تحديات وصعوبات في إدماج الأطفال اللاجئين في المدارس بألمانيا
٦ مايو ٢٠١٧
خلال العامين الماضيين تم تسجيل 320 ألف تلميذ جديد ذوي أصول مهاجرة في مدارس ألمانيا، ما يشكل عبئا على المعلمين الذين يحتاجون للمساعدة ولمزيد من التأهيل للتغلب على التحديات التي يواجهونها في تعليم وإدماج هؤلاء التلاميذ.
إعلان
زيبله كليمنت، مديرة مدرسة “يان” الابتدائية في مدينة بون، لديها في المدرسة 280 تلميذا من ذوي الأصول المهاجرة معظمهم من العراق وسوريا وتركيا ودول وسط وشمال إفريقيا. بين هؤلاء 25 تلميذا من أبناء اللاجئين أتوا إلى ألمانيا منذ فترة قصيرة ولا يجيدون اللغة الألمانية ويجب البدء معهم من الصفر.
رغم حصول المدرسة على المساعدة من بعض المتطوعين، إلا أن الكادر التعليمي الأساسي لم يتوسع، وبقي عدد المعلمين المؤهلين على حاله. وتحاول إدارة المدرسة التغلب على التحديات التي تواجهها، من خلال الخبرة التي تمتلكها والتعاون الوثيق وروح الفريق التي يتمتع بها الكادر التعليمي في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك يساعد التلاميذ أيضا بعضهم، حيث في المدرسة “تلاميذ ذوي أصول عربية أو كردية يساعدون أقرانهم الجدد بتعليمهم وتعريفهم بأشياء مهمة. وهو ما يخفف من شعور التلاميذ الجدد بالغربة في مدرسة معظم تلاميذها يعرفون الألمانية فقط وأهلهم ألمان”، كما تقول مديرة المدرسة زيبلة كليمنت.
"أهلا وسهلا” صفوف خاصة للتلاميذ الجدد!
يبلغ عدد التلاميذ في المدارس الألمانية حوالي 11 مليون تلميذ، ومنذ عام 2001 كان عدد التلاميذ في سن التعليم الإلزامي يتراجع باستمرار؛ لكن مع قدوم 325 ألف تلميذ جديد منذ عام 2015 زاد عددهم قليلا بنسبة 0.3 بالمائة فقط. إلا إن الاحتياجات الخاصة للتلاميذ من أبناء اللاجئين تشكل تحديا جديدا للنظام التعليمي في ألمانيا. وقد ازداد عدد هؤلاء في المدارس الابتدائية بنسبة 17,6 بالمائة في العام الدراسي 2014/ 2015 مقارنة مع 8 بالمائة بالنسبة للمدارس الأخرى.
وفي الأثناء خصصت الكثير من المدارس صفوفا خاصة “صفوف أهلا وسهلا” لدعم وتلبية الاحتياجات الخاصة للتلاميذ الجدد من أبناء المهاجرين. في هذه الصفوف يتم تعليم هؤلاء اللغة الألمانية أولا، ليستطيعوا الالتحاق بالصفوف العادية الأخرى فيما بعد. وفي تلك الصفوف الخاصة لا يتم تعليم الألمانية فقط، وإنما هناك حصص للرياضة والموسيقى والفن أيضا. وتجدر الإشارة إلى أنه في هذه الصفوف تكون أعمار التلاميذ مختلفة وأحيانا هناك فارق كبير نسبيا بينهم في السن ومستوى التعليم والسنين التي قضوها في المدرسة قبل النزوح من أوطانهم واللجوء إلى ألمانيا.
ويرى رئيس الرابطة الاتحادية للتعليم والتربية في ألمانيا، أودو بيكمان، أن هناك انفراجا تدريجيا للوضع والتحديات التي تواجهها المدارس في هذا المجال، ويقول: “منذ تراجع عدد اللاجئين بشكل واضح، أصبح الوضع أكثر هدوءا ويمكن التفكير والتقييم بشكل أدق قبل اتخاذ قرار بشأن تحديد أي نموذجي تعليمي يحتاجه التلاميذ الجدد وكيف يمكن تصنيفهم بشكل صحيح حسب إمكانياتهم وقدراتهم”.
وصحيح أن تراجع عدد اللاجئين قد ساعد على انفراج الوضع، لكن بيكمان لا يرى أن الأزمة قد انتهت تماما “فالوضع في المدارس ليس على ما يرام وكما يجب، إذ أن الموارد البشرية غير متوفرة” فالمعلمون الذين يتقاعدون لا يتم تعويضهم بآخرين جدد منذ سنوات عديدة! وأزمة اللاجئين قد فاقمت هذا الأمر، أي النقص في عدد الكادر التعليمي.
مواصلة التأهيل والتدريب
العثور على معلمين جدد يشكل تحديا بحد ذاته، وإيجاد تأهيل إضافي مناسب للمعلمين الموجودين يشكل تحديا آخر! وفي هذا السياق تؤكد مارليس تيبه، رئيسة نقابة العاملين في سلك التربية والعلوم، أنه يجب تأهيل وتحضير المعلمين الذين يعملون مع الأطفال المهاجرين، بشكل أفضل، إذ “يجب أن تكون لديهم بعض المعلومات عن البلاد التي أتى منها أطفال اللاجئين وكيفية التعامل مع المصدومين منهم بالإضافة إلى مسألة التعدد الثقافي”. وتنتقد تيبه الوضع لأن “هناك القليل من الفرص لتأهيل المعلمين، ما يؤدي إلى نقص كبير في عددهم وزيادة الضغط عليهم”.
وفي مدرسة “يان” الابتدائية بمدينة بون، يريد المعلمون استقبال التلاميذ أولا، وتقول مديرة المدرسة “نعلم أن أطفالا قد مروا بمآسٍ، لكننا نعاملهم بشكل عادي أولا مثل باقي الأطفال. طبعا نمنحهم وقتا وعناية أكبر، أما ما عدا ذلك فإننا نحاول أن نوفر لهم حياة مدرسية وتعليما عاديا طبيعيا، في بلد يعيش في أمان وسلام”.
ليس من السهل تعلم لغة جديدة. لمعرفة الصعوبات التي يمر بها اللاجئون انضم فريق من تلفزيون الـ "DW" إلى فصل دراسي مُخَصص لطالبي اللجوء. ويجمع هذا الفصل بين تدريس اللغة نظريا وتطبيقا والإطلاع على جوانب الحياة في ألمانيا.
صورة من: DW/M. Hallam
لعل تعلم لغة جديدة والتمكن من أبجديتها يشكلان تحديات أمام طالبي اللجوء لأن أكثرهم بحاجة للمساعدة وبخاصة في المراحل الأولى من وصولهم إلى ألمانيا. إحدى الوسائل المساعدة المتبعة في إحدى المدارس تتمثل في التوجه إلى الشارع سعياً لتعلم اللغة عن طريق الحديث مع الناس.
صورة من: DW/M. Hallam
تهدف الدورات اللغوية الجديدة التي تقيمها مدرسة "ACB" إلى مساعدة القادمين الجدد على الاندماج بالمجتمع الألماني. تُرسل المدرسة طلابها في مهمات للبحث والاستقصاء في محاولة لدفعهم إلى التواصل مع الغرباء باستخدام اللغة الألمانية. المهمة الأولى: "عليهم أن يذهبوا إلى الأسواق والعثور على هذا الكشك ومعرفة أنواع الخضروات والفواكه التي تُباع في الكشك ".
صورة من: DW/M. Hallam
هل تعرف معنى الأناناس باللغة الألمانية؟ لاعذر لمن يجيدون الفرنسية أو الإيطالية، إذا كانت إجاباتهم خاطئة، إلا أن الطلاب الذين يتحدث أغلبيتهم اللغة العربية سيواجهون صعوبة أكثر. ولحسن الحظ فإن أعضاء فريق تلفزيون الـ "DW" كانوا حريصين على تحفيز المشاركين من خلال تسجيل نقاط إضافية للإجابات الصحيحة.
صورة من: DW/M. Hallam
تم تشجيع الطلاب على ترك هواتفهم ومحاولة سؤال الألمان وطلب مساعدتهم لمعرفة الوجهة المُرادة، وكان العثور على أحد المارة الذي يُتقن اللغتين العربية والألمانية من الأمور التي ساعدتهم إلى حد كبير. بسام (الذي يحمل الورقة بيده) أدلى بدلوه أيضا ونطق بعدة جُمَلٍ لم يُفْهَم معناها.
صورة من: DW/M. Hallam
يعتبر مكان ولادة "لودفيغ فان بيتهوفن"من أشهر الأماكن في مدينة "بون" وهو يقع بالقرب من السوق وسط المدينة، وقد تحول المنزل إلى ما يُشبه المتحف الصغير. رضوان وإبنه علي هما بالأصل من مدينة "حلب" ويعملان على إنجاز مهمتهما. تمكنا من العثور على التاريخ السحري لميلاد "بيتهوفن" وهو عام 1770.
صورة من: DW/M. Hallam
كانت نقاط المكافأة تُمْنَح للمجموعات الأسرع بإنجاز عملية البحث وقد أبقى المتنافسون عيونهم على الساعة لمعرفة زمن البحث. إستغرقت عملية البحث قرابة الساعتين قاموا خلالهما بزيارة أماكن يمكن أن يعاودوا زيارتها ثانية. ومن بين الأمور التي طُلِبَ منهم عملها معرفة وتدوين أوقات دوام مكتب رعاية الأجانب.
صورة من: DW/M. Hallam
"إنطلقوا إلى ساحة "فريدينزبلاتس"، تُشير التعليمات للفريق بأن يتوجه إلى ساحة رئيسية أخرى وسط مدينة "بون". ماهي المحطة الأخيرة للحافلة رقم "608"، ومتى ستصل الحافلة التالية؟ تتوقف الحافلة رقم "608" على مقربة من بناء "باولوس هايم" في مدينة "بون" وقد كان البناء سابقا مخصصاً للمسنين، غير أنه تحول الآن ليصبح مكاناً لإقامة اللاجئين.
صورة من: DW/M. Hallam
المحطة التالية هي مكتبة المدينة،حيث بإمكان الطلاب العثورعلى كتب باللغات العربية والفارسية والكردية كما بإمكانهم الإستفسار عن الإجراءات المطلوبة لإستعارة الكتب. وعند الدخول إلى المكتبة لفت إنتباه مراسلنا وجود مدرس الفصل الذي كان يمضي استراحته مع الطلاب، حيث كان أحد المشاركين يستعرض بفخر صور الفصل الدراسي الذي إلتقطها مؤخراً.
صورة من: DW/M. Hallam
عند إقتراب نهاية المهمة التي كُلِف بها الطلاب طُلِبَ منهم أن يجلسوا في مكان ما لتعبئة البطاقات البريدية. ذهبوا إلى مكتب البريد الرئيسي واشتروا طوابع بريدية وأرسلوا رسائل، وإحتفظوا بإيصالات شراء طوابع البريد. تم حل معضلة وسيلة أخرى من وسائل التواصل، غير أن إختيار الطابع المناسب للوجهة المحددة بقي تحدياً للمشاركين.
صورة من: DW/M. Hallam
كان هذا الدرس أطول من المعتاد- فبعض الفرق تحتاج إلى وقت أكثر من غيرها، أما من إستطاع أن يُنهي التحدي بوقت أقصر فهناك لعبة تخمين الكلمات بإنتظاره: حيث رسم شكلاً ما على اللوح وطُلبَ منهم كتابة الإسم المناسب لذلك الشكل "طبعاً الكلمات يجب أن تُكتب باللغة الألمانية". أظهرت هذه اللعبة فروقات لابأس بها بين قدرات الطلاب: فبعضهم لم يتمكن من المساهمة والبعض الآخر تمكن من تحديد الصيغة الصحيحة للأسماء.
صورة من: DW/M. Hallam
خصصت "آليف إريسوف رينكي" المُدرِسة في معهد ACB لتعليم اللغة الألمانية جوائز للفرق التي تُسجل أفضل النتائج في المهمة التي تهدف لتقصي الحقائق في وسط مدينة بون وضواحيها. لم يتمكن فريقنا من الحصول على إحدى المراتب الثلاث الأولى ولربما يكون ذلك بسبب المراسل الذي طُلِبَ منه أن يمتنع عن تقديم المساعدة للمشاركين.
صورة من: DW/M. Hallam
مفاجأة توجت نهاية اليوم: الجائزة من نصيب الطالب رضوان، رضوان هو أكبر المتنافسين سناً وقد تمكن من الفوز بالتحدي. الطالب رضوان كان يبتسم طوال فترة إجراء التمرين. كان الجميع يهتفون "صورة، صورة"، نيابة عن تلفزيون الـ "DW"وبعد أن أنجزنا مهمتنا طلبنا الإذن للمغادرة.