تحركات مصرية وسعودية وإفريقية لوقف نزيف الدم في السودان
١٦ أبريل ٢٠٢٣
على وقع الاشتباكات العنيفة في السودان انقطع بث التلفزيون الرسمي دون اتضاح السبب. دبلوماسياً اتصل وزير الخارجية السعودية بالبرهان وحميدتي، فيما يتوجه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي إلى الخرطوم "على الفور".
وشدّد الوزير السعودي " خلال محادثاته مع الطرفين على أهمية العودة إلى الاتفاق الإطاري الذي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار للسودان وشعبه الشقيق"، حسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
ومن جانبها، دعت مصر طرفي النزاع الجاري إلى "الوقف الفوري للعمليات العسكرية حقناً لدماء أبناء الشعب السوداني، وتغليب لغة الحوار من أجل حل الخلافات، حفاظاً على سلامة واستقرار البلاد، وحماية مقدرات الشعب السوداني وطموحات ثورته المجيدة"، كما جاء في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية.
وأشار البيان إلى "المبادرة المصرية/ السعودية بالدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، ومبادرة الوساطة المصرية/ الجنوب سودانية".
وقال مكتب الرئيس الكيني وليام روتو على موقع تويتر، إن الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) تعتزم إرسال رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان في أسرع وقت ممكن لإجراء مصالحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومن طرفه، أعلن الاتحاد الإفريقي الأحد أن رئيس مفوضيته موسى فقي محمد سيتوجه "فوراً" إلى السودان "للتحدث مع الطرفين بشأن وقف إطلاق النار". وعبّر الاتحاد الإفريقي عن "قلقه العميق" إزاء الوضع، داعياً قوات الجيش والدعم السريع إلى "حماية المدنيين"، وفق ما جاء في بيان صدر عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد بعد ظهر الأحد.
ولم تتوافر في الحين تفاصيل إضافية عن زيارة موسى فقي محمد.
كما حثّ الاتحاد الإفريقي الطرفين المتحاربين على "تبني حل سلمي سريعاً وحوار شامل لحل خلافاتهما"، وأعرب عن "رفضه الشديد لأي تدخل خارجي يمكن أن يعقد الوضع في السودان".
وقال شهود وسكان لرويترز إن الجيش شن ضربات جوية على ثكنات وقواعد تابعة لقوات الدعم السريع، بعضها في مدينة أم درمان، وتمكن من تدمير معظم منشآتها. وأضافوا أن الجيش استعاد السيطرة على جزء كبير من القصر الرئاسي بالخرطوم من قوات الدعم السريع بعد أن أعلن كل جانب السيطرة عليه إلى جانب منشآت مهمة أخرى في المدينة التي ما زالت تشهد اشتباكات بالمدفعية الثقيلة والأسلحة النارية حتى اليوم الأحد.
وقال شهود إن أفرادا من قوات الدعم السريع ما زالوا داخل مطار الخرطوم الدولي الذي يحاصره الجيش ويحجم عن توجيه ضربات تجنبا لوقوع أضرار جسيمة.
وقتل 56 مدنياً خلال 24 ساعة في المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع المستمرة الأحد لليوم الثاني على التوالي في الخرطوم، فيما قتل ثلاثة عاملين في برنامج الأغذية العالمي في إقليم دارفور بحسب الأمم المتحدة. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد بـ"محاسبة المسؤولين" عن مقتل ثلاثة من عمال الإغاثة التابعين لبرنامج الأغذية العالمي في السودان. وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان إن الأمين العام "يدين بشدة" مقتل مدنيين من بينهم الموظفون الأمميون الثلاثة، وأعرب عن أسفه "لتضرر مباني الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى بمقذوفات وتعرضها للنهب في عدة أماكن في دارفور".
وعصر الأحد، أعلن الجيش وقوات الدعم السريع في بيانين منفصلين أنه تم الاتفاق على مقترح للأمم المتحدة بفتح "مسارات آمنة للحالات الانسانية" لمدة ثلاث ساعات. وأوضح بيان الجيش أن هذه المسارات ستفتح لمدة ثلاث ساعات تبدأ من الساعة 16,00 (14,00 ت غ) الاحد.
وقال شاهد من رويترز إن إطلاق النار هدأ على ما يبدو في البداية في وسط الخرطوم ولكن سرعان ما استؤنف القصف العنيف. ومع حلول الليل وبعد انتهاء سريان مفعول اتفاق وقف القتال، أفاد السكان بوقوع قصف مدفعي وضربات جوية في كافوري بالخرطوم بحري التي توجد بها قاعدة لقوات الدعم السريع.
وقال غازي الريح، وهو ناشط إغاثي يعمل على إجلاء الأشخاص العالقين في عدة مستشفيات ومبان أخرى بسبب القتال "الهُدنة التي أعلنتها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس) على لسان رئيسها فولكر بيرتس وفتح مسارات آمنة لم تنفذ ولم تضطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولا الهلال الاحمر السوداني بأدوارهما في عمليات الإخلاء. نحن محتاجين كلنا نشتغل على موضوع الهدنة والمسارات الآمنة، كلنا".
وتضاعفت دعوات المجتمع الدولي إلى وقف القتال، لكنها لم تُجدِ. وصدرت آخر هذه الدعوات عن الصين الأحد.
وتستخدم كل أنواع الأسلحة من بنادق ومدفعية وطائرات مقاتلة، في هذه المعارك التي تشهدها العاصمة وعدد من المدن الأخرى في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، والتي تعد من بين أفقر دول العالم.
خ.س/ع.خ (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.