تحديات القرن الـ 21: إلى أين يتجه الجيش الألماني؟
٢٠ مايو ٢٠١٣مرحلة التحضيرات ورسم الخطط ووضع الخطوط العريضة انتهت، وفقا للتقرير المتعلق بإعادة هيكلة الجيش الألماني، الذي قدمه وزير الدفاع توماس دي ميزير إلى البرلمان الألماني. والآن يجب البدء بالتنفيذ. وهذه تعتبر الخطوة الأولى في مشروع الإصلاح بعد عامين من بدايته.وهنا يجب تحضير الجيش الألماني لمواجهة سيناريوهات متغيرة من التهديدات، فضلا عن مواجهة البيئة الديموغرافية والمالية المتغيرة.
الجيش الألماني ومراعاة الوضع العائلي
حقبة التغييرات في الجيش انطلقت في الأول من يوليو/ تموز 2011، مع دخول قرار وقف العمل بالتجنيد الإجباري، في خطوة تهدف إلى تحويل الجيش إلى جيش من المتطوعين المحترفين فقط. وبعد عامين تقريبا من بدء تنفيذ تلك الخطوة، تقدم وزارة الدفاع تقييما أوليا أظهر بعض المفاجأة والرضا. ورغم وجود معدلات مرتفعة في أعداد من يقطعون تطوعهم وينسحبون، وفقا لتقرير وزارة الدفاع في نقد ذاتي: حتى يناير/ كانون الثاني من هذا العام، قطع ربع المتطوعين خدمتهم قبل الوقت المحدد. ولكن ذلك لم يؤثر على الحد الأدنى المطلوب وهو وجود 5000 متطوع. حاليا هناك حوالي 10000 متطوع ومتطوعة يؤدون الخدمة لمدة 23 شهرا.
وزير الدفاع يريد أن لا يتأثر المشروع بالناحية الديموغرافية مع انخفاض معدل المواليد الجدد، لذلك يرى أنه يجب على القوات المسلحة العمل بإيقاع أسرع. "لن نتمكن أبدا أن نكون جيدين كما الآخرين"، هذا ما قاله دي ميزير مؤخرا أمام زملائه في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، "ولكن علينا أن نتطور ونصبح أفضل مما نحن عليه". وخصوصا من ناحية مراعاة الأوضاع الأسرية؛ هنا يجب على الجيش الألماني إحراز تقدم، كما يؤكد الوزير. ولهذا السبب يجري حاليا بناء خمس رياض أطفال كبيرة في مواقع الخدمة، كما جرى حجز مؤسسات في القطاع الخاص لرعاية أطفال العسكريين.
معالجة جذرية للعمليات العسكرية
وعموما، فإن عملية تكيف القوات المسلحة تسير وفقا ما هو مخطط لها. وخصوصا في وزارة الدفاع نفسها وكذلك في الإدارة المدنية حيث تم بالفعل خفض الكثير من الوظائف بهدف التحول إلى جيش محترف أصغر حجما. وتقضي الخطة بألا يزيد عدد العاملين في المستقبل عن 240.000 من الجنود والمدنيين. وهنا يجب أن يتقلص في النهاية عدد الجنود من أكثر من 240.000 جندي إلى 180.000 جندي.
وزير الدفاع دي ميزير يعلل هذا التغيير الجذري في بينة الجيش الألماني بأنه يتم بسبب تغير طبيعة التهديدات: "أصبحت مهمة الجيش لا تتعلق بحماية أراضي البلاد وإنما القيام بعمليات لنزع فتيل الأزمات ومنع نشوب الصراعات في أي مكان في العالم".
أصبحت ألمانيا بعد نهاية الحرب الباردة محاطة بدول صديقة، وفقا لوزير الدفاع. وهذا غير من طبيعة التهديدات: لم تعد الصراعات بين الدول هي التهديد المحتمل، وإنما الشبكات الإرهابية، وكذلك الدول التي تقف على حافة التفكك والتحول إلى دول فاشلة، وهناك تهديد من طرف أسلحة الدمار الشامل، وكذلك الحروب الأهلية؛ هذه هي التهديدات الأمنية الجديدة.
ولذلك فإن الجيش الألماني مضطر لتغيير استراتيجياته المالية. هناك حاليا مراجعة لمسألة الإنفاق على المعدات الثقيلة مثل الدبابات العسكرية والطائرات المقاتلة. وبالمقابل هناك تركيز على مهارات جديدة بحيث يكون هناك جنود مؤهلون لخوض الحروب الإلكترونية والتصدي للقرصنة الإلكترونية، بالتدريب على كل ما يتعلق بالفيروسات وغيرها من "أسلحة" الحرب الإلكترونية.
وحدات صغيرة مرنة للاستخدام الدولي
والهدف من إعادة الهيكلة يبقى: في محيط تكون التهديدات الأمنية فيه غير محسوبة وغير معروف توقيتها، يجب أن يكون الجيش الألماني معدا إعدادا جيدا ومستعدا تماما وفي أي وقت لأي طارئ. ويلخص وزير الدفاع الأمر بالقدرة على المساعدة والحماية والقتال. وبهذا فإن المهام تشمل تقديم الدعم في حالات وقوع الكوارث، ومواجهة الإرهاب الدولي، وإجلاء المواطنين الألمان في الخارج، وكذلك المهمات العسكرية الدولية في إطار بعثات تابعة للأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن التقسيم الأساسي للقوات المسلحة يبقى كما هو: قوات برية وبحرية وجوية وقسم رابع للقوات المختلطة، فإن عملية إعادة هيكلة جذرية تتم ضمن هذه الأقسام الأربعة. وبدلا من الوحدات الكبيرة، ستتكون القوات المسلحة في المستقبل من وحدات صغيرة على درجة عالية من الاحتراف والمرونة، لتكون هذه الوحدات قادرة على العمل مع الحلفاء على أفضل وجه ممكن في العمليات الدولية، مثل تلك العمليات الموجودة في أفغانستان أو القرن الإفريقي لقوات الحلفاء.
ويريد الجيش الألماني أن يصل إلى وضع يسمح له بإرسال 10000 جندي إلى موقعي عمليات بنفس الوقت. وبالإضافة إلى ذلك، تتطلع ألمانيا لأن تكون قادرة على إرسال قوات للتدخل السريع ضمن مهام حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو الاتحاد الأوروبي. ومن أجل أن يكون هناك 10000 جندي في حالة جاهزية دائمة، هناك حاجة لإعداد ما مجموعه 50000 جندي.
نشطاء السلام ينتقدون هذا التحول في الجيش الألماني بقوة، ويرون في ذلك تحويلا للجيش الألماني ليكون جيش تدخل دولي. توماس دي ميزير يرى أن ذلك الانتقاد لا أساس له من الصحة، لأنك هناك تقييد لعمل الجيش الألماني في كثير من الأماكن. والهدف من الخطة هو مجرد أن تكون القوات قادرة على العمل بشكل أفضل مع الشركاء الدوليين. التقديرات تشير إلى أن الانتهاء من عملية إعادة الهيكلة لا يمكن أن يتم قبل عام 2017، على افتراض عدم حصول تغيير جذري في الوضع الأمني.