تأسيسا على إرث شاه مسعود ـ نواة مقاومة ضد طالبان في "بانشير"
١٩ أغسطس ٢٠٢١
استطاعت حركة طالبان العودة إلى السلطة بعد عشرين عاما من الإطاحة بها، وبسطت سيطرتها على البلاد بسرعة خاطفة من دون أي مقاومة تذكر. لكن الوضع في وادي "بانشير" مختلف، حيث هناك من يرفض الإذعان لطالبان ويستعد لمقاومتها.
إعلان
عادت حركة طالبان إلى السلطة بعد عشرين عاما من الإطاحة بها، وبسطت سيطرتها على أفغانستان، باستثناء منطقة "وادي بانشير" التي تبعد حوالي 150 كيلومترا شمال شرقي كابول، حيث انسحب إلى هناك وزير الدفاع، باسم الله محمدي ونائب الرئيس أمر الله صالح. والذي يقول إنه "الرئيس الشرعي المؤقت" بعد هروب الرئيس أشرف غني. وجاء في تغريدة لصالح: "لن أخضع أبدا وفي أي ظرف كان لطالبان الإرهابية. ولن أخون أبدا ضميري وإرث قائدي والزعيم البطل أحمد شاه سعود".
منطقة "وادي بانشير" والتي تعني "وادي الخمسة أسود" كان لها دائما دور حاسم في المقاومة. فموقعها الجغرافي يعزلها عن باقي أفغانستان، إذ لا يمكن الوصول إليها إلا عبر ممر ضيق شقه نهر بانشير. ومن الناحية العسكرية، الدفاع عن هذا الممر سهل.
وأغلبية سكان المنطقة البالغ عددهم 150 ألفا، هم من الطاجيك، في حين أن أغلبية طالبان من البشتون. كما أن المنطقة معروفة بالزمرد الذي كان دائما مصدرا لتمويل المقاومة. وحتى قبل سيطرة طالبان على السلطة كانت تتمتع ولاية "بنجشير" بالكثير من الاستقلالية عن الحكومة المركزية في كابول.
تاريخ المقاومة في "بانشير"
دافعت "بنجشير" عن استقلالها أثناء التدخل السوفياتي (1980-1985) وفي إبان حكم طالبان (1996 – 2001). وفي فترة تواجد قوات الناتو والحكومة المدعومة من الغرب (2001 – 2021) كانت منطقة وادي بنجشير الأكثر أمنا في أفغانستان.
وإن تاريخ استقلالية "بانشير" واعتمادها على نفسها مرتبط بشكل كبير بالشخصية الكاريزمية والمعروفة في كل أفغانستان، أحمد شاه مسعود، الذي كان مرشدا أيضا لـ أمر الله صالح نائب الرئيس الهارب.
أحمد شاه مسعود المولود عام 1953 في "بانشير" شارك في المقاومة ضد الحكومة الشيوعية في كابول وضد الاتحاد السوفياتي، وكان واحدا من أشهر قادة "المجاهدين" وأكثرهم نفوذا في أفغانستان. شعاره "التبعية عار" كان لا يزال يكتب حتى اليوم على ملصقات تحمل صورة مسعود.
تحالف الشمال ضد طالبان
بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان (1988- 1989) نشبت حرب أهلية انتهت بانتصار طالبان. لكن أحمد شاه مسعود استطاع مع حلفائه في "الجبهة الموحدة" والتي تعرف بتحالف الشمال، الاحتفاظ بالسيطرة على منطقة وادي "بانشير" وتقريبا كل شمال شرقي أفغانستان حتى حدود الصين وطاجيكستان.
مسعود أيضا كان إسلاميا محافظا، لكنه حاول بناء مؤسسات ديمقراطية، وكان يؤمن بمساواة المرأة. وكان يهدف إلى بناء أفغانستان تذوب فيها الحدود الإثنية والدينية بين مكونات المجتمع.
لكن رغم ذلك، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، تتهم قوات مسعود بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان أثناء المعارك حول كابول أثناء الحرب الأهلية.
في عام 2001 تم اغتيال أحمد شاه مسعود، من قبل شخصين ادعيا أنهما صحافيان وكانا يخبئان قنبلة في الكاميرا، يعتقد أن تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن قد جندهما وأرسلهما لاغتيال مسعود، ليسدي بذلك خدمة لحركة طالبان، التي وفرت له ملاذا آمنا في أفغانستان، حيث من هناك خطط لهجمات 11 سبتمبر عام 2001.
نواة مقاومة جديدة ضد طالبان
الآن وبعد سيطرة طالبان على أفغانستان وعودتها إلى السلطة، تشكلت نواة مقاومة جديدة ضد الحركة بقيادة أحمد، نجل أحمد شاه مسعود. والذي يشبه والده كثيرا سواء من حيث الشكل أو التصرفات والعادات، وقد أعلن مع نائب الرئيس الهارب، أمر الله صالح، عدم الإذعان والخضوع لحركة طالبان، متعهدا بمقاومتها.
وقد انتشرت على تويتر صورة مشتركة تضم أحمد وأمر الله، ويبدو أنهما يريدان تشكيل حركة مقاومة معا. ومنذ بدء المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في أبريل/ نيسان الماضي، أعرب سكان وادي "بنجشير" عن استيائهم وبدأوا بإعادة تفعيل وإحياء ميليشياتهم، حسب ما أشارت إليه صحيفة "نويه تسوريشر تشايتونغ NZZ" السويسرية. ونقلت وكالة فرانس برس عن أحد سكان المنطقة قوله "لن نسمح لطالبان بدخول بنجشير. سنقاتل ضدها بكل قوانا".
مستقبل مجهول!
لكن ما مدى قوة هذه المقاومة في "بانشير" فإن ذلك غير واضح حتى الآن، ولا يُعرف كيف سترد طالبان. حول ذلك يقول ميشائيل كوغلمان، خبير شؤون جنوب آسيا، في مركز ويلسون الأمريكي، "إذا اعتمدنا على كلام طالبان، فإن منطقة بانشير يجب أن تكون آمنة. فالحرب قد انتهت في أفغانستان، وقالت طالبان إنها لن تلجأ إلى العنف بعد اليوم. ما يعني أن المناطق التي لا تخضع لها سيتم تركها وشأنها. لكن علينا أن ننتظر ونرى".
ويضيف كوغلمان لـ DW "لكن إذا تشكلت مقاومة عسكرية في المنطقة، فإنني لا أستبعد أن تتحرك طالبان ضدها. وإذا فعلت ذلك فإنها ستنتصر بسرعة وسهولة".
روديون إبيغهاوزن/ ع.ج
في صور.. مشاهد الفرار من "إعصار طالبان"
يحاول كثيرون الفرار من أفغانستان، بعد أن تقدمت حركة طالبان إلى العاصمة كابول، مطيحة بالحكومة، بينما تقوم القوى الغربية بنقل المدنيين جوا من مطار كابول. مشاهد الرعب والتخوف في أفغانستان ضمن هذا الملف المصور.
صورة من: Wakil Kohsar/AFP/Getty Images
أفغان يائسون يحاولون دخول مطار كابول
تواصل العائلات الأفغانية محاولاتها اليائسة للوصول إلى مطار حامد كرزاي الدولي في كابول. وحتى الأطفال تدفقوا بين الحشود التي تسعى بكل قواها للهروب في اللحظات الأخيرة من حركة طالبان التي اقتحمت العاصمة.
صورة من: REUTERS
مستقبل غامض أمام الأفغان
كان أمام الأفغان خياران، منذ انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من البلاد، وأحلاهما مر: إما البقاء اعتمادا على قدرة القوات الحكومية على وقف زحف طالبان أو الفرار إلى الدول المجاورة. والآن بعد أن استولت حركة طالبان على العاصمة كابول، بات كثيرون الآن في مأزق، خصوصا مع الغموض الذي يلف المشهد الأفغاني، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث بعد ذلك.
صورة من: REUTERS
حشود غير مسبوقة تتجمع في المطار
المطار الرئيسي في كابول، والذي سمي على اسم حامد كرزاي، أول رئيس تولى السلطة بعد الإطاحة بطالبان، بات مسرحا لحشود يائسة مطلع الأسبوع، يحدوهم الأمل في ركوب الطائرات والفرار من طالبان. وبينما سارعت القوى الغربية لإجلاء مجموعات صغيرة، مؤلفة في معظمها من رعايا تلك الدول، وبعض الموظفين المحليين، تم إيقاف الرحلات الجوية التجارية من وإلى البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
طالبان تستولي على القصر الرئاسي
زحف طالبان الذي تواصل حتى سقوط العاصمة كابول، شهد سيطرة مقاتلي الحركة على القصر الرئاسي يوم الأحد (15 أغسطس/آب). وأظهرت مقاطع فيديو قادة ومقاتلي طالبان جالسين داخل القصر معلنين النصر في حملتهم ضد الجيش الأفغاني.
صورة من: Zabi Karim/AP/picture alliance
الخوف من حكم الإسلامويين
الأنظار تتركز الآن نحو الخطوات القادمة، إذ يخشى كثيرون من الحكم الإسلامي المتشدد لطالبان، رغم أن الحركة أصدرت بيانا زعمت فيه أنها لن تنتقم من الأشخاص الذين ساندوا التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة. خلال حقبة حكم طالبان السابقة، منعت النساء والفتيات من التعليم. والآن سارع السكان في كابول للتصرف قبل فوات الآن، محاولين إخفاء الصور التي قد لا يحبها الأصوليون.
صورة من: Kyodo/picture alliance
عبور الحدود إلى باكستان
وبينما اكتظت الحشود حول وفي داخل مطار حامد كرزاي سعيا منهم للمغادرة، كان هناك آخرون يعبرون الحدود برا باتجاه باكستان. وقال وزير الداخلية الباكستاني الشيخ رشيد أحمد لـDW إن حكومة بلاده أغلقت معبر تورخام الحدودي مع أفغانستان.
صورة من: Jafar Khan/AP/picture alliance
عودة طالبان لم تستغرق سوى أسابيع بعد الانسحاب الأمريكي
الولايات المتحدة وحلفاؤها دخلوا أفغانستان معلنين الحرب، بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001، وأطاحوا بحركة طالبان. ولكن بعد عشرين عاما انهار الجيش الأفغاني بشكل مفاجئ، بعيد انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو.
صورة من: Hoshang Hashimi/AP Photo/picture alliance
قيادة طالبان
الفترة الأولى لحكم طالبان امتدت من عام 1996 إلى عام 2001. وخلالها فرضت الحركة تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية. الحركة تأسست تحت قيادة الملا عمر. أما قائدها الأعلى اليوم فهو هبة الله آخُند زاده. الرئيس المؤسس المشارك الملا بردار، الظاهر في هذه الصورة، يترأس المكتب السياسي للحركة.
صورة من: Social Media/REUTERS
طالبان تنصب رايتها
تقول طالبان إنها مستعدة للسيطرة على البلاد، متعهدة أنها لن تضر بالمدنيين الذين تعاونوا مع القوات الغربية. وأكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، في تصريح أنهم "مستعدون لإجراء حوار مع جميع الشخصيات الأفغانية وضمان الحماية اللازمة لهم". الأمر نفسه أكده الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحفي له من كابول. قد يكون من الصعب تصديق هذا الكلام.
صورة من: Gulabuddin Amiri/AP/picture alliance
خطر على النساء والأطفال
من المرجح أن تعاني النساء والأطفال والأقليات الأخرى بشكل كبير تحت حكم نظام طالبان. فالنساء والفتيات منعن من التعليم خلال الفترة الأولى لحكم طالبان، والذي انتهى بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001.
صورة من: Paula Bronstein/Getty Images
فرار الرئيس غني
هرب الرئيس الأفغاني أشرف غني من البلاد في 15 أغسطس/آب. وصرح بالقول: "كي نتجنب الفيضان النازف، اعتقدت أنه من الأفضل الخروج"، لكنه شدد على أنه سيواصل الكفاح من أجل بلاده.
صورة من: Rahmat Gul/AP Photo/picture alliance
الرئيس السابق كرزاي يدعو للسلام
أنشأ القادة الأفغان مجلسا للقاء طالبان وإدارة نقل السلطة. الرئيس السابق حميد كرزاي، الذي يقود هذا المجلس، قال إن الهدف هو: "منع الفوضى وتقليل معاناة الشعب" وإدارة "انتقال سلمي" للسلطة.
صورة من: Mariam Zuhaib/AP Photo/picture alliance
جلاء الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون
قامت ألمانيا بإرسال طائرات عسكرية للمساعدة في الإجلاء من أفغانستان، بعد أن أغلقت سفارتها في كابول. الأمر نفسه تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، حيث تقوم بإجلاء القوات والدبلوماسيين ومسؤولين آخرين من البلاد.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
احتجاجات في الولايات المتحدة
خرج متظاهرون في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة للاحتجاج أمام البيت الأبيض مطالبين باستعادة السلام في أفغانستان. وقال الأدميرال مايك مولين: إن الولايات المتحدة وحلفاءها "قللوا من شأن تأثير ما تقوم به الحكومة (الأفغانية) الفاسدة".