1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحديات صعبة ومستقبل غامض أمام الحكومة الألمانية القادمة

١١ أكتوبر ٢٠٠٥

إنتهت معركة شد الحبل بين الأحزاب الألمانية بالإتفاق على تشكيل تحالف بين الحزبين الكبيرين المتساويين في قوتهما السياسية والمختلفين في برنامجيهما في ظل شكوك حول مستقبل الحكومة القادمة وقدرتها على مواجهة تحديات المرحلة.

تحديات صعبة امام حكومة ميركلصورة من: dpa - Bildfunk

بعد مخاض عسير شهدته الساحة السياسية الألمانية على مدى الثلاثة أسابيع الأخيرة إتفق الحزبان الألمانيان الكبيران،الحزب المسيحي الديمقراطي ورديفه التقليدي الإتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري من جهة والحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم من جهة أخرى، على صيغة تعاون مبدئية بينهما مهدت الطريق أمام بدء محادثات تشكيل تحالف حكومي كبير يجمع بينهما. وسبق التوصل إلى هذا الاتفاق مساومات ومفاوضات مضنية بين الطرفين حول أحقية تبوء منصب المستشارية وتوزيع الحقائب الوزارية.

ائتلاف الأمر الواقع

تحالف الكبارصورة من: dpa

وفرضت نتائج الانتخابات البرلمانية نفسها بشدة على طبيعة تشكيل الحكومة الجديدة وأفرزت واقعا سياسيا خاصا سيظل يرافق هذه الحكومة على مدى الأربع سنوات القادمة. فعدم حصول أي من الأحزاب على الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة منفردا حتم إعادة ترتيب الخارطة السياسية وخلق خارطة تحالف سياسي بين أحزاب تبدو أنها ليست فقط غير متجانسة وإنما أيضا متناقضة في توجهاتها السياسية. كل من اليمن واليسار كان علية أن يتنازل للآخر كي يتمكنان معا من التوصل إلى صيغة اتفاق معينة تمكن من تشكيل حكومة ائتلافية مشتركة. ولاشك أن شعور كلا الحزبين بمسؤوليتهما كحزبين كبيرين في الساحة السياسية يمسكان بطرفي اللعبة السياسية الألمانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية قد حتم عليهما البحث عن قواسم مشتركة وإيجاد حل وسط. كما أجبر ذلك الطرفان على تقديم تنازلات لا يمكن إعتبارها أكثر من القبول بسياسة الأمر الواقع.

مستقبل غير واضح المعالم

ميركل بين الفرح بمنصب المستشار والخوف من المجهول القادمصورة من: picture-alliance/dpa

من الصعب الحكم على قدرة الحكومة الجديدة إذا أن الوقت لازال مبكرا لمعرفة طبيعة وحجم التنازلات التي قدمها كل طرف وطبيعة الاتفاقات. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الحزبيين متفقين على ضرورة دفع عمليات الإصلاح الاقتصادي إلى الإمام وإصلاح النظام الضريبي ومعالجة ظاهرة البطالة المتفشية التي تنخر في الاقتصاد الألماني ومعالجة العجز في الميزانية العامة، إلا أن الكيفية التي ستعالج بها هذه المشكلات هي التي كانت ـ وربما ستظل ـ محل خلاف بينهما، الأمر الذي يتطلب مستشار قوي وحكومة متجانسة قادرة على تنفيذ سياسة إصلاحية جريئة.

تحديات أمام حكومة ميركل

وزير الاقتصاد المنتظر، ادموند شتويبرصورة من: AP

لم يكن أي من الحزبين يمتلك الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة لكن كلا منهما يملك النصاب اللازم من الأصوات في البرلمان لعرقلة خطط الأخر وكل منهما لا يملك الأغلبية اللازمة التي تمكنه من اتخاذ القرارات دون اللجوء إلى الحلول الوسط وربما المفاوضات كل مرة. و تبدو المستشارة الألمانية القادمة أنغيلا ميركل قوية لقيادة حكومة ألمانيا للفترة القادمة وتملك الحنكة السياسية والقدرة على الصمود والمناورة التي عرفت بها أثناء قيادتها لحزبها في أحلك ظروفه. غير أن مقعد المستشار الذي ستجلس عليه ميركل ليس مفروشا بالورود. فهي ستواجه بلا شك عدة عقبات في طريقها، ليس فقط من جانب الأحزاب الأخرى بما في ذلك الشريك في الائتلاف الحكومي، بل وأيضا من داخل حزبها ناهيك عن أحزاب المعارضة. وسيتوجب على ميركل، التي لم تحصل على نصر مقنع في الانتخابات، أن تقود حكومة معقدة التركيب ومتباينة المشارب حيث ستجد نفسها مضطرة إلى التوفيق بين رغبات ناخبيها ونهج حزبها وبين الحفاظ على الخيط الرفيع للعلاقة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وهو الخيط الذي يعني إنقطاعه سقوط حكومة ميركل بلا شك.

تفاؤل اقتصادي

قطار الاقتصاد الالماني بحاجة الى دفعة قويةصورة من: AP

كانت ميركل كمرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي قد سعت في حملتها الانتخابية إلى كسب ثقة الناخب الألماني من خلال تأكيدها على إصلاح سوق العمل عن طريق خفض تكاليف الإنتاج. وكان المستثمرون وقطاع المال والاقتصاد يعولون على حكومة ميركل لتوقعه انتهاجها سياسة اقتصادية أكثر ليبرالية كانوا قد افتقدوها في ظل حكومة شرودر التي أعطت للجانب الاجتماعي أولوية في سياستها الاقتصادية على حساب أرباب العمل. ويعتقد فرد ب. إرفين، رئيس الغرفة التجارية الأمريكية في ألمانيا في مقابلة مع دويتشة فيله أن ميركل "سوف تفاجئ الكثيرين بعد أن استهين بها لسنوات"، واضاف في السياق نفسه: "نحن على ثقة عالية بأن انغيلا ميركل سوف تنجح في إحداث التغيير". ويتوقع إرفين من المستشارة الجديدة، كأول خطوة على طريق الإصلاح، تغيير في قوانين العمل بما سيسهل عملية توظيف وتسريح العمال وفقا لآلية اقتصاد السوق. كما يتوقع الخبير الاقتصادي الأمريكي انخفاضا سريعا للضرائب حيث يقول: "الكل ينتظر ذلك".

مستقبل السياسة الخارجية

هل ستعود العلاقات الحميمة بين برلين و واشنطن؟صورة من: dpa - Bildfunk

لا يبدو أنه سيكون هناك تغيرا جذريا في السياسة الخارجية الألمانية في الفترة القادمة. فثوابت السياسة الخارجية لألمانيا تكاد أن تكون هي نفسها بصرف النظر عن طبيعة الحزب الحاكم. الاختلاف هو في طريقة إدارة هذه السياسة ومدى استقلاليتها أو تبعيتها. وكانت السياسة الخارجية في ظل حكومة شرودر قد اتسمت في بعض مراحلها بالاستقلالية عن السياسة الأمريكية إلى حد كبير وهو ما تسبب ببرود في العلاقات بين واشنطن وبرلين، لاسيما بسبب موقف الأخيرة الرافض للمشاركة في الحرب على العراق. وقد رحبت الولايات المتحدة بفوز ميركل الذي كان حزبها يؤيد الحرب على العراق على عكس حزب شرودر الذي ذهب غير مأسوف عليه من واشنطن. ومن المتوقع تحسن في العلاقات الألمانية الأمريكية في ظل حكومة ميركل، لكن من غير المتوقع أن تعود العلاقات عبر الأطلسي إلى التناغم الحميم غير المحدود الذي كانت عليه في السابق. كما لا يرجح أن تغير برلين من سياستها التقليدية الرافضة لحل العلاقات الدولية بالقوة المسلحة أو أن ترسل برلين جنودها للمشاركة في "الحروب الأمريكية"، لان ذلك يتعارض مع توجهات الشارع الألماني الرافض لعسكرة العلاقات الدولية.

د. عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW