1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تجدد النقاش حول خليفة بابا الفاتيكان والاحتمال الاقوى أن يكون ايطاليا

ناصر جبارة

تشهد أروقة الفاتيكان معركة حامية الوطيس بخصوص تعيين خليفة للحبر الأعظم . بينما تعددت الاصوات التي تنادي بان يكون البابا القادم من افريقيا او أمريكيا اللاتينية، يسعى الايطاليون لاسترجاع بقوة الكرسي المقدس.

من سيشغل هذا الكرسي بعد وفاة الحبر الأعظمصورة من: dpa

عندما ظهر البابا يوحنا بولس الثاني (84 عاما) يوم الأحد الماضي عبر نافذة شقته المطلة على ساحة القديس بطرس في الفاتيكان لمباركة المصلين الذين توافدوا من جميع أنحاء العالم المسيحي لحضور قداس عيد الفصح المجيد، اكتفى الحبر الأعظم ولأول مرة منذ توليه السدة البابوية قبل أكثر من ربع قرن بإطلالة قصيرة صامته من النافذة دامت 12 دقيقة فقط ورسْم شارة الصليب على صدره. وفي حين تتوجه جميع أنظار العالم المسيحي منذ أسابيع إلى الفاتيكان ويذرف آلاف الحجاج الدموع في ساحة بطرس قلقا على صحة حبرهم الأعظم، يزداد خلف جدران الفاتيكان الصراع على السلطة حدة، كما تكثر التساؤلات حول خليفة البابا البولندي الأصل المصاب بمرض الشلل الرعاشي (باركنسون) والذي تحمل جسده لغاية الآن عناء تسع عمليات جراحية ونحو ست عشرة رصاصة في عملية اغتيال تعرض لها في عام 1981 على يد التركي محمد علي آغا. إذاً، على عاتق من ستلقى مهام قيادة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وكيف يتم عادة انتخاب البابا، وقبل كل شيء ما هي المعايير التي يُنتخب على أساسها الحبر الكاثوليكي الأعظم؟ جميع هذه الأسئلة تشغل المراقبين وتحدد مسار الصراع على السلطة بعيدا عن عيون الكاميرا.

الحظوة للإيطاليين

البابا يطل على المصلين عبر نافذة شقته المطلة على ساحة بطرس في الفاتيكان يوم الاحد 27 مارس/آذار 2005صورة من: AP

بغض النظر عن النتائج التي سيتمخض عنها اجتماع الكرادلة المغلق الذي يشهده الفاتيكان عادة بغرض انتخاب خليفة للبابا، إلا أن الأسماء المرشحة تشير إلى أن الكرادلة الإيطاليين لهم الحظوة هذه المرة في تسلم السدة البابوية. ومن بين الأسماء المرشحة هو الإيطالي وممثل الجناح الإصلاحي كارلو ماريا مارتيني (75 عاما) المعروف بتوجهاته الإصلاحية وقناعاته الراسخة بضرورة تفعيل الحوار بين الأديان كوسيلة لاحتواء الصراعات. أما المرشح الثاني فهو جوفاني باتيستاري (71 عاما) الذي زكّاه البابا نفسه لخلافته. ولم يكتف البابا بترشيحه لرئاسة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية فحسب، بل سبق له أن عينه نائبا عنه ووزير خارجية للفاتيكان. وفي حين يُعرف مارتيني وباتيستاري بالاعتدال وتأييد إجراء إصلاحات في الكنيسة الكاثوليكية، يُعد المرشح الثالث وأسقف بولونيا جياكومو بيففي (77 عاما) من الكرادلة الأصوليين والرافضين لاعتراف الكنيسة بأخطائها التاريخية وللحوار بين الأديان السماوية. وجاءت تصريحاته السلبية بخصوص الهجرة واللجوء إلى أوروبا لتفجر نقاشا حادا في الأوساط السياسية والشعبية الإيطالية وتفتح المجال أمام تصريحات مشابهة لسياسيين إيطاليين محافظين مثل نائب البرلمان الإيطالي بورجيزو ياني الذي وصف الهجرة إلى إيطاليا بأنها " سلبية وغير ضرورية". وكان الكاردينال بيففي قد حث على استقبال مهاجرين كاثوليكيين فقط وعدم استقبال مهاجرين من بلدان مسلمة، حفاظا على الهوية الإيطالية والأوروبية، على حد تعبيره. ومن بين غير الإيطاليين وأحد الوجوه المألوفة في أروقة الفاتيكان هو الأوسقف أوسكار رودريخيس (63 عاما) من هندوراس. ويتمتع الأسقف الذي يتقن خمس لغات بعدة كفاءات تؤهله للجلوس على كرسي البابوية مثل حصوله على شهادة جامعية للعلاج النفسي وأخرى في علم اللاهوت والفلسفة ولقب أستاذ في علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية، ناهيك عن تسلمه لمنصب أمين عام ثم رئيس مجلس أساقفة أمريكيا اللاتينية. وهناك كذلك كاردينال جِنوى تيتامانزي (71 عاما) المعروف أيضا بتحصيله العلمي في علوم الأخلاق والأحياء والاقتصاد والكاردينال ووزير خارجية الفاتيكان الحالي أنجيلو سودانو (87 عاما) المعروف بتوجهاته السياسية والألماني راتسينغر وكاردينال البندقية أنجيلو سكولا والأرجنتيني أسقف بوينيس آيريس جورجي ماريا والنمساوي كاردينال فيينا كريستوف شونبورن.

الدخان الأبيض يعني الاتفاق

البابا أثناء تعميد 30 من الكرادلة الجددصورة من: AP

عندما تدعو الحاجة الى اتخاذ الفاتيكان قرارات غاية في الاهمية، تدعى أعلى هيئه مخولة لاتخاذ مثل هذه القرارات وهي في العادة مجلس الكرادلة الذي يحضره 164 كاردينالا من جميع أنحاء العالم. ويتم الاجتماع بعيدا عن عيون الكاميرا في جلسة سرية يطلق عليها اسم "كابيلا سكستينا". ولعل اختيار الحبر الاعظم أهم قرار على الاطلاق يمكن لهذه المجلس أن يتخذه. وقد يستمر هذا الاجتماع عدة أيام الى أن يقع اختيار الكرادلة على شخص ما كخليفة للبابا. وبينما يعكف الكرادلة على حسم "المعركة"، تنتظر الجموع الغفيرة في ساحة بطرس بفارغ الصبر دخانا يتصاعد من مدخنة الشرفة. وفي حال كان لون الدخان المتصاعد من هذه المدخنة أسود، فإن هذا يعني أن المجتمعين لم يقع اختيارهم على خليفة ما. أما إذا تصاعد دخان أبيض، فإن هذا يعني أنهم اتفقوا على تعيين خليفة للحبر الأعظم. وفي هذه الحالة، يخرج عميد الكرادلة إلى الجمع ويقول باللاتينية "لدينا بابا" ومن ثم يعلن عن اسمه. تجدر الإشارة إلى أن الكرادلة لا ينهون اجتماعهم دون اختيار البابا الجديد.

مهام صعبة بانتظار البابا الجديد

القدس موطن ومسقط رأس الديانات السماوية الثلاثةصورة من: dpa

بينما يغوص المراقبون ورجال الدين في مفردات حسم مسألة الخلافة، يُمعن آخرون في التفكير في المهام الصعبة والملفات الساخنة التي تنتظر البابا الجديد. ومن بين أهم هذه المسائل الشائكة هي العلاقة مع العالم العربي والإسلامي. ولا تقتصر حدود هذه العلاقة على التصريحات التي صدرت عن الكاردينال جياكومو بيففي، بل تمتد إلى مسألة اعتذار الفاتيكان والبابا الجديد عن ويلات الحروب الصليبية التي تعرض لها العالم العربي والإسلامي على غرار اعتذار الكنيسة لليهود إزاء سكوتها في عهد البابا بيوس الثاني عشر عن الجرائم التي ارتكبها النظام النازي بحقهم في الحرب العالمية الثانية. أما الملف الساخن الآخر فهو ملف مدينة القدس وما لها من أهمية دينية في العالم الإسلامي. صحيح أن الفاتيكان وقّع في مستهل عام 2000 اتفاقا مع السلطة الوطنية الفلسطينية اعترف من خلاله بحق الفلسطينيين في المدينة ومحافظتهم على تراثهم الروحي فيها وكذلك تصريحات البابا يوحنا بولس الثاني الأخيرة بأن الوضع الحالي يتطلب "بناء الجسور وليس بناء الجدران"، في إشارة منه إلى الجدار الإسرائيلي العازل، جاءت لتشير إلى مواقف البابا الشجاعة وتضامنها مع القضايا العربية، ولكن هل سيواصل البابا الجديد هذه السياسة وهل سيحذو كاردينال راديكالي مثل جياكومو بيففي أو أنجيلو سودانو حذوه ؟ ومن بين القضايا التي ستشغل البابا الجديد هي قضية دور الدين المسيحي وقيمه في الدستور الأوروبي، الأمر الذي ترفضه معظم الحكومات الأوروبية وخاصة بعد نجاح الفرنسيين في تمرير النهج العلماني في الدستور الأوروبي وإسقاط جميع القوانين التي تشير في الدستور إلى الجذور المسيحية.يضاف الى كل هذا بالطبع موقف الكنيسة من القضايا الاخلاقية مثل الاجهاض واستخدام وسائل منع الحمل التي عارضها البابا الحالي بشكل كامل. إذاً، هذه هي أهم الملفات التي سيتعين على الحبر الأعظم الجديد وضع حلول لها، ولكن مهامه لن تقتصر على ذلك، إذ أن الفراغ الذي سيتركه البابا يوحنا بولس الثاني سيكون كبيرا جدا نظرا إلى الكاريزما التي يتمتع بها وتأثيره الكبير على الديانة المسيحية على مدى أكثر من ربع قرن.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW