1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تأثير التغير المناخي على زراعة العنب

١٨ مايو ٢٠١١

مازال النبيذ الأوروبي يشكل حوالي 60 في المائة من الإنتاج العالمي. لكن زراعة العنب بدأت تعاني كثيرا من تغير المناخ، إذ ينذر ارتفاع درجة الحرارة بتراجع إنتاج النبيذ الأبيض بشكل كبير وربما اختفائه من الأسواق مع مرور الوقت.

النبيذ المنتج في جنوب إفريقيا يشكل منافسا كبيرا للنبيذ الأوروبيصورة من: CC/World Bank/John Hogg

من المتوقع أن يواجه منتجي النبيذ في فرنسا وألمانيا أوقات صعبة في ضوء التغيرات التي تطرأ على المناخ العالمي والتي تنعكس سلبا على مناطق إنتاج النبيذ. وسيكون على مزارعي العنب مستقبلا التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة والجفاف ونقص المياه لفترات أطول.

وينظر إلى عدد من البلدان في أوروبا ومن ضمنها الدانمرك والسويد وبريطانيا وبولندا وأوكرانيا، بوصفها مناطق جديدة تصلح لزراعة العنب. أما على النطاق العالمي فمن المنتظر أن تدخل دول أخرى مثل الأرجنتين ونيوزيلندا وكندا بشكل قوي في السوق العالمية لإنتاج النبيذ. كما أن الصين تسعى بدورها إلى أن تحتل مكانة بارزة في تلك السوق، وهناك الآن خمس مناطق محددة في الصين خصصت لإنتاج النبيذ ومعظمها في شمال البلاد.

هل سيتوقف إنتاج النبيذ الأبيض؟

آفات وأمراض جديدة تظهر نتيجة للتغير المناخيصورة من: CC/Tom Maack

ويتابع عالم المناخ في جامعة العلوم الزراعية في فيينا، هربرت فورماير، هذا التوسع الهائل في زراعة العنب، وهو يركز في أبحاثه على وجه التحديد على آثار تغير المناخ على زراعة العنب. وللتغير المناخي كما يوضح فورماير تأثير مباشر على العنب، حيث "يتشكل السكر بشكل أسرع مع ارتفاع درجة الحرارة، وهذا ينعكس بالتالي على تغيير وقت الحصاد، أي أن على المزارعين التعجيل بحصاد حقولهم مع حلول فصل الصيف الحار."

إلا أن تأثير تغير المناخ على زراعة العنب يرتبط إلى حد كبير بالنوع المزروع في المنطقة المحددة، وتقول القاعدة الأساسية أن الجو الحار والجاف صيفا، والمعتدل الممطر شتاء، يوفر الظروف المثالية لنمو العنب. ومن الملاحظ أن العنب الأبيض أقل تحملا للضوء والحرارة، لكنه أشد تحملا للبرودة والظروف المناخية القاسية مقارنة بالعنب الأحمر.

إن ارتفاع درجة الحرارة المرتبط بظاهرة التغير المناخي، يرجح كفة زراعة العنب الأحمر، وهو ما يعني أنه سيتم التركيز مستقبلا بشكل أكبر على إنتاج النبيذ الأحمر على حساب النبيذ الأبيض. فحساسية العنب الأبيض تجاه ارتفاع درجات الحرارة قد تنذر بتراجع إنتاج النبيذ الأبيض بشكل كبير وربما اختفائه من الأسواق مع مرور الوقت. وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك تحديات جديدة تواجه صناعة النبيذ، ومنها الآفات الزراعية الجديدة التي تزيد مع تغير المناخ.

مخاوف من اختفاء أصناف النبيذ المميزة

وتتأثر صناعة النبيذ في ألمانيا أيضا بتبعات ظاهرة التغير المناخي. وتبعا لارتفاع درجة الحرارة يتمكن المزارعون الألمان الآن من زراعة أنواع العنب الأحمر مثل ميرلو وغيرها من الأنواع التي كانت في الماضي تنمو في المناطق الجنوبية. أما المناطق التي تزرع فيها أنواع العنب الأبيض فهي تنحصر في الشمال الأكثر برودة. وكما يقول فورماير، فإن على المزارعين "في أسوأ الحالات أن يقرروا التخلي عن زراعة أنواع العنب القديمة التي اعتادوا زراعتها في الماضي، والإقدام على زراعة أنواع جديدة. وهذا يمكن أن يؤدي أيضا إلى اختفاء الأنواع النموذجية على الصعيد الإقليمي."ويضرب فورماير مثالا على ذلك بأحد أنواع النبيذ الزهري اللون "Schilcher" وهو نوع تنتج حصرا في النمسا، ويعلق بالقول: "إذا استمرت ظاهرة التغير المناخي على المنوال الحالي، فقد يتعذر يوما ما زراعة النوع الذي ينتج منه هذا الصنف المميز من النبيذ."

يظل حصاد العنب في جنوب إفريقيا إلى درجة كبيرة عملا يدوياصورة من: CC/ferkel

إن التغير المناخي لا يترك آثارا سلبية على مناطق زراعة النبيذ التقليدية في أوروبا فحسب، بل يمتد ليشمل المناطق المنتجة للنبيذ في أجزاء أخرى من العالم. وكما تقول بيترا ماير المتحدثة باسم اتحاد منتجي النبيذ في جنوب إفريقيا (WOSA): "أصبحت الأمطار عندنا تهطل في بعض الأحيان في غير موسمها، وإذا ما هطلت في موسم الحصاد فهذا يمكن أن يؤدي إلى تعفن المحصول. ويكمن الحل في استخدام الآلات لقطف العنب بالسرعة الكافية، إلا أن هذا يعني في الوقت ذاته فقدان عدد كبير من العمال وظائفهم، وهو ما يتنافى مع عامل الاستدامة الاجتماعية."

زراعة العنب وحماية الطبيعة

وكمساهمة منه في إطار الجهود المبذولة لمكافحة التغير المناخي، يركز اتحاد منتجي النبيذ في جنوب إفريقيا (WOSA) على جانب الاستدامة، وهو يعمل بشكل وثيق مع المنظمات البيئية الناشطة في مناطقهم ومنها الصندوق العالمي لحماية الطبيعة"WWF". وفي عام 2004 تم تأسيس مشروع تحت اسم "مبادرة التنوع البيولوجي والنبيذ"، وهي تهدف بحسب بيترا ماير إلى التوفيق بين زراعة العنب وإنتاج النبيذ وحماية البيئة. وفي هذا السياق تم تحديد منطقة تبلغ مساحتها 126 ألف هكتار كمنطقة محمية.

وقد تم حماية النباتات المحلية في إطار هذه المبادرة، إذ تم قطع النباتات المجلوبة من الخارج مثل نبات الكافور الذي ينبت أصلا في استراليا واندونيسيا والذي يحتاج أثناء نموه إلى الكثير من الماء الذي لا يتوفر بكثرة في جنوب إفريقيا. وكما توضح بيترا ماير فإن"المزارعين يتعلمون عبر المشروع الكثير عن أهمية التنوع البيولوجي".

المعرفة سلاح لمجابهة التغير المناخي

لجفاف يضطر المزارعين إلى ري مزارع العنب بالطرق الصناعيةصورة من: BMU / H.-G. Oed

وفي كاليفورنيا الواقعة على الساحل الغربي للولايات المتحدة، يتم إنتاج 90 في المائة من الإنتاج الكلي للنبيذ في البلاد. وتشير نانسي لايت، مديرة الاتصالات في برنامج كاليفورنيا لزراعة العنب بالأساليب المستدامة، إلى أن "التغير المناخي أثر بالفعل على فسيولوجيا النبات وعلى توافر المياه وأيضا على مكافحة الآفات، لذا فالتركيز على نشر المعرفة مهم لتحقيق فهم أفضل لآثار تغير المناخ." وبحسب لايت فقد تم حتى الآن تدريب 9 آلاف من المزارعين. "وهذا التدريب يساعدهم على التكيف مع تغير المناخ" على حد قولها.

وبالإضافة إلى ذلك، يتلقى المزارعون الدعم والمساعدة في التحول إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة. وهناك جهود مماثلة أيضا في عدد من البلدان الأخرى المنتجة للنبيذ، ففي شيلي مثلا تدعم الجمعية الألمانية للتعاون الدولي 6 مصانع في مجال استخدام الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية. ويمثل كل هذه الجهود خطوات صغيرة باتجاه ضمان بقاء صناعة النبيذ في زمن التغير المناخي. إن عالم المناخ هربرت فورماير على ثقة بأن زراعة العنب ستشهد تغييرا في المستقبل، وإن كان لا يعتقد بأن الدول الاسكندينافية وبريطانيا سوف تصبح في المستقبل القريب من أكبر البلدان المنتجة للنبيذ، "إذ لا يزال الطقس هناك باردا جدا ورطبا."

بو كيونغ شونغ/ نهلة طاهر

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW