بعد إعلان وزير الداخلية الألماني عن إجراء محادثات مباشرة مع حركة طالبان بشأن عمليات الترحيل، تعالت أصوات سياسية منتقدة الخطوة معتبرة إياها بمثابة "صفعة في وجه كل من ناضلوا لسنوات ضد طالبان لنصرة الديمقراطية".
أكد متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أن وفدا من مسؤولي الوزارة سيزور كابول الشهر المقبل للتفاوض مع ممثلي طالبان بشأن آليات الترحيل. صورة من: Jan Woitas/dpa/picture alliance
إعلان
أعلن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت أن الحكومة الألمانية بصدد إجراء محادثات مع حركة طالبان في العاصمة الأفغانية كابول بشأن عمليات الترحيل من ألمانيا.
وقال الوزير في تصريحات لصحيفة "بيلد آم زونتاغ" الألمانية الصادرة اليوم الأحد (28 سبتمبر/أيلول 2025): "يجب أن تتم عمليات الترحيل إلى أفغانستان بشكل منتظم. لذلك سنتفاوض حاليا بصورة مباشرة في كابول لضمان ترحيل حاسم للمجرمين والمهددين للأمن في المستقبل".
وأكد متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية للصحيفة أن وفدا من مسؤولي الوزارة سيزور كابول في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل للتفاوض مع ممثلي طالبان بشأن آليات الترحيل. وكان دوبرينت صرح قبل أسبوعين بأنه يتوقع انطلاق محادثات قريبا في العاصمة الأفغانية، متحدثا عن إجراء محادثات "على المستوى التقني مع مسؤولين أفغان"، دون أن يدلي ببيانات عن مكان انعقاد تلك المحادثات.
جدل سياسي وحقوقي في ألمانيا
تثير هذه الاتصالات جدلا واسعا، إذ لا تقيم برلين أي علاقات دبلوماسية رسمية مع طالبان، التي استعادت السلطة في أفغانستان في أغسطس/ آب 2021، وتواجه طالبان عزلة دولية على خلفية انتهاكاتها لحقوق الإنسان، خاصة حقوق المرأة.
فقد وجه حزب الخضر وحزب اليسار في ألمانيا انتقادات حادة لخطة وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت الرامية إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع حركة طالبان الإسلامية في العاصمة الأفغانية كابول بشأن إتاحة عمليات ترحيل منتظمة للأفغان من مرتكبي الجرائم في ألمانيا إلى بلادهم.
وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، قال مارسيل إمريش المتحدث باسم حزب الخضر لشؤون السياسة الداخلية: "من خلال عقد اتفاقية مع طالبان يجعل دوبرينت من نفسه رهن منظمة إسلاموية، ويرفع من مكانتها"، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستكون بمثابة "صفعة في وجه كل من ناضلوا لسنوات ضد طالبان لنصرة الديمقراطية".
وفي ذات السياق، صرحت كلار بونغر نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار لصحيفة "راينيشه بوست" الألمانية الصادرة غدا الاثنين، قائلة إن "من يتفاوض مع حركة طالبان، فإنه يضفي الشرعية عليها ويهون من خطر الإرهابيين". ورأت بونغر أن الهدف من هذه المفاوضات هو "التحضير لعمليات ترحيل بأعداد كبيرة إلى بلد يعد فيه التعذيب وعمليات الإعدام العلنية والجلد جزءا من الحياة اليومية". وأضافت أن " من يعقد مثل هذه الصفقات يجعل من نفسه شريكا في الجريمة".
لا تقيم برلين أي علاقات دبلوماسية رسمية مع طالبان لكنها تبحث عن حلول لأجل تسريع عمليات الترحيل إلى أفغانستانصورة من: Nabi Amini
جدير بالذكر أنه منذ عودة طالبان إلى الحكم، نفذت الحكومة الألمانية عمليتا ترحيل بمساعدة قطر. وفي أغسطس/ آب 2024 - إبان الحكومة الألمانية السابقة - جرى ترحيل 28 مدانا بجرائم جنائية إلى كابول. وفي يوليو/ تموز الماضي نقلت طائرة تقل 81 رجلا من المدانين بجرائم قتل واعتداءات جنسية وأعمال عنف وجرائم مخدرات إلى أفغانستان، بحسب بيانات الولايات الألمانية.
بالصور: مئات الآلاف من الأفغان في مواجهة الترحيل
في إطار التهديد بترحيل جماعي من باكستان، غادر أكثرمن 200.000 أفغاني بالفعل البلاد في جنوب آسيا. وفي أفغانستان يتهدد العائدين البرد والجوع ومختلف الخدمات الأساسية.
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance
وصول الآلاف إلى مرفأ حدودي
وصل الآف الأشخاص إلى منطقة تورخام الحدودية شمال غرب باكستان بعد أن بدأت السلطات الباكستانية بنقل الأفغان الذين ليس لديهم أوراق رسمية صالحة إلى معسكرات لترحيلهم. وتستضيف باكستان حوالي أربعة ملايين شخص من أفغانستان. وبحسب البيانات الحكومية هناك 1.7 مليون أفغاني يقيمون بشكل غير قانوني في البلاد.
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance
مستقبل غير آمن
بعد استعادة حكم طالبان مرة أخرى في عام 2021، هرب حوالي 600.000 أفغاني إلى البلد المجاور. وكان عشرات الآلاف من الأشخاص قد غادروا بالفعل أفغانستان خلال النزاعات في السبعينيات والثمانينيات وذهبوا إلى باكستان وأنجبوا أطفالهم هناك. كما أن الكثيرين من هؤلاء لم يزوروا أبدًا بلد آبائهم.
صورة من: Esmatullah Habibian/Middle East Images/abaca/picture-alliance
شاحنات تغص بالأمتعة والعائلات
عائلات أفغانية على متن شاحنات تنتظر على الحدود الباكستانية قبل السماح بدخولها إلى الوطن الأم. وقد أفادت وكالات الأمم المتحدة عن زيادة حادة في عدد الأفغان العائدين إلى ديارهم منذ أن شنت باكستان حملة قمع ضد الأشخاص الذين يعيشون في البلاد بشكل غير قانوني.
صورة من: Muhammad Sajjad/AP/dpa/picture alliance
الخوف من العودة
أقامت الحكومة في كابول مخيمين على الجانب الأفغاني من تورخام لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الأشخاص. وقد حددت حكومة إسلام آباد مهلة للأفغان انتهت في أكتوبر/ تشرين الأول. ويقول القرار الباكستاني على أنه يجب على المهاجرين غير الشرعيين مغادرة البلاد بحلول 1 نوفمبر/ تشرين الثاني. ومع ذلك يخشى العديد منهم العودة إلى البلاد التي هربوا منها.
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance
تحت سيطرة طالبان
يقوم مقاتلو طالبان بحراسة مكتب تسجيل للوافدين الجدد من باكستان. وقد حذرت منظمة "مراسلون بلا حدود" من أن حوالي 200 من الأفغان العاملين في وسائل الإعلام معرضون لخطر الترحيل. وبعد استيلاء طالبان على السلطة، هرب العديد من الصحفيين خارج البلاد إلى باكستان خوفًا من التضييق عليهم وملاحقتهم.
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance
ظروف حياة سيئة للعائدين
تعبر العديد من منظمات الإغاثية الدولية عن الوضع الصعب للعديد من الأفغان الذين تم ترحيلهم من باكستان إلى منطقة الحدود بين البلدين. ويفتقر الجانب الأفغاني من الحدود إلى مأوى، وإمدادات غذائية، ومياه الشرب، ووسائل التدفئة ومرافق النظافة. والعديد من الأشخاص يجدون أنفسهم مضطرين للنوم في العراء.
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance
مواقد نيران للتدفئة
في الليل تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من عشر درجات مئوية. ولا يمكن للنازحين الحصول على بعض التدفئة إلا من خلال مواقد نيران صغيرة في العراء. قرار باكستان بترحيل الأفغان يثير انتقادات شديدة. وتحذر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) من كارثة إنسانية في فصل الشتاء القادم، لاسيما وأن العديد من العائلات ليس لديها مكان يمكنها العودة إليه في أفغانستان.
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance
انتظار المجهول
حثت منظمة الحماية للاجئين "برو آزيل" الحكومة الألمانية على استضافة الأفغان المهددين . وقالت أليما أليما، المسؤولة عن قضية أفغانستان: "اضطر العديد من الأشخاص إلى الفرار إلى باكستان بحثا عن إجراءات الاستقبال في ألمانيا وبلدان أخرى. ويجب على وزارة الخارجية العمل على إخراجهم بسرعة".
صورة من: Ebrahim Noroozi/AP Photo/picture alliance