1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

Nachruf Zadek

٩ أغسطس ٢٠٠٩

كانت أعماله مثيرة للجدل، فكرهه البعض وأحبه الآخر، لكن الجميع كان يكن له الإعجاب: إنه المخرج بيتر تساديك الذي أحدث ثورة في المسرح الألماني. وعندما توفي عن 83 عاماً كان قد أضحى واحداً من أهم مخرجي المسرح في العالم.

مشهد من مسرحية (ليلة الكذب) للمخرج بيتر تساديكصورة من: AP


كانت أعمال بيتر تساديك علامات مهمة في تاريخ المسرح الألماني الحديث. وعندما يُذكر اسمه يفكر المرء في المسارح التي قدم أعماله المشهورة عليها: بوخوم وهامبورغ وبرلين وفيينا؛ كما يفكر في مسرحياته التي أثارت جدلاً شديداً، مثل مسرحية "لولو" التي ألقى فيها نظرة على الهوة الساحقة التي تقبع فيها غرائز الإنسان الجنسية.

كان تساديك من العاشقين للنصوص الكلاسيكية، فأخرج مسرحيات بديعة عن نصوص لشكسبير وإبسن وبريشت. ومن أشهر الأعمال التي أثارت نقاشاً كبيراً إخراجه لـ"عطيل" شكسبير في هامبورج عام 1976، ومسرحية "الغيتو" للكاتب الإسرائيلي جوشوا سوبول التي تدور حول المحرقة النازية لليهود والتي عرضت في برلين وهامبورج عام 1984. كما اهتم تساديك اهتماماً خاصاً بشخصية شيلوك اليهودي في مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير.

الوحيد الذي يجرؤ على الكلام

ولد تساديك في 19 مايو/ أيار عام 1926 في برلين ابناً لعائلة بورجوزاية يهودية وجدت نفسها مجبرة على الهجرة إلى بريطانيا عام 1933 خوفاً من النظام النازي. بعد أن درس الإخراج حقق أولى نجاحاته المسرحية في لندن عام 1957 عندما أخرج مسرحية "الشرفة" لـ جان جينيه. بعد عام من عرضه الأول عاد تساديك إلى ألمانيا حيث لمع اسمه سريعاً في مسارح بريمن وأولم كمخرج مُحطم للتقاليد، مخرج يحب الارتجال ويترك ممثليه يرتجلون. التجديدات التي أدخلها على المسرح الألماني التقليدي في تلك الفترة كانت صادمة، زاعقة، غير أن عروضه كانت مسلية أيضاً، مما أثار حفيظة النقاد.

بيتر تساديك (10/ 11/2009): المخرج الذي ترك بصمات واضحة على المسرح الألماني المعاصر (أرشف)صورة من: picture alliance / dpa
في عام 1998 قدم تساديك مسرحية بريشت "صعود مدينة ماهاغوني وأفولها" ضمن مهرجان سالزبورغ بالنمساصورة من: AP

من عام 1972 حتى 1979 عمل تساديك مديراً لمسرح بوخوم الذي تحول على يديه إلى مسرح مفعم بالأفكار الشابة. وبالرغم من أنه لم يكن يسارياً أو من جيل 68، فإنه كان مثل أبناء تلك الحركة يُعلي من شأن الفكر النقدي ويكره الكذب والنفاق. أخرج تساديك "تاجر البندقية" لشكسبير ثلاث مرات، لأنه لم يكن يتحمل رؤية شخصية شيلوك اليهودي تُقدم على المسارح الألمانية بعد الحرب باعتباره ضحية دائمة. ألم يكن المُرابي يريد أن ينزع قلب المدين الذي لم يستطع تسديد دينه؟ "كان تقديمي لهذه الشخصية مزعجاً للناس في ألمانيا"، يقول تساديك، "لأنهم كانوا يعلمون أنه غير مسموح لهم بأن يقولوا كلمة سوء عن اليهود. عندئذ قلت لهم: أنا مسموح لي بذلك."

مخرج ناجح وإداري فاشل

ظل تساديك يعمل حتى آخر أيام حياته، فقدم العام الماضي مسرحية "العُري" للكاتب الإيطالي لويجي بيرانديلو على مسرح هامبورغصورة من: AP

كان بيتر تساديك مخرجاً عظيماً ومدير مسرح فاشل. لم يكن تساديك يهتم بالإدارة والاقتصاد، إذ إن اهتمامه كان كله منصباً على الفن. وحين رحلَ عن مسرح بوخوم، ترك وراءه فوضى عارمة. وعلّق تساديك على تلك الفترة بالقول: "يجب أن يتولى الفنان أحياناً إدارة المسرح ليستطيع لمّ شمل الممثلين. كان هذا هو السبب الرئيسي لقبولي بمنصب المدير."

"المسرح حياتي"

لعقود عديدة كان تساديك يحيط نفسه بمجموعة من الممثلين البارعين الذين كان يعتبرهم عائلته. كانت الحرية هي أهم شيء بالنسبة له، وهذا الشعور منحه لممثليه أيضاً، لذا قدم كلُ من عمل معه أفضل ما لديه، موظفاً كل طاقته وأحاسيسه لأداء دوره على أحسن وجه. وبالرغم من مرضه في السنوات الأخيرة ورفضه لبعض الأعمال التي كانت تعرض عليه، إلا أنه لم يفكر أبدا بالاستقالة والابتعاد عن المسرح ما دام قلبه يخفق. عندما كان يقف على خشبة المسرح – هكذا قال يوماً – كان يشعر وكأنه في بيته، فالمسرح كان حياته.

بقي بيتر تساديك الابن البار للمسرح حتى رحيله في الثلاثين من يوليو/ تموز الماضي في مدينة هامبورغ بعد عقود عديدة من الإبداع المسرحي وصراع طويل مع المرض.

الكاتب" سمير جريس

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW