تأثيرات الأزمة المالية على فرص عمل خريجي الجامعات الجدد
١٧ يناير ٢٠١٠بدأت الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية تبدو جلية في سوق العمل الألمانية، إذ من المتوقع أن يفوق عدد العاطلين عن العمل في العام الجاري الأربعة ملايين شخصاً. ويبقى من المتوقع أيضا، أن تكتفي أغلب الشركات خلال الشهور القادمة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على العاملين لديها وعدم الاضطرار لإلى تسريحهم، كما يقول كورت أيكمائير من مكتب العمل الاتحادي الألماني في حديث لدويتشه فيله. وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة يستبعد الخبير الألماني أن يتخلى أحد عن وظيفته الحالية بهدف الحصول على وظيفة أفضل. فسوق العمل تبدو إذن مغلقة إلى حد ما وليس هناك من سبيل إلى ولوجها.
الوضع مختلف بالنسبة لخريجي الجامعات
لكن من حسن حظ خريجي الجامعات الذين حصلوا لتوهم على شهاداتهم الجامعية، فإن الوضع بالنسبة لهم قد لا يكون قاتما تماما، كما يؤكد كورت أيكمائير. فالتراجع عن تشغيل عمال جدد ترافقه "حاجة الاقتصاد الألماني المتزايدة للكفاءات العالية". ويرجع كورت أيكمائير ذلك إلى ظاهرة التحول الديمغرافي الذي تعرفه ألمانيا، أي تقلص الطاقات البشرية بسبب تراجع معدلات الولادة. وتلك "حقيقة لن تغير منها الأزمة الاقتصادية"، حسب قول المسؤول الألماني. إضافة إلى ذلك، فإن الحصول على فرصة عمل مباشرة بعد إنهاء الدراسة لم يكن دائما بالأمر السهل، سواء تعلق الأمر بأزمة اقتصادية أم لا. لذا ينصح الخبراء الخريجين الجامعيين بعدم الخوف من تبعات الأزمة الاقتصادية الحالية.
أحد هؤلاء الخبراء هي كاتيا كوتشالك، صاحبة مكتب للاستشارات الاقتصادية في مدينة بون الألمانية، والتي تركز في خدماتها على تقديم الاستشارة لخريجي الجامعات لدخول سوق العمل. وحسب اعتقادها فأن التوقعات بصدد التحولات الاقتصادية، والتي تنبأ بتفاقم الأزمة، تصيب العديد من أرباب العمل بالذعر بسرعة، حتى دون تسجيلهم خسارة تُذكر. فعدم تحقيق نتائج إيجابية يكفي كي يتراجعوا عن تشغيل موظفين جدد. "كما أن الخوف يصيب خريجي الجامعات أيضا، عند سماعهم لمثل هذه الأخبار، الأمر الذي يزيد الطينة بلة"، حسب قول كاتيا كوتشالك.
"الآثار النفسية للأزمة أسوأ من الآثار المادية"
وتبقى مثل هذه الانعكاسات النفسية للأزمة أسوأ بكثير من توابعها المادية، فمن جهة يجعل الخوف من المستقبل خريجي الجامعات يتراجعون عن تقديم طلبات العمل. ما قد يكون خطأ قاتلاً في سيرتهم الذاتية. "فالتجربة أوضحت أن الوضع الاقتصادي قد يتغير بسرعة"، كما تقول كاتيا كوتشالك، التي تنصح خريجي الجامعات بعدم الاكتفاء بتقديم طلبات عادية. بل يجب عليهم وصف كفاءاتهم بشكل يثير اهتمام الشركات التي يرغبون بالعمل فيها و"أن يوضحوا وبشكل دقيق دوافع اختيارهم لهذه الشركات بالذات، حتى تقتنع بتشغيلهم دون سواهم".
أما بالنسبة لأرباب العمل، فتأخذ الانعكاسات النفسية للأزمة وجها آخر. فمن الملاحظ أنهم يلجأون في الوقت الحالي إلى سد مناصب العمل الشاغرة لديهم بمنح دورات تدريبية بدون أجر أو بأجر زهيد، رغم كون هذه المناصب تتطلب في الغالب كفاءات عالية جداً. أمر تتأسف له المستشارة الاقتصادية كاتيا كوتشالك، التي تحث خريجي الجامعات "بقبول مثل هذه الفرص لاجتياز الأزمة، إذ أن خياراً كهذا هو في كل الأحوال أفضل من فترات عطالة في السيرة الذاتية."
لكن في هذه الحالة لا يجب أن يتوقف خريجو الجامعات عن البحث عن فرص عمل جديدة. بل وعلى العكس من ذلك يجب عليهم توسيع آفاق البحث. وهذا ما يؤكده كورت أيكمائير من جانبه أيضا، والذي يلخص ذلك في "تعلم اللغات الأجنبية والتوجه نحو سوق العمل الأوربية، التي تزداد اندماجا."
الكاتب: خالد الكوطيط
مراجعة: عماد م. غانم