1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رأس الحربة ضد كورونا من النساء.. ماذا عن الرجال؟

Moncef Slimi Kommentarbild App
منصف السليمي
١٣ مارس ٢٠٢٠

في خضم أزمة فيروس كورونا، تبرز بشكل لافت أدوار نسائية من مواقع قيادية وميدانية. بينما تفيد مؤشرات بأن الرجال هم من يتحدثون ويتناقشون أكثر عن الأزمة، فماذا يعني ذلك؟

المستشارة أنغيلا ميركل وإلى جانبها وزير الصحة يانس شبان ومدير معهد روبرت كوخ البروفيسور لوثر فيلر صورة من: Imago Images/photothek/F. Zahn

الدكتورة صوفيا سارة، طبيبة جزائرية تعمل في بلدة سيدي غيلاس بمنطقة تيبازا شرق الجزائر، اسمها متداول على نطاق ضيق في بعض المواقع الطبية المتخصصة، وهي طبيبة متخصصة في الأوبئة والأمراض المعدية. في بدايات أزمة انتشار فيروس كورونا في الصين، كانت هذه الطبيبة في طليعة الفريق الصحي الذي رافق أولى الرعايا الجزائريين والمغاربيين الذين تم إجلاؤهم من مدينة ووهان بؤرة كورونا.

تولت الدكتورة صوفيا بشجاعة المهمة الصحيِّة الصعبة، وفق ما نُقل عن عدد من الذين كانوا على متن رحلة طائرة الخطوط الجوية الجزائرية التي أقلت رعايا جزائريين وتونسيين وموريتانيين وليبيين. تعمل الطبيبة الجزائرية بصمت بعيدا عن الأضواء، ولم تثنها عن جهودها الظروف المتدهورة للقطاع الصحي التي تعمل فيه، والذي ينزف سنويا الآلاف من كفاءاته. فقد هاجر من الجزائر خلال العقدين الأخيرين زهاء 40 ألف طبيب وجراح توجهوا إلى أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة الخليج، بحسب إحصاءات الاتحاد العام للمهاجرين الجزائريين في الخارج وعمادة الأطباء الجزائريين، في تقرير نشره موقع تي اس اي TSA الجزائري.

أما زميلتها الطبيبة التونسية المهاجرة "الدكتورة سيمة" فقد قد اختارت أن تتوجه من موقع عملها بمستشفى مستعجلات بإيطاليا أكبر بؤرة لانتشار فيروس كورونا بأوروبا، (توجهت) إلى مواطنيها في تونس لتقدم إليهم، عبر فيديو على حسابها بفيسبوك، نصائحها بطريقة مبسطة وعملية.

رأس حربة في مواجهة فيروس كورونا

في خضم أزمة انتشار فيروس كورونا وحالة الهلع التي تثيرها على الصعيد العالمي، يبدو لافتا ما تقوم بها نساء من مواقع مختلفة، سواء بالقطاع الصحي أو من مواقع متقدمة في مؤسسات صنع القرار السياسي.

في أكبر بلد أوروبي، تتصدر المستشارة أنغيلا ميركل المشهد وتقود بلادها وسط العاصفة. رباطة جأش وبرودة أعصاب، قل نظيرها، يرصدها المتتبعون من ملامح أقوى امرأة في العالم، وهي تتحدث عن التحديات التي تواجه بلادها بسبب أزمة كورونا، وتدعو إلى الاستعداد لمواجهة سيناريو انتشار الوباء قد يشمل 60 إلى 70 في المائة من سكان البلاد.

طاقم طبي نسائي رافق الرعايا المغاربيين المرحلين من ووهان الصينية على متن رحلة طائرة جزائريةصورة من: picture-alliance/dpa/F. Hamdi

في مصر البلد العربي الأكبر، والمثقل بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والانغلاق السياسي، تتصدى وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، للمهمة الصعبة، وقد برز اسمها مبكرا عندما توجهت في عين العاصفة إلى بكين، من أجل التعاون في مواجهة الوباء.

ويثير أداء وزيرة الصحة المصرية ردود فعل متباينة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية والدولية، خصوصا أن تقديرات حجم انتشار الفيروس في مصر، كانت متضاربة وساهمت فيها سياسة التعتيم الإعلامي، التي تحجب الحقيقة عن الوضع الصحي في البلاد، ومعها الأدوار الدؤوبة التي تقوم بها كفاءات في القطاع الصحي رغم المشاكل التي يتخبط فيها بسبب الفساد في التسيير وضعف التجهيزات وهجرة الكفاءات، حيث فقد خلال سنوات قليلة ما يفوق 15 ألف طبيب هاجروا إلى أمريكا وكندا وأستراليا وبلدان الخليج، بحسب تصريحات للدكتور رشوان شعبان الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء.

وفي تونس، تتصدر المشهد شخصيات نسائية من أبرزهن الدكتورة نصاف بن علية، المديرة العامة للمركز الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة، بوزارة الصحة التونسية.

وتتحدث وسائل الإعلام المحلية الحرة بما فيها المعروفة بنقدها اللاذع لمؤسسات الدولة ومسؤوليها، عن الدكتورة نصاف وزميلاتها في خلية الأزمة بوزارة الصحة والفريق الذي يقود "استراتيجية مواجهة فيروس كورونا"، باعتبارها ترمز إلى الدور البطولي الذي يقوم به جيش من النساء في القطاع الصحي بالبلد الذي ما يزال يتلمس طريقه نحو الاستقرار، بعد سنوات صعبة أعقبت الثورة، وتعرض فيها القطاع إلى أكبر نزيف بسبب هجرة كفاءاته واختلالات في إدارته، وتخبط الطبقة السياسية في أزمات متعاقبة.

وفي منطقة الدار البيضاء - سطات، برز اسم الدكتورة نبيلة الرميلي مندوبة الصحة بالمنطقة التي تعتبر الأكثر كثافة سكانية بالمغرب، مبكرا مع ظهور أولى الإصابات بفيروس كورونا في البلاد، بسبب انتقال العدوى عبر مهاجر عائد من إيطاليا.

والدكتورة نبيلة الرميلي هي أيضا ناشطة سياسية وتتولى منصب نائبة عمدة ولاية الدار البيضاء الكبرى التي يبلغ عدد سكانها زهاء سبعة ملايين نسمة، وبدأت مشوارها كطبيبة ثم تولت إدارة مستشفى بالمنطقة، وتتحدث الصحافة المحلية عن دورها القيادي وكفاءاتها الميدانية في القطاع الصحي، وفي مواجهة إصابات الفيروس التي ظهرت بمنطقتها.

قامت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة المصرية بزيارة إلى الصين في أوج أزمة فيروس كوروناصورة من: picture-alliance/Photoshot

الرجال يتحدثون أكثر عن كورونا!

ظهور أدوار نسائية في المستويات القيادية والميدانية في أوج أزمة صحية، ليس من باب الصدفة، فالنساء يشكلن ما بين 50 إلى 70 في المائة من العاملين بالقطاع الصحي في بلدان منطقة شمال أفريقيا. ولكن تقارير منظمات متخصصة، تشير إلى أن " النساء يشكلن نحو 70 في المائة من القوى العاملة في الصحة على مستوى العالم، كما أنهن يؤدين غالبية الوظائف الأصعب، والأخطر، والأكثر كثافة من حيث العمالة في هذا القطاع، ومع ذلك فهن يشغلن 25 في المائة فقط من المناصب العليا للقطاع الصحي"، بحسب بروجيب سنديكت مؤسسة ومديرة "مؤسسة الرفاه الأفريقية".

وفي هذا السياق، تظهر أهمية ما تحققه قيادات نسائية في منطقة شمال أفريقيا، من ناحية، وما تقوم أخريات على الصعيد الميداني بعيدا عن أضواء الإعلام أو أدوات في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل تدريجي. وسيحتاج المرء إلى حيز من الزمن، بعد تجاوز أزمة وباء كورونا العالمي، لوضع استنتاجات أشمل وأعمق حول أداء هذه الكفاءات النسائية، وعما إذا كن يشكلن أيقونات لشعوبهن في فترة تاريخية حرجة، وفي مجتمعات ما تزال تهيمن فيها نظرة محافظة تحجم عن الاعتراف للمرأة بأدوار قيادية متقدمة.

لكن، في غضون ذلك يمكن التوقف عند بعض المؤشرات المتعلقة بالمقارنة بين الرجال والنساء، وهي تحمل مفارقات. ففي مؤشر مثير لمؤسسة هوتسويت/ Hootsuite المتخصص في مواقع التواصل الاجتماعي، يفيد تحليل المواد المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة ما بين 3 فبراير شباط و3 مارس آذار بألمانيا، بأن المناقشات والمداولات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الالكترونية، حول موضوع فيروس كورونا، يستأثر بها رجال بنسبة 69 في المائة مقابل 31 بالمائة للنساء.

منصف السليمي، صحفي خبير في الشؤون المغاربية بمؤسسة DW الألمانية

ويعزو خبراء ارتفاع معدل مشاهدة التلفزيون وتصفح مواقع الانترنت، إلى تزايد الاهتمام بمتابعة مستجدات وتطورات أزمة فيروس كورونا، ولكن أيضا بسبب اعتماد قطاع مهم من المستخدمين والموظفين على أسلوب العمل من البيت. وهنا يمكن الإشارة إلى أن هيمنة نسبة الرجال في سوق العمل، قد تكون لها دلالة في مؤشرات الاهتمام بمشاهدة التلفزيون ومتابعة الأنترنيت مقارنة بمعدل اهتمام النساء. وبالمقابل فان حضور النساء بنسبة أكبر من الرجال في القطاع الصحي، قد يقود إلى مفارقة مفادها أن النساء يعملن أكثر على الأرض في القطاع الصحي الذي تشكل حاليا أزمة فيروس كورونا محوره الأساسي، بينما تنشغل نسبة كبيرة من الرجال بالحديث حول فيروس كورونا كموضوع للمناقشات والمداولات.

ورغم ما يحمله هذا الاستنتاج أو الفرضية من مفارقة، فانه لا يعني بأية حال أن الرجال لا يساهمون بنسبة كبيرة في مكافحة الفيروس، بل ان مساهماتهم قد تأخذ مجالات وسياقات أخرى غير مباشرة، سواء في الحياة العامة أو القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.

 ومن المفارقات الطريفة في هذا السياق، يبدو أن روابط واتحادات رياضية تحاول مسايرة الأزمة الحالية، فقد قرر اتحاد كرة القدم الألماني، بث مباريات بوندسليغا والدوري الثاني، على قنوات البث المجاني. وذلك للحفاظ على حرارة ما في علاقة جمهور كرة القدم بالمباريات التي تجري بين الفرق المتنافسة في ملاعب تصفها الصحافة الألمانية بملاعب أشباح. ولاشك أن معظم الذين سيستفيدون من خدمة البث المجاني لمباريات كرة القدم هم رجال، بما أنهم يشكلون أغلبية كاسحة من جماهير كرة القدم!

منصف السليمي

منصف السليمي صحفي في مؤسسة DW الألمانية، خبير بالشؤون المغاربية
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW