1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بيع ترامب "تكنولوجيا الذكاء" لدول خليجية.. ذكاء أم مغامرة؟

٢٣ مايو ٢٠٢٥

أُبرمت صفقات في مجال الذكاء الاصطناعي بين كل من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات خلال زيارة ترامب للمنطقة. هذه الصفقات أثارت كثير من الجدل والمخاوف حتى داخل الإدارة الأمريكية نفسها. فما أسباب وخليفات ذلك؟

مصافحة بين محمد بن سلمان ودونالد ترامب (13/5/2025)
ابرمت السعودية والولايات المتحدة اتفاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي خلال زيارة ترامب الخليجية.صورة من: Win McNamee/Getty Images

خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية، كانت مأدبة الغداء الرسمية التي أقامها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الديوان الملكي بقصر اليمامة بالرياض، تكريما للضيف، من أبرز فعاليات الزيارة.

لكن ما لفت الانتباه كان قائمة الضيوف الذين رافقوا محمد بن سلمان وترامب؛ إذ ضمت القائمة، إلى جانب إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، أسماء بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات والغموض.

ومن بين هذه الأسماء: جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" التي ابتكرت برنامج "تشات جي بي تي"، ووث بورات، الرئيس والمدير التنفيذي للاستثمار في "ألفابت" و"غوغل"، وأيضا آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون.

لكن هذا الغموض تبدد مع الإعلان عن إبرام صفقات بين شركات التكنولوجيا الأمريكية و السعودية بهدف تمويل مجال الذكاء الاصطناعي باستثمارات تفوق عشرات المليارات.

ومن بين الصفقات التي نالت الكثير من الانتباه، كان اتفاق شركة "إنفيديا" على بيع مئات الآلاف من الرقائق المتطورة إلى شركة "هيوماين"، إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، والتي جرى تدشينها قبيل وصول ترامب إلى الخليج.

وقد تعهدت شركتا "كوالكوم" و"إيه إم دي"، وهما من عمالقة صناعة الرقائق الإلكترونية في العالم، بالتزامات كبيرة.

"الايادي الصينية"

يأتي هذا في الوقت الذي تكثف فيه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، استثماراتها في الذكاء الاصطناعي.

بالتزامن مع ذلك، تسعى إدارة ترامب إلى ترسيخ التفوق الأمريكي في مجالي الذكاء الاصطناعي وإنتاج أشباه الموصلات المتطورة.

وتعتقد كارين يونغ، الخبيرة في شؤون الخليج، أن الولايات المتحدة والسعودية شريكان طبيعيان في مجال الذكاء الاصطناعي، نظرا لقدرة الرياض على بناء وتشغيل مراكز البيانات.

وفي حديثها إلى DW، أوضحت كارين، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، أن السعودية قادرة على "نشر إمدادات كهربائية هائلة سواء عن طريق الغاز أو الطاقة الشمسية، فضلا عن قدرتها على حسم المسائل التنظيمية أو تقديم الاستشارة لإنشاء مراكز البيانات أو محطات الطاقة".

وأضافت أنه "يمكن للسعودية الشروع في ذلك بسرعة، وهذا يمنحها ميزة".

ومع ذلك، أثارت الصفقات انتقادات في واشنطن، بما في ذلك أصوات من داخل إدارة ترامب.

تزامنت زيارة ترامب مع انطلق منتدى الاستثمار السعودي ـ الأمريكي في الرياض مسؤولين ورجال أعمال من البلدين.صورة من: Hamad I Mohammed/REUTERS

وترتكز هذه الانتقادات على أن توفير الرقائق المتطورة لدول الشرق الأوسط مثل السعودية، قد يصب في نهاية المطاف في صالح الصين التي تتسابق مع الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويعزو الخبراء ذلك إلى العلاقات التجارية والسياسية القوية بين الصين من جهة، ودول المنطقة من جهة أخرى؛ إذ يعتقد البعض أن الرقائق التي تبيعها الولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط قد تصل إلى أيدي الصين.

وقد اضطرت إدارة ترامب، من أجل إتمام الصفقات مع دول الخليج، إلى إلغاء قواعد وضعها سلفه جو بايدن  في نهاية ولايته العام الماضي، والتي تقضي بتقييد تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي إلى دول معينة، بما في ذلك السعودية والإمارات.

وكانت شركات أمريكية رائدة في مجال التكنولوجيا مثل "مايكروسوفت" و"إنفيديا" قد انتقدت هذه القواعد في حينه، باعتبارها تعيق الابتكار.

ومع ذلك، تسلط المخاوف حيال إمكانية وصول هذه الرقائق إلى الأيدي الصينية، الضوء على حقيقة مفادها أن اللجنة الخاصة المعنية بشأن الصين في مجلس النواب الأمريكي قد قدمت تشريعا جديدا "لمنع وصول رقائق الذكاء الاصطناعي الأمريكية المتقدمة إلى أيدي خصوم واشنطن مثل الحزب الشيوعي الصيني".

وقال مارتن تشورزيمبا، الزميل البارز لدى معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، إن استفادة الصين تعتمد على قدرتها على "الوصول إلى الرقائق أو النماذج التي يُجرى إنتاجها أو تشغيلها".

وفي مقابلة مع DW، أضاف "هناك قلق من أن الصين قد تتمكن إما من تحويل مسار الرقائق بنفسها أو الوصول إليها عن بُعد".

وعلى وقع هذه الانتقادات، خرج ديفيد ساكس، رجل الأعمال الأمريكي الذي يشغل حاليا منصب رئيس المجلس الاستشاري للبيت الأبيض في مجال العلوم والتكنولوجيا، للرد.

وقال ساكس، والذي يُطلق عليه لقب "قيصر الذكاء الاصطناعي" في البيت الأبيض، إن البديل عن عدم المضي قدما في صفقات مع الخليج هو "استبعاد الأصدقاء والحلفاء الذين لديهم أهمية من الناحية الجيوسياسية ويمتلكون مصادر طاقة كبيرة، من منظومة الذكاء الاصطناعي الأمريكية".

وأضاف في تغريدة "سترغب كل دولة في المشاركة في ثورة الذكاء الاصطناعي. إذا انحزنا إليهم، فسنجذبهم إلى فلكنا. وإذا رفضناهم، فسندفعهم إلى أحضان الصين".

الاهتمام الخليجي الكبير بالذكاء الاصطناعي

وبعيدا عن المخاوف الأمريكية حيال الصين، فإن الصفقات التي أُبرمت خلال زيارة ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي تبرز طموحات السعودية والإمارات في هذا المجال، في إطار سعيهما لتقليل اعتمادهما الاقتصادي على النفط.

وترى كارين يونغ أن السعودية "جادة بشكل كبير في الانخراط في مجال الذكاء الاصطناعي باعتباره قطاعا استراتيجيا هاما لتنويع مصادر الطاقة خاصة أنه يُوظف موارد السعودية الكبيرة في إمدادات الطاقة الوفيرة، فضلا عن أنه يتيح لها تلبية الطلب المستقبلي على الطاقة".

أما الإمارات، فتُعد "أكثر تقدما" من السعودية في هذا المجال.

وفي هذا السياق، وقع ترامب خلال زيارته للإمارات، في محطته الثانية من زيارته الخليجية، اتفاقا بين البلدين على بناء أكبر مجمع للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة. وبموجب هذا الاتفاق، سيكون بمقدور الإمارات الحصول على الرقائق المتقدمة أمريكية الصنع.

وقالت الخارجية الأمريكية إنه جرى الكشف عن المجمع خلال حفل أقيم في قصر الوطن بحضور الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، وترامب.

وسوف يُشيد هذا المجمع من قبل أكبر شركة للذكاء الاصطناعي في الإمارات، وهي مجموعة "جي 42"، بالتعاون مع شركات أمريكية.

ويأتي المجمع ضمن إطار الشراكة الجديدة بين حكومتي الإمارات والولايات المتحدة، والتي تحمل اسم "شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والإمارات"، لتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

عمت الصين إلى تعزيز علاقاتها التجارية والسياسية مع دول الخليج.صورة من: Royal Court of Saudi Arabia/AA/picture alliance

وقد أنشأت الإمارات مجموعة "جي 42" لتكون بمثابة محطة العبور نحو الذكاء الاصطناعي، حيث استثمرت مايكروسوفت بالفعل أكثر من 1.5 مليار دولار (1.34 مليار يورو).

وترى شركات التكنولوجيا الأمريكية أن دول الخليج تمثل فرصة جذابة بشكل متزايد، نظرا لحماسها في تطوير مجال الذكاء الاصطناعي، وأيضا لأنها تمتلك بعضا من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.

فإلى جانب شركة "هيوماين"، دشن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تقترب أصوله من التريليون دولار، مشاريع أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي.

وتزامن هذا مع إبرام شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" مذكرة تفاهم مع شركتي "سيريبراس سيستمز" و"فيوريوسا إي آي"، بغرض التعاون في مجالات الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، قال مارتن تشورزيمبا إن دول الخليج "تمتلك اثنين من أهم العناصر لتصبح قوى كبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، ألا وهما المال والطاقة، لكنها تفتقر الآن إلى الحوسبة والمواهب".

وأضاف "لكن مع توفير الرقائق، فسوف تتدفق المواهب".

وقالت كارين يونغ إن الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة بات يمثل "أولوية وطنية" للسعودية، مضيفة أن استعداد ترامب لتعزيز التعاون في هذا المجال، باعتباره "مسألة معلوماتية وليس مسألة أمنية أو تحديا سياسيا"، سوف يساهم في تحقيق هذا الهدف.

ورغم أن الاستثمارات الضخمة سوف تعزز موقع دول الخليج في مجال الذكاء الاصطناعي مستقبلا، إلا أن خبراء يرون أنها لن تكون بالضرورة "مربحة للجميع".

وفي هذا السياق، يرى تشورزيمبا أن هذا الأمر يشكل خطرا يتمثل في أن الشركات المحلية قد تطور نماذجها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي لمنافسة الولايات المتحدة.

وقال إن الصين قد ترسل مواطنيها للعمل في هذه الشركات، مضيفا أن "من أكثر الأسئلة إثارة للاهتمام هو أن المواهب الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي التي لا تستطيع المجيء إلى الولايات المتحدة، سيكون بمقدورها المجيء إلى دول الخليج ومن ثم الوصول إلى العنصر الرئيسي الذي ينقصها، وهو مجال الرقائق".

وشدد على أن هذا الأمر "سيكون مصدر قلق رئيسي للولايات المتحدة".

أعده للعربية: محمد فرحان

تحرير: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW