بيرتولت بريشت، المعروف أيضاً في العالم العربي بـ "بريخت"، هو أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في المسرح العالمي، فلقد تعدت شهرته حدود بلده ألمانيا، حتى يمكن القول إن معظم الحركات المسرحية الحديثة خرجت من تحت عباءته.
إعلان
منذ أيام شبابه كان بيرتولت بريشت، والمعروف في العالم العربي بـ "بريخت"، مقتنعاً أنه سيصبح ثاني أكبر شاعر ومفكر في ألمانيا. فقد صرح لحبيبته وقت الدراسة: "سوف آتي بعد غوتة مباشرة". لكن جنون العظمة الشبابي هذا لم يكن مخالفاً للواقع، فقد وجدت أعماله طريقها إلى كل مسرح وكل كتاب مدرسي وحتى إلى شاشة التلفزيون.
دراسة صدرت منذ سنوات لجمعية البحوث الاجتماعية Gewis كشفت أن بريشت (1898 – 1956) أضحى مجهولاً لدى الألمان. ففي تكليف من مجلة بوشر Bücher تم طرح أسئلة حول بريشت على أكثر من ألف رجل وامرأة صرح 42 بالمئة منهم أنهم لم يسبق لهم قراءة أو مشاهدة أي من أعماله. ولم يكن لدى الأغلبية العظمى منهم أدنى فكرة أن بريشت أسس واحداً من أكثر المسارح شهرة في العالم وهو مسرح "برلينر أنسامبل" في العاصمة برلين. واستنتج رئيس تحرير مجلة بوشر كونراد ليشكا على أساس نتائج الدراسة أن "بريشت أصبح من الماضي وبكل بساطة".
"الابن العاق"
لماذا لا يريد إذاً تلاميذ المعلم الكبير بريشت، الذي انشغل أدبه بمواضيع كثيرة من بينها الظلم السياسي والطغيان والرياء الاجتماعي، أن يسمعوا عنه؟ أثناء حياته كان هذا الأديب المعروف بتأييده الكامل للشيوعية يكرم أو بالأكثر يهان حسب إيديولوجية المحيطين به. وخلال الحرب الباردة تمت مقاطعته من قبل بعض الأدباء في ألمانيا الغربية كونه "شيوعي وملحد" على حد قولهم. وحتى علاقته بمسقط رأسه مدينة اوغسبورغ كانت خالية من الدفء. وهكذا قرر الانتقال إلى ميونيخ حيث لم يجد الترحيب الذي كان يتوقعه. وقد وصفه كورت جيورج كيزينغر السياسي الألماني ومستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية السابق بـ"ابن المدينة الكبير، لكنه ابن عاق".
وفي الدوائر الشيوعية أيضاً كان الاستقبال بارداً لهذا الشيوعي المتحمس. "لم يكن هناك تفهم لمسرح بريشت القصصي أو اهتمام به في موسكو"، يقول راينهولد يارتسكي كاتب سيرة بريشت. وعلى الرغم من آرائه المتطرفة نجا من منفى سوفيتي". ورغم دعمه الكامل لمشروع الشيوعية فقد حافظ على ابتعاده عن الدوائر الحاكمة في الدول الذي تبنته.
الكتب المدرسية لم تجعله محبوباً؟
لكن إرجاع شهرة بريشت إلى أسباب سياسية فقط يعد تبسيطاً شديداً للأمور، فقد أظهرت نتيجة أخرى للدراسة أن 55 بالمئة من المشاركين في الدراسة توجب عليهم قراءة عمل لبريشت في المدرسة. وقد أدى عدم حبهم لذلك العمل إلى ابتعادهم عن قراءة أعمال أخرى له. وهذا ما طرح تساؤلات عديدة مثل: هل يتم فرض بريشت في وقت مبكر للغاية؟ هل يتم تقديمه بطريقه خاطئة؟ بروفيسور يان كنوبف رئيس قسم "بيرتولت بريشت" في جامعة كارلسروهه يرى أن تلك الدراسة لا تبعث على القلق. فبريشت معروف بطرق مختلفة عن غوتة وتوماس مان. فقد استقرت أقواله في اللغة الدارجة دون أن نعلم: "أولاً يأتي الطعام وبعد ذلك الأخلاق". "من يكافح يمكن أن يخسر، ولكن من لا يكافح فقد خسر بالفعل".
في مناطق أخرى في العالم يحظى بريشت بشهرة كبيرة. وقد سجلت أعماله نجاحاً ساحقاً في جنوب أفريقيا على سبيل المثال كما يقول البروفيسور شتيفان بروكمان ناشر كتاب بريشت السنوي الذي تصدره جامعة كارنجي-ملون ببتسبورج. ويضيف أن بريشت يتم تكريمه في بيرو وتشيلي والكثير من دول شرق أوروبا أكثر بكثير من موطنه ألمانيا. "فتأثيره على المسرح البرازيلي على سبيل المثال كبير إلى حد لا يمكن قياسه".
يرى بروفيسور بوكمان أن بريشت يصيب عصب الزمن في المجتمعات المتواجدة في مرحلة انتقالية حالياً بجمله الثورية والسياسية وأساليبه الجمالية. لهذا تم تقديم عروض مسرحية كثيرة لأعماله في الأعوام اللاحقة لسنة 1968 بعد ثورة الطلبة في ألمانيا.
من الواضح أن المجتمعات الغربية المرفهة لا تخاطبها أعمال بريشت اليوم. رغم ذلك يرى بروكمان أن برشيت من أكثر مسرحيي القرن العشرين تأثيراً وأهمية على الإطلاق في مختلف أنحاء العالم.
تسع روايات ألمانية تحولت إلى أفلام سينمائية رائعة
بعد النجاح الذي حققه تحويل رواية العطر إلى فيلم سينمائي، تجري حالياً الاستعدادات لتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني. في جولتنا المصورة سنتعرف على مجموعة روايات ألفها كُتاب ألمان وغدت من أكثر الأفلام السينمائية نجاحاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
رواية العطر - قصة قاتل
الفيلم الألماني "العطر" هو من أفلام الإثارة، أنتِجَ عام 2006 وهو من إخراج توم تايكور، ومن بطولة بن ويشا، وآلان ريكمان، وريتشيل هيرد وود، وداستين هوفمان. الفيلم مقتبس عن رواية العطر من تأليف باتريك ساوسكيد، صدرت عام 1985. تدور أحداث الفيلم حول جان باتيست غرونوي الذي يمتلك حاسة شم خارقة يسعى لتركيب العطر الأكثر كمالاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
Das Boot القارب
يقول النقاد إن فيلم "الغواصة الصغيرة " (القارب) هو: "واحد من أعظم الأفلام الحربية التي أنتجت". والفيلم من إخراج فولفغانغ بيترسين 1981، ويُجَسد رواية الكاتب لوتر-غونتر بوخهايم، ويتناول أحداث الرواية التي جرت خلال الحرب العالمية الثانية. الفيلم كان بمثابة إنجاز كبير لكل من المخرج بيترسين ولهوليوود في آنٍ معاً. رُشِحَ لنيل ست جوائز أوسكار، كما رُشَح لنيل جائزة غولدن غلوب، و جائزة بافتا.
صورة من: picture alliance/dpa
رواية طبل الصفيح
حصلت رواية "طبل الصفيح" للروائي الألماني غونتر غراس في عام 1959 على جائزة نوبل للآداب. وفي عام 1979 أعدت الرواية لإنتاجها كفيلم من بطولة ديفيد بينيت. فاز الفيلم بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي لعام 1979، كما فاز بجائزة الأوسكار في عام 1980. وكان فيلم المخرج الألماني فولكر تشلوندورف هو أول فيلم ألماني يحصل على جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي.
صورة من: Imago/AGD
رواية "انظر من الذي عاد"
رواية انظر من الذي عاد أصدرها الكاتب تيمور فيرميس في عام 2012 ، وصعدت الرواية إلى ذروة قائمة الروايات الأكثر رواجاً في ألمانيا، وبِيعَ منها قرابة 2.3 مليون نسخة، وفاز الفيلم الذي يحمل عنوان الرواية بجائزة "سيفيس" السينمائية الأوروبية عن أفضل فيلم، كما تمَ ترشيح الفيلم لنيل عدة جوائز سينمائية. أخرج الفيلم المخرج ديفيد وينديت في عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/Constantin Film Verleih GmbH
رواية "عندما تتلاشى الأضواء"
صدر فيلم عندما تتلاشى الأضواء، المأخوذ عن رواية من تأليف الكاتب الألماني أويغن روغه في 2017. يحكي الفيلم قصة عائلة كانت تعيش في ألمانيا الشرقية خلال فترة الأيام الأخيرة لنظام ألمانية الشرقية، يتضمن الفيلم، الذي أخرجه ماتي غشونك، سخرية وقدراً لابأس به من المعاناة المأساوية.
صورة من: X-Verleih/H. Hubach
رواية "شرف كاتارينا بلوم الضائع"
في عام 1975، وقبل عامين على بدء تَصَدرِ اليساريين المتمردين من فصيل الجيش الأحمر لعناوين الصحف الألمانية، بسبب دور الفصيل في عمليات الخطف والقتل، عمل فولكر شلوندورف على إعداد رواية الكاتب هاينريش بول "شرف كاتارينا بلوم الضائع"، لتقديمها على شكل فيلم سينمائي. تقدم الرواية وصفاً مفصلاً عن الأحوال الاجتماعية التي سادت ألمانيا الغربية خلال تلك الحقبة.
صورة من: picture-alliance/Mary Evans Picture Library
رواية "القارىء"
عملية تحول الروايات التي سجلت أرقاماً كبيرة في نسبة المبيعات إلى أفلام ناجحة هي الاستثناء وليست القاعدة، وبخاصة تلك الكتب التي تُلامس مواضيع صعبة. تتناول رواية برنارد شلينك تداعيات الحقبة النازية في ألمانيا، وعن كيفية تعامل ألمانيا مع ماضيها. نجح المخرج ستيفن دالدري في عام 2008 بإعداد رواية القارىء لتُقدم على شكل فيلم، وقد كان للممثلة كيت وينسلت، و الممثل ديفيد كروس دور كبير في نجاح الفيلم.
صورة من: Studio Babelsberg AG
فيلم "كل شيء هادىء على الجبهة الغربية"
يرجع تاريخ هذا الفيلم إلى بدايات ظهور الأفلام الناطقة. وهو مثال جيد على اقتباس الأعمال الأدبية وإعدادها لتصبح أفلاماً سينمائية. في عام 1930 استحضرالمخرج الأمريكي لويس مايلستون إلى الأذهان وإلى الشاشة الفضية فظائع الحرب العالمية الأولى من خلال رواية الكاتب الألماني إريك ماريا ريمارك كل شيء هادىء على الجبهة الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa
موتٌ في البندقية
في عام 1971 فاجأ المخرج الإيطالي لوتشينو فيسكونتي العالم بإخراج فيلم مأخوذ عن رواية "موتٌ في البندقية " للروائي الألماني توماس مان 1912. الفيلم من إنتاج فرنسي - إيطالي ومن بطولة الممثل البريطاني ديريك بوغاردي وبيورن أندرسون. ريك فولكر/غالية داغستاني