قال وزير الخارجية التايواني جوزيف وو إن زيارته الأوروبية الأخيرة كانت ترمي إلى حشد المزيد من الدعم للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وسط تصاعد التوتر مع الصين. وفي مقابلة مع DW ووسائل إعلام أخرى، قال وو: "سنواصل بذل جهودنا حتى تخرج المزيد من الأصوات الأوروبية لتحذير الصين من أن السلام والاستقرار في   مضيق تايوان  قضية مهمة للغاية". وأضاف وو بأنه يريد "تذكير الأصدقاء الأوروبيين بأن هناك مصالح اقتصادية وثيقة للغاية بين تايوان وأوروبا" وأنه يأمل في أن "تفهم الدول الأوروبية التأثير المحتمل على الساحة العالمية لأي عدوان يستهدف  تايوان".

وردا على سؤال عما يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي لردع أي عدوان صيني محتمل ضد تايوان، قال وو إن التصريحات الأوروبية الأخيرة كانت "بادرة قوية" في إشارة إلى التأكيد الذي صدر عن الجانب الأوروبي بشأن أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان والتحذير ضد أي تغيير أحادي الجانب للوضع الراهن. وقال الوزير التايواني "إذا تكرر  (هذا التحذير) بنفس المستوى من القوة، فأعتقد أن ذلك سيحذر الصين من أن عدوانها على تايوان لن يلقى ترحيبا أوروبيا". وفيما يتعلق بزيارة وو إلى أوروبا، حذرت  الصين، التي تعتبر تايوان جزءا من البر الصيني، مسؤولي الاتحاد الأوروبي من عقد اجتماعات مع وزير خارجية تايوان. الجدير ذكره أنه ليس لتايوان علاقات دبلوماسية رسمية مع الاتحاد الأوروبي، لكن التكتل يسعى لإنشاء "علاقات ودية" مع حكومة تايوان.

وفي جوابه على سؤال بشأن زيارة وو، قال المتحدث باسم   المفوضية الأوروبية  للصحفيين الجمعة الماضية إن "ليس في وضع يسمح له تأكيد حدوث أي اجتماع رسمي بين ممثلي مؤسسات الاتحاد الأوروبي والضيف التايواني".

حياد أوروبا؟

وكانت الحكومة الصينية قد ذكرت أنها تريد "إعادة التوحيد" مع تايوان بشكل سلمي، لكن وزير الخارجية الصيني تشين قانغ حذر مؤخرا من أن بلاده "ستحتفظ بخيار اتخاذ كافة التدابير الضرورية" بحجة أنه لا يحق لأي دولة أخرى "التدخل" في "مسألة تايوان". في المقابل، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن تايوان يمكنها الاعتماد على دعم القوات الأمريكية في حالة وقوع "هجوم صيني غير مسبوق"، بيد أن خبراء طرحوا سؤالا مهما مفاده: ماذا سيكون رد الفعل الأوروبي في هذه الحالة؟

وفي السياق ذاته، أظهر استطلاع نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في وقت سابق من الشهر الجاري حزيران/ يونيو أن غالبية الأوروبيين يرغبون في بقاء بلدانهم على الحياد في حالة اندلاع صراع بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان. وكشف الاستطلاع عن أن 60 بالمائة من الألمان الذين شملهم الاستطلاع يفضلون الحياد مقارنة بـ 23 بالمائة يرغبون من أن تقدم ألمانيا على دعم الولايات المتحدة.

وفي تعليقه على نتائج الاستطلاع، قال وو إن الدول الأوروبية تفكر منذ وقت طويل في "انتهاج الحياد الاستراتيجي في الشؤون الدولية، لكن هذا الأمر قد يتغير مع تطور الأحداث. فعندما يناقش المجتمع الدولي المبادئ الدولية الأساسية، أعتقد أنه سيكون من الصعب جدا على  أوروبا  القول بأن الأمر لا يُهمها". ورغم ذلك، أقر الوزير التايواني بصعوبة محاولات إقناع أوروبا تقديم مزيد من الدعم إلى تايوان.

توطيد التعاون مقابل الرقائق

وتسعى تايوان إلى إتمام إبرام اتفاقية استثمار ثنائية محتملة مع الاتحاد الأوروبي في ظل العلاقات التجارية المستقلة بين الجانبين بفضل أن تايوان عضو مستقل عن الصينفي منظمة التجارة العالمية. وقال وو إنه "قلق للغاية" بشأن مصير اتفاق استثماري محتمل بين بلاده والاتحاد الأوروبي، مضيفا أن الاتفاق "جرى احتجازه كرهينة" في الوقت الذي تدرس فيه المفوضية الأوروبية المضي قدما في الاتفاقية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي والصين بشأن الاستثمار والمجمدة منذ عام 2021. وأضاف: "إذا نظرنا إلى الشق الاقتصادي على ضوء الارتباط الوثيق بين تايوان والاتحاد الأوروبي، فأعتقد أن الاتحاد يحتاج إلى إيجاد بديل لتقوية العلاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية بدلا من التورط في مستنقع الاتفاقية الشاملة مع الصين".

وفي حديث مع DW، نفى مسؤول أوروبي وجود "أي ارتباط" بين القضيتين فيما أكدت المتحدثة في المفوضية الأوروبية ميريام غارسيا فيرير إن تايوان تعد "شريكا اقتصاديا مهما في المنطقة". وفي مقابلة مع DW، قالت فيرير إن الجانبين يجريان مباحثات اقتصادية بشكل منتظم، لكنها أوضحت "إن التفاوض على إبرام اتفاقية استثمار ثنائية مع تايوان ليس وشيكا في الوقت الراهن". ولم يحرز الجانبان أي تقدم رسمي بشأن الاتفاق منذ أدرج التكتل الأوروبي  تايوان في قائمة الشركاء الذين سوف تستكشف معهم بدء المفاوضات عام 2015.

لا اعتراض تصنيع الرقائق في ألمانيا

تشير تقديرات الاتحاد الأوروبي إلى أن جزيرة تايوان تنتج 90 بالمائة من أشباه الموصلات الأكثر تقدما في العالم، وهذا أمر ضروري لصناعات كثيرة بداية من صناعة السيارات الكهربائية وحتى الأجهزة الطبية. وإزاء ازدياد المخاوف من غزو صيني للجزيرة، يسعى الاتحاد إلى تعزيز صناعة الرقائق الإلكترونية داخل التكتل، إذ وافق على خطة لدعم هذه الصناعة بقيمة 47 مليار دولار.

يتزامن هذا مع مساعي شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات تي اس م سي "TSMC" إلى إنشاء أول مصنع أوروبي في ألمانيا. وردا على سؤال عما إذا كانت تايوان سوف تسعى لتحقيق  مكاسب سياسية  قبل إعطاء موافقتها على إنشاء المصنع، قال وو: "لا أعتقد أننا وضعنا أي شروط سواء في حالة الاستثمار في الولايات المتحدة أو في اليابان أو في أوروبا. إذا قدمت أوروبا حوافز إيجابية وأجرت مفاوضات مع الشركة بطريقة من شأنها أن تجعلها تشعر بالراحة بأن استثماراتها في أوروبا ستحقق نتائج إيجابية للغاية، فمن المؤكد أن استثماراتها لن تتوقف بسبب الحكومة."

ورغم ذلك، سلط وو الضوء على أهمية تعزيز العلاقات الثانية، مضيفا: "عندما تعاني دولة ما من نقص في رقائق الكومبيوتر، فإنها سوف تطلب المساعدة من تايوان."

الالتزام بسياسة "الصين الواحدة"

وأكد مسؤولو الاتحاد الأوروبي على استمرار سياسية "صين واحدة" إذ قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية في مقابلة مع DW إن التكتل "يعترف بحكومة جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين (كلها)". وأضاف "نتعامل مع تايوان   كشريك اقتصادي  وشريك ذو تفكير متشابه في المنطقة، لكن دون الاعتراف بها كدولة".

روزي برشارد / م. ع