تباطؤ في اقتصاديات الخليج وفشل في التخلي عن العمالة الأجنبية
أوضح مسح لأراء سبعة محللين اقتصاديين أن النمو سيتراجع قليلا في كبار منتجي الطاقة وهم السعودية والكويت وقطر والإمارات مع استقرار انتاج وأسعار النفط بعد نمو قوي في 2005. وحتى بالنسبة للاقتصاديات التي يتوقع لها التباطؤ في 2006 تتراوح التوقعات من 4.2 بالمئة للكويت الى 7.9 بالمئة لقطر. وقال تريستان كوبر نائب رئيس موديز لخدمة المستثمرين "بوجه عام التوقعات لدول الخليج ايجابية جدا." وسيكون التباطؤ أكثر حدة في الاقتصاديات الأكبر. ووفقا لمتوسط التوقعات في المسح الذي جري في الرابع والخامس من يناير /كانون الثاني فسيتراجع نمو اقتصاد الإمارات الى 5.8 بالمئة في 2006 من نسبة مقدرة بواقع 6.9 بالمئة في 2005 .وأظهر المسح أن النمو في السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم سيكون 4.9 بالمئة في 2006 انخفاضا من 6.1 بالمئة في 2005.
النفط عماد الاقتصاد
قال سايمون وليامز الاقتصادي البارز في نشرة ايكونوميست انتيلجنس يونيت في لندن ان القطاع غير النفطي سيكون المحرك الرئيسي للنمو عبر المنطقة. وقال "قطاع الطاقة سيكون عبئا على الاقتصاد لكن الفرص قوية للقطاع غير النفطي. والكثير منها سيقوده الاستثمار." وتابع "سنرى الإيرادات الضخمة التي تم توليدها في 2005 وبدرجة أقل في 2004 و2003 تواصل تغذية اقتصاديات الخليج." وتضخ الحكومات إيرادات النفط القياسية في مشروعات بنية تحتية هائلة فيما يفوز القطاع الخاص بعقود مربحة. وتغذي تلك الأموال طفرة في قطاع العقارات وأسواق الأسهم التي شهدت ارتفاع المؤشرات في بورصتي السعودية ودبي الى المثلين العام الماضي. لكن هذا النمو السريع يحمل في طياته مخاطر. وقال كوبر "عوامل المخاطرة الرئيسية هي التضخم وفقاعات الأصول التي شهدناها في أسواق العقارات والأسهم. لقد أشرنا الى هذا الخطر في معظم دول الخليج لكن بوجه خاص في الإمارات وقطر والسعودية."
العمالة الأجنبية
لقد حولت الثروة النفطية مراكز سكنية صغيرة مثل جدة ودبي والدوحة الى مدن حديثة مثل المدن الأمريكية تنتشر فيها المراكز التجارية والمطاعم والطرق السريعة والمباني الإدارية والفنادق. لكن هذه المباني العالية التي تغطي الأفق بنتها عقول وسواعد مستوردة من دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا والهند. ومازال هدف دول الخليج المتمثل في إحلال مواطنيها محل العمالة الأجنبية بعيد المنال. وفي دبي يعمل فلبينيون في متاجر السوبر ماركت وسريلانكيون في المطاعم ويسيطر المغتربون العرب على صناعة الإعلام ويعمل أجانب في الجامعات. وللمسافرين الى دبي تعتبر اللغة الإنجليزية أو الهندية أكثر فائدة من العربية لان مواطني الإمارات يمثلون خمس السكان فقط. وقالت مي يماني الخبيرة في شؤون المنطقة بالمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن ان دول المنطقة لم تنجح في إحلال العمالة المحلية محل العمالة المستوردة بصفة عامة لأسباب منها ان المغتربين يقبلون أجورا أقل.
السعودية ومحاولة "السعودة"
السعودية كانت أولى الدول التي سعت لإبدال العمالة قبل نحو ربع قرن. ويتذكر أحد قدامى المغتربين أن حملة "السعودة" بدأت عام 1980 بهدف إخراج العاملين الأجانب من شركته في غضون خمس سنوات. ولا يمكن أن تنجح مثل هذه الخطط الا اذا كان الموظفون الجدد مدربين ولديهم حافز للعمل. الا أن الحكومات مالت لاستخدام دخلها الكبير من النفط في الحفاظ على قوة العمل المحلية في مراكز وظيفية بمرتبات عالية. ومن المعروف أن النمو السكاني السريع يعني أن الحكومة لن تتمكن على الدوام من حل مشاكلها بإغداق المال على مواطنيها. ولذلك عملت الحكومة في السنوات الماضية بجد على زيادة انفاقها على خطط التدريب والدعم لتشجيع الشركات على توظيف السعوديين. لكن منتقدين يقولون ان هذه الحملة لا تعالج المشكلة الحقيقية. وقليلون من أبناء البلد من يقبلون ترك منصب حكومي من أجل وظيفة في القطاع الخاص بدخل وأمان وظيفي ومكانة أقل. وسرعان ما يشعر العديد من الموظفين الجدد من المواطنين بخيبة أمل لأنهم يفتقرون إلى المهارات التي تساعدهم في الارتقاء الى منصب يطمحون اليه. واستهدفت الحكومة قطاعات معينة "لسعودتها" من سائقي سيارات الاجرة الى وكلاء السفر لكنها حققت نجاحا محدودا واضطر وزير العمل غازي القصيبي الى تمديد أكثر من مهلة لإنهاء العمالة الأجنبية في هذه المجالات.
بعض المراقبين يرى أن الثروة النفطية تسمح للحكومات بتجنب تطبيق السياسات التي قد تدفع المواطنين من غير ذوي المهارات الى العمل. ويقال انه في الدول التي تتناقص فيها احتياطيات النفط مثل عمان والبحرين تحقق برامج إحلال العمالة المحلية محل المغتربين نجاحا. ولم تحقق الكويت وقطر والإمارات التي يرتفع فيها نصيب الفرد من الدخل النفطي نجاحا أفضل مما حققته السعودية.