قوات "التحالف" تدخل المجمع الرئيسي لمطار الحديدة في اليمن
١٩ يونيو ٢٠١٨
أبلغت مصادر عسكرية يمنية في التحالف الذي تقوده السعودية بأن التحالف دخل المجمع الرئيسي لمطار الحديدة اليمني. وجاء ذلك بعد معارك ضارية في وقت مبكر من صباح اليوم بين قوات التحالف والمقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
إعلان
مسائيةDW : أنباء عن سيطرة قوات التحالف على مطار الحديدة.. ماذا بعد؟
24:36
اندلعت معارك عنيفة في محيط مطار الحديدة غرب اليمن صباح اليوم (الثلاثاء 19 يونيو/ حزيران 2018) بعدما بدأت قوات الحكومة عملية جديدة لاقتحامه، مدعومة بغارات مكثّفة تشنها طائرات التحالف العسكري بقيادة السعودية على مواقع للحوثيين فيه، بحسب مصادر عسكرية. وقد تم اقتحام المطار فعلا حسب مصادر عسكرية يمنية.
وقال قادة في القوات الموالية للحكومة إن "قوة كبيرة" تشارك في العملية التي انطلقت بعيد وصول "تعزيزات ضخمة" إلى محيط المطار الواقع في جنوب مدينة الحديدة، في سابع أيام الهجوم الهادف إلى استعادة المدينة ومينائها الاستراتيجي.
وأضاف المسؤولون ان العملية تترافق مع غارات مكثفة لطائرات التحالف على مواقع يتحصن فيها المتمردون داخل المطار. ولم تعلن المصادر عن وقوع خسائر بشرية في صفوف القوات المهاجمة.
وكانت القوات الموالية للحكومة بدأت الاربعاء الماضي بمساندة التحالف العسكري هجوما واسعا تحت مسمى "النصر الذهبي" بهدف اقتحام مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، في أكبر هجوم تشنه هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.
وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة انسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه.
مسائيةDW : الاستنفار الأممي حول الحديدة: بين الإنساني والسياسي
14:08
This browser does not support the video element.
لكن التحالف العسكري الذي يضم الامارات، يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية. ويتهم التحالف ايران بتهريب الاسلحة إلى المتمردين ودعمهم عسكريا، وهو ما تنفيه طهران.
ويدعو التحالف إلى تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة أو للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم. وكانت الامارات، التي تقود القوات المهاجمة، أكّدت الاثنين ان الهجوم باتجاه ميناء الحديدة لن يتوقف الا اذا انسحب المتمردون من المدينة من دون شرط.
ويدور النزاع بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين في اليمن منذ نحو أربع سنوات. وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في ايلول / سبتمبر 2014 وبعدها على الحديدة.
اليمن في صور.. حكاية الحرب والانقسام وفرص السلام الصعبة
شهد تاريخ اليمن الحديث الكثير من التحولات والحروب والتحالفات وحتى العداوات دفعت هذا البلد الفقير إلى الانزلاق إلى دوامة العنف. وأمام التدهور المتزايد للوضع الإنساني، تعالت الأصوات مؤخرا بضرورة وقف الحرب في اليمن.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo/H. Mohammed
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش توصل طرفي النزاع إلى اتفاق لإطلاق النار في الحديدة باليمن. وقبل محادثات السويد بشهر كان غوتيريش قد دعا منذ شهر لوقف فوري "لأعمال العنف" في اليمن والدفع باتّجاه محادثات سلام تضع حداً للحرب، مؤكدا أنه في غياب تحرّك، يمكن أن يواجه ما يصل إلى 14 مليون شخص، أي نصف عدد سكان اليمن، خطر المجاعة في الأشهر المقبلة، مقارنة بتسعة ملايين يواجهون المجاعة حالياً.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Senosi
مدينة الحديدة التي تم التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار فيها، تعتبر مدينة استراتيجية في اليمن. وتقع على ساحل البحر الأحمر على مسافة 226 كيلومترا من العاصمة صنعاء، ويشكل ميناؤها شريان الحياة لملايين اليمنيين في المدينة والمناطق القريبة منها. وشهدت في الأشهر الأخيرة معارك طاحنة بين قوات الحوثيين المتمردة وقوات الحكومة الشرعية مدعومة بقوات التحالف العربي.
صورة من: picture-alliance/afk-images/H. Chapollion
وجاء تحرك الأمم المتحدة الجديد في الأسابيع الأخيرة في ضوء تغير ملحوظ في موقف الولايات المتحدة من الأزمة في اليمن، حيث أظهرت واشنطن إشارات ضغط على حليفتها السعودية لإنهاء الحرب وإجراء محادثات سلام. فقد دعا وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أطراف الصراع في اليمن إلى الانضمام إلى "طاولة مفاوضات على أساس وقف لإطلاق النار".
صورة من: Getty Images/AFP
بعد عقود من تقسيمه إلى جنوب وشمال واعتناق إيديولوجيتين مختلفتين تماماً، جاء توحيد شطري اليمن عام 1990 إثر انهيار دول المعسكر الاشتراكي، حيث قامت دولة واحدة تحت قيادة الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.
صورة من: picture-alliance/dpa
لكن بعد نحو أربعة أعوام اندلعت حرب أهلية، ففي أبريل/ نيسان 1994 وقع تبادل لإطلاق النار في معسكر تابع لليمن الجنوبي قرب صنعاء، وسرعان ما تطورت لحرب كاملة في 20 مايو/ أيار وقامت حرب 1994 الأهلية في اليمن بعد ثلاثة أسابيع من تساقط صواريخ سكود على صنعاء، وأعلن علي سالم البيض نفسه رئيساً على دولة جديدة سماها جمهورية اليمن الديمقراطية من عدن.
صورة من: picture-alliance/dpa
ولم يعترف أحد بالدولة الجديدة التي أعلنها البيض، لكن السعودية، اللاعب الإقليمي الرئيس في الساحة اليمنية، عملت على إخراج اعتراف من مجلس التعاون الخليجي بالدولة الجديدة، لكن صالح أفشل الجهود السعودية وحال دون انفصال الجنوب عن الشمال مجدداً.
صورة من: AFP/Getty Images/F. Nureldine
بعد سلام لسنوات قليلة، سرعان ما عادت الحرب إلى ربوع اليمن، حين احتج الحوثيون على تهميشهم، وخاضوا من عام 2003 حتى 2009 ست حروب مع قوات صالح ومن ثم حرباً مع السعودية.
صورة من: AFP/Getty Images
في خضم احتجاجات ما يُسمى بـ"الربيع العربي" عام 2011 ضعف حكم الرئيس صالح، لكنها قادت إلى انقسامات في الجيش، ما سمح لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالسيطرة على مساحات كبيرة في شرق البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد عام من الاحتجاجات والاعتصامات والكثير من الضحايا تنحى الرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2012 في إطار خطة للانتقال السياسي تدعمها دول خليجية. وضمن الاتفاق أيضاً أصبح عبد ربه منصور هادي رئيساً مؤقتاً ليشرف على "حوار وطني" لوضع دستور شامل على أساس اتحادي.
صورة من: AFP/Getty Images/M. Huwais
في خضم ذلك ومحاولات الرئيس صالح وحلفائه تقويض عملية الانتقال السياسي في البلاد وفق المبادرة الخليجية، ازداد انتشار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عام 2013، رغم الهجمات العسكرية عليه والضربات بطائرات دون طيار، وبات يشن هجمات في مختلف أنحاء البلاد.
صورة من: Reuters
ولم يمض عام حتى تقدم الحوثيون بسرعة انطلاقاً من معقلهم في صعدة وسيطروا على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 بمساعدة صالح والقوات المتحالفة معه، وطالبوا بالمشاركة في السلطة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Hani Mohammed
عام 2015 حاول هادي إعلان دستور اتحادي جديد يعارضه الحوثيون وصالح، ورغم أنه فشل في ذلك لكنه نجح في الهروب من مطاردة الحوثيين له ولجأ إلى السعودية. وبدء التدخل السعودي العسكري في مارس/ آذار بتحالف عسكري عربي تم تجميعه على عجل. بعد شهور يدفع التحالف الحوثيين والموالين لصالح إلى الخروج من عدن في جنوب اليمن وفي مأرب إلى الشمال الشرقي من صنعاء لكن الخطوط الأمامية تستقر لتبدأ فترة جمود.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo//Yemen's Defense Ministry
عام 2016 استغل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الفوضى من جديد وأعلن عن إقامة دويلة حول المكلا في شرق اليمن الأمر الذي أثار مخاوف من أن الحرب ستؤدي إلى تصاعد نشاط المتشددين من جديد. الإمارات عملت على مساندة القوات المحلية في معركة لوضع نهاية لوجود التنظيم هناك.
صورة من: AFP/Getty Images
لكن هذه الحروب تركت آثارها على اليمن، فقد انتشر الجوع مع فرض التحالف السعودي حصاراً جزئياً على اليمن واتهامه إيران بتهريب الصواريخ للحوثيين عن طريق ميناء الحديدة مع الواردات الغذائية. وإيران تنفي هذا الاتهام.
كما تسببت الغارات جوية التي شنها التحالف في مقتل مئات المدنيين، ما دفع منظمات حقوقية إلى إطلاق تحذيرات، غير أن الدعم الغربي للسعودية وحلفائها لم ينقطع.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Hyder
عام 2017 يمكن تسميته بعام حرب الصواريخ، فقد بات الحوثيون يطلقون عدداً متزايداً من الصواريخ على عمق الأراضي السعودية بما في ذلك الرياض.
صورة من: Reuters/Houthi Military Media Unit
وفي خضم هذه التطورات المستعرة ظهرت خلافات بين صالح وحلفائه الحوثيين، فرأى صالح فرصة لاستعادة أسرته للسلطة من خلال الانقلاب على حلفائه الحوثيين لكنهم قتلوه أثناء محاولة الهرب منهم نحو عدو الأمس السعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Yahya Arhab
أطلقت القوات التي يدعمها التحالف السعودي بما فيها بعض القوات التي ترفع علم الانفصاليين في الجنوب عملية على ساحل البحر الأحمر في مواجهة الحوثيين بهدف انتزاع السيطرة على ميناء الحديدة آخر نقاط الإمداد الرئيسية لشمال اليمن، حيث تدور معارك شرسة.
صورة من: Getty Images/AFP
17 صورة1 | 17
وستمثّل السيطرة على مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، في حال تحققت، أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين، منذ استعادتها خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء.
وأدى النزاع في اليمن منذ التدخل السعودي على رأس التحالف الى مقتل نحو عشرة آلاف شخص. وتسببت المعارك الاخيرة في محافظة الحديدة بنزوح نحو خمسة آلاف عائلة عن منازلها. ومدينة الحديدة هي مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته. وتشن القوات الموالية للحكومة منذ أشهر هجمات في مناطق مختلفة من المحافظة.