراء مستقلين لمراقبة التنفيذ. لكن الأمين العام قال إنه لن يتخذ أي إجراء لتقديم هذا الدعم إلى أن يتضح موقف العقوبات الإيرانية.
وتقول الولايات المتحدة إنها أطلقت عملية إعادة العقوبات لأن قرار مجلس الأمن عام 2015 لا يزال يشملها كطرف مشارك. ويقول دبلوماسيون إن بضع دول فقط ستوافق على الأرجح على إعادة فرض العقوبات المرفوعة بموجب الاتفاق النووي الدولي الذي يهدف لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية.وتسعى الولايات المتحدة من جهتها لدفع إيران إلى التفاوض على اتفاق جديد مع واشنطن.
ويعود الخلاف بين الولايات المتحدة وباقي الدول الكبرى حول مسألة إعادة تطبيق العقوبات الدولية ضد إيران، إلى شهر على الأقل. ففي منتصف آب/اغسطس، تعرّضت إدارة الرئيس دونالد ترامب لهزيمة موجعة في مجلس الأمن الدولي عندما حاولت تمديد الحظر على إرسال الأسلحة التقليدية إلى طهران، والذي كان من المفترض أن تنقضي مهلته في تشرين الأول/أكتوبر.
وندد بومبيو إبانها بشدّة بفرنسا وبريطانيا وألمانيا متهما إياها بـ"الانحياز إلى آيات الله" الإيرانيين. وفعّل في 20 آب/أغسطس آلية "سناب باك" المثيرة للجدل التي تهدف لإعادة فرض كافة العقوبات على إيران بعد شهر.
ورُفعت هذه العقوبات عام 2015، عندما تعهّدت طهران بموجب الاتفاق الدولي بشأن برنامجها النووي، بعدم السعي لحيازة السلاح النووي.
إيران: "مزاعم باطلة"
في المقابل، أكدت إيران في رسالة بعثتها للأمم المتحدة أن ما أعلنته الولايات المتحدة بشأن استئناف جميع العقوبات الأممية على إيران "مزاعم باطلة ولا أثر لها".
وذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن سفير إيران الدائم لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي قال في الرسالة: "لم يعترف أي من أعضاء مجلس الأمن بصلاحية أمريكا لتفعيل عملية إعادة العقوبات السابقة فحسب، بل أرسل 13 عضواً في مجلس الأمن رسائل فردية أو مشتركة إلى رئيس مجلس الأمن ورفضوا بشكل قاطع الاعتبار القانوني والمصداقية للرسالة الأمريكية".
وشدد على أن "أعضاء مجلس الأمن بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن رقم 2231 والذي بموجبه يحق لأعضاء الاتفاق النووي فقط بدء عملية إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن السابقة، أعلنوا ان الولايات المتحدة لم تعد عضوا في الاتفاق النووي لذلك ليس لها الحق في اللجوء إلى هذه العملية المذكورة".
كما نددت روسيا عبر بيان من وزارة الخارجية صباح الأحد بإعلان الولايات المتحدة أحادي الجانب، مشيرة إلى أن التصريحات الأميركية تفتقد لأساس قانوني. كما غرّد نائب سفير روسيا بالأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي على تويتر قائلا: "قلنا جميعا بوضوح في أغسطس/ آب إن مزاعم الولايات المتحدة لإعادة العقوبات غير مشروعة. هل واشنطن صماء؟".
م.س/ و.ب ( رويترز، أ ف ب)
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة