1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تاريخ ألمانيا: من جمهورية فايمر وحتى صعود النازية (الحلقة 4)

ناجح العبيدي١٣ يونيو ٢٠٠٧

انهارت جمهورية فايمار، أول تجربة ديمقرا طية في ألمانيا، نظرا لأن الكثيرين من الألمان كانوا ينظرون الى الديمقراطية كنظام مفروض من الخارج وهو ما مهد لصعود الحزب النازي وزعيمه هتلر الى سدة الحكم وإقامة نظام ديكتاتوري

الحرب العالمية الثانية تضع أوزارهاصورة من: AP

الحماس الشعبي الذي رافق انتصارات الجيش الألماني خلال الفترة الأولى من الحرب العالمية الأولى سرعان ما تبخر مع تحول العمليات القتالية إلى معارك خنادق دامية وتزايد الشكوك بتحقيق نصر عسكري سريع. والنتيجة كانت تصاعد حدة الاستقطاب السياسي في الجبهة الداخلية واستفحال التناقضات بين القوى السياسية المختلفة. ففي الوقت الذي كانت تطالب فيه القوى اليسارية في البرلمان بإنهاء سريع للحرب وإصلاح جذري للنظام السياسي، كانت القوى اليمينية وبدعم من قيادة الجيش تبشر بتحقيق أهداف الحرب وإبرام سلام يستند على نصر عسكري. غير أن التطورات اللاحقة أثبتت بطلان هذه الأوهام. ففي خريف عام 1918 توصلت قيادة الجيش الألماني بنفسها الى استحالة تحقيق نصر عسكري في الحرب. وانتهت الحرب رسميا باضطرار ألمانيا الى التوقيع على معاهدة فرساي في باريس في 28 حزيران/يونيو 1919 والتي أقر فيها الجانب الألماني بذنب ألمانيا في اندلاع الحرب ومسؤوليتها الوحيدة عن الخسائر والأضرار التي نجمت عنها، إضافة الى تخليها عن أراض واسعة. شروط السلام المجحفة هذه بحق ألمانيا حاولت القوى اليمينية المتطرفة وخاصة النازيون استغلالها لتأليب الرأي العام وتوظيفها لأغراضها السياسية.

نهاية النظام القيصري وإعلان الجمهورية

فيليب شايدمان يعلن الجمهورية الألمانية في برلين في خريف 1919صورة من: dpa

حاولت أخر حكومة للرايخ الألماني بزعامة المستشار ماكس فون بادن التوصل الى سلام مشرف مع الحلفاء. ولكن قيادة البحرية حاولت إحباط ذلك من خلال إصدار الأوامر للسفن البحرية الألمانية بمهاجمة الأسطول البريطاني الأمر الذي أدى الى اندلاع انتفاضة البحارة في ميناء كيل شمال ألمانيا. وتسارعت الأحداث الثورية لتمتد الى العاصمة برلين وبقية أنحاء البلاد وتصب في ثورة نوفمبر التي دقت المسمار الأخير في نعش النظام القيصري. ففي التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1918 أعلن مستشار الرايخ ماكس فون بادن عن تنحي القيصر فيلهم الثاني. وفي نفس اليوم أعلن فيليب شايدمان، أحد قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن قيام الجمهورية الألمانية. وبعدها بيوم شكل فريدريش أيبرت رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي حكومة مؤقتة لما يدعي بممثلي الشعب وذلك بعد أن ضمن دعم قيادة الجيش لقطع الطريق على العناصر الشيوعية التي سعت لإقامة نظام على الطراز السوفيتي.

جمهورية فايمر كأول تجربة ديمقراطية

سميت أول ديمقراطية برلمانية ألمانية بجمهورية فايمر نسبة لمدينة فايمر التي شهدت انعقاد الجلسة الأولى للجمعية الوطنية في 6 شباط/فبراير 1919 وذلك بهدف إعداد دستور ديمقراطي جديد. وإذا كان نشوء هذه الجمهورية يرتبط بالنتائج المباشرة للحرب العالمية الأولى، فإن سقوطها بعد أربعة عشر عاما جاء نتيجة لصعود النازية بقيادة أدولف هتلر.

ويقسم المؤرخون عادة جمهورية فايمر الى ثلاث مراحل. الأولى تمتد منذ التأسيس وحتى عام 1923 والتي تميزت بالعديد من الأزمات السياسية والاقتصادية. فعلى الصعيد السياسي واجهت الديمقراطية الفتية تحديات كثيرة ، أخطرها كانت المحاولات الانقلابية من التيارات اليمينية واليسارية المتطرفة. أما في الجانب الاقتصادي فقد أدى الدمار الناجم عن الحرب والتعويضات المالية الكبيرة التي أجبرت ألمانيا على دفعها للدول المنتصرة الى ظهور تضخم مفرط لم بسبق له مثيل أدى الى انهيار المارك الألماني. وقد أثرت هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة بشكل خاص على الطبقات الوسطى.

سنوات العشرينات الذهبية

ارتبط النجاح في مكافحة التضخم من خلال اعتماد عملة جديدة في أواخر عام 1923 وتقليص تعويضات الحرب وتدفق الكثير من القروض الأمريكية بتحقيق انتعاش اقتصدي ملموس عزز الآمال بالتوصل الى الاستقرار السياسي للبلاد. كما شهدت تلك الفترة تسجيل نجاحات على صعيد السياسة الخارجية والتي ارتبطت باسم وزير الخارجية غوستاف شتريسمان. وتوجت هذه الجهود بتطبيع العلاقات مع فرنسا وانضمام ألمانيا الى عصبة الأمم وإبرام معاهدة الصداقة والحياد مع الاتحاد السوفيتي. غير أن كل هذه التطورات الإيجابية خلال ما يدعى بسنوات العشرينات الذهبية لم تكن سوى مرحلة استقرار نسبي وقصير الأمد لا غير.

انهيار جمهورية فايمر

غوستاف شتريسمان (10/5/1878 - 3/10/1929) من أبرز سياسي جمهورية فايمرصورة من: picture-alliance/dpa

لقد باءت بالفشل جميع المحاولات الرامية الى ترسيخ أسس النظام الديمقراطي على المدى الطويل، خاصة وأن تيارا عريضا في الأحزاب اليمينية كان ينظر الى الديمقراطية كنموذج غريب ومفروض من الخارج من قبل الجانب المنتصر في الحرب. ومما ساهم في فشل التجربة الديمقراطية أيضا هو رفض أوساط سياسية واجتماعية واسعة لأي إقرار بذنب ألمانيا ومسؤوليتها في اندلاع الحرب. فبدلا من استخلاص العبر من هذه التجربة الأليمة راجت نظرية المؤامرة ومحاولات البحث عن كبش فداء لتبرير الهزيمة في الحرب ومنها الدور المزعوم لليهود والماركسيين في طعن الأمة الألمانية وجيشها في الظهر. وقد وفر كل ذلك أرضية خصبة لانتشار الأفكار القومية المتعصبة ومعاداة السامية. وشكلت وفاة السياسي البارز غوستاف شتريسمان في تشرين الأول/أكتوبر عام 1929 بداية النهاية لجمهورية فايمر. وهو ما تزامن مع بداية أزمة الكساد العظيم والتي ضربت الاقتصاد الألماني بشكل خاص وأدت الى تزايد جيش العاطلين من جانب والى تعميق مظاهر التطرف في الصراعات السياسية من جانب آخر.

صعود هتلر ونذر الحرب

قوات الأس أس في استعراض عسكري في 1939 بمناسبة العيد الخمسين لميلاد أدولف هتلرصورة من: dpa

في ربيع عام 1930 انهارت آخر حكومة ائتلافية تستند الى أغلبية في البرلمان. وتعاقبت بعدها عدة حكومات كانت تحكم عن طريق المراسيم الرئاسية أو بواسطة قوانين الطوارئ الأمر الذي أضعف النظام البرلماني. وأدى هذا الضعف بدوره الى تعاظم نفوذ القوى اليمينية واليسارية المتطرفة والمعادية للعمل البرلماني. وقد برز بشكل خاص أدولف هتلر وحزبه الاشتراكي القومي الذي استغل تراجع الثقة بالديمقراطية النيابية للتبشير بفكرة الرجل القوى القادر على حل المشاكل. ورغم أن الحزب النازي خسر في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 1932 أكثر من مليوني صوت مقارنة بالانتخابات السابقة في تموز/يوليو من نفس العام إلا أنه بقى أقوى حزب. وهو ما مكنّ هتلر في نهاية المطاف من تولي منصب المستشار في 30 كانون الثاني /يناير 1933 وذلك بدعم من قبل بعض القوى اليمينية التي توهمت بأنها ستستطيع استغلال هتلر لمآربها الخاصة. وبهذا بدأت هذه الحقبة المظلمة في تاريخ ألمانيا والتي انتهت في أيار / مايو 1945 بسقوط النظام النازي تحت ضربات قوات الحلفاء مخلفا وراءه عشرات الملايين من الضحايا ودمارا لا يوصف.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW