تأجيل اتفاق الانتقال السياسي بالسودان.. ومتظاهرون يحتجون
٦ أبريل ٢٠٢٣
في ظل تأجيل اتفاق الانتقال السياسي، أكد قائد الجيش السوداني التزامه بعملية سياسية تفضي لانتخابات رغم الخلافات بشأن دمج قوات الدعم السريع في الجيش. فيما خرجت أكبر مظاهرات ضخمة لإحياء للذكرى الرابعة لاعتصام 2019.
إعلان
قالعبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، اليوم الخميس (6 أبريل/نيسان 2023) إنه ما زال ملتزما بعملية سياسية تفضي إلى انتخابات على الرغم من خلافات بشأن دمج قوة الدعم السريع شبه العسكرية أدت لتأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي مرتين.
ويهدف الاتفاق، الذي ينص على تشكيل حكومة مدنية ويحظى بدعم قوي من المجتمع الدولي، إلى إنهاء الفراغ السياسي الذي أعقب انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول 2021. لكن التوقيع تأجل للمرة الثانية مع مواصلة الجيش وقوات الدعم السريع المفاوضات حول الالتزامات التي سيتعهدان بها فيما يتعلق بإعادة هيكلة الجيش.
ويواجه الاتفاق السياسي معارضة من "لجان المقاومة" المؤيدة للديمقراطية التي ترفض المفاوضات مع الجيش وقادت احتجاجات مناهضة له منذ الانقلاب الذي عرقل الانتقال السياسي السابق.
توترات بين الجيش والدعم السريع
وأفادت مصادر سياسية وعسكرية بأن التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع برزت على السطح في الأسابيع الماضية بشأن الجدول الزمني المقترح لدمج تلك القوات في الجيش. وبحسب المصادر، فإن الجيش يريد تحديد المدة بعامين، بينما تقول قوات الدعم السريع إن الأمر يحتاج إلى 10 سنوات وإن إعادة الهيكلة يجب أن تشمل الإصلاح داخل مؤسسة الجيش.
وتعد القيادة المؤقتة للجيش موضع خلاف آخر، إذ اقترحت قوات الدعم السريع ضم الرئيس المدني القادم لمجلس السيادة بموجب الاتفاق إلى مجلس مشترك لقادة الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي بيان بمناسبة ذكرى اعتصام السادس من أبريل/نيسان، قال البرهان إن التأجيل ضروري "بقصد وضع الأطر المتينة التي تحافظ على زخم الثورة وعنفوانها".
وخرجت أكبر مظاهرات حاشدة هذا العام في أنحاء السودان اليوم الخميس إحياء للذكرى الرابعة لاعتصام 2019 الذي أدى إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
وردد متظاهرون هتافات منها: "مافي مليشيا بتحكم دولة" في وسط الخرطوم. وأغلقت حشود غفيرة الطرق الرئيسية وخرجت في مسيرات في عدة مدن، في مواجهة الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن بكثافة. وشوهد كثيرون يتناولون إفطارهم في الشارع بعد الصيام، بحسب مراسلي رويترز.
"لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية"
وقال الناشط جعفر خضير "لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية... ما يسمى بالعملية السياسية الشغالة في الفترة اللي فاتت و العترات (العقبات) اللي قاعدين يخطوها الانقلابيين... رغبتهم أن يستأثروا بالسلطة المطلقة.. كل الشغل اللي بيقولوه هو في العملية السياسية دي تكتيكات".
وألقت قوى الحرية والتغيير، وهي ائتلاف من أحزاب مدنية تدعم الاتفاق، باللوم في التأجيل على عناصر من حزب المؤتمر الوطني المحظور الذي ينتمي إليه البشير، والتي ظهرت في الأسابيع الماضية علنا في مآدب رمضان وغيرها من الأحداث.
وقال القيادي البارز في قوى الحرية والتغيير والمتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف لرويترز "نحن نعلم بأن عناصر النظام البائد تنشط هذه الأيام لتخريب العملية السياسية والوقيعة بين المؤسسات العسكرية".
وقالت قوى الحرية والتغيير في بيان إنها ملتزمة بالمحادثات لكن "إذا تعثرت بالعراقيل المختلفة التي يضعها الفلول أمامها فإننا بالمقابل سنطور خيارات بديلة ولكل حادثة حديث".
وهدد زعماء القبائل الذين يقولون إنهم يشعرون بأنهم مستبعدون من الاتفاق المزمع بقطع الطرق المؤدية إلى الخرطوم وشرق السودان، بينما حذرت جماعات أيدت الانقلاب من "الفوضى".
ع.ح./أ.ح (رويترز)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب