ترحيل العمال الوافدين عن السعودية ولا حديث عن وجهتهم!
٢ فبراير ٢٠١٩
تسير مغادرة مئات الآف العمال العرب والأجانب للسعودية وترحيلهم منها على قدم وساق. وفي وقت لا يهتم أحد بمصيرهم، يحاول أصحاب الكفاءات البحث عن مهاجر بديلة تعدهم بحياة كريمة، أية بلدان يضعونها نصب أعينهم للفوز بحياة كهذه؟
إعلان
الاقتصاد السعودي..إلى أين؟
01:52
مع بدء تنفيذ منع العرب والأجانب من العمل في خمسة أنشطة اقتصادية جديدة في السعودية بحلول كانون الثاني/ يناير 2019 يصبح مصير مئات الآلاف من العمال غير السعوديين الترحيل السريع والقسري قبل نهاية العام الجاري. وتشمل هذه القطاعات متاجر الأجهزة الطبية ومواد البناء وقطع السيارات والسجاد والحلويات. وسبق لوزارة العمل السعودية أن اعلنت أوائل العام الماضي 2018 منع العرب والأجانب من العمل في 12 قطاعا آخر من ضمنها بيع الأجهزة الكهربائية ووسائل الاتصال.
ويزيد الضغط على الباقين منهم بالضرائب وارتفاع تكاليف المعيشة، إضافة إلى فرض رسوم سنوية عليهم وعلى أفراد عائلاتهم بحيث يدفع العامل عن نفسه رسما تزيد قيمته على 160 دولارا أمريكيا وعن كل مرافق من أفراد عائلته أكثر من نصف هذه المبلغ حاليا. ومع تنفيذ خطة لرفع هذه المبالغ خلال العام القادم سيصبح الوضع أصعب وأصعب على العمال العرب والأجانب الذين يتقاضى أكثر من نصفهم أقل من 1000 دولار شهريا كراتب شهري للعامل. ولا يستفيد هؤلاء من المكارم الملكية التي توزع على السعوديين فقط بسبب الارتفاع السريع في تكاليف المعيشة.
رسوم وضرائب وفوقها الإهانة
منع العمل والرسوم وفرض ضرائب جديدة وارتفاع الأسعار إلى جانب إجراءات إدارية وأمنية يتخللها القسر والعنف والإهانة، أدت إلى مغادرة وترحيل ملايين العمال العرب والأجانب خلال الأعوام الأربعة الماضية بشكل سريع يثير القلق على مصير الباقين منهم هناك. وعلى سبيل المثال تقول المعطيات المتوفرة أن أكثر من مليون عامل أجنبي فقدوا وظائفهم في أقل من عامين. وتفيد آخر معطيات الهيئة العامة للاحصاء في السعودية أن عدد العاملين الآجانب هناك تراجع خلال الربع الثالث من العام الماضي 2018 لوحده بأكثر من 315 ألف مقارنة بالربع الذي سبقه من نفس العام، أي أن عدد المغادرين والمطرودين زاد على 100 ألف شهريا خلال الفترة المذكورة. وبهذا الانخفاض الجديد تراجع عدد الأجانب المقيمين في المملكة إلى أقل من 9.6 مليونا بحلول سبتمبر/ ايلول 2018 مقابل أكثر من 12 مليونا قبل أربع سنوات حسب تقديرات رسمية وغير رسمية.
ولعل الملفت في الأمر أن مغادرة وترحيل ملايين العمال العرب والأجانب من السعودية بهذه السرعة لا يحظى باهتمام يُذكر من حكومات بلدانهم الأم ولا يلقى اهتمامها بترتيب عودة تدريجية لهم وتأمين تعويضات تساعدهم على ترتيب وبناء مقومات حياتهم من جديد. كما أن الترحيل المذكور يواكبه ردود أفعال خجولة من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام العربية والعالمية. ويمكن وصف ذلك بالتواطؤ على مصير هؤلاء ومستقبل أبنائهم،لاسيما الذين ولدوا منهم في المملكة وعاشوا فيها طوال حياتهم. ومقابل هذه التعتيم تستمر وسائل إعلام عالمية مثل رويترز وأخواتها بالترويج لصورة السعودية كجنة للاستثمار وفرص العمل رغم هروب الأموال والاعتقالات التي أدت إلى مصادرة عشرات المليارات من أمراء ومسؤولين سعوديين متورطين في صفقات فساد من العيار الثقيل!
الهجرة التالية بعيدا عن الوطن الأم
وتعود أو تُرحّل الغالبية من الخبرات العربية والأجنبية من السعودية ودول الخليج الأخرى مذلولة ومكسورة الخاطر بسبب سوء المعاملة وعدم دفع الرواتب لعدة أشهر ناهيك عن عدم دفع تعويضات عن سنوات الخدمية. وهو الأمر الذي لايساعدها على بناء حياتها مجددا في الوطن الأم الذي لا يعرفه الكثيرون من أبنائها إلا من خلال الحكايات والزيارة. أما القسم الأخر من الخبرات الأجنبية والعربية وخاصة من الأطباء والمهندسين والقيادات الإدارية فيتوجهون إلى ألمانيا وهولندا والسويد وكندا وأوستراليا وبلدان أخرى توفر لهم ولعائلاتهم مقومات حياة أفضل ومستقبل مستقر.
ويساعد على ذلك ترحيب هذه الدول بمثل هذه الكفاءات من جهة، وقيام عدد لابأس به من أصحابها باصطحاب أموال يقومون باستثمارها في شركات ومشاريع تخلق قيما مضافة للاقتصاد وألاف فرص العمل الجديدة في بلدان المهاجر الجديدة. وهذا ما يلاحظه المرء على سبيل المثال في ألمانيا من خلال أعداد متزايدة من سوريين وفلسطينيين ولبنانيين قدموا إليها خلال السنوات الثلاث الماضية من السعودية وبلدان الخليج الأخرى وأقاموا مئات المشاريع والشركات المتميزة فيها. وتشيرعدة معطيات إلى طلبات متزايدة من جهة خبرات مصرية ولبنانية وفلسطينية وسورية عاملة في الخليج للهجرة إلى ألمانيا والعمل فيها. وسوف يساعدهم على ذلك حاجة سوق العمل الألماني لأكثر من مليون من العمال المهرة وقرب تنفيذ قانون جديد يسهّل قدوم العمالة الأجنبية المتخصصة إلى ألمانيا قبل حلول هذه السنة 2019.
"مصائب قوم عن قوم فوائد"
تنوي السعودية حتى عام 2030 سعودة سوق العمل في إطار "رؤية 2030" التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان لتنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي. وتهدف هذه الخطة إلى تقليص البطالة في صفوف الشباب السعودي إلى 7 بالمائة ورفع نسبة العاملين منهم في مختلف القطاعات الاقتصادية بشكل يوازي نسبة الأجانب فيها على الأقل. ومما يعنيه ذلك ضرورة خلق نحو 7 ملايين وظيفة للسعوديين بحلول نهاية العقد القادم. وسيكون ذلك بالتأكيد على حساب ملايين الوظائف التي يشغلها العرب والأجانب في الوقت الحاضر. بالنسبة للبلدان الأم ومن بينها مصر ولبنان واليمن وسوريا سيعني ذلك ضغطا كبيرا على سوق العمل فيها وتراجعا تحويلات العملات الصعبة إلى هذه البلدان. كما يعني استمرار نزيف عقول أبنائها الذي لايمكن بدونهم حتى الحديث عن فرصة حقيقة لتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية تواجه مشكلتي البطالة والفقر المتفاقميتن. وبالمقابل فإن الرابح الأكبر من هذا النزيف هي ألمانيا وبلدان المهاجر الأخرى التي التي تصلها هذه الكفاءات جاهزة بخبرات نادرة ورؤوس أموال كبيرة. وستكون هذه الأخيرة أول المستفيدين من التغيرات التي تشهدها سوق العمل في السعودية وبلدان الخليج الأخرى التي لاتوفر لعمالتها العربية والأجنبية وأبنائها ظروف العيش وبناء مستقبلها بكرامة. ولا يغير من هذا الواقع المر الدخل والإغراءات المالية التي قد تفوق مثليتها في بلدان المهجر الأوربية.
ابراهيم محمد
أرقام وحقائق .. هل تعاقب السعودية الشركات الألمانية؟
تراجعت صادرات ألمانيا إلى السعودية بنسبة 5 بالمئة خلال النصف الأول من 2018، وذلك بعد أنباء تحدثت عن رغبة سعودية بمعاقبة ألمانيا بسبب انتقادها لسياسات السعودية. وهذه قائمة بأهم الصادرات والواردات الألمانية السعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
السعودية تسحب سفيرها في برلين
تصاعدت الخلافات بين ألمانيا والسعودية قبل نحو ثمانية أشهر، بعدما انتقد وزير الخارجية الألمانية آنذاك زيغمار غابرييل السعودية وتحدث حينها عن "مغامرة" تتعلق بالسياسة الخارجية. واستدعت المملكة حينها سفيرها من برلين إلى الرياض احتجاجا على ذلك. وحتى الآن لم يتم إعادته. وذكرت أنباء في أيار/ مايو الماضي بأن السعودية تريد أن تعاقب الشركات الألمانية بسبب التوترات السياسية بين البلدين.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Vogler
تراجع الصادرات الألمانية إلى السعودية
أعربت أوساط اقتصادية ألمانية عن استيائها من استمرار تراجع الصادرات الألمانية إلى السعودية. وقال رئيس قسم التجارة الخارجية بغرفة التجارة والصناعة الألمانية فولكر تراير إن الصادرات الألمانية تراجعت بنسبة 5 بالمئة وانخفضت بذلك إلى نحو ثلاثة مليارات يورو خلال النصف الأول من العام الجاري. وأشار تراير إلى أن حجم الصادرات إلى السعودية بلغ 6.6 مليار يورو في 2017، وكان يبلغ 9.9 مليار يورو في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
صناعات الدواء والعقاقير الطبية
حذرت اتحادات صناعة دواء دولية وألمانية السعودية بشأن شروط التوريد الصارمة التي طبقتها الرياض ردا على انتقادات لسياساتها. ويقول مسؤولون ألمان إن شركات مثل سيمنس هيلثينيرز وباير وبوهرنغر إنغلهايم أصبحت مستبعدة من مناقصات الرعاية الصحية العامة بالسعودية. وقال أوليفر أومز من غرفة التجارة والصناعة الألمانية بالرياض "على مدى الأشهر الستة الأخيرة تجد شركات ألمانية صعوبة في العمل في السعودية".
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Nolte
السعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط
حسب إحصائيات نشرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية في ولاية بافاريا، وصلت قيم صادرات الدواء والعقاقير الطبية إلى السعودية إلى 600 مليون يورو في عام 2017. وكانت في ارتفاع مستمر في السنوات الأخيرة. والسعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط وإفريقيا بمبيعات بلغت 7.6 مليار دولار العام الماضي وفقا لشركة معلومات الرعاية الصحية إكفيا. وتخلو قائمة أكبر عشرة موردي أدوية إلى المملكة من باير وبوهرنغر.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Sahib
صادرات السلاح
شهد قطاع بيع السلاح والمعدات العسكرية تراجعا كبيرا أيضا في 2018. ووافقت الحكومة الألمانية على 4 صفقات أسلحة للسعودية بقيمة 161.8 مليون يورو هذا العام. ويعود انتقاد تصدير أسلحة للسعودية بسبب حرب اليمن. وكان التحالف المسيحي بقيادة المستشارة ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي اتفقا خلال مفاوضات تشكيل الائتلاف الحاكم على إيقاف صادرات الأسلحة لكافة الدول المشاركة "على نحو مباشر" في حرب اليمن.
صورة من: Imago/teutopress
صادرات كيماوية
انخفضت قيمة المنتجات الكيماوية في عام 2017 بصورة طفيفة عن عام 2016 ووصلت إلى 604 مليون يورو، بعد أن كانت 624 مليون يورو. فيما شهدت الصادرات الكيماوية أكثر ارتفاع لها في عام 2012 ووصلت حينذاك إلى نحو 800 مليون يورو.
صورة من: Fotolia/Franz Pfluegl
معدات معالجة البيانات وأخرى إلكترونية وبصرية
ارتفعت قيم هذه الصادرات إلى السعودية عام 2017 ووصلت إلى 593 ميلون يورو بينما كانت 455 مليون يورو في 2016، حسب إحصائيات نشرتها غرفة التجارة والصناعة في ولاية بافاريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
معدات كهربائية
انخفضت قيم صادرات الأجهزة والمنتجات الكهربائية إلى 401 مليون يورو في 2017، في حين كانت 686 مليون يورو في العام الذي سبقه. وهو أقل مبلغ لهذه الصادرات منذ عام 2011.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
صادرات زراعية
حافظت الصادرات الزراعية الألمانية على قيمها في العام الماضي مقارنة بالأعوام الماضية وبلغت 445 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Mirgeler
السيارات وقطع غيار السيارات
استمرت هذه الصادرات في انخفاضها الحاد ووصلت عام 2017 إلى 705 مليون يورو بينما كانت قد وصلت إلى رقم قياسي في عام 2015 وبلغت آنذاك مليار و 600 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
صناعة المكائن
قطاع صادرات المكائن الألمانية إلى السعودية هو الأكبر في مجال التجارة بين البلدين على الإطلاق. وبلغ مليار و 64 مليون يورو في عام 2017، لكنه أيضا في انخفاض في الأعوام الأخيرة، إذ كان قد وصل إلى أكثر من مليار و800 ميلون يورو في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
الواردات السعودية إلى ألمانيا
بلغت قيمة الواردات السعودية إلى ألمانيا 802 مليون يورو عام 2017 وبارتفاع قدره 28 بالمائة عن عام 2016، إذ بلغت فيه قيم الواردات 623 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
النفط
أهم الواردات السعودية كانت النفط والغاز التي وصلت إلى 313 مليون يورو عام 2017. وهي في ارتفاع مقارنة بعام 2016 حيث بلغت آنذاك 200 مليون يورو، لكنها بعيدة جدا عن أرقام عامي 2012 و 2013 حيث تجاوزت مليار و 200 مليون يورو سنويا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Haider
المنتجات الكيماوية
المنتجات الكيماوية كانت في المركز الثاني في قائمة الواردات السعودية في ألمانيا وبلغت قيمها 266 مليون يورو وبارتفاع وصل إلى 30 بالمائة عن عام 2016.
صورة من: picture-alliance/epa
منتجات سعودية أخرى
تستورد ألمانيا أيضا منتجات بلاستيكية ومطاطية بقيمة 22 مليون يورو، ومنتجات فحمية ومنتجات نفطية بقيمة 23 مليون يورو، ومنسوجات بـ 17 مليون يورو، ومعادن بقيمة نحو 10 ملايين يورو وقطع غيار سيارات بقيمة 8 ملايين يورو.