سُمعت أصداء إطلاق نار ترددت من جديد في مناطق من عاصمة جنوب السودان بعد معارك بين قوات متناحرة الأسبوع الماضي أثارت المخاوف بشأن عملية السلام الهشة، فيما قال مصدر حكومي أن عدد القتلى ارتفع إلى 272 قتيلا.
إعلان
سمع إطلاق نار مجددا اليوم (الأحد العاشر من يوليو/ تموز 2016) في جوبا حيث تدور اشتباكات بين قوات حكومية ومتمردين سابقين في ضواحي عاصمة جنوب السودان، على ما أفادت بعثة الأمم المتحدة وسكان.
وكتبت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (مينوس) على تويتر إن هناك "أعيرة نارية وتبادلا كثيفا لإطلاق النار مستمرا منذ الصباح قرب مقر الأمم المتحدة"، وذلك بعد يومين من اشتباكات أوقعت أكثر من 150 قتيلا بحسب المتمردين السابقين. مصدر بوزارة الصحة في جنوب السودان أكدت من جانبها لوكلة ألأنباء رويترز اليوم الأحد أن عدد القتلى جراء القتال في العاصمة جوبا ارتفع إلى 272 قتيلا بينهم 33 مدنيا.
60 عاماً من الحرب والسلام في جنوب السودان
عاد قائد المتمردين في جنوب السودان ريك مشار إلى العاصمة جوبا، قادماً من منفاه في أثيوبيا. وبمقتضى اتفاق السلام الموقع بينهما في شهر آب/ أغسطس 2015 يعيد الرئيس سيلفا كير تعيين مشار نائباً له بحماية عسكرية خاصة به.
صورة من: AFP/Getty Images
بعد حرب استقلال طويلة ودامية، انفصل الجزء الجنوبي من السودان وقامت عليه جمهورية جنوب السودان. واندلعت هذه الحرب عام 1955، حيث قاتل مسيحيو جنوب السودان من أجل الاستقلال عن الشمال حتى قبل أن ينقل المستعمرون البريطانيون صلاحياتهم إلى حكومة الخرطوم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Pendl
تمتع جنوب السودان نسبياً بحالة من السلم والحكم الذاتي للفترة من عام 1972 إلى 1983، قبل أن يسقط مجدداً في أتون حرب أهلية. وخاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري قتالاً، قاده الجنرال جون قرنق، ثم سرعان ما انقسمت الحركة بين سيلفا كير ورياك مشار.
صورة من: picture-alliance/dpa/Rosenthal
في يناير/ كانون الثاني 2011 صوت سكان جنوب السودان لصالح الاستقلال في استفتاء شعبي. وصار سيلفا كير رئيساً للدولة ورياك مشار نائباً له. واستندت الدولة الوليدة على اتفاق سلام أبرمه قرنق عام 2005 قُبيل مقتله في حادث تحطم مروحية بعد أسابيع من التوقيع.
صورة من: AP
لكن التحالف بين خصوم الأمس وحلفاء اليوم لم يدم طويلاً، فبعد سنتين من إعلان الاستقلال في تموز/ يوليو 2013 تجاهل الرئيس كير نائبه مشار وجميع أعضاء الحكومة الآخرين. وفي خطوة ذات دلالة ارتدى بزته العسكرية مجدداً عند إلقائه إحدى خطاباته أمام وسائل الإعلام، متهماً مشار وحلفاءه بمحاولة الانقلاب عليه. وكانت تلك بداية الحرب الأهلية مستمرة.
صورة من: Reuters
لقي خمسون ألف شخص على الأقل حتفهم في هذا النزاع، وأُجبر أكثر من 2.4 مليون شخص على ترك منازلهم، وفشلت جميع محاولات إنهائه. وفي أيار/ مايو 2014 أُعيد تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة مكونة من 14000 عنصر للانتشار في مواقع محددة لحماية المدنيين.
صورة من: Reuters
تمخض لقاء بين كير (يسار الصورة) ومشار (يمين الصورة) في أيار/مايو 2015 بأديس أبابا عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما بعث الآمال مجدداً بتحقيق السلام، لكن تلك الآمال سرعان ما تبخرت، إذ اندلع القتال بين أنصارهما بعد ساعات من التوقيع. وأخفق القائدان في الالتزام بالاتفاق والأسوأ من ذلك أنهما فقدا السيطرة على المقاتلين التابعين لهما بحسب ما قال مراقبون.
صورة من: Reuters
بصعوبة ولد اتفاق السلام الأخير الموقع في آب/ أغسطس 2015، إذ رفض الرئيس سيلفا كير في البدء التوقيع لكنه رضخ أخيراً للضغوط الدولية. كان جزء من الصفقة هو ضمان حماية عودة مشار من منفاه في أثيوبيا. وتمثل الخلاف الرئيسي بعدد الجنود ونوعية الأسلحة التي ستكون تحت سيطرته في جوبا.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
بينما حول النزاع البلاد إلى ركام من الدمار قال مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سعيد رعد الحسين إن كلاً من القوات الحكومية والمتمردين يلجؤون إلى الاغتصاب كوسيلة للإرهاب والحرب. وهو ما دفع مجلس الأمن لإرسال لجنة للتحقيق في هذا الشأن.
صورة من: GetttyImages/AFP/C. Lomodon
8 صورة1 | 8
جدير بالذكر أن جنوب السودان أعلنت استقلالها عن السودان في التاسع من تموز/يوليو 2011 بعد عقدين من الحرب الأهلية التي نشبت بين الشمال ذي الأغلبية المسلمة العربية والجنوب ذي الأغلبية المسيحية. لكن السلام لم يدم طويلا حيث تصاعد الصراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير ونائبه ريك مشار ليتحول إلى صراع عسكري في كانون أول/ ديسمبر2013.
وبحسب الأمم المتحدة أسفرت أعمال العنف عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من مليوني شخص بينما يواجه ما يصل إلى 4.8 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي. وذكرت بعثة الأمم المتحدة أنها "تشعر بغضب شديد" جراء اندلاع أعمال العنف مجددا، وحذرت المفوضة السامية للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني من أن "الموقف الإنساني مستمر في التدهور بوتيرة مقلقة".