تباين في آراء أحزاب ألمانية إزاء التعامل مع تهديدات أردوغان
٢٤ أكتوبر ٢٠٢١
بعد إعلان تركيا السفير الألماني ضمن الأشخاص غير المرغوب فيهم، انتقد حزب البديل اليميني سياسة برلين تجاه أردوغان، فيما دعا القيادي في حزب الخضر جيم أوزدمير إلى مواصلة الحملة من أجل إطلاق سراح المعارض التركي عثمان كافالا.
إعلان
قال بيتر بيسترون، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب البديل في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني "بوندستاغ" اليوم (الأحد 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) إن "الرئيس (رجب طيب) أردوغان يتخذ إجراء طارئا بسبب التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده... بطرد السفير الألماني ستزداد الهوة في العلاقة بينأنقرة وبرلين، قد تتباهى خلالها أنغيلا ميركل بأن حكومتها كان لها 'علاقة خاصة' مع تركيا".
ويذكر أن أردوغان أعلن السفير الألماني وتسعة سفراء آخرين على أنهم أشخاص غير مرغوب فيهم في بلاده. وكان هؤلاء السفراء دعوا لإطلاق سراح رجل الأعمال التركي والداعم الثقافي عثمان كافالا.
يشار إلى أن كافالا (64) يقبع في الحبس الاحتياطي بإسطنبول منذ عام 2017 على الرغم من أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أمرت بإطلاق سراحه في عام 2019. وقال بيستورن "السعي لإطلاق سراح أشخاص تم سجنهم ظلما هو هدف جدير بالثناء"، ولكنه أشار إلى أنه إذا كان الأمر يتعلق بإطلاق سراح كافالا، لكان هناك قنوات دبلوماسية لذلك، وقال "ولكن الخارجية الألمانية لا تمارس سوى نشاطا استعراضيا بدلا من الدبلوماسية".
وتابع السياسي بحزب البديل الألماني "من خلال هذه التدخلات لن تحقق برلين وبروكسل سوى مزيد من التردي في العلاقات مع تركيا. هذا ليس من مصلحة البلاد".
وكانت نائبة رئيس بوندستاغ، كلاوديا روت المنتمية لحزب الخضر، دعت للتصدي لأردوغان بشكل أقوى، وقالت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن "إجراءات أردوغان اللاأخلاقية ضد منتقديه" سوف تتزايد بقوة، وأضافت "من الضروري للغاية الوقوف أمام النهج الاستبدادي دوليا، والسماح بعقوبات اقتصادية ووقف صادرات الأسلحة، طالما يتم انتهاك الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون".
من جهته، طالب الرئيس الأسبق لحزب الخضر جيم أوزديمير وهو تركي الأصل، الغرب إلى مواصلة بذل الجهود من أجل إطلاق سراح عثمان كافالا. وفي مقابلة مع صحف مجموعة فونكه الإعلامية اليوم الأحد، قال أوزديمير "يجب على الاتحاد الأوروبي وشركائه الكفاح حتى يتم في النهاية إطلاق سراح كافالا وكل الأبرياء المسجونين في تركيا".
وأعرب اوزديمير عن اعتقاده بأن تهديد أردوغان بطرد السفراء ينم عن ضعف على مستوى السياسة الداخلية في تركيا "فأردوغان يحاول من خلال ذلك صرف الأنظار عن أكبر مواضع ضعفه في السياسة الداخلية ألا وهو الوضع الاقتصادي". وطالب أوزديمير الدول المعنية بأن ترد بشكل مشترك على ما أعلنه اردوغان:" إذ لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعزز القوى الديمقراطية في تركيا إلا من خلال نهج صارم في مواجهة الاستغلال المفرط والخطير من قبل أردوغان للديمقراطية وسيادة القانون".
وكانت دوائر في وزارة الخارجية الألمانية قالت السبت إنّ الوزارة تتشاور حاليا مع الدول التسع الأخرى، التي أعلن الرئيس التركي، أن سفراءها "أشخاصا غير مرغوب فيهم"، لدعوتهم للإفراج عن رجل الأعمال التركي عثمان كافالا.
وحسب هذه الدوائر فإن الخارجية الألمانية ذكرت أنها "أخذت علما بتصريحات الرئيس التركي والتغطية الإعلامية حولها وأنها تتشاور حاليا بشكل مكثف مع الدول التسع الأخرى".
ح.ز/ م.س (د.ب.أ ، س.إ.د)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP