أسماء أفارقة بدلًا من مستعمرين- برلين تعيد تسمية شارع وساحة!
٣ ديسمبر ٢٠٢٢
أعادت مدينة برلين تسمية شارع وساحة في "الحي الإفريقي" من أسماء مستعمرَين ألمانيين إلى مقاومين إفريقيين للاستعمار، في إطار جهود للاعتراف بـ"مدى ثقل الماضي الاستعماري". واعتبرت أطراف أفريقية الخطوة "بالغة الأهمية".
إعلان
طوت مدينة برلين الجمعة (الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2022) جزءًا من صفحة تاريخها الاستعماري، إذ أعادت تسمية ساحة وشارع بأسماء مقاتلين أفارقة بعدما كانا يحملان اسمَي مستعمرَين ألمانيَين. وقالت رئيسة دائرة ميتي (وسط) في برلين ستيفاني ريملينغر المؤيدة لحزب الخضر: "لقد استهنا لفترة طويلة في ألمانيا بمدى ثقل ماضينا الاستعماري وقللنا من حجم الظلم والجرائم التي ارتُكبت" في تلك الحقبة.
خلال مراسم نُظّمت لتغيير الأسماء في قلب "الحي الإفريقي" في العاصمة الألمانية، دعت ريملينغر إلى "النظر ليس فقط إلى الماضي، بل أيضًا إلى المستقبل"، لا سيّما من خلال تحسين تدريس الاستعمار الألماني في المدارس. ولطالما شهد "الحيّ الإفريقي" في برلين على انعدام التطرّق إلى المظالم التي ارتُكبت. فقد تشكّل الحي في مطلع القرن العشرين في وقت كانت ألمانيا تحكم على إمبراطورية استعمارية كبيرة قبل أن تخسرها في نهاية الحرب العالمية الأولى.
وبعد سنوات من احتجاج جمعيات إفريقية مختلفة، تحوّلت ساحة "ناشتيغال" الجمعة إلى ساحة "مانغا بيل". ولعب المستكشف الألماني غوستاف ناشتيغال دورًا رئيسيًا في القرن التاسع عشر في تأسيس المستعمرات الألمانية في غرب إفريقيا وتوغو والكاميرون وجنوب غرب إفريقيا(ناميبيا)، وهي أراض تمّ غزوها بأساليب عنيفة.
والجمعة، تمّ محو اسمه عن ساحة أصبحت تحمل اسم مانغا بيل، تكريمًا للزوجين الملكيَين لشعب الدوالا في الكاميرون ايميلي ورودولف مانغا بيل. وكان رودولف مانغا بيل رئيس المقاومة ضدّ طرد الدوالا من منازل أجدادهم. وأُعدم في العام 1914.
وأكّد السفير الكاميروني لدى ألمانيا فيكتور ندوكي خلال المراسم أن "افتتاح هذه الساحة ... يُنصف مانغا بيل بعد 108 أعوام على إعدامه في دوالا". وخلال مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال الملك جان-ايف ايبومبو دوالا مانغا بيل، وهو من أحفاد الزوجين مانغا بيل، وجاء خصيصًا من الكاميرون من أجل المناسبة في برلين، إن هذه المراسم تشكّل "رمزًا بالغ الأهمية للاعتراف به". إلى جانبه الأميرة ماريلين دوالا مانغا بيل، وهي ابنة حفيدة رودولف، التي اعتبرت أن هذا التغيير للاسم سيسمح بـ"زيادة الوعي لدى الشعب الألماني والشباب الألماني عندما لم يكن هؤلاء الشباب قد وُلدوا بعد".
وعلى بعد بضع مئات الكيلومترات من ساحة مانغا بيل، أُعيدت تسمية شارع "لودريتز" باسم "كورنيليوس فريديريكس" الذي كان مقاومًا من شعب الناما في وجه الاستعمار الألماني في ناميبيا وتوفي في معسكر في العام 1906. كان أدولف لودريتز، وهو تاجر متحدّر من مدينة بريمن، يُعرف بأنه "رائد في الاستعمار" و"مؤسس المستعمرة الألمانية الإفريقية في الجنوب الغربي". وهو متّهم الآن بخداع شعب ناما في نهاية القرن التاسع عشر بشراء أراضيهم مقابل ثمن زهيد.
اتفاقية المصالحة مع ناميبيا
01:19
خلال المراسم، شدّد سفير ناميبيا مارتن أندجابا على أن تغيير اسم الشارع هو "أداة مصالحة للجيل الحالي والجيل المقبل". وقال: "إن النظر في الإرث الاستعماري لا يجب أن يفرقّنا بل يجب أن يقرّبنا"، ضاربًا مثل مدينتَي لودريتز، وهما مدينتان تحملان الاسم نفسه في ألمانيا وناميبيا. في ناميبيا، كانت ألمانيا مسؤولة عن مجازر بحق عشرات الآلاف من الأشخاص المنتمين إلى شعوب هيريرو وناما الأصليين، بين عامي 1904 و1908.
العام الماضي، بعد مفاوضات شاقّة وطويلة، أعلنت برلين أنها اعترفت بارتكاب "إبادة" في هذه المنطقة التي استعمرتها بين عامي 1884 و1915 ووعدت بتقديم مساعدات تنموية ستفيد أحفاد القبيلتين. الشهر الماضي، طلبت ناميبيا إعادة التفاوض على شروط الاتفاقية. رغم المراسم التي أُقيمت الجمعة، لا تزال هناك بقايا أخرى من الاستعمار في برلين، مثل "شارع موهرن" أو "شارع الزنوج" في قلب الحي التاريخي للعاصمة.
منذ 25 عامًا، تطالب جمعيات تمثّل مجتمع السود بتغيير اسم هذا الشارع. وافقت السلطات المحلية على تغيير الاسم في العام 2021، لكن قُدّمت شكوى ضدّ هذه الخطوة، وبدأت إجراءات قانونية منذ ذلك الحين.
م.ع.ح/ع.ج.م (أ ف ب)
ألمانيا الإفريقية ـ تاريخ استعماري مظلم لا بد من كشفه
ربما يعرف القليلون أن لألمانيا ماضيا استعماريا، وخصوصا في القارة الإفريقية. المتحف التاريخي في برلين يستضيف وللمرة الأولى معرضاً يكشف فصولاً مؤلمة من تاريخ ألمانيا الاستعماري.
صورة من: public domain
"مستقبلنا على الماء"
في عهد المستشار أوتو فون بيسمارك، تأسست الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية على الأراضي التي تدعى في يومنا الحاضر: ناميبيا، كاميرون، توغو، وأجزاء من تنزانيا وكينيا. سعى الإمبراطور ويليام الثاني، الذي توج في عام 1888 إلى توسيع المستعمرات من خلال إنشاء أساطيل جديدة، الظاهرة في الصورة. فقد أرادت الإمبرطورية الألمانية (مكاناً لها في الشمس)، كما أعلن المستشار برنارد فون بولوف في عام 1897.
صورة من: picture alliance/dpa/K-D.Gabbert
المستعمرات الألمانية
كانت معظم المستعمرات تتمركز في منطقة المحيط الهادئ (شمال غينيا الجديدة، أرخبيل بيسمارك، جزر مارشال وسليمان، ساموا) وفي الصين. حدد المؤتمر الذي عقد في بروكسل عام 1890 ضم مملكتي رواندا وبوروندي إلى الإمبراطورية الألمانية في شرق أفريقيا الألماني. وفي نهاية القرن التاسع عشر كانت المستعمرات الألمانية في أوجها.
صورة من: picture-alliance / akg-images
العنصرية
كان البيض يشكلون أقلية ذات امتيازات عالية في المستعمرات، أقل من 1% من السكان. عاش حوالي الـ 25 ألف ألماني في المستعمرات في عام 1914، أقل من نصفهم بقليل في جنوب غرب أفريقيا الألمانية. أعتبر الـ13 مليون من السكان الأصليين على أنهم أتباع مجردين من حقوقهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/arkivi
الإبادة الجماعية الأولى في القرن العشرين
تعتبر الإبادة الجماعية ضد هيريرو وناما في جنوب غرب أفريقيا الألماني ( ناميبيا في الوقت الحاضر)، من أخطر الجرائم في تاريخ ألمانيا الاستعمارية. هرب معظم ثوار هيريرو خلال معركة واتربيرغ في عام 1904 عبر الصحراء، حيث قطعت القوات الألمانية وصولهم إلى المياه بشكل ممنهج. قدر عدد الذين لقوا حتفهم هناك ما يفوق الـ 60 ألف من السكان الأصليين.
صورة من: public domain
الجريمة الألمانية
لم ينج سوى ما يقارب الـ 16 ألف شخصاً من الهيريرو من الإبادة الجماعية، إلا أنهم احتجزوا في معكسرات اعتقال حيث مات منهم الكثير. وما زال العدد الحقيقي للضحايا يشكل نقطة جدلية. كم من الوقت نجوا بعد هروبهم عبر الصحراء بالرغم من نحولهم؟ بجميع الأحوال، فقدوا كل ممتلكاتهم الشخصية وسبل العيش وأية تطلعات مستقبلية.
صورة من: public domain
حرب استعمارية مع عواقب قريبة المدى
تصاعد تحالف من المجموعات العرقية ضد الحكم الاستعماري في شرق أفريقيا الألمانية. وقدر عدد الذين ماتوا في ثورة ماجي ماجي بـ 100 ألف شخص. بالرغم من تجنب مناقشتها أو ذكرها فيما بعد بألمانيا، إلا أنها تشكل جزءً هاماً من تاريخ تنزانيا.
صورة من: Downluke
الإصلاحات 1907
في أعقاب الحروب الاستعمارية، أعيدت هيكلة الإدارة في المستعمرات الألمانية بهدف تحسين شروط المعيشة. عُيّن رجل الأعمال الناجح برنارد ديرنبرغ وزيراً لشؤون المستعمرات في عام 1907 الذي قدم مجموعة من الإصلاحات في السياسات الاستعمارية لألمانيا.
صورة من: picture alliance/akg-images
علوم ومستعمرات
جنباً إلى جنب مع إصلاحات ديرنبرغ، أنشئت المؤسسات العلمية والتقنية للتعامل مع القضايا الاستعمارية وأسست الكليات في الجامعات التي تعرف اليوم بـ جامعة هامبورغ وجامعة كاسل. حضّر روبرت كوخ بعثة علمية إلى شرقي أفريقيا في عام 1906. في الصورة أعلاه تظهر العينات المجهرية التي جمعت هناك.
صورة من: Deutsches Historisches Museum/T. Bruns
خسارة المستعمرات
بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وقعت ألمانيا معاهدة السلام في مؤتمر فرساي عام 1919 التي تنص على أن البلاد تتخلى عن سيادتها في مستعمراتها. تظهر الملصقات الظاهرة في الصورة مخاوف ألمانيا من تبعات الخسارة: ضعف القوة الاقتصادية والفقر والحياة البائسة في الوطن.
صورة من: DW/J. Hitz
الطموحات الإستعمارية للرايخ الثالث
عادت الطموحات الاستعمارية بالظهور في عهد النازيين، ولا تقتصر على تلك المنصوص عليها في (الخطة الرئيسية للشرق) التي تمثلت بالإبادة الجماعية والعرقية في وسط وشرق أوروبا. وهدف النازييون أيضاً لاستعادة المستعمرات التي خسروها في أفريقيا، كما توضح هذه الخريطة المدرسية من عام 1938. كانت المستعمرات لتوفير الموارد اللازمة لألمانيا.
صورة من: DW/J. Hitz
نهج شائك
تدخل المفاوضات من أجل الاعتراف بالإبادة الجماعية في هيريرو وناما مرحلة صعبة. في حين تماطل ألمانيا فيما يتعلق بالتعويض المالي، هناك تخاذل أيضاً في البنية السياسية في نامبيا. رفع ممثلوا هيريرو مؤخراً شكوى رسمية للأمم المتحدة اعتراضاً على إقصائهم من المفاوضات الحالية. جوليا هيتز/ ريم ضوا.