منذ توليه منصبه في يناير والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدى سيادة القانون الأمريكي على عدة مستويات ويختبر حدوده باستمرار. إلى أي مدى تتعرض الديمقراطية الأمريكية للخطر؟
الولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن، الرئيس دونالد ترامب يتحدث في مبنى الكابيتولصورة من: Ben Curtis/AP Photo/picture alliance
إعلان
لم يمضِ على تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه سوى ثلاثة أشهر فقط. ثلاثة أشهر لم تنقلب فيها الولايات المتحدة الأمريكية رأسًا على عقب وتهتز داخليًا فحسب، بل اهتزت فيها أسس الديمقراطية أيضًا.
فقد أشار معهد بروكينز الشهير ومقره واشنطن إلى "تصدعات خطيرة في ركائز الديمقراطية الأمريكية". هناك هجمات على هذه الركائز على عدة مستويات. بعض الأمثلة.
الخلاف مع الجامعات
"جامعة هارفارد أضحوكة وتعلّم الكراهية والغباء ويجب ألا تتلقى تمويلاً بعد الآن". هذا ما نشره دونالد ترامب على منصة "تروث سوشيال" الخاصة به يوم الأربعاء. وهو أحدث تصعيد في النزاع بين الإدراة الأمريكية وجامعات النخبة في البلاد.
إعلان
وقد اندلع الخلاف بسبب عدم اتخاذ جامعة هارفارد وجامعات خاصة أخرى في الولايات المتحدة إجراءات صارمة بما فيه الكفاية ضد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ضد الحرب في غزة، مما عرّض الطلاب اليهود للخطر.
ومع ذلك فقد تصاعد الخلاف منذ فترة طويلة، وهو الآن يتعلق بالتوجه السياسي العام لجامعات النخبة التي يُنظر إليها على أنها يسارية في نظر إدارة ترامب. ولضمان استمرارها في الحصول على التمويل الفيدرالي سيتم التدقيق في الآراء السياسية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس وإتاحة بيانات القبول لجميع الطلاب للحكومة.
إلا أن رئيس جامعة هارفارد آلان غاربر يعارض هذه المطالب ويرى أن حرية البحث والتدريس في خطر. وأوضح أن الجامعة ليست مستعدة للتخلي عن استقلاليتها أو حقوقها المكفولة دستوريًا.
الميناء الوطني الأمريكي 2024 مؤتمر CPAC، إيلون ماسك بالمنشار الآلي عند الوصولصورة من: Jose Luis Magana/AP Photo/picture alliance
"لا ينبغي لأي حكومة بغض النظر عن الحزب الذي يتولى السلطة أن تملي على الجامعات الخاصة ما يمكن للجامعات الخاصة تدريسه، ومن يمكنها قبوله وتوظيفه ومجالات الدراسة والبحث التي يمكنها متابعتها".
لعبة مزدوجة مع القضاء
تُعد سيادة القانون والامتثال لأوامر المحاكم أحد الركائز الأساسية للديمقراطيات الغربية، ولكن هذا بالضبط ما يتعرض للخطر بشكل متزايد في الولايات المتحدة الأمريكية.
فمن ناحية تجاهلت إدارة ترامب بالفعل العديد من أحكام المحاكم ونفذت عمليات ترحيل مخالفة لأوامر المحاكم.
وأصبحت قضية كيلمار أبريغو غارسيا الذي تم ترحيله عن طريق الخطأ إلى سجن سيكوت سيء السمعة ذي الحراسة المشددة في السلفادور معروفة بشكل خاص. وكانت المحكمة العليا قد أوعزت إلى الحكومة الأمريكية بالسعي لإعادة غارسيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بسرعة. لم يحدث شيء حتى الآن، كما انتقدت القاضية الفيدرالية باولا زينيس في جلسة استماع.
أما القضاة مثل جيمس بواسبرغ الذين يعارضون حكومة ترامب ويوقفون عمليات الترحيل التي يخطط لها فيتم تشويه سمعتهم علنًا باعتبارهم "متطرفين يساريين معتوهين". ويهددهم ترامب بإجراءات عزلهم واستبدال هؤلاء القضاة بقضاة أكثر تأييدًا له.
وفي الوقت نفسه يستخدم وزارة العدل لاتخاذ إجراءات ضد منتقديه. ففي الأسابيع الأولى من توليه منصبه، قام بفصل أو نقل العديد من الموظفين المتورطين في التحقيقات ضده.
ففي فبراير/ شباط على سبيل المثال أمر بفصل جميع المدعين الفيدراليين المتبقين من عهد جو بايدن. وفي المقابل منح العديد من محاميه مناصب رفيعة المستوى في الحكومة. أحدهم يشغل الآن منصب نائب المدعي العام.
كما أصدر ترامب عفوًا عن جميع المدانين في اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 البالغ عددهم 1600 شخص تقريبًا وعين بام بوندي، الموالية تمامًا لحزبه في وزارة العدل.
القيود الأولى على حرية الصحافة
لطالما كانت التقارير الناقدة له شوكة في خاصرة دونالد ترامب. "إنهم فاسدون وغير قانونيين"، هذا ما انتقده الرئيس الأمريكي بشدة ضد كبرى قنوات البث الأمريكية مثل سي إن إن وإم إس إن بي سي خلال خطاب ألقاه في وزارة العدل في منتصف مارس/ آذار.
واتهمهم بتقديم تقارير سلبية عنه "بنسبة 97.6% من الوقت" وبأنهم "الذراع السياسي للحزب الديمقراطي". وخلال الحملة الانتخابية، كان قد هدد بالفعل بإلغاء تراخيص المحطات التي لا تعجبه.
كما ألغت إدارة ترامب أيضًا اعتماد وكالة أسوشييتد برس لغرفة الصحافة في البيت الأبيض، لأنها رفضت الإشارة إلى خليج المكسيك باسم "خليج أمريكا"، كما أراد ترامب. ومرة أخرى أعلنت إحدى المحاكم أن هذا الأمر غير قانوني، ومرة أخرى تجاهلت الحكومة الأمريكية هذا الأمر ويجب أن يبقى صحفيو وكالة أسوشييتد برس خارجها.
بالنسبة للباحث في الفاشية الأمريكية جيسون ستانلي، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية "مكانًا مخيفًا"صورة من: Privat
إعادة تنظيم أجهزة الدولة
عندما أعلن ترامب في خطابه أمام الكونغرس أن "أيام البيروقراطيين غير المنتخبين في السلطة" قد ولّت، قوبل بضحكات ساخرة من الديمقراطيين. ومن بين جميع الأشخاص، فإن المستشار الرئاسي إيلون ماسك الذي لم يحصل على شرعية ديمقراطية قط، هو الذي تم تكليفه منذ يناير/ كانو الثاني الماضي بجعل الإدارات والسلطات الأمريكية أكثر كفاءة ووقف الإنفاق غير الضروري، وفي هذه العملية تم تقليص جهاز الدولة بأكمله بما يتماشى مع رغبة ترامب.
"إنهم لا يذهبون إلى السلطات والوزارات التي تقوم بأشياء يحبونها. إنهم يذهبون إلى المؤسسات العامة التي لا يوافقون عليها"، هذا ما انتقده دوغلاس هولتز-إيكن، المدير السابق لمكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي في فبراير الماضي.
لقد كان هناك تسريح جماعي في هيئات الضرائب والبيئة والصحة والبنتاغون والوزارات الأخرى. كما تم إيقاف برامج التنوع والاندماج التي يُنظر إليها على أنها "إهدار يساري للضرائب" وتم تقليص اللوائح البيئية وخفض الإنفاق الاجتماعي والصحي بشكل كبير. كما تم تفكيك وكالة التنمية الأمريكية وغيرها من السلطات الأخرى، خلافًا للرأي القانوني الشائع بضرورة استشارة الكونغرس الأمريكي أولًا.
كما يُشتبه في استخدام وزارة التعليم العالي للذكاء الاصطناعي للتجسس على الموظفين الحكوميين. وفي وكالة فيدرالية واحدة على الأقل، يُقال إن الاتصالات الداخلية تمت مراقبتها بهذه الطريقة، ويُزعم أن الهدف من ذلك هو التمكن من تصفية وفصل الموظفين الذين أدلوا بتعليقات غير موالية لترامب. حتى أن منتقدي هذا الإجراء يتحدثون عن "تطهير سياسي" لأجهزة الدولة.
أعده للعربية: م.أ.م
الولاء قبل الكفاءة؟ ـ أهم شخصيات إدارة دونالد ترامب
في 20 كانون الثاني/يناير 2025، يعود دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب، إلى البيت الأبيض، بعد أن غادره قبل أربع سنوات. في ألبوم الصور التالي نتعرف على أهم شخصيات فريق ترامب الحكومي.
صورة من: Evan Vucci/AP Photo/dpa/picture alliance
جي دي فانس - نائب الرئيس
كان جي دي فانس (40 عاماً) معارضاً لترامب فيما مضى، ووصفه بأنه "أحمق" ووصل به الأمر إلى نعته في حديث سري بأنه "هتلر أمريكا". ولكن بعد فترة وجيزة من ذلك، أصبح ترامب فجأة "أفضل رئيس عرفته على الإطلاق" - بعد أن ساعده الرئيس السابق في أن يصبح عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو. ويعتبر نائب ترامب نفسه ممثلاً لـ "اليمين الجديد"، والجندي السابق في مشاة البحرية يعارض الإجهاض ومساعدة أوكرانيا.
صورة من: Jim Watson/AFP/Getty Images
ماركو روبيو – وزير الخارجية
وكان السيناتور عن فلوريدا هو الآخر من معارضي ترامب في السابق، ووصفه بأنه "ديكتاتور العالم الثالث". أما اليوم فقد تبدل الحال واختفت تلك النعوت. في آرائه المتعلقة بالسياسة الخارجية، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين روبيو وترامب: يؤيد الابن لمهاجرين كوبيين سياسة أكثر صرامة تجاه الصين، ويدعم بشكل كبير للغاية إسرائيل، ويدفع من أجل إنهاء سريع للحرب الأوكرانية.
صورة من: Evan Vucci/AP Photo/picture alliance
بيت هيجسيث - وزير الدفاع
بيت هيجسيث ودونالد ترامب يعرفان بعضهما البعض من خلال التلفاز. كمذيع في قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب، أجرى الرجل البالغ من العمر 44 عاماً مقابلات متكررة مع ترامب خلال رئاسته الأولى. ولا يكاد يتمتع هيجسيث بأي خبرة سياسية سابقة، وأدى الخدمة العسكرية في العراق وأفغانستان. ويعتبر هيجسيث من المؤيدين لإسرائيل. وينظر بعين التشكيك لوجود النساء في الجيش ويريد تقليص برامج المساواة بين الجنسين في الجيش.
صورة من: Evan Vucci/AP/dpa/picture alliance
مايك والتز - مستشار الأمن القومي
شارك النائب السابق في فلوريدا لأكثر من 20 عاماً في المهام القتالية كجندي في أفغانستان. يعتبر مايك والتز من "الصقور" ذوي المواقف الصارمة في السياسة الخارجية. ويرى أن الولايات المتحدة تخوض "حرباً باردة جديدة" مع الصين؛ ويؤيد مايك والتز من حيث المبدأ تقديم المساعدات لأوكرانيا، ولكنه يدعو إلى إعادة التفكير الاستراتيجي: إذ يتعين على أوروبا أن تشارك بشكل أكبر من أي وقت مضى.
صورة من: Rod Lamkey/AP Photo/picture alliance
إيلون ماسك - مستشار "الكفاءة الحكومية"
يبدو رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك في وضعية خضوع لترامب، فهل سيبقى الأمر على هذا النحو؟ لقد عين ترامب رئيس منصة "إكس" وشركة "تسلا" مستشاراً له بشأن "الكفاءة الحكومية" - وينبغي عليه خفض الإنفاق بشكل جذري. يشيد ترامب بانتظام بماسك. لكن ماسك هو في المقام الأول رجل أعمال. فهل سيتبع نهج ترامب الصارم تجاه الصين على المدى الطويل؟
صورة من: JIM WATSON/AFP via Getty Images
تولسي جابارد – منسقة المخابرات
أثار ترشيحها موجة من الغضب؛ ويعود السبب إلى أن تولسي جابارد أظهرت تفهماً للهجوم الروسي على أوكرانيا ونشرت الدعاية الروسية دون انتقاد في عدة مناسبات. وفي الآونة الأخيرة، كانت الديمقراطية السابقة منتقدة شرسة لحكومة بايدن - خاصة فيما يتعلق بمساعدتها لأوكرانيا. وقد أشاد التلفزيون الرسمي الروسي بتعيينها كمنسقة جديدة للاستخبارات الأمريكية.
صورة من: Jeenah Moon/REUTERS
كريستي نوم – وزيرة الأمن الداخلي
تعتبر حاكم ولاية داكوتا الجنوبية من المحافظين المتشددين. كتبت ذات مرة في كتاب أنها أطلقت النار على كلبتها لأنها "لم تستجب للتدريب". وبذلك أرادت أن تظهر أنها مستعدة- إذا لزم الأمر - "لاتخاذ قرارات صعبة وقذرة وقبيحة". وباعتبارها وزيرة للأمن الداخلي، فهي مكلفة الآن بتنسيق مكافحة الهجرة غير النظامية.
صورة من: Rod Lamkey/CNP/picture alliance
مات غايتس - وزير العدل
مات غايتس شخصية مثيرة للجدل. خضع وزير العدل المستقبلي للتحقيق عدة مرات بعدة تهم، من بينها ممارسة الجنس مع قاصر وتعاطي المخدرات والرشوة. وفي عام 2017، كان العضو الوحيد في مجلس النواب الذي صوت ضد تشديد قانون الاتجار بالبشر. وألقى باللوم على المتطرفين اليساريين في اقتحام مبنى الكابيتول.
صورة من: Evan Vucci/AP Photo/picture alliance
شون دافي - وزير النقل
وصل مذيع تلفزيوني آخر إلى حكومة ترامب: عمل شون دافي في قناة فوكس نيوز، قبل أن يصبح عضواً عن الجمهوريين في الكونغرس عن ولاية ويسكونسن. وكوزير للنقل، يقول ترامب، إن شون دافي "سيبشر بالعصر الذهبي للسفر"، دون أن يأتي على ذكر الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو التنقل الكهربائي. وحسب ترامب، سيعيد الوزير تعزيز حركة النقل الجوي الداخلية في الولايات المتحدة من جديد.
صورة من: Susan Walsh/AP/picture alliance
دوغ بورغوم – وزير الداخلية
كان الرجل البالغ من العمر 67 عاماً حاكماً سابقاً لولاية داكوتا الشمالية، التي يقوم اقتصادها على إنتاج النفط والزراعة، وتعتبر قريبة من عالم الأعمال. وباعتباره وزيراً للداخلية، فمن المتوقع أيضاً أن يرأس "مجلس الطاقة الوطني" الذي تم إنشاؤه حديثاً. وفي الوقت نفسه، فهو مسؤول عن المتنزهات الوطنية، التي من المفترض بناء على رغبة ترامب فتحها بشكل أكبر أمام إنتاج النفط والغاز.
صورة من: Anna Moneymaker/Getty Images
كريس رايت – وزير الطاقة
الرئيس التنفيذي لشركة نفط كريس رايت يناسب ذوق ترامب على المسطرة؛ فهو مثله منكر للتغير المناخي، وشبّه كفاح الديمقراطيين ضد الانحباس الحراري العالمي بالشيوعية السوفييتية. وهو من المدافعين عن الوقود الأحفوري. وفي عام 2019، شرب سائل التكسير الهيدروليكي أمام الكاميرا ليُظهر أن طريقة استخراج الغاز باستخدام ذلك السائل غير ضارة.
صورة من: John Angelillo/UPI Photo/newscom/picture alliance
توم هومان – المفوض بشؤون حراسة الحدود
كمدير لوكالة مراقبة الحدود في فترة ترامب الأولى، كان هومان مسؤولاً عن سياسة عدم التسامح المطلق مع المهاجرين غير النظاميين القادمين من المكسيك. وفي عام 2014، قال إن فصل الأطفال عن والديهم كان "وسيلة فعالة لردع الراغبين بعبور الحدود بشكل غير شرعي". والآن يتعين عليه مرة أخرى أن يتخذ إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية.
صورة من: Lev Radin/ZUMA/picture alliance
روبرت ف. كينيدي جونيور – وزير الصحة
وزير الصحة المقبل معارض صريح للتطعيم وقد جذب الانتباه في الماضي لنشره تقارير كاذبة حول جائحة كوفيد. إنه روبرت إف كينيدي جونيور، ابن شقيق الرئيس الديمقراطي السابق جون إف كينيدي، الذي مات اغتيالاً. خلال الحملة الانتخابية، وصفه ترامب بأنه "أغبى عضو في عائلة كينيدي" - والآن يعتقد أنه ذكي بما يكفي لتولي منصب وزير الصحة.
صورة من: Morry Gash/AP Photo/File/picture alliance
سوزي وايلز - كبيرة موظفي البيت الأبيض
حتى وقت قريب، لم يكن أحد يعرفها تقريباً. عملت سوزي وايلز لصالح الجمهوريين لمدة 40 عاماً كخبيرة استراتيجية ولكن خلف الكواليس. وكانت سوزي وايلز عضواً في فريق حملة رونالد ريغان وأدارت بعد ذلك حملات حاكمي فلوريدا ريك سكوت ورون ديسانتيس، وحملة دونالد ترامب الرئاسية. وفاز جميع من سبق ذكرهم. الآن ستصبح المحافظة القوية أول امرأة تتولى منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض.
أعده للعربية: خالد سلامة