1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تبعات الانفصال المبكرة ـ انحسار الغطاء النباتي في شمال السودان

٢٨ يونيو ٢٠١١

بينما يؤكد خبراء ومتخصصون بالبيئة أن السودان سيفقد، بسبب انفصال جنوبه عن شماله، حوالي الثمانين بالمائة من غطائه النباتي، فإن الهيئة القومية للغابات تؤكد أن هذا الانفصال سياسي ولا يعني انفصال غابات جنوب السودان عن شماله!

معظم الغابات السودانية تقع في الجنوبصورة من: DW

الوقائع على الأرض تؤكد أن انفصال الجنوب، بإعلان دولة الجنوب رسميا، بعد أقلَّ من أسبوعين، سيكون انفصالاً نهائياً وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والجغرافية. فالشريكان، حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوب)، فشلا في حلحلة قضايا وترتيبات ما بعد الانفصال.

الغابات لا تعترف بالحدود

ولعل أبرز هذه القضايا فقدان السودان لأكثر من ثلثي غطائه النباتي بسبب وقوع معظم الغابات في جنوب البلاد. وإذا كانت عبارة "الغابات لا تعترف بالحدود السياسية" التي قالها من قبل، وأكثر من مرة، المدير العام للغابات في السودان عبد العظيم ميرغني، للاستهلاك السياسي، فإنها تكتسب بعدا آخر الآن. فبعد أيام ستعلن دولة الجنوب وسيكرس انفصال الجنوب عن الشمال وستصبح معظم الغابات ضمن حدود الدولة الجنوبية، إلا أن ميرغني يصر، في حوار مع دويتشه فيله، على أن الغابات لن تتأثر بالوضع السياسي.

ويطالب ميرغني الشريكين بضرورة التنسيق للحفاظ علي الغابات في دولتي الشمال والجنوب. ويؤكد المسؤول عن الغابات في السودان على أن تأثيرها، أي الغابات، في حالتي الإيجاب والسلب، لا يعترف بالحدود السياسية وأنه يتعدى حدود البلد الواحد إلى بقية أجزاء الإقليم. ويعترف ميرغني بوجود معظم الغابات بالولايات الجنوبية مشيراً إلى أهمية غابات الجنوب للشمال والجنوب على حدٍّ سواء، ليس لتوفير المنتجات الضرورية والسلع الهامة فحسب، وإنما لتوفيرها، بصورةٍ خاصة، خدمات بيئية لا يمكن الاستغناء عنها أو تعويضها، على حد قوله.

يعتمد شمال السودان بشكل شبه تام على الخشب القادم من غابات الجنوبصورة من: DW

تأثير بيئي لا اقتصادي

من جهته يقللَّ الخبير الاقتصادي، محمد الناير، من تأثير انفصال غابات الجنوب، على الاقتصاد السوداني، إلاَّ أنه أكد على تأثيرها السلبي على البيئة في الشمال. ويقول الناير، في حوار مع دويتشه فيله، إن غابات الجنوب لم تكن تسهم إسهاما اقتصادياً بارزاً في الاقتصاد السوداني. ويدلل على قوله، بأن أبرز المنتجات "الغابية" المساهمة في الاقتصاد هو الصمغ العربي الذي توجد غاباته في كردفان وليس في جنوب السودان.

ولتفادي الأثر البيئي البالغ لانفصال غابات الجنوب، يطالب الناير دولة الشمال بالإسراع في زراعة مزيد من الغابات والأحزمة الشجرية للوقاية من التصحر الذي من المتوقع أن يضرب الشمال ولتعويض الغابات التي ستضم لدولة الجنوب. ويطالب لناير الدولة بوضع إستراتيجية واضحة لزراعة ملايين الأشجار في المناطق المتأثرة بالزحف الصحراوي، مشيراً إلى ضرورة عدم تجاهل هذه القضية الحيوية، حسب وصفه.

الحاجة لتنمية الغطاء النباتي

يحذر الخبير السوداني محمد الناير من التأثير السلبي للانفصال على البيئة في الشمالصورة من: Osman Shinger

ميزت منظمة الأغذية والزراعة العالمية الدول الفقيرة من الغنية بمدى فقر أو ثراء الغطاء النباتي في هذه الدول. ووضعت المنظمة حداً أدنى للدول النامية يبلغ عشرة بالمائة من مساحة الغابات في الدولة المعينة، وحينها تعتبر هذه الدولة ذات غطاء غابي شحيح. الخبير في مجال الغابات، حسن عثمان النور، يقول إن السودان، في ظروفه الراهنة، يحتاج إلى نسبة 25% من مساحته الجغرافية، على الأقل من الغطاء النباتي لتلبية الحد الأدنى من احتياجاته الاقتصادية والبيئية. ويؤكد النور، في حوار مع دويتشه فيله، أن الدراسات أثبتت أن السودان يحتاج إلى تنمية غطائه النباتي، بما يعود بالفائدة على المواطن.

ويشدد الخبير السوداني على أن إعلان دولة الجنوب في التاسع من يوليو/ تموز القادم، سيخلق وضعاً خطيراً في الشمال على المستوى البيئي، مشيرا إلى أنه "سيتبقى لنا 10 بالمائة فقط من المساحة، التي يفترض أن تكون 25%. ونحن نحتاج إلى نسبة كبيرة حتى نصل للنسبة الـمطلوبة عالميا". ويعرب النور عن مخاوفه من مصير غابات الجنوب، وكيف يمكن أن تدار قائلا "لا نعرف ماذا سيكون مصير 80 بالمائة من الغطاء النباتي الموجود بالجنوب". ويطالب الشريكين ببحث القضية ضمن ترتيبات العلاقة بين الدولتين في المستقبل، محذرا من خطورة تجاهلها وإهمالها، لأن ما سيترتب على هذا الإهمال سيكون خطيراً جدا على دولة الشمال، بحسب عبارته.

حسين عفان، من أبرز صناع المراكب، يخشى على مهنته بسبب الاعتماد الكامل على غابات الجنوبصورة من: DW

جولة تكشف حقائق

وللوقوف على بعض الحقائق على الأرض، قامت دويتشه فيله بجولة في منطقة (أبروف) المطلة على نهر النيل، وهى منطقة مشهورة بصناعة المراكب الشراعية، وتعتمد بشكل رئيسي على الأخشاب القادمة من جنوب السودان. وكشفت الجولة عن تردى وضع صناعة المراكب لتوقف جلب الأخشاب من الجنوب بسبب التوترات السياسية بين الشمال والجنوب منذ شهور عدة.

إبراهيم موسى، يعمل في صناعة المراكب منذ سنوات قليلة واكتسب خبرة ومهارة في الحرفة، يقول لدويتشه فيله إن عملهم في صناعة المراكب توقف منذ شهور قليلة، بعد أن توقف التجار عن جلب الأخشاب من الجنوب. ويؤكد موسى على أن الأخشاب، التي تدخل في صناعة المراكب تستجلب من غابات الجنوب. وأبدى تخوفه من توقف المهنة وان يفقد وظيفته بسبب عدم توفر الأخشاب.

وبدوره يكشف حسين عفان، وهو من أبرز العاملين في المهنة، لدويتشه فيله عن عدم وجود بدائل متوفرة في الوقت الراهن لأخشاب الجنوب التي تشتهر بجودتها ومتانتها. وأشار عفان إلى ضرورة المواصلة في استجلاب الأخشاب من الجنوب بكل السبل، حتى لا تتوقف هذه المهنة العريقة.

عثمان شنقر ـ الخرطوم

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW