تحليل: ديمقراطية تونس الناشئة ودروس المحنة اللبنانية
منصف السليمي
وجهة نظر
١٤ أغسطس ٢٠٢٠
موجة تضامن غير مسبوقة في تونس مع اللبنانيين بعد انفجار مرفأ بيروت، تُذكّر بعلاقات استثنائية بدأت بقصة "جلد ثور". بيد أن المشهد اللبناني يثير لدى التونسيين أسئلة ومخاوف حول مآل ديمقراطيتهم الناشئة التي تواجه أزمة حادة.
إعلان
من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي التونسية يلاحظ حجم تضامن التونسيين أفرادا ومؤسسات مع اللبنانيين في محنتهم بعد انفجار مرفأ بيروت، إلى حد يبدو فيه أنهم نسوا معاناتهم المتواصلة منذ عدة شهور.
إذ تسبب جائحة كورونا لتونس أسوأ تراجع في اقتصادها منذ استقلال البلاد عام 1956، بمعدل ناقص 4,4 في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، كما يؤكد ذلك أحدث تقرير للبنك المركزي التونسي.
والمشكلة الحقيقية أن البلاد تعيش منذ انتخابات أكتوبر تشرين أول 2019، أزمة سياسية طاحنة تعطل بمفاعيلها أداء مؤسسات صنع القرار السياسي. خلال أقل من عام سقطت ثلاث حكومات، ويواجه تشكيل الحكومة الجديدة عقبات كبيرة.
وقصة العلاقة بين التونسيين ولبنان ليست مجرد روابط تقليدية كما هو الشأن مع معظم الدول "الشقيقة" في المشرق العربي، إذ تمتزج فيها روابط ملحمية من التاريخ القديم وصولا إلى رومانسية الزمن الجميل لبيروت المعاصرة، وأبعد من ذلك فان لديمقراطية لبنان رغم مثالبها الطائفية، مكانة خاصة لدى النخب التونسية. لكن كيف عساهم أن ينظروا اليوم إلى مستقبل أوضاعهم من خلال المشهد اللبناني؟
امرأة لبنانية شيدت حضارة تونسية على جلد ثور
كانت البدايات ملحمية وتعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، مع قصة الأميرة علِّيسة ابنة ملك صور اللبنانية في العهد الفينيقي، والتي تمكنت بفضل دهائها الشديد من حكم تونس، حيث اشترت قطعة أرض تتسع لمساحة جلد ثور، وبعد ذلك وسّعت المساحة بمقاس جلد الثور بعد تقطيعه حبالا، ليتسنى لها أن تصبح مالكة لقطعة أرض واسعة في هضبة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، وتشيد عليها مدينة حولتها إلى عاصمة لإمبراطورية خضعت لحكمها بلاد شمال أفريقيا.
وهي قرطاج الواقعة في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة، وبقيت منها اليوم معالم أثرية ثمينة عن الحضارة الفينيقية. وعلى مسرحها كان يحلو لعمالقة الفن اللبناني مثل فيروز وملحم بركات كما الراحل وديع الصافي، الظهور في مهرجان قرطاج الدولي. ويوجد بها أيضا القصر الرئاسي الذي يرمز إلى أعلى مؤسسة سيادية للجمهورية التونسية الحديثة.
وتعتبر قصة علّيسة مُلهمة للنساء الرائدات في تونس، ومن شطارتها وحسن تدبيرها أيضا يطلق كثيرون صفة "لبنان بلاد المغرب" على تونس.
وعلى امتداد عقود من الزمن، شكلت صورة لبنان الحرية والديمقراطية، حلما بالنسبة للنخب التونسية، وخصوصا في مجالات حرية الصحافة والنشر والتعبير.
لكن بعد ثورتها في عام 2011، بدأت تونس تنظر لنفسها كنموذج لديمقراطية ناشئة واستثناء من بلدان الربيع العربي. وأصبحت التجربة الديمقراطية اللبنانية ترد في خطاب الاعلام والساسة التونسيين في سياق المحاذير التي توجه للأحزاب والجماعات السياسية والأيديولوجية المتطاحنة والتي وصلت أحيانا حافة الهاوية عندما شهدت البلاد في عام 2013 عمليتا اغتيال سياسي غير مسبوقتين منذ عقود في تاريخ البلاد.
ديمقراطيتا تونس ولبنان، هل تتشابهان؟
توجد عناصر عديدة تفرق بين ديمقراطيتي تونس ولبنان، وأولها الاختلاف في التركيبة السكانية والطائفية، فبقدر ما توجد طوائف وأعراق متعددة في لبنان تتسم التركيبة السكانية لتونس بالانسجام الديني والمذهبي إلى حد كبير.
وثانيا، لقد تأسست الديمقراطية اللبنانية على أساس توافقات طائفية معقدة سواء في مرحلة أولى إثر استقلال البلاد أو في طورها المعاصر إثر الحرب الأهلية وعلى أساس اتفاق الطائف، بينما تأسست الديمقراطية التونسية على أساس ثورة شعبية أطاحت بنظام مستبد حكم البلاد منذ استقلالها تحت راية الحزب الواحد والزعيم الأب.
وثالثا، ورغم عراقة التقاليد الديمقراطية في لبنان، فان مؤسسات الدولة وقوانينها ليست موحدة على أساس مدني، بل تتشكل من مزيج معقد من القوانين المدنية والدينية والأعراف والتقاليد. بينما تقوم بنيات الدولة التونسية ومؤسساتها على أساس مدني ومنسجم.
لكن بضع سنوات فقط من ممارسة الديمقراطية بتونس أظهرت حدود التجربة الناشئة والتي توصف بالاستثناء في بلدان الربيع العربي. اذ تحولت في فترة قصيرة من أرضية توافقية ودستور "مثالي" في المنطقة مُنحت على أساسه هيئات المجتمع المدني جائزة نوبل للسلام (2015)، إلى ساحة نزاع شديد بين الطبقة السياسية، نزاع يطال مختلف أوجه العملية السياسية، مما أدخل مؤسساتها السيادية كالرئاسة والحكومة والبرلمان في دوامة صراعات أفقدتها القدرة على الاستقرار أو الإنجاز في بلد يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية تزداد حدتها منذ سنوات (ما بعد الثورة).
الحرب الأهلية اللبنانية هل تعني شيئا للتونسيين؟
في صيف عام 2013 كادت تونس أن تنزلق إلى دوامة عنف، ويعزو مراقبون نزع فتيلها إلى ما يطلق عليه بـ "توافق الشيخين"، أي الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي مؤسس حزب "نداء تونس" الليبرالي العلماني والشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي، وفي عام 2014 شهدت البلاد حالة استقطاب أيديولوجي حاد بين الإسلاميين والعلمانيين ألقى بظلاله على الانتخابات التي كادت أن تتحول إلى ميدان عنف.
وقد مكّنت سياسة التوافق من سنّ دستور للبلاد وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، وحالت سياسة التوافق دون اعتماد قانون العزل السياسي الذي كان سيتسبب في إقصاء كل بقايا نظام زين العابدين بن علي، كما حالت دون عودة موجة قمع لإسلاميي حزب النهضة شبيهة بما تعرض له الإخوان المسلمون في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وبالتالي تم تجنيب البلاد "حمام دم" أو "حربا أهلية" كما يجري التذكير به في كل مرة في وسائل الإعلام وخطاب عدد من الساسة والمفكرين في تونس، للتحذير من مخاطر الانزلاق إلى ما يشبه الحالة اللبنانية في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي.
لا توجد في تونس أرضية أثنية أو اجتماعية حاضنة للعنف المسلح بخلاف الوضع في لبنان، كما أن المؤسسة العسكرية تلتزم تاريخيا نهجا احترافيا بعيدا عن الاستقطاب السياسي وساهمت لحد الآن في حماية مسار الانتقال الديمقراطي. ولذلك يستبعد معظم المحللين أن يتطور الصراع السياسي والاستقطاب الأيديولوجي بين الإسلاميين وخصومهم العلمانيين إلى مواجهة عنيفة. لكن المثير أن ديمقراطية تونس الحديثة العهد قد نمت في أحشائها خلال بضع سنوات عدة
ففي تونس بات الانقسام الشديد في أوساط الطبقة السياسية كسمة أساسية تلازم النقاشات التي تشهدها وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي أو السجالات داخل مؤسسات سياسية مثل البرلمان. ومنذ الانتخابات الماضية تعيش مؤسسات الدولة شبه شلل بسبب استخدام الأطراف السياسية لميكانيزمات نظام دستوري شبه برلماني شبه رئاسي، في مواجهات و"حروب" لا تتوقف. وعبارات "حرب" و"صواريخ" و"قصف" باتت مصطلحا يستخدم بدون تحفظ حتى من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد أستاذ القانون الدستوري الذي جاء إلى الرئاسة بأغلبية شعبية ساحقة. وهو اليوم يخوض مواجهة بدون هوادة ضد الأحزاب السياسية وخصوصا منها حزبا "النهضة" الإسلامي و"قلب تونس" الليبرالي إضافة لـ"ائتلاف الكرامة" ذو التوجهات الثورية المحافظة.
وأدت سياسة لي الذراع بين الرئيس سعيد ورئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي إلى إفشال حكومة كان سيشكلها حزب النهضة باعتباره الحزب الأول الفائز في الانتخابات، وإلى إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ بعد بضعة أشهر من تعيينه من قبل الرئيس سعيّد.
ويسود الترقب لنتائج الجولة الحالية من مشاورات خلفه المفترض رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي. وفي ظل تشتت أصوات الكتل النيابية وانقساماتها الشديدة يسود الغموض حول مصير الحكومة التي يُعتقد على نطاق واسع أن رئيسها الفعلي سيكون الرئيس سعيّد الذي يريد استبعاد الأحزاب منها.
وتشهد الساحة السياسية صراعات أكثر حدة بين إسلاميي "النهضة" وحلفائهم "ائتلاف الكرامة" من جهة وتشكيلات حزبية أخرى وخصوصا منها "الحزب الحر الدستوري" الذي تتزعمه عبير موسي، التي ترفع شعار إقصاء خصومها الإسلاميين من المشهد السياسي، وتدعو لإحياء سياسة القبضة الأمنية التي كان ينتهجها الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. كما تخوض كتل نيابية لها خصومات مع إسلاميي "النهضة" مساعي حثيثة لإزاحة راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان.
ديمقراطية تونس ليست محصنة
ويُخشى في تونس بأن تتطور الصراعات المحتدمة إلى الأسوأ، في ظل دخول قوى إقليمية على خط التنافس على النفوذ على الساحة التونسية، وتتبادل أطراف الصراع الاتهامات بالولاء لقوى خارجية، بل انعكس ذلك في خطوات تشريعية وإجراءات داخل البرلمان، في اتجاهات مضادة بين جبهتين: الإمارات - مصر من جهة ثانية وتركيا - قطر من جهة ثانية. ويساهم الصراع المسلح في الجارة ليبيا في تعميق هذه الخلافات وتثير مخاوف من تحولها من مجرد استقطاب سياسي إلى الانزلاق إلى العنف. فقد فاجأ الرئيس سعيّد مؤخرا المراقبين بخطاب مباشر وهو يجلس أمام قادة من الجيش والقوات الأمنية وتحدث فيه عن "مؤامرات" و"تدخلات" في الشؤون الداخلية لتونس.
وناهيك عن الاغتيالات السياسية، تعرضت تونس في السنوات القليلة الماضية إلى موجة أعمال عنف وإرهاب راح ضحيتها عشرات الأشخاص، وتسببت في متاعب اقتصادية كبيرة للبلد الصغير الذي يعتمد على السياحة والخدمات. ومن العوامل التي تساهم في تعقيد الوضع في تونس، بحسب تقارير عديدة، وجود علاقات متداخلة بين شبكات العنف وجماعات مصالح وفساد متغلغلة في مفاصل الاقتصاد ومؤسسات البلاد.
وفي ظل أعراض مرض الديمقراطية الناشئة في تونس، وتفشي النظرة السوداوية لدى فئات واسعة من المجتمع، تشجعها في ذلك نزعات شعبوية وقوى الدولة العميقة وشبكات إعلامية نافذة، لا تبدو البلاد محصنة كثيرا إزاء سيناريوهات الانزلاق نحو عودة قبضة أمنية أو أجواء العنف. وهي سيناريوهات يرى التونسيون تمثُلاتها في مآل الأوضاع في المشهد اللبناني. فيما يتمسك المتفائلون بالأمل في ترجيح صوت الحكمة التي يجنح إليها عادة ساسة تونس بمن فيهم الذين يعتمدون سياسة حافة الهاوية.
منصف السليمي
في ذكرى ثورتها.. تونس تواصل رحلة البحث عن تحقيق الآمال
تحيي تونس الذكرى التاسعة لثورتها..وسط انتظارات بتشكيل حكومة تحقق تطلعات الشعب وأحلامه بالاستقرار والعيش الكريم. وفي ذكرى الثورة يبدو الرئيس قيس سعيد حاملا لمشعل آمال التونسيين وخصوصا الشباب في تحقيق ما ثاروا من أجله.
صورة من: picture-alliance/abaca/Fauque Nicolas/Images de Tunésie
احتفالات في شارع الحبيب بورقيبة ..في جادته رفع شعار إسقاط نظام بن علي
يحتفل التونسيون اليوم في الذكرى التاسعة لثورتهم التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، و انتقلوا بذلك لنظام ديمقراطي يكفل لهم حرية التعبير ويتطلعون لتحسين الأوضاع المعيشية بعد أن وصلت نسبة البطالة لـ 15.1 في المائة ونسبة الديون 74 في المائة ويبقى السؤال هل تخبئ الأعوام المقبلة أوضاع أفضل للتونسيين؟
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
فشل الجملي وحزب النهضة في تشكيل حكومة جديدة
بعد تسميته من حزب النهضة لتشكيل حكومة جديدة، فشل الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان بعد حصوله على72 صوت مقابل 134 صوتوا ضد منحه الثقة، لتبقى الآن الكرة في ملعب الرئيس قيس سعيد الذي بدوره سيطرح الاسم الجديد بعد مشاوراته مع الأحزاب والكتل النيابية بحسب الدستور التونسي.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
قيس سعيّد.."ثوري" سياسيا و"محافظ" إجتماعيا
أعلنت الهيئة المستقلة للإنتخابات في تونس فوز سعيّد بفارق كبير على قطب الإعلام نبيل القروي في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التي جرت الاحد(13 أكتوبر تشرين ثاني 2019)، بانتظار إعلان النتائج الرسمية. سعيّد رجل القانون، المستقل، "ثوري" سياسيا و"محافظ" إجتماعيا خاض حملته الإنتخابية بوسائل متواضعة تحت شعار"الشعب يريد"، يعد فوزه زخما جديدا للثورة في مهد الربيع العربي.
صورة من: picture-alliance/abaca/Fauque Nicolas/Images de Tunésie
فرحة تعم شوارع تونس
زغاريد وألعاب نارية وهتافات ميّزت المشهد في جادة الحبيب بورقيبة في تونس ليل الأحد(13 أكتوبر تشرين ثاني 2019) إثر إعلان فوز أستاذ القانون قيس سعيّد برئاسة البلاد بنسبة 72,71 في المائة متقدما على منافسه رجل الاعلام نبيل القروي بفارق كبير. بالنسبة لكثيرين من شباب تونس والذين صوتوا بكثافة لصالحه، يشكل سعيّد حلمهم بإستعادة المبادرة بعد ثماني سنوات عجاف إقتصاديا وإجتماعيا، أعقبت الثورة التي قادها شباب.
صورة من: Reuters/A. Ben Aziza
مشاركة "مقبولة" رغم التراجع
نظمت تونس الأحد (6 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) انتخابات تشريعية جديدة. وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة 41.3 في المئة، في إقبال وصفه رئيس الهيئة نبيل بفون "بالمقبول". غير أن هذه النسبة أقل من تلك التي سجلت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وكانت 49 في المئة. ويرى مراقبون بأن النتائج تظهر تصويتا عقابيا أو عزوفا عن المشاركة.
صورة من: AFP/F. Belaid
"النهضة" في الصدارة؟
قبل الإعلان رسميا عن نتيجة الانتخابات التشريعية التونسية قال الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة" الإسلامية عماد الخميري إن حركته "متفوقة في الانتخابات بحسب المعطيات الأولية". وأظهر استطلاعا رأي لمؤسستين تونسيتين أن "النهضة" ستحصل على 40 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغة 217 نائباً.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
"قلب تونس" فائز أيضا؟
وبدوره قال حاتم المليكي المتحدث باسم حزب "قلب تونس"الذي يوجد رئيسه في السجن بتهم تتعلق بقضايا فساد، إنّه "بحسب النتائج الاولية يتصدر قلب تونس الانتخابات التشريعية اليوم. إنه الحزب الفائز على مستوى مقاعد البرلمان". لكن الاستطلاعين يشيران إلى أن الحزب سيحصل على ما بين 33 و35 مقعداً.
صورة من: AFP/F. Belaid
مشهد سياسي مشتت!
وأشار الاستطلاعان أيضا إلى أن "ائتلاف الكرامة" برئاسة المحامي المحافظ سيف الدين مخلوف سيحل ثالثا، وسيحصل على ما بين 17 و18 مقعداً. وتنذر هذه التقديرات، في حال ثبتت صحّتها، بمشهد برلماني مشتت سيكون من الصعب خلاله تشكيل إئتلاف حكومي. وتنتظر البرلمان الجديد ملفّات حسّاسة ومشاريع قوانين أثارت جدلاً طويلاً في السابق وأخرى عاجلة أهمّها إحداث المحكمة الدستورية.
صورة من: picture-alliance/AA/A. Landoulsi
مفاجأة الانتخابات التونسية
تحققت المفاجأة في انتخابات الرئاسة بتونس، وفاز أستاذ القانون قيس سعيد وقطب الإعلام نبيل القروي المحتجز بتهمة غسل الأموال في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت يوم الأحد 15 سبتمبر أيلول في تونس. وحصل سعيد على 18.4 بالمئة من الأصوات بينما جاء القروي في المركز الثاني بنسبة 15.6 بالمائة، ومنيت الأحزاب الكبرى بهزيمة مدوية في الإنتخابات التي جرت في إطار النزاهة والحرية وسط إشادة أوروبية ودولية.
صورة من: AFP/F. Belaid
نسبة مشاركة غير مرتفعة
أعلنت الهيئة التونسية العليا المستقلة للانتخابات بلوغ نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المبكرة 45.02 بالمئة. وقال رئيس الهيئة نبيل بافون، إن النسبة تعتبر مقبولة مقارنة بالإحصائيات قبل غلق مكاتب الاقتراع. وبلغت نسبة المشاركة في الخارج 19.7 بالمئة.
صورة من: Reuters/M. Hamed
ثورة الياسمين
في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 وفي ولاية سيدي بوزيد، أضرم محمد البوعزيزي البائع المتجول النار في نفسه بعد اتهامه لشرطية بإهانته. عقب وفاته وقعت مواجهات عنيفة بين المحتجين والشرطة امتدت لباقي البلاد لتندلع الثورة التونسية في 14 يناير/كانون الثاني 2011 طالب خلالها المتظاهرون برحيل الرئيس زيد العابدين بن علي وإسقاط نظامه اعتراضاً على الانسداد السياسي وتدهور الاقتصاد، ليهرب بعدها بن علي إلى السعودية.
صورة من: picture-alliance/abaca/F. Nicolas
حكومة ترويكا والمرزوقي رئيساً مؤقتاً
في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 تم انتخاب "المجلس الوطني التأسيسي التونسي"، وتم تشكيل "الترويكا" وهي ائتلاف حاكم رئاسي وحكومي وبرلماني مكون من ثلاثة أحزاب ذات أغلبية وهي حركة النهضة الإسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي لليبراليين. وانتخب المجلس التأسيسي بدوره المنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية التونسية فيما تولى حمادي الجبالي رئاسة الحكومة ومصطفى بن جعفر رئيسا للمجلس التأسيسي.
صورة من: picture-alliance/dpa
اغتيالات سياسية
تسبب اغتيال المحامي شكري بلعيد المعارض الشرس لحزب النهضة، بالرصاص في 6 شباط/فبراير 2013 أمام منزله، واغتيال محمد براهمي السياسي والنائب المعارض في المجلس التأسيسي في إحداث هزة بالبلاد. على إثر الاغتيالات استقالت حكومة حمادي الجبالي وشهدت البلاد مظاهرات دعت إلى إحقاق العدالة في القضيتين.
صورة من: Reuters
محاولة لمحاكاة النموذج المصري
دفعت إطاحة الجيش بأول رئيس مصري منتخب البعض في تونس لتوجيه دعوات لدخول الجيش المشهد السياسي وتغيير الأوضاع، وهو ما وصفه المرزوقي بـ "المحاولة الانقلابية". لكن الجيش التونسي أعلن نأيه بنفسه عن الجدل السياسي والتزامه بواجبه كما حدده الدستور، وتعهد للمرزوقي بالدفاع عن الجمهورية والنظام السياسي، ورفضت قوى المجتمع المدني وقطاعات عريضة من التونسيين المشاركة في مظاهرات سُميت "الرحيل" بهدف تغيير النظام.
صورة من: dapd
"توافق الشيخين"
في 15 أغسطس/آب عام 2013 اتفق الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي على الوصول لصيغة تعاون وتعايش بين حزبي نداء تونس والنهضة وتشكيل حكومة تكنوقراط وصياغة دستور جديد وهو ما أسفر عن تنظيم انتخابات حرة في 2014. ورغم اعتراضات من هنا وهناك على الاتفاق لكن الرجلين قررا الحفاظ على التوافق لضمان استقرار الحالة السياسية في البلاد لأطول فترة ممكنة، وأطلق عليه "توافق الشيخين".
صورة من: picture-alliance/dpa/Messara
نوبل للسلام للرباعي التونسي
في 17 سبتمبر/أيلول عام 2013 رعت أربعة منظمات مدنية تونسية (الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الهيئة الوطنية للمحامين، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) الحوار الوطني بين الحكومة الانتقالية وجبهة أحزاب المعارضة ما أدى للوصول إلى اتفاق سياسي شامل جنب دخول البلاد في نفق مسدود ليفوز الرباعي التونسي على إثر ذلك بجائزة نوبل للسلام عام 2015.
صورة من: Reuters/NTB scanpix/C. Poppe
السبسي.. أول رئيس منتخب بعد الثورة
في مشهد سياسي غير مسبوق في تونس، نظمت انتخابات رئاسية وصل فيها إلى المرحلة الثانية كل من المنصف المرزوقي والباجي قايد السبسي لتحبس البلاد أنفاسها انتظاراً للنتيجة. وفي 22 ديسمبر/ كانون أول 2014 أعلن فوز رئيس حزب "نداء تونس"، وحصل على 55 في المائة من الأصوات ليصبح أول رئيس منتخب في أول انتخابات حرة ومباشرة بعد استقلال البلاد، ولعبت أصوات النساء دوراً حاسماً في ترجيح فوز السبسي.
صورة من: Getty Images/Afp/Fethi Belaid
وفاة السبسي.. وانتخابات رئاسية مبكرة
في الخامس والعشرين من يوليو/تموز 2019 توفي الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز 92 عاماً، إثر أزمة صحية حادة. جرى انتقال السلطة بشكل دستوري سلس، حيث أدى رئيس البرلمان محمد الناصر اليمين الدستورية كرئيس مؤقت للبلاد، وتولى الشيخ عبد الفتاح مورو الرئاسة المؤقتة لمجلس نواب الشعب، وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة حدد لها موعد الخامس عشر من سبتمبر/أيلول.
صورة من: Getty Images
الانتخابات التشريعية وتداخل مع الانتخابات الرئاسية
لكن الإعلان عن عقد انتخابات رئاسية مبكرة بسبب وفاة السبسي تسبب في ارتباك في الأجندة الإنتخابية، حيث تجري انتخابات تشريعية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، الأمر الذي يعني انطلاق الحملات الانتخابية لمرشحي مجلس نواب الشعب التونسي بالتزامن مع انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية في حال تنظيم دورة ثانية.