تحديد موعد الانتخابات الرئاسية.. هل تجاوزت السنغال أزمتها؟
٩ مارس ٢٠٢٤يبدو أن التقويم الانتخابي في السنغال - الذي توقف لفترة وجيزة - قد عاد إلى مساره الطبيعي بعد أن أعلن الرئيس السنغالي ماكي سال تاريخ الجولة الأولى للاستحقاق الرئاسي في 24 من مارس/ آذار الجاري.
وقد حظى الإعلان عن موعد الاستحقاق على موافقة المجلس الدستوري الذي يعد أعلى هيئة انتخابية في البلاد والذي أصدر قرارا تاريخيا قضى بعدم دستورية القانون الذي أقرته الجمعية الوطنية - البرلمان - في الخامس من فبراير/ شباط الماضي وأدى إلى إرجاء الانتخابات لمدة عشرة شهوروإبقاء الرئيس في منصبه إلى حين انتخاب خلف له.
ونص قرار المجلس الدستوري على ضرورة إجراء الانتخابات قبل الثاني من أبريل/ نيسان 2024 وهو موعد انتهاء ولاية سال الرئاسية.
وقالت "فرانس برس" إن المجلس الدستوري رفض تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 2 يونيو/ حزيران المقبل مع الإشارة إلى إمكانية عدم مراجعة قائمة مرشحي الرئاسة التسعة عشر الذين تمت الموافقة عليهم.
وكان قرار سال القاضي بتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 25 فبراير/ شباط الماضي قد أثار انتقادات قوية من أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، فيما تُوجت حالة الغضب باندلاع مظاهرات عارمة في البلاد؛ ما سلط الضوء على مسار الديمقراطية في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.
وصوت المشرعون في الخامس من فبراير/ شباط الماضي لصالح الموافقة على تأجيل الانتخابات بناء على رغبة الرئيس المنتهية ولايته، حيث أقر البرلمان السنغالي مشروع القانون الذي يرمي إلى إرجاء الانتخابات الرئاسية إلى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2024 رغم أن صيغة مسبقة من التشريع كانت تنص على إجراء الاستحقاق الانتخابي في 15 أغسطس/ آب المقبل.
تضحيات لإنقاذ الديمقراطية
بدوره، ترى مامي ديارا ندياي سوبيل، الخبيرة في الشؤون الحكومية والعضو في "جبهة المقاومة والدفاع" المعارضة، إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد المحدد رغم التأخير الذي تسبب فيه سال. وقالت في مقابلة مع DWإن هذا الأمر "ممكن، طالما أرادت جميع الأطراف المعنية ذلك. هذه الانتخابات ترمي إلى إنقاذ الديمقراطية والاستقرار في السنغال، لذا قد يتعين على الأطراف السياسية تقديم بعض التضحيات".
وفي خضم إعلانه موعد الاستحقاق الرئاسي، أقدم الرئيس السنغالي على حلّ الحكومة وتعيين رئيس جديد للوزراء حيث ذكر البيان الرئاسي تعيين سيديكي كابا رئيسا للحكومة خلفا لأمادوبا الذي يخوض هو أيضا معركة الانتخابات الرئاسية.
الديمقراطية تسود
وقبل إقراره الرابع والعشرين من الشهر الجاري موعدا لإجراء الانتخابات، كانت رغبة سال في تأجيل الانتخابات حتى أواخر العام الجاري ترمي إلى بقائه في السلطة حتى ديسمبر/ كانون الأول رغم انتهاء ولايته رسميا في الثاني من أبريل/ نيسان المقبل. بيد أن رغبة سال قوبلت برفض شعبي واحتقان سياسي. وتعد السنغال واحدة من أكثر دول غرب أفريقيا تمتعا بمسار ديمقراطي مستقر، إذ شهدت ثلاث عمليات لانتقال سلس وسلمي للسلطة، ولم يعصف بها أيانقلابات عسكرية على النقيض من دولغرب أفريقياالأخرى.
من جانبه، أشاد جبريل غنيجي، رئيس إحدى أبرز منظمات المجتمع المدني، باستقلالية المجلس الدستوري. وفي مقابلة مع DW، قال المدير التنفيذي لـ "منصة جهات المجتمع المدني الفعالة من أجل شفافية الانتخابات" في السنغال، إن الرئيس سال ليس أمامه من الناحية القانونية "سوى خيارين هما إما إجراء الانتخابات قبل الثاني من أبريل/ نيسان أو البقاء حتى ذلك التاريخ ثم يتنحى".
العفو عن السجناء السياسيين
وكان البرلمان السنغالي قد اعتمد قانون العفو عن "الأفعال" المرتبطة بالاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، بما يقضي بإطلاق كافة المعتقلين السياسيين قبل الانتخابات المقبلة.
وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أن أكثر من ألف ناشط ومعارض قد زج بهم في السجون خلال السنوات الثلاث الماضية. فيما يقول مراقبون إن القانون الجديد من شأنه أن يمهد الطريق أمام إطلاق سراح عثمان سونكو، المعارض الشرس الذي تحدى نظام سال ليتحول لأيقونة سياسية عقب اعتقاله بتهمة "إفساد الشباب".
ويفسح القانون المجال أيضا لإطلاق سراح باسيرو ديوماي فاي، أحد قادة حزب "باستيف" المعارض وأحد المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفي مقابلة مع DWقال الناشط الحقوقي وأحد أعضاء حزب "باستيف"، إنه يدعم ترشيح باسيرو ديوماي فاي للرئاسة ويطالب بالإفراج الفوري عنه، مضيفا "يجب أن يستفيد فاي من مبدأ تكافؤ الفرص الذي يتمتع به سائر المرشحين حيث لم تتم محاكمته أو إدانته".
أعده للعربية: محمد فرحان