بين الحلال والحرام وإفطار رمضان.. كورونا يشغل هيئات الإفتاء
٣٠ مارس ٢٠٢١
تسابق دور الإفتاء الزمن في بعض الدول لإصدار فتاوى حول التطعيم واللقاحات المضادة لفيروس كورونا. يأتي ذلك مع ورود تساؤلات حول ما إذا كان التطعيم حلالا أم حراما، وكذلك حول ما إذا كانت العملية تتسبب بإفطار الصائم في رمضان.
إعلان
تسير عملية التطعيم في بلدان إسلامية بشكل مميز جدا كما عليه الحال بالإمارات والمغرب والسعودية، ولكنها تسير عكس ذلك في بلدان أخرى كتونس والجزائر ومصر والعراق. أسباب البطء قد تعود لما هو لوجستي نظرا لعدم قدرة عدد من الدول على تنظيم محكم للعملية (بما فيها دول غربية)، ومنها ما يتعلق بتأخر وصول اللقاحات، ومنها كذلك ما يرجع لتردد فئات من عملية التطعيم.
حلال أم حرام؟
التردد لا يعود فقط لتخوف على سلامة الفرد بعد الأنباء المتضاربة التي انتشرت حول سلامة لقاحات معينة كلقاح أسترازينيكا. ولكن بعد اللغط حول مكونات اللقاح، وما إذا كانت "حلالا أم حراما"، ومن ذلك تصريحات رئيس النقابة الوطنية للأئمة في الجزائر، جلول حجيمي، الذي طالب وزارة الصحة بالكشف عن مكونات اللقاح حتى يتم التأكد أنه حلال تماما، وهو ما أكدته الدوائر الرسمية بأن اللقاح حلال تماما.
كما سبق للمجلس الديني الإسلامي في أندونيسيا أنْ صرح بأنّ استخدام مشتقات من لحم الخنزير في تصنيع لقاح أسترازينيكا يجعل منه محرما شرعيا رغم أن المجلس ذاته وافق عليه للاستخدام العاجل. غير أن فرع الشركة في البلد نفى في تصريح رسمي استخدام هذه المشتقات أو غيرها من المشتقات الحيوانية.
ونقلت سابقا وكالة الأسوشتيد برس عن سلمان وقار، الأمين العام للجمعية الطبية الإسلامية البريطانية أنه "يرجح استخدام مشتقات من الخنزير في غالبية اللقاحات لسنوات"، لهدف "الحاجة إلى ضبط التكاليف وضمان فعالية اللقاحات".
ونقلت الوكالة عن متحدثين من شركات بيونتيك وفايزر وموديرنا أن لقاحاتهم لا تتضمن منتجات من الخنزير، إلا أن الوكالة أشارت إلى أن طبيعة السوق حاليا وحجم الطلب الكبير قد يجعل دولا تتلقى لقاحات لم يتم اعتماد عدم وجود جيلاتين من الخنزير فيها.
ومن اللقاحات المنتشرة في الدول الإسلامية، لقاح أسترازينكيا وبيونتيك وفايزر، وسبوتنيك في، وسينوفارم وكورونا فاك.
دور إفتاء تدخل على الخط
تحاول المؤسسات الدينية أن تلعب دورا في تبديد مخاوف السكان، آخرهم دار الإفتاء التونسية التي حثت المواطنين على التطعيم، وذكرت في بيان لها أنه "من الواجب المؤكد بالدين أخذ وسائل الوقاية والحذر من العدوى، وهو أيضا واجب وطني بالإقبال على التلقيح حماية للنفس والغير". وتابعت: "صحة البدن هبة من الله يجب صونها وعدم تعريضها للخطر والحفاظ عليها".
وكان مركز الأزهر للفتاوى في مصر، قد نشر ردا على سؤال من مستخدم شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي حول إمكانية استخدام لقاح كورونا إذا تبين أنه يحتوي على مشتقات من دهن الخنزير، أنه "يباح تناول ذلك اللقاح" لكن بشروط منها أن يستخدم ضد فيروس كورونا فقط وألا يكون لقاح آخر بديل عنه وألا يترتب عنه ضرر مساوٍ للفيروس أو أكبر منه.
كما اعتمد اتحاد علماء المسلمين فتوى بضرورة الاعتماد على الرأي الطبي فيما يتعلّق باستخدام لقاح كورونا، معتبرا في بيان لأمينه العام علي محيي الدين القرة داغي أن اللقاح مباح "حفاظا على مقاصد الشريعة كحفظ النفس والعقل والمجتمع"، وأنه بما "أن الجهات المتخصصة لهذا اللقاح قد أقرّته واعتمدته، وأثبتت فوائده وتأثيره، فإن الفتوى تُبنى على ذلك".
الإفطار في رمضان
ومن الأسئلة التي تكررت خلال الأيام الأخيرة، هل يتسبب التطعيم خلال نهار رمضان بإفطار الصائم؟ وإذا ما كانت الإجابة فنعم، فالدول تدرك أن ذلك سيكون عاملا سلبيا في إبطاء أكبر لعملية التطعيم الجماعية، ما سيجعل معركتها ضد الوباء تزداد صعوبة خصوصا على ضوء النسخ المتحورة التي ظهرت مؤخرا.
غير أن دار الإفتاء التونسية ذكرت في بيانها أن "التلقيح إذا ما تم في النهار في رمضان فهو غير مفطر لأنه دواء وليس بغذاء فلا حرج من استعماله نهارا".
كما أفتى الأزهر على موقعه الإلكتروني بأن اللقاح لا يفطر الصائم، و"أنه ليس أكلا ولا شربا، كما أن تعاطيه يكون عن طريق الحقن، وليس عن طريق المنفذ الطبيعي المعتاد كالفم والأنف"، معتبرا أن "شرط نقض الصوم يكون هو أن تصل المادة التي تدخل إلى الجوف من منفذ طبيعي".
إسماعيل عزام
"الإيمان في أزمنة غير معتادة".. يوم المسجد المفتوح في ظل كورونا
قبل 23 عاما أطلق مسلمو ألمانيا "يوم المسجد المفتوح" واختاروا له يوم الوحدة الألمانية (الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر) من كل عام، حيث تفتح المساجد أبوابها لتعريف الزوار بالإسلام، لكن كورونا في 2020 ألقى بظلاله على الحدث.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
ألقت جائحة كورونا بظلالها على فعاليات "يوم المسجد المفتوح" في ألمانيا في 2020 فحملت المناسبة السنوية هذا العام عنوان "الإيمان في أزمنة غير معتادة"، في إشارة إلى تأثير الجائحة حتى على الدين والعبادات. هنا نرى هنريته ريكر، عمدة مدينة كولونيا تجلس (السبت 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020) مع زوار آخرين في مسجد "ديتيب" الكبير في كولونيا محافظة على قواعد التباعد الاجتماعي والقيود الصحية.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture-alliance
عندما أصدرت الحكومة الألمانية في مارس/ آذار 2020 ما يعرف بقيود كورونا، أغلقت حتى دور العبادة بما فيها المساجد أبوابها. لكن بعد تخفيف القيود في مايو/ أيار، سمح بالعودة للمساجد بشروط من بينها ارتداء الكمامة والتابعد لمسافة 1٫5 متر بين كل شخص في المسجد. وفي يوم المسجد المفتوح 2020 يظهر جليا قلة أعداد الزوار وتباعدهم عن بعضهم البعض.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture-alliance
منذ عام 1997، تقام فعالية "يوم المسجد المفتوح" في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، والذي يصادف يوم الوحدة الألمانية. واختيار هذا اليوم بالذات لم يأت مصادفة، فالمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا يود في هذا اليوم أن يؤكد على "أن المسلمين جزء من الوحدة الألمانية بالإضافة إلى التعبير عن ارتباطهم بمجموع السكان في ألمانيا". وفي هذه السنة يتوقع أن يبلغ عدد زوار المساجد 100 ألف شخص.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
الجاليات الإسلامية تريد في هذا اليوم أن تقرب الزوار من الإسلام أكثر، واختارت المساجد كأفضل مكان للالتقاء، فالمساجد ليست مكاناً للصلاة فقط، بل ولعقد اللقاءات والندوات أيضاً.
صورة من: picture-alliance/dpa/Paul Zinken
معظم المساجد تقدم جولات في هذا اليوم، وتظهر الصورة إحدى تلك الجولات في مسجد في بلدة هورت التابعة لمدينة كولونيا، حيث يتلقى الزوار معلومات عن العمارة والتاريخ والحياة اليومية في المساجد التي تعتبر أهم ملتقيات الجاليات الإسلامية في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Baumgarten
المسجد المركزي في مدينة دويسبورغ هو من أكبر المساجد في ألمانيا، وتم افتتاحه عام 2008. يشارك المسجد في نشاطات تدعم الاندماج في المدينة. في يوم المسجد المفتوح، يتيح المسجد لزواره، بالإضافة للجولة، فرصة مشاهدة صلاتي الظهر والعصر، بالإضافة إلى تقديم الشاي لهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Skolimowska
يتعرف الزوار على الإسلام أكثر ابتداء من اتباع بعض القواعد البسيطة المتبعة في المساجد، حيث يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى مكان الصلاة، كما يشاهدون كيف يتوضأ المسلمون. ويقوم المسجد المركزي في كولونيا بتوضيح بعض الطقوس والقواعد للزوار في يوم المسجد المفتوح.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Baumgarten
المسجد الأزرق في هامبورغ، الذي أخذ اسمه من المسجد الأزرق في إسطنبول، لا يقع على البوسفور، بل على نهر ألستر! وهو رابع أكبر مسجد في ألمانيا. في العام الماضي وفي يوم المسجد المفتوح، رسم الفنان حسن روح العالمين "مذبحة كربلاء"، ذات الأهمية الكبيرة في المذهب الشيعي.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Scholz
أبواب المساجد لا تفتح في يوم المسجد المفتوح فقط، وإنما هناك فرصة لتبادل الزيارات في يوم الكاثوليك أيضاً، كما في مسجد يافوز السلطان سليم بمانهايم، حيث قامت الراهبات وطالبات الدين من كنيسة مريم العذراء المقابلة للمسجد بجولة تعرفن فيها على الإسلام بشكل أقرب.
صورة من: picture-alliance/dpa
يحصل الناس أحياناً على بعض الهدايا الرمزية في هذا اليوم، كالصبي الصغير الذي يظهر في الصورة، والذي حصل على مَسبَحة في يوم المسجد المفتوح في منطقة بونامس بفرانكفورت.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
ويتيح يوم المسجد المفتوح للزوار مشاهدة المصلين عند تأدية الصلاة ولو لمرة واحدة. ورغم أنه لا يمكن للزوار دخول مكان الصلاة إلا أنهم يمكن أن يتابعوا الصلاة من أماكن تطل عليها، كما يظهر في الصورة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Hanschke
وبعد الجولة في يوم المسجد المفتوح، يمكن للزوار أن يستمتعوا بوجبات من جميع أنحاء العالم. وقد قدم مسجد شهيتليك (جامع الشهادة) في حي نويكولن ببرلين تشكيلة واسعة من الأطباق لزواره خلال السنوات الماضية.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Hanschke
مسجد فضل عمر في هامبورغ والذي تم افتتاحه عام 1957 لديه شيء للجميع في يوم المسجد المفتوح، حيث تقام فيه ورشات عمل للرسم والخط العربي، بالإضافة إلى معرض يمكن فيه القيام بـ"رحلة عبر الزمن الإسلامي". كما يقدم الرعاية للأطفال، ومشروبات منعشة لراكبي الدراجات خلال استراحتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Daniel Reinhardt
وفي مدينة دريسدن أيضاً تدعو المساجد الناس للتعرف على الإسلام وإلى التبادل الثقافي. وقد أطلق مسجد المصطفى في المدينة برنامجاً يتم فيه تقديم القهوة للزوار إضافة إلى محاضرات توضيحية عن الإسلام.
هيلينا فايزه/ محي الدين حسين