1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحليل: دروس من الأزمة الجديدة للبنوك وخسائر العرب فيها

٢٣ مارس ٢٠٢٣

مع انهيار "سيليكون فالي" و "كريدي سويس" تستمر الخشية من أزمة مالية عالمية جديدة رغم التحرك السريع من جانب البنوك المركزية لمنع ذلك. كيف تبدو خسائر المودعين والمستثمرين العرب جراء ذلك، وما الدروس المستفادة من الأزمة؟

Hongkong | Credit Suisse Bank
صورة من: Lam Yik/REUTERS

بعد أقل من عقد ونصف على أزمة 2008 المالية العالمية الطاحنة، التي وضعت النظام المالي الرأسمالي برمته على المحك، نشهد اليوم معالم أزمة جديدة تبدو حتى الساعة أقل حدة من سابقتها. ومن المفارقة هنا أن بطلي الأزمة هما بنكان كانا يمثلان علامة نجاح في الرأسماليتين الأمريكية والأوروبية. فبنك "سيليكون فالي"، الذي يحمل اسم وادي السيليكون في كاليفورنيا متخصص في دعم شركات التقنية العالية، محور عجلة التكنولوجيا والابتكار في الولايات المتحدة. أما البطل الثاني فهو بنك "كريدي سويس" السويسري العريق المتخصص في إيداع واستثمار أصحاب الملايين والمليارات، فمعروف بخبرة عريقة مكنته من الحصول على تصنيف أحد أهم البنوك في العالم وأنجحها. 

الانهيارات الجديدة مفاجأة!

انهيار بنكي "سيليكون فالي" و"كريدي سويس" أثار الكثير من المفاجآت والتكهنات والتهم. فالمفاجآت جاءت بحكم نجاحات كثيرة للبنكين في عالم المصارف. وبخصوص التهم فقد ركزت على  سوء الإدارة وضعف التقيد بالضوابط المالية وسوء تقدير مخاطر المغامرة في الأسهم والسندات التي تم الاستثمار فيها من طرف البنكين. ويبدو أن "سيليكون فالي" الذي تزيد قيمة أصوله على 200 مليار دولار انتهك شروط الائتمان، التي ما تزال الرقابة على تنفيذها رخوة، بحسب رأي مصرفيين مثل ماركو كولانوفيتش، مسؤول التسويق لدى بنك جي بي مورغان الأمريكي. وفيما يتعلق بالبنك السويسري فإنه مرتبط بفضائح عديدة، بينها غسيل أموال تم كسبها بشكل غير شرعي.

رفع سعر الفائدة من طرف الفيدرالي الأمريكي تسبب في خسائر كبير لعدد من البنوك وفاقم أزمة السيولة فيهاصورة من: Kevin Dietsch/Getty Images

أين المشكلة الأساسية؟

وإذا كانت المشاكل الداخلية لعبت دورا في انهيار البنكين وقبلهما بنوك أمريكية أخرى، فإن السبب الأقوى وراء الانهيار يكمن في تبعات قيام المصارف المركزية الغربية برفع سعر الفائدة الرئيسية من معدل أقل من 1 بالمائة إلى أكثر من 3 بالمائة خلال العام الماضي، وقد جاء ذلك بسبب التضخم المخيف الذي تراوحت نسبه بين 7 وأكثر من 10 بالمائة على مدى الأشهر العشرة الماضية. ومع رفع سعر الفائدة تراجعت قيمة وعوائد السندات والأوراق المالية التي استثمرت فيها البنوك المنهارة أيام الفائدة المنخفضة. وترافق ذلك مع تزايد إقبال المودعين والمستثمرين على سحب أموالهم لأهداف متعددة مثل الاستثمار بعوائد أعلى وتغطية تكاليف العمل والإنتاج التي ارتفعت بفعل التضخم في مؤسساتهم وشركاتهم.

ومع عجز بنك "سيليكون فالي" عن الوفاء بالسيولة اللازمة للمودعين دب الذعر في صفوفهم فاصطفوا أمام فروع البنك ليعودوا فارغي الأيدي بعد إغلاق البنك وتعرضه للإفلاس. وقد وصلت الأزمة بسرعة إلى كريدي سويس، الذي كان يعاني من مشاكل متزايدة أيضا بسبب قيام العملاء بسحب أكثر من 100 مليار دولار منه حتى قبل اندلاع أزمة بنك "سيليكون فالي".

خطوات لطمأنة الأسواق

مع انهيار البنكين سارعت مؤسسات الضمان والسلطات المالية بشكل غير مألوف في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسويسرا وكندا واليابان وبريطانيا  لإمداد المصارف بالسيولة لمنع انهيارات جديدة. كما ضمنت جزءا كبيرا من حقوق المودعين في البنكين المنهارين بعد وضع بنك "سيليكون فالي" تحت إشراف مؤسسة ضمان الودائع الفيدرالية الأمريكية والإعلان عن دمج "كريدي سويس" بشكل قسري مع بنك "يو بي اس" السويسري أيضا، ضمن صفقة يمولها البنك المركزي في سويسرا بقيمة تزيد على 50 مليار دولار.

أما مؤسسة ضمان الودائع الأمريكية فأعلنت أنها ستضمن الودائع المصرفية لبنك سيليكون فالي بقيم تزيد عن الحد القانوني البالغ 250 ألف دولار للحساب الواحد. وهو الأمر الذي حال دون دب الرعب في الأسواق المالية العالمية وأعادها إلى الاستقرار النسبي. غير أنه ورغم هذه الخطوات، لا أحد يعرف، ما إذا كانت الأزمة انتهت؛ إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المشاكل التي تعاني منها الكثير من البنوك لم تتضح بعد.

هل تنجح صفقة الدمج القسرية لبنك كريدي سويس مع بنك "يو بي اس" بتجاوز تبعات انهيار البنك الأول على الأسواق؟صورة من: Arnd Wiegmann/Getty Images

ألمانيا ومدى تأثرها بالأزمة

في ألمانيا التي تتبع بنوكها سياسات محافظة فيما يتعلق بمحافظها الاستثمارية وشرائها للأوراق المالية، مقارنة بالبنوك الأمريكية، فإن النظام المالي مستقر حسب هيئة الرقابة على البنوك "بافن". 

وبدوره قال متحدث باسم مصرف "دويتشه بنك"، وهو بنك التجارة الخارجية وأكبر مؤسسة ائتمانية في ألمانيا، إنه بالكاد متأثر بانهيار "كريدي سويس" وبالأزمة عموما لأن انكشافه "صفر تقريبا" للسندات المشابهة لدى البنك السويسري. غير أن ذلك لا يعني أن البنوك الألمانية الأخرى غير متأثرة، لاسيما وأن البنك السويسري متشابك بشدة مع النظام المالي الدولي ومن ضمنه النظام الألماني.

وإذا كانت البنوك الألمانية أقل تأثرا فإنّ هناك حديثا عن تأثر عدد لا بأس به من الشركات والمودعين بها، لاسيما وأن فرع "بنك سيليكون فالي" في فرانكفورت كان ناشطا في أوساط العشرات من شركات التقنية الألمانية. كما أن الكثير من الألمان يودعون أموالهم في البنوك السويسرية ومن أبرزها "كريدي سويس" بحثا عن العوائد العالية وتهربا من الضرائب العالية في بلدهم. ومما لا شك فيه أن هؤلاء سيفقدون القسم الأكبر من ودائعهم جراء انهيار البنك السويسري.

خسائر خليجية كبيرة

حتى الآن لا تبدو المصارف العربية، باستثناء البنك الأهلي السعودي، متأثرة بشكل كبير بانهيار بنك "سيليكون فالي" كونها تتبع في غالبيتها الساحقة سياسات مالية محافظة، ولأن البنك متخصص  بشركات التكنولوجيا العالية في الغرب وإسرائيل.

إبراهيم محمد: أزمة البنوك ينبغي أن تعيد الاعتبار لفرص الاستثمار المحلية في العالم العربصورة من: Boris Geilert/DW

غير أن الأمر يختلف بالنسبة لبنك "كريدي سويس" الذي يملك البنك الأهلي السعودي حوالي 10 بالمائة من أسهمه، في حين يملك جهاز قطر للاستثمار حوالي 7 بالمائة منها. ومن المعروف أن البنوك السويسرية وعلى رأسها "كريدي سويس" قبلة للأغنياء العرب، لاسيما الخليجيين منهم. وعلى ضوء ذلك فإن الخسائر ستكون كبيرة إذا عرفنا أن البنك السويسري كان يدير محافظ استثمارية بقيمة تقارب 1.5 تريليون دولار. 

فالبنك الأهلي السعودي لوحده سيخسر أكثر من مليار دولار جراء  انهيار البنك السويسري لوحده. ووفقا لوكالة بلومبرغ فإن مجمل "المستثمرين الخليجيين الذي يمتلكون 20 بالمائة من أسهم بنك كريدي سويس من أكبر الخاسرين"، وتُقدر خسائر البنك الأهلي السعودي بأكثر من مليار دولار. غير أن خسائر المودعين العرب لن تقتصر على ذلك بل ستشمل أيضا خسائر أخرى؛ جراء تراجع أسهم وسندات المحافظ الاستثمارية في البنوك الأمريكية والأوروبية الأخرى، التي تضررت بالأزمة والتي يستثمر فيها العرب بقوة.

بعض الدروس المستفادة

لعل أهم الدروس المستفادة من الأزمة الحالية يتمثل في أن التدخل السريع للبنوك المركزية يساهم في منع الأمور من التفاقم ويعيد الهدوء إلى الأسواق المتوترة على ضوء المخاطر الجيوسياسية والتضخم وتراجع معدلات النمو والتجارة العالمية. أما الدرس الثاني فموجه إلى المستثمرين ورجال الأعمال، الذين ينبغي عليهم تنويع استثماراتهم وعدم التركيز على الاستثمار في الأوراق المالية عالية المخاطر. كما ينبغي عليهم وضع أموالهم ومدخراتهم في أكثر من مصرف من أجل ضمان تعويضهم بأكبر قدر ممكن في حال تعرض القطاع البنكي للأزمات والانهيارات.

وبالنسبة للمستثمرين والأغنياء ورجال الأعمال العرب فإن الأزمة فرصة لإعادة الاعتبار إلى فرص الاستثمار المحلية في بلدانهم على صعيد الزراعة والصناعة والخدمات والأصول الأخرى. ومن أبرز الأسباب التي تدعو لذلك أن الاستثمارات الساخنة من أوراق مالية وغيرها في البنوك العالمية يُعرّض قسما كبيرا من ثرواتهم للضياع كما تُظهر تجرية الأزمات السابقة.

إبراهيم محمد

بنك يو أس بي يستحوذ على منافسه كريدي سويس

01:53

This browser does not support the video element.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW