تأثر الأقليات الدينية السورية بالعنف الطائفي منذ سقوط الأسد
ماثيو وارد أغيوس
١٥ مايو ٢٠٢٥
تشهد الأقليات في سوريا مرحلة جديدة بعد سقوط نظام الأسد، حيث ازدادت المخاوف بشأن العنف الطائفي مؤخرا بسبب الاقتتال بين مختلف الطوائف، مما يشكل تهديدا حقيقيا للسلم الاجتماعي في سوريا لا يمكن تجاهله.
ازدادت المخاوف بشأن العنف الطائفي مؤخرا بسبب القتال بين مختلف الطوائف في سوريا، خاصة بعد سقوط نظام الأسد.صورة من: Ammar Awad/REUTERS
إعلان
منذ انهيار نظام الديكتاتور السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 إثر هجوم شنته هيئة تحرير الشام، تواجه الأقليات الدينية والعرقية في البلاد شبح العنف الطائفي.
فقد أدى اندلاع العنف بين الجماعات المسلحة إلى تعقيد جهود الحكومة المؤقتة بقيادة القائد السابق لهيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، لإعادة بناء الدولة بعد الإطاحة بالأسد، لا سيما في ضوء تعهد ديسمبر/كانون الأول بحماية هذه الأقليات.
تعتبر سوريا بلدا متنوعا، ويُقدر عدد سكانه بنحو 24.3 مليون نسمة اعتبارا من عام 2024، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان والحكومة الأمريكية.
من بين الطوائف الدينية في سوريا، يُشكل المسلمون السنة، وهم الطائفة السائدة في الإسلام، حوالي 70% من السكان، بينما يُشكل الشيعة نحو 3%.
إضافة إلى ذلك، هناك العديد من المجموعات الدينية والعرقية الأخرى داخل البلاد، وقد أعرب بعضها عن مخاوفه على سلامة وأمن المجتمع مع انتقال البلاد من 54 عاما من حكم وسيطرة الديكتاتورية.
العلويون
وتشير التقديرات إلى أن العلويين، وهم أقلية إسلامية، يُشكلون حوالي 10% من سكان سوريا. ويُعتبرون أكبر أقلية في البلاد. ويتركز جزء كبير من مجتمعهم على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا، بما في ذلك محافظات مثل اللاذقية وطرطوس.
وهي أيضا المجموعة التي ينتمي إليها آل الأسد، وقد أعرب أعضاؤها عن قلقهم من أن يؤدي هذا الارتباط إلى استهدافهم نتيجة للإطاحة ببشار الأسد منذ سقوط نظامه.
في مارس/آذار، أدى هجوم شنته قوات موالية للأسد على قوات الأمن الحكومية الجديدة إلى عمليات قتل انتقامية، معظمها في المناطق الساحلية من البلاد، في أسوأ موجة عنف منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، فترة سقوط النظام السابق.
وشكّل العلويون غالبية المدنيين الذين تم الإبلاغ عن مقتلهم، والذين تجاوز عددهم 1700 مدني، وفقا لمنظمات رصد مستقلة.
شهدت سوريا عودة للاشتباكات بين القوات الحكومية والقوات المتحالفة معها والأقليات في الأسابيع الأخيرة.صورة من: Omar Haj Kadour/AFP/Getty Images
الدروز
يُقدّر أن الدروز يُشكلون حوالي 3% من سكان سوريا، ويعيشون بشكل رئيسي في جنوب البلاد بالقرب من جبل الدروز، على مقربة من الحدود الأردنية.
ويتمركزون بشكل رئيسي في سوريا، ولكن أيضا في لبنان وإسرائيل المجاورتين. وهم عرب عرقيا ويتحدثون العربية. وعلى عكس الكثيرين في المنطقة، فهم لا يُعرّفون أنفسهم كمسلمين أو مسيحيين أو يهود، بل من أتباع الديانة الدرزية.
وقد أعرب زعماء الدروز السوريون مرارا وتكرارا عن دعمهم لسوريا موحدة. ومع ذلك، أثارت الاشتباكات الأخيرة بين الدروز والجماعات المسلحة، التي قد يكون بعضها متحالفا مع الحكومة الجديدة، مخاوف.
ووفقا لتقارير إعلامية، خلّفت أيام من الصراع الطائفي نحو 100 قتيل، بينهم مدنيون وعناصر من الميليشيات المسلحة. اندلعت الاضطرابات بسبب تسجيل صوتي لشخص من الطائفة الدرزية، قيل إنه يُسيء إلى النبي محمد. ووفقا لوكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" (dpa)، لم تجد وزارة الداخلية السورية أي دليل على هذا الادعاء.
إعلان
المسيحيون
ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA)، يُعرّف حوالي 10% من السوريين أنفسهم كمسيحيين.
تشمل الطوائف المسيحية في البلاد الروم الأرثوذكس، والسريان الأرثوذكس، والموارنة، والسريان الكاثوليك، والروم الكاثوليك. يعيش معظم المسيحيين حول العاصمة السورية دمشق، ومدن حلب وحمص وحماة، بالإضافة إلى محافظتي اللاذقية والحسكة.
وأفادت بيانات الاتحاد الأوروبي للمسيحيين في عام 2024 أن الكنائس المسيحية وأتباعها استُهدفوا من قِبل القوات الحكومية في أكثر من 100 هجوم شنّته قوات الأسد طوال الحرب الأهلية التي بدأت عام 2011، بالإضافة إلى ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والجماعات المتحالفة معه.
يسيطر الأكراد السوريون على الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، وقد احتجوا على مقاومة استمرار الحكومة المركزية.صورة من: Delil Souleiman/AFP/Getty Images
ويقال إن أقل من ربع السكان المسيحيين في سوريا قبل الحرب ما زالوا في البلاد، وفقا للاتحاد الأوروبي للمسيحيين، حيث تقدم الكثيرون بطلبات للحصول على وضع لاجئ في أوروبا والولايات المتحدة.
الأكراد
يُعدّ المجتمع الكردي أكبر أقلية عرقية في سوريا، ويبلغ عددهم حوالي 2,5 مليون نسمة، ويتركز معظمهم في شمال وشرق سوريا.
يسيطر الأكراد السوريون على هذه المنطقة، التي وافقت في مارس/آذار على اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحكومة السورية المؤقتة. ودعا الأكراد مؤخرا إلى أن يكون الحكم المستقبلي في سوريا لامركزيا. إلا أن الحكومة الحالية رفضت مطلبهم.
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي