تجربة الاتحاد الأوربي في التكامل والتوسع: الدروس المستفادة للمنطقة العربية
الدكتورة نجلاء الأهواني خبيرة الاقتصاد ومديرة مركز الدراسات الأوروبية أكدت في حوار لقنطرة أن المركز قام بعمل دراسات لعرضها بالمؤتمر حول الاتحاد الأوروبي وماضي وحاضر ومستقبل الوحدة العربية التي مازالت بحاجة للاسترشاد بالتجارب الدولية وخاصة تجربة الاتحاد الأوروبي التي انطلقت في وقت متزامن مع التجربة العربية حتى نستطيع التعرف على أسباب وعوامل نجاح التجربة الأوروبية وفشل التجربة العربية.
وأشارت الأهواني إلى أن الذي ساعد على نجاح تجربة الاتحاد الأوروبي هو وجود إرادة سياسية حقيقية وسيادة الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والاهتمام بتقوية الجانب العلمي في الاقتصاد، مما ساعد على زيادة الإنتاج وتحسين القدرة التنافسية للهياكل الأوروبية، الأمر الذي ضمن استمرار التجربة ونجاحها ببلوغ أقصى مداها في تبني عملة موحدة.
فالدول الأوروبية على حد قولها كان لديها الاستعداد للتنازل عن سيادتها لمؤسسات قوية مع الاستعداد لتحمل الأعباء في ظل وجود حافز أساسي وهو تحقيق مصالح اقتصادية وحساب دقيق للعائد والتكاليف من وراء هذا الاندماج.
المبدأ الفردي والتشبث بالسيادة
هذه هي الأمور التي تنقص العرب. فهم لا يريدون التخلي عن الفردية والسيادة وتبني المبدأ الجماعي الذي يؤمن بالمصلحة الجماعية وليست المصلحة الفردية، حسب قول نجلاء الأهواني. وستقدم نتائج المؤتمر إلى صناع القرار بجامعة الدول العربية وأجهزتها المختلفة حتى لا تظل مجرد حبر على ورق.
وأكد السفير عبد الرحمن الصحيباني مساعد الأمين العام للشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية أثناء فعاليات المؤتمر أن العمل العربي المشترك تواجهه آفات كثيرة تعوق من حركته وانطلاقه، مثل كثرة عقد المؤتمرات والندوات بلا أي فائدة.
ويرى الصحيباتي أن ما ينقص لتحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي مثل أوروبا ليس له علاقة بضعف الإرادة السياسية العربية، بل أن المشكلة الحقيقية تكمن في الضعف الفني، أي ضعف مستوى التعليم وعدم وجود تخصصات اقتصادية متميزة.
واعتبر بعض الباحثين العرب والأجانب المشاركين بالمؤتمر أن تحقيق التكامل العربي يجب ألا يشمل تحرير التجارة وانتقال العمالة بين الدول العربية فقط بل يجب أن يتجاوز ذلك للوصول إلى تنسيق السياسات المالية والنقدية العربية وقوانين المنافسة والجوانب الاجتماعية للاندماج.
أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أكد لقنطرة أن العمل العربي المشترك والاندماج الاقتصادي العربي يحتاج للدراسات الأكاديمية المتخصصة مثل الدراسات التي قدمها هذا المؤتمر عن تجارب الآخرين وكيفية تطويعها وتكييفها للظروف العربية، كما أنه يحتاج لمؤسسات قوية ترعى المصالح العربية المشتركة.
تبني أهداف سياسية واقتصادية موحدة
خبيرة الاقتصاد هناء خير الدين أكدت في حوار لقنطرة أن الدروس التي يجب أن نتعلمها من تجربة الاتحاد الأوروبي ويمكن تطبيقها على الاندماج العربي هي ضرورة إنشاء مؤسسات قوية لديها القدرة على تأمين الاتفاقيات وضمان تنفيذها.
فتاريخ الاتحاد الأوروبي يشير إلى الدور القوي التي لعبته كلا من محكمة العدل الأوروبية والمفوضية الأوروبية في نجاح الاتحاد الأوروبي وغياب مثل هذه المؤسسات يعد تهديدا لأي اندماج إقليمي حقيقي. كما أنه من الضروري تبني أهداف سياسية موحدة ومحددة بين الدول العربية حيث أن تبني الاتحاد الأوروبي لأهداف سياسية كان من أبرز عوامل نجاحه.
وتفتقر التجربة العربية لهذه الأهداف السياسية بل هناك أهداف اقتصادية محدودة وتعاني أيضا من كونها مختلفة ما بين الدول العربية. واتباع المنهج البراغماتي لا تتطلب فقط قدرة بشرية قادرة على المستوى الإداري، بل تتطلب أيضا رؤية سياسية تساندها مجموعة من الشخصيات العامة، حسب رأي هناء خير الدين.
أما على الجانب الاجتماعي للاندماج والتكامل فقد أكدت الستار ماكولي خبيرة الاقتصاد بجامعة إسكس والتي قدمت دراسة بالمؤتمر أنه لابد على العالم العربي أن يتعلم من تجربة الاتحاد الأوروبي كيفية إدارة الاختلافات الثقافية وضرورة تنمية سياسات تنمية اجتماعية لتحقق الاندماج الاجتماعي الكامل، كما لابد أن تكون هناك سياسات أكثر مرونة وفعالية لحرية انتقال العمالة بين الدول وبعضها.
حقوق الطبع: قنطرة 2005