1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاقتصاد المصري بحاجة إلى إعادة هيكلة

ابراهيم محمد٢٦ يناير ٢٠١٥

تركز جهود التنمية في مصر حاليا على إطلاق مشاريع عملاقة في البنية التحتية والطاقة. غير أن إعادة عجلة الاقتصاد مرتبطة أيضا بإعادة الاعتبار للزراعة والصناعات التقليدية التي تراجعت أهميتها خلال العقود الثلاثة الماضية.

Bildergalerie : Arbeitslosigkeit in Ägypten
صورة من: picture-alliance / Rainer Hackenberg

توقع مسؤولون في صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد المصري بحوالي أربعة بالمائة خلال السنة المالية الحالية التي بدأت في يوليو/ تموز الماضي 2014. وجاء في بيان أعدته بعثة للصندوق لتقييم الاقتصاد المصري في خريف العام الفائت أن هناك فرصة للتعافي الاقتصادي لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. ويعود تفاؤل البعثة بفرصة كهذه إلى خطوات هامة اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرا في مجال إصلاح النظام الضريبي ونظام الدعم الحكومي للطاقة وسلع أخرى، إضافة إلى عزمها القيام باستثمارات كبيرة في البنية التحتية والبدء بتنفيذ بمشروع توسيع قناة السويس الذي تقدر تكلفته بحوالي 4 مليارات دولار.

تراجع الأداء الاقتصادي يزيد حدة الفقر

يأتي التفاؤل بالاقتصاد المصري بعد مرور أربع سنوات على ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وعلّق عليها المصريون آمالا عريضة في حياة حرة وكريمة. غير أن السنوات التي مرت حتى الآن من عمر هذه الثورة لم تحسن مستويات الدخل والمعيشة للغالبية منهم. على العكس من ذلك هناك معطيات كثيرة تشير إلى ارتفاع نسبة الفقراء من 25 بالمائة عام 2011 إلى نحو 40 بالمائة عام 2014. وهو الأمر الذي يعكس الارتفاع المخيف في معدلات البطالة وخاصة في صفوف الشباب الذين يشكلون أكثر من 60 بالمائة من المجتمع المصري.

هل من حكومة مصرية قادرة على توفير حد أدنى من مستوى الحياة الذي يقي من براثن الفقر؟صورة من: picture-alliance/dpa

إن التراجع في مستوى المعيشة وتوسيع دائرة الفقر لا يعكس فقط استمرار سوء توزيع الثروة بين أقلية غنية إلى حد التخمة وغالبية فقيرة تعيش على حافة الجوع، فهو يعكس كذلك تدني أداء الاقتصاد المصري في ظل الاضطرابات الأمنية السياسية المستمرة منذ إسقاط الرئيس الأسبق مبارك. ويظهر هذا التدني على سبيل المثال من خلال تراجع الإيرادات السياحية إلى أكثر من 60 بالمائة. كما تراجعت الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى أكثر من النصف. وشهدت البلاد نقصا في الكهرباء وموارد الطاقة بشكل أدى إلى عرقلة الإنتاج الصناعي. وعلى ضوء ذلك تقلصت الاحتياطات من العملات الأجنبية اللازمة لتمويل الواردات الأساسية من مصادر الطاقة والسلع الأخرى إلى الحد الذي استلزم الاعتماد على الدعم الخليجي الذي وصل إلى أكثر من 20 مليار دولار قدمتها السعودية والإمارات والكويت بالدرجة الأولى.

المشاريع العملاقة لا تحل مشكل البطالة

منذ تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة تسارعت الجهود الرامية لإعادة عجلة الاقتصاد ودفعها بخطوات سريعة إلى الأمام. وفي هذا الإطار يتم التركيز على إصلاح أنظمة الدعم الحكومي والضريبي بهدف تخفيف عجز ميزانية الدولة وكبح التضخم. كما يتم التركيز أيضا على الاستثمار في مشاريع كبيرة تشمل البنية التحتية والطاقة الكهربائية والبتروكيماويات. وعلى ضوء ذلك أطلق السيسي بعد توليه الحكم مباشرة تنفيذ أول هذه المشاريع ، أي مشروع توسيع قناة السويس بطول 72 كيلومترا. ويؤمل من المشاريع القادمة توفير الملايين من فرص العمل التي يحتاجها بلد يدخل إلى سوق عمله سنويا 600 إلى 700 ألف شخص جديد يبحثون عن وظيفة. وفي هذا الإطار تتحدث أوساط رسمية مصرية بشكل غير واقعي عن مليون فرصة عمل جديدة سيتم توفيرها من خلال توسيع مشروع القناة!

المشاريع العملاقة حيوية للبنية التحتية، لكنها لا تحل مشكل البطالةصورة من: DW/Khalid El Kaoutit

من المعروف أن قدرة المشاريع الكبيرة، لاسيما في البنية التحتية على خلق فرص عمل طويلة الأجل تختلف من مشروع لآخر حسب طبيعته. وعلى العموم فإن هذه المشاريع وعلى العكس من مشاريع الصناعات التحويلية الصناعية أو الخدمية أو الزراعية تحتاج إلى استثمارات مكثفة لرأس المال أكثر من حاجتها للاستثمار في العمالة. ومن هنا فإن المشاريع المصرية الكبيرة المخطط لها ورغم أهميتها الحيوية لإتمام الدورة الاقتصادية وجعل مناخ الاستثمار أكثر جاذبية لن تكون قادرة على خلق فرص العمل المأمول بها. وكذلك الأمر بالنسبة للنمو الاقتصادي الحالي، فإنه لن يكون قادرا على تخفيف أزمة سوق العمل ما لم يصل مستواه إلى 5 بالمائة وما فوق.

مطلوب إعادة الاعتبار للزراعة والصناعة

تركز الاستثمار في مصر خلال العقود الثلاثة الماضية على قطاعات شديدة الحساسية إزاء الاضطرابات الأمنية والسياسية كالسياحة والعقارات. وعلى ضوء ذلك لم يتم الاهتمام كثيرا بالاستثمار في الصناعات التقليدية والحديثة التي من شأنها تنويع مصادر الدخل وجعل الاقتصاد أكثر قدرة على مواجهة الأزمات. كما تضخمت المدن الرئيسية وخاصة القاهرة والإسكندرية بشكل عشوائي على حساب الأراضي الزراعية. وعلى ضوء ذلك تضطر البلاد إلى زيادة وارداتها من الأغذية والألبسة والأدوية سنة بعد سنة لسد احتياجاتها المتنامية.

هل تعود السياحة المصرية إلى سابق عهدها كمصدر أساسي للعملات الصعبة؟صورة من: picture-alliance/dpa

وعلى ضوء ذلك فإن مصر لا تحتاج فقط إلى المشاريع العملاقة، بل ايضا وبشكل لا يقل أهمية لإعادة الاعتبار إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الزراعة والصناعات الاستهلاكية التقليدية، كما أنها بحاجة إلى تشجيع الصناعات التحويلية في إطار حاضنات تكنولوجية تساعد على التجديد والإبداع والحفاظ على الكفاءات المحلية.

يتطلب إعادة الاعتبار للزراعة والصناعات التقليدية وتشجيع صناعات جديدة سياسات اقتصادية جديدة تؤدي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد من خلال تنويع مصادر الدخل التقليدية منها والحديثة. ومن متطلبات ذلك وقف الزحف العقاري المدمر للأراضي الزراعية التي تعاني مصر من ندرتها. كما يتطلب تأهيل الأرياف ببنية تحتية وتعليمية وتقديم قروض وتسهيلات للمشروعات فيها بهدف الحد من الهجرة إلى المدن. وهو الأمر الذي سيخفف من التبعات السلبية لاختناقات السير والازدحام اليومي. وتكلف هذه التبعات الاقتصاد المصري عدة مليارات من الدولارات سنويا. وحسب تقديرات العديد من الخبراء فإن ازدحام القاهرة لوحدة يتسبب سنويا بأضرار تقارب دخل قناة السويس الذي يزيد على 4 مليارات دولار سنويا. وختاما لا بد من القول أن التعافي الاقتصادي المستدام في مصر مرهون بتخطي المرحلة الانتقالية الحالية إلى نظام سياسي تعددي ديمقراطي يضمن المنافسة وتكافؤ الفرص للفرد والمؤسسة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW