1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحت شعار "ديغاج!"- تحرك شعبي تونسي لخلع بقايا نظام بن علي

٨ فبراير ٢٠١١

لا تزال الاحتجاجات الشعبية في تونس، ميدانيا أو على الانترنت، متواصلة تحت شعار "ديغاج" (أي ارحل)، لإبعاد ما يُعتبر "بقايا" نظام بن علي من أجهزة الدولة. وإن حققت الاحتجاجات عددا من المطالب، إلا أن البعض يحذر من حدوث فوضى.

شاب يطالب أمام مقر الحكومة في تونس بإبعاد بقايا حزب بن علي من الحكومة الانتقاليةصورة من: Ons Abid

لم يكن أحد في تونس يتصور من قبل أن تتحول كلمة "ديغاج" (dégage) الفرنسية والتي تعني بالعربية "ارحل" أو بالأحرى "انقلع" إلى أكثر الكلمات تداولا خلال المظاهرات ومختلف التحركات المطالبة بخلع بقايا نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي من مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها. "ديغاج! ديغاج!" كانت هذه العبارة التي رددها عشرات الآلاف من المتظاهرين التونسيين في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، يوم 14 من كانون الثاني / يناير (جانفي)، موجهين هتافاتهم ضد بن علي والذي فر إلى السعودية في اليوم نفسه بعد 23 عاما من الحكم الاستبدادي.

ولعل المفعول "السحري" لهذه العبارة، التي تعكس مدى إصرار التونسيين على القطع بعهد بن علي، هو الذي جعل آلافا من التونسيين من شمال البلاد إلى جنوبها يتحصّنون بها عند أي تحرّك ينفّذونه سواء على الميدان أو على شبكة الانترنت بهدف التخلّص من مسؤول حكومي يعتبرونه ''فاسدا'' أو "متواطئا" مع نظام الرئيس المخلوع أو "لكنس" آخر يرونه غير كفئ. ولقد أطاح العديد من هذه التحركات، التي كانت عبارة "ديغاج" شعارا لها، بكثير من "الرؤوس الكبيرة" سواء في السياسة، أو في الاقتصاد بقطاعيه العام والخاص.

إعادة تشكيل الحكومة تحت ضغط الشارع

الحكومة الانتقالية غيرت 12 حقيبة وزارية تحت ضغط الشارع التونسي الذي طالب بتطهيرها من بقايا نظام بن علي وإبعاد الوجوه التي يعتبرها مطواطئة معه على غرار وزير الداخلية السابق محمد فريعة. المتظاهر يحمل مكنسة رمزا لتنظيف وتطهير الحكومة ولافتة كتب عليها "فريعة انقلع!"صورة من: Ons Abid

الحكومة التونسية الانتقالية -التي تسلّمت مقاليد الحكم يوم 17 كانون الثاني / يناير- أعلنت يوم 27 من نفس الشهر عزل 12 وزيرا دفعة واحدة (بينهم أحمد فريعة وزير الداخلية) وتعويضهم بآخرين "مستقلّين" بعد أن استعرت في الشوارع وعلى شبكة الانترنت مظاهرات وحملات الكترونية طالبت بـما سمته "تطهير" الحكومة من الوزراء المنتمين إلى حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" (RCD) الحاكم في عهد بن علي. وكان المتظاهرون يحملون لافتات كُتب عليها بالفرنسية "RCD dégage" ويرددون هذه العبارة مرارا وتكرارا إصرارا منهم على "خلع بقايا حزب التجمع الدستوري" من الحكومة الانتقالية.

وعندما أعلنت الحكومة التونسية يوم 28 كانون الثاني/ يناير إلغاء خطة "كتابة الدولة للجباية" (وزارة دولة للضرائب) التابعة لوزارة المالية كان ذلك أيضا تحت ضغط الشارع. وقد كان مئات من موظّفي مصالح الجباية قد قاموا باعتصامات في مقر عملهم وخرج متظاهرون في العاصمة التونسية ومناطق أخرى داخل البلاد للمطالبة بإقالة منصف بودن (62 عاما)، كاتب الدولة المكلّف بالجباية (الضرائب)، بتهمة "الفساد". وقد استظهر بعض الموظفين، الذين استجوبهم آنذاك التلفزيون الرسمي التونسي، بوثائق ومستندات قالوا إنها "تدين بودن بالفساد وتثبت تورّطه في التغطية على تهرّب بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي وعائلتيهما من ضرائب بملايين الدولارات".

مشاهد الاحتجاج في مناطق متفرقة من البلاد

الكثيرون في تونس يريدون القطع نهائيا مع نظام بن علي الذي يعد بالنسبة لهم رمز الفساد والقمع والاستبداد. هنا نرى في هذه الساحة في إحوى ضواحي تونس ساحة 7"نوفمبر 1987" تاريخ صعود بن علي إلى السلطة، حيث هشمت اللافتة وكتب ساحة الشهيد "محمد بوعزيزي، الذي يعتبر "رمز الثورة التونسية".صورة من: Ons Abid

وتكررت تقريبا نفس المشاهد في عدد من الولايات (المحافظات) التونسية، حيث خرج على الأقل المئات من سكانها للاحتجاج على تعيين ولاة (محافظين) جدد ينتمون إلى حزب الرئيس المخلوع، قالوا إنهم "متورطون في الفساد" ومطالبين بتعويضهم بآخرين مستقلين. وتحت ضغط تجمع حاشد من المواطنين الغاضبين والذين هتفوا مرارا وتكرارا "ديغاج! ديغاج!" اضطر عدد من الولاة الجدد، على غرار محمد قويدر والي قفصة (جنوب غرب تونس)، إلى مغادرة مركز الولاية تحت حماية عناصر من الجيش أمّنت خروجه في سيارة عسكرية.

فيما لم ينتظر بعض المسؤولين، الذين أشهرت في وجوههم الورقة الحمراء "ديغاج"، حتى تتم إقالتهم بل سارعوا بتقديم استقالاتهم من المسؤوليات التي يتقلدونها. ومن بين هؤلاء منتصر وايلي، الرئيس المدير العام لشركة "اتصالات تونس"، التي تملك الدولة غالبية رأسمالها، الذي استقال نهاية الشهر الماضي من منصبه، الذي عينه فيه الرئيس المخلوع.

وأطرد مئات من موظفي وزارة الخارجية التونسية يوم 07 شباط/فبراير وبشكل وصف ب"المهين" وزير الخارجية أحمد ونيّس (75 عاما)، الذي بالكاد شغل هذا المنصب لأسبوعين، وذلك احتجاجا على إدلائه بتصريحات لتلفزيون "نسمة تي في" التّونسي الخاص اعتبروا أنّه استهزأ فيها من "ثورة التونسيين" التي أطاحت ببن علي. وفيما لم يؤكد خبر إقالة ونيس رسميا، إلا أن مصدرا بوزارة الخارجية قال لدويتشه فيله إن "الوزير لم يلتحق بعمله يوم الثلاثاء 08 شباط / فبراير وأنه من غير المستبعد أن تقع إقالته من منصبه".

"نظام بن علي رحل – ولكن بقاياه لا تزال موجودة"

ويقول مهدي مبروك، الباحث الاجتماعي وأستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، في حديث لدويتشه فيله إن المواطنين والموظفين المتمرّدين على المسؤولين في مختلف المواقع يحرّكهم شعور بـ"الامتعاض الكبير جدا" من الذين تقلّدوا مناصب في عهد الرئيس المخلوع. ولفت إلى أن الممتعضين يعتقدون أن متقلّدي المسؤوليات "لم تكن لهم كفاءة لتولّي المناصب، التي شغلوها وأنّهم حرقوا كثيرا من المراحل في تدرجّهم المهني وفي بعض الأحيان تم إسقاطهم على الإدارات نظرا لارتباطاتهم السياسية والزبونية بالعائلة الحاكمة وبرموز في الإدارة الأمنية والحزب الحاكم".

وأضاف مبروك قائلا: " بن علي رحل لكن في ذهن الناس لم يرحل بالكامل لأن بقايا من أذرعه ووجوهه وممارساته القديمة لا تزال موجودة في الإدارة المحسوبة على النظام السابق". وحذر الباحث من أن تعمّ الفوضى، داعيا إلى احترام القوانين وإلى رفع المظالم والشكاوى إلى لجنة مكافحة الفساد والرشوة التي تم تشكيلها مؤخرا للنظر في التجاوزات الإدارية المسجلة في عهد الرئيس المخلوع.

"الفوضى قد تدفع إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى"

البعض يحذر من استمرار الاحتجاجات وتمرد الموظفين على المديرين والمسؤولين قد يقود البلاد إلى الفوضى وبالتالي إعلان حالة الطوارئ القصوى.صورة من: picture-alliance/dpa

من جهته، يرى الصحافي جمال العرفاوي في حديث خاص لدويتشه فيله أن تونس تعيش في الوقت الراهن "حالة فوضى كبيرة"، لافتا إلى أن الشارع التونسي قد تحوّل من المطالبة برحيل بن علي إلى مطالبة الدولة بإصلاحات "يريد تحقيقها في يوم واحد"، الأمر الذي وصفه ب"المستحيل".

ولاحظ الصحافي أن التحرّكات الاحتجاجية، التي تم تسجيلها في عديد المؤسسات الحكومية والخاصة، أثبتت أن الاتحاد العام التونسي للشغل (التجمّع الرئيسي لنقابات العمال في البلاد) "لم يعد يسيطر" على النقابات المنضوية تحت لوائه والتي تنسّق عادة مع الاتحاد قبل تنفيذ أي تحرّك احتجاجي وأن الأمور "انفلتت" منه.

وحذر الصحافي التونسي من أن تتحوّل الأمور إلى "تصفية حسابات شخصيّة" وأن تتوسع رقعة الفوضى، مشيرا إلى أن الدولة "فقدت هيبتها" وأن الماسكين بزمام الحكم قد يلجؤون إلى "الحلول القصوى" كإعلان حالة الطوارئ القصوى في البلاد وتعليق العمل بالدستور إلى حين إعادة النظام إلى البلد. وقال إن استدعاء الجيش التونسي مطلع هذا الأسبوع لجنود الاحتياط من شأنه أن "يغذّي هذه الفرضيّة". يذكر أن تونس قد أعلنت منذ 14 يناير/كانون الثاني 2011 وإلى أجل غير مسمى حالة الطوارئ.

منير السويسي – تونس

مراجعة: شمس العياري

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW