اهتز الرأي العام الألماني والأمريكي بجريمة بشعة راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 20 عاما، يحمل على وجهه ندوبا غائرة بعد تدخله لحماية سيدتين من تحرش شابين في قطار بمدينة دريسدن الألمانية. فما التفاصيل؟
قالت الشرطة إن الهجوم وقع عندما تدخل الرجل لمنع رجلين من مضايقة نساء في الترام، وتعرض للهجوم من قبل أحد الجانيين، الذي لاذ بالفرار.صورة من: Sebastian Kahnert/dpa/picture alliance
إعلان
أطلقت حملة تبرعات لصالح الشاب الأمريكي جون رودات البالغ من العمر 20 عاما، والذي تعرض لهجوم طعن في ترام بمدينة دريسدنشرقي ألمانيا. وتهدف الحملة إلى تغطية تكاليف علاجه، وفقا لمنصة "GoFundMe" الإلكترونية، التي أطلقتها صديقة شقيق الضحية، وقد تجاوز المبلغ المتبرع به إلى حدود الآن أكثر من 45 ألف دولار.
وأعلنت الشرطة الألمانية أمس الاثنين 25 أغسطس/ آب 2025 أن الشاب الأمريكي أصيب في وجهه خلال هجوم طعن في ترام مساء السبت الماضي، ولا يزال في المستشفى، ولا تهدد إصابته حياته. وقالت الشرطة إن الهجوم وقع عندما تدخل الرجل لمنع رجلين من مضايقة نساء في الترام، وتعرض للهجوم من قبل أحد الجانيين، الذي لاذ بالفرار.
وكان الشاب الأمريكي قد أكمل مؤخرا تدريبه كمسعف، وعمل مساعد إنقاذ على مدار الثمانية عشر شهرا الماضية. وأشارت حملة التبرعات إلى أنه يواجه الآن تحديات في التعافي، جسديا ونفسيا وماليا.
الضحية: "أحمل هذه الندبة بفخر"
صرح الشاب الأمريكي المصاب جوناثان رودات خلال حديثه لصحيفة "Tag24" الألمانية قائلا: "كنت في طريقي إلى النادي مع صديقين. في القطار، "تحرش شاب بسيدة ولمسها وصرخ في وجهها بصوت عال. ثم دفعها الشاب السوري، مجد د. البالغ من العمر 21 عاما، فصرخت طلبا للمساعدة، فتدخلت".
ركله أحد المعتدين ولكمه، ثم طعنه الآخر في وجهه ثلاث مرات على الأقل بسكين طوله حوالي 15 سم. قُطع أنف جون إلى نصفين. ولا يزال الجاني هاربا، إذ لم تتمكن الشرطة من القبض عليه بعد.
رغم إصاباته الخطيرة، يقول جون إنه لن يتردد في تكرار موقفه، خلال حديثه مع صحيفة "تاغ24". وأضاف: "أحمل هذه الندبة بفخر، سأكرر موقفي في أي وقت، مهما كان لون بشرة الشخص التالي".
إعلان
جون يعلق على مشكل الهجرة
تحدث الشاب الأمريكي في فيديو نشره على صفحته الخاصة على إنستغرام حول مشكلة الهجرة في ألمانيا. وقال "إذا كان بإمكانهم فعل هذا بالألمان ثم إطلاق سراحهم ببساطة، فأين القانون؟".
وتناولت صحف ألمانية كثيرة محتوى الفيديو، منها صحيفة فوكوس الألمانية، التي أشارت إلى أن الشاب المصاب بجروح بليغة، قال إن "المهاجم مهاجر غير شرعي، وتاجر مخدرات معروف جدا هنا، وخاصة بين أفراد الشرطة. إنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا. كما أنها ليست المرة الأولى التي يتم خلالها الاعتداء على امرأة بالضرب".
أين وصلت التحقيقات؟
بعد الاعتداء، احتجزت الشرطة شابا سوريا يبلغ من العمر 21 عاما على صلة بالقضية اسمه مجد د.، ولكن تم إطلاق سراحه بعد أن قرر الادعاء العام في دريسدن عدم وجود أسباب لاعتقاله لأنه لم ينفذ الهجوم. وتجري السلطات تحقيقات ضده وضد المشتبه به الآخر، الذي لم تحدد هويته بعد، بتهم تشمل الإيذاء البدني الخطير.
يبحث المحققون عن شهود، خاصة من بين الركاب الذين كانوا على متن الترام. وذكرت صحيفة "بيلد"، نقلا عن متحدث باسم الشرطة، أن الشاب المعتقل البالغ من العمر 21 عاماً قد أُفرج عنه لأن هذا كان قرار مكتب المدعي العام.
وصرح المدعي العام الأول، يورغن شميدت، للصحيفة قائلا: "بحسب تقييم المدعي العام المناوِب، لم تكن هناك أسباب كافية للاحتجاز. ولا يمكن نسب الهجوم بالسكين إليه". ووفقاً لصحيفة "بيلد"، لم يرَ المدعون أي فرصة لإصدار مذكرة توقيف بحق الرجل المعتقل، فالرجل لديه إقامة دائمة، ورغم مغادرته مسرح الجريمة، لا يوجد خطر واضح منه.
ألمانيا و"لاجئوها" ـ أبرز الأحداث منذ اعتداء زولينغن
أحيت ألمانيا الذكرى الـ 25 لاعتداء الحرق بمدينة زولينغن، الذي استهدف منزل عائلة ذات أصول تركية وأسفر عن مقتل خمسة من أفرادها وجرح أربعة. بيد أنه لم يكن الاعتداء الوحيد الذي شهدته ألمانيا في العقود الأخيرة ضد الأجانب.
صورة من: Imago/Tillmann Pressephotos
اعتداء زولينغن الرهيب
بحضور المستشارة ميركل ووزير الخارجية التركي، أحيت ألمانيا الذكرى 25 لاعتداء زولينغن الرهيب الذي راح ضحيته خمسة أشخاص من عائلة ذات أصول تركية وهم امرأتان وثلاث فتيات. ففي 29 من مايو/ أيار أضرم أربعة شبان النيران في منزل العائلة. وتبين فيما بعد أنهم على صلة باليمين المتطرف.
صورة من: dpa
نصب تذكاري
وتمّ تشييد نصب تذكاري في مكان الاعتداء كتبت عليه أسماء الضحايا. وبمنسبة الذكرى الـ25، اعتبر رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت الاعتداء بأنه الأسوأ في تاريخ المدينة منذ الحرب العالمية الثانية كما حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من خطر اليمين المتطرف في البلاد، مشددا أن "واجب الابقاء على ذكرى الضحايا (زولينغن) مسؤوليتنا جميعا".
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
مقتل شاب جزائري
في نهاية عام 1999 طارد عدد من الشبان المتطرفين أفارقة داخل مركز مدينة غوبين بولاية برادنبورغ بشرق البلاد. وأسفر ذلك عن مقتل شاب جزائري.
صورة من: picture-alliance/dpa/Patrick Pleul
قنبلة مسامير تنفجر في شارع الأتراك بكولونيا
في شارع كويبشتراسه بكولونيا (كولن)، الذي يسكنه عدد كبير من الأتراك، انفجرت قنبلة مسامير شديدة الانفجار أصابت 22 شخصا إصابات خطيرة. واستبعدت التحقيقات التي استمرت أزيد من عشر سنوات، في بادئ الأمر خلفيات عنصرية وراء الاعتداء ليتضح فيما بعد أن خلية "إن إس يو NSU" اليمينية المتطرفة هي من نفذته.
صورة من: DW/A. Grunau
خلية "إن إس يو"
كانت هذه الخلية تضم ثلاثة عناصر نفذوا إلى جانب اعتداء كولونيا اعتداءات أخرى في ألمانيا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص (أتراك ويونانيين) إضافة إلى شرطي ألماني. ومنذ خمس سنوات تتواصل جلسات محاكمة "بيآته تشيبه" العنصر الوحيد المتبقي على قيد الحياة ضمن المجموعة المتطرفة، غير أن الأخيرة تلوذ الصمت ولم تدل بأي معلومات حول عمل الخلية.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kneffel
موظف يضرم النيران من مسكن للاجئين
في فبراير من 2015، قام موظف من مكتب الضرائب بإضرام النيران في منزل كان من المفترض أن يصبح منزلا لعائلة عراقية في مدينة إيشبورغ. وفي ذات السنة دخلت أمواج كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا، ورافق ذلك مجموعة من الاعتداءات على منازل وملاجئ للاجئين. في هذا العام وحده سجلت الشرطة أكثر من 1000 اعتداء بدواعي الكراهية ما بين إحراق واعتداءات جسدية وبمواد متفجرة. وللمقارنة سجل في العام الذي سبقه 200 اعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken
خلية "فرايتال"
بين شهري تموز/ يوليو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، ظهرت خلية "فرايتال" التي ضمت ثمانية عناصر، نفذوا خمسة هجمات بعبوات متفجرة على نزل للاجئين ومعارضين سياسين لهم في مدينتي فرايتال ودريسدن. محكمة دريسدن صنفت الخلية على أنها إرهابية وأصدرت أحكاما تراحت ما بين 10 و11 عاما سجنا على أعضائها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أرقام مقلقة في عام 2017
مدن كبامبارغ وغيرها، تحولت إلى مسرح لحلقات جديدة من سلسلة الاعتداءات ضد الأجانب. في عام 2017 سجل نحو 2200 اعتداء من هذا القبيل، وفق بيانات الشرطة غير أن منظمات حقوقية تشدد أن العدد أكبر بكثير من المعلن عنه.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
ظهور حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام
في موازاة ذلك ومع موجة اللاجئين التي دخلت ألمانيا، ظهرت حركات اعتبرت نفسها أنها "تدافع" عن قيم المجتمع، فخرجت تظاهرات كل أسبوع في عدد من المدن خاصة شرق البلاد نظمتها حركات كـ"بيغيدا" وغيرها تنادي بـ "حماية البلاد من الأسلمة"، كما اتهمت هذه الحركات المستشارة ميركل بـ "خيانة" البلاد.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي
انبثق هذا الحزب عن حركة مناهضة لسياسية ميركل وأوروبا عموما لانقاذ اليورو واليونان المتخبط في أزمة الديون السيادية، إلا أن "البديل" سريعا ما وجد في موضوع اللاجئين ضالته لحشد الأصوات. ويتهم بأنه يذكي خطاب الكراهية والعنصرية ضد الأجانب، لكنه أيضا استطاع أن يصبح أقوى قوة معارضة في البوندستاغ إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ12,6 بالمائة من أصوات الناخبين.
صورة من: Getty Images/C. Koall
أصوات معارضة للبديل
في 27 من الشهر الجاري (أيار/ مايو 2018) نظم الحزب في برلين مظاهرة تطالب بتشديد سياسة اللجوء. وكان حزب البديل يأمل في مشاركة عشرات الآلاف، لكنه لم يحصل سوى على خمسة آلاف فقط. في حين شارك نحو 25 ألف شخص في المظاهرة الموازية والتي خرجت ضد هذا الحزب الشعبوي وأفكاره.
صورة من: DW/W. Glucroft
دريسدن تنتفض ضد التطرف
وكثيرة هي المظاهرات التي خرجت في السنوات الأخيرة ترفض وبوضوح الأفكار اليمينية المتطرفة وتدعم أسس الانفتاح داخل المجتمع. والصورة توثق لأكبر مظاهرة مناهضة للتطرف أقيمت في مدينة دريسدن التي اقترن اسمها مؤخرا باليمين المتطرف والشعبوي. وشارك في هذه المظاهرة المغني الشهير "كامبينو" إضافة إلى نجوم آخرين من عالم الفن والغناء.
صورة من: picture-alliance /dpa/A. Burgi
كراهية الأجانب "تطيح بأسس الدين المسيحي"
الكنيسة سواء الكاتوليكية أو الإنجيلية تبرأت من هذه الحركات واعتبرت أن الأفكار التي تروج لها "بيغيدا" وغيرها تحت ذريعة الحفاظ على الأسس الدينية للدولة، لا علاقة لها إطلاقا بالدين المسيحي الذي يدعو إلى التسامح. وازداد عدد الحالات التي قدمت فيها الكنيسية اللجوء الكنسي إلى لاجئين.