1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحليل: صدى خافت في ذكرى الثورة.. أفول الحلم بالديمقراطية؟

Moncef Slimi Kommentarbild App
منصف السليمي
١٨ يناير ٢٠٢٤

في الرابع عشر من يناير مرت ذكرى الثورة التونسية بدون صدى يُذكر، ولا يبدو أن الحال سيكون مختلفا عندما تحل ذكرى 25 يناير في مصر. فهل بات الوضع مستتبا للحكم الاستبدادي وتلاشت أحلام الشباب بالتغيير والديمقراطية؟

هل بات الوضع في دول "الربيع العربي" مستتبا للحكم الاستبدادي وتلاشت أحلام الشباب بالتغيير والديمقراطية؟ صورة من: Amine Landoulsi/abaca/picture alliance

يوم الرابع عشر من ينايركانون الثاني، مرت الذكرى الثالثة عشرة للثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، دون صدى كبير، باستثناء مظاهرة شارك فيها مئات من نشطاء المعارضة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، ورفعوا شعارات تندد بتدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع الحريات في البلاد وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

وبالكاد اهتمت كبريات وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية، بذكرى الثورة التونسية، إذ اكتفى معظمها بنقل تقارير وكالات أنباء عن "مظاهرة بضع مئات من النشطاء" شهدتها شوارع العاصمة تونس.

فقد كانت تونس آخر حلقة تنفرط من عقد بلدان "الربيع العربي"، عندما قام الرئيس الحالي قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز 2021 بوقف العمل بالدستور وإقالة الحكومة وحل البرلمان وتفكيك باقي المؤسسات المنتخبة بعد الثورة.

المشهد في مهد ثورات "الربيع"، يبدو أنه لن يكون نشازا عن أوضاع بلدان عربية أخرى مثل مصر التي تحل فيها ذكرى الثورة يوم 25 يناير وليبيا في 17 فبراير/ شباط المقبل، كما لا يتوقع أن يحمل شهر مارس/ آذار مفاجآت عندما تحل ذكرى الثورات والاحتجاجات في سوريا واليمن، حيث تستعر حرب أهلية منذ سنوات طويلة راح ضحيتها مئات الآلاف من الأشخاص.

سعيّد لا يعترف بتاريخ 14 يناير

وتاريخ الرابع عشر من يناير لا يعتبره الرئيس سعيّد رمزا لذكرى الثورة، بل يرى أنه يرمز إلى تاريخ "استيلاء" نخب سياسية على السلطة بعد فرار الرئيس الأسبق بن علي خارج البلاد (إلى السعودية). والتاريخ الحقيقي لثورة الشعب بالنسبة لسعيّد هو 17 ديسمبر/ كانون الأول عندما أقدم البائع المتجول محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد (وسط البلاد) على إحراق نفسه لتندلع احتجاجات واسعة انتهت بسقوط بنظام بن علي.

لكن كان لافتا أن الرئيس سعيّد خرج يوم 14 يناير من القصر الرئاسي بقرطاج وتوجه إلى ولايتي القيروان وسليانة اللتين تعتبران مثلها مثل سيدي بوزيد والقصرين، شريط مناطق فقيرة وسط وغرب البلاد التي انطلقت منها الانتفاضة سنة 2011، وتعتبر اليوم الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها البلاد منذ سنوات.

وظهر سعيّد في مشهد معتاد منذ توليه الرئاسة سنة 2019، وهو يصافح حشدا من المواطنين الذين يتحلقون حوله وبعضهم يهتف "نحن معك يا قيس سعيّد".

لا توجد مؤشرات تدل على أن أوضاع الناس في مثل هذه المناطق قد تحسنت بعد أن أمسك الرئيس سعيّد بكامل السلطات، بل تفيد دلائل عديدة على تدهور أوضاعهم الاقتصادية وتزايد نسب البطالة في أوسط الشباب وتسجيل أعلى معدلات الهجرة من البلاد والوفيات في صفوف من يجازفون بحياتهم في رحلات الموت عبر البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الإيطالية.

تشهد تونس أزمة اقتصادية واجتماعية حادة منذ سنواتصورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance

لكن يبدو أن خطاب الرئيس سعيّد والذي يُنظر له من قبل المحللين والمراقبين على أنه قائم على الشعبوية، يحظى بقبول قطاعات واسعة من التونسيين، وخصوصا في هجومه بدون هوادة على الطبقة السياسية والأحزاب وهيئات المجتمع المدني وحتى الصحافة، وكيله لها الاتهامات بـ "الفساد" و"التآمر على أمن الدولة".

كما أن استطلاعات الرأي التي تجرى من حين لآخر، والتي لا يمكن التأكد من استقلاليتها، تتكرر فيها أسبقيته على باقي منافسيه على الرئاسة.

إذ تنتظر تونس هذا العام استحقاق الانتخابات الرئاسية، ورغم غياب مؤشرات تدل على أنها ستكون مختلفة نوعيا عن العمليات الانتخابية البرلمانية والمحلية التي نُظمت في البلاد بعد 25 يوليو/ تموز 2021 في ظل الدستور الجديد الذي صاغه الرئيس سعيد وأُقر في يوليو تموز 2022، حيث قاطعت أحزاب المعارضة الرئيسية كل تلك الاستحقاقات وسجلت فيها نسب ضئيلة للمشاركة.

ورغم ذلك يعتقد بعض السّاسة في تونس، أن انتخابات سنة 2024، يمكن أن تكون حاسمة باتجاه تغيير الأوضاع، ولاسيما في ظل غياب حصيلة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية تُذكر لسنوات حكم سعيّد الفردي.

"لسنا في مرحلة المسار الديمقراطي"

في حوار صحفي أجري معه مؤخرا، اعتبر الدكتور عبد الله ساعف، المفكر المغربي ووزير التعليم الأسبق، أن المرحلة الحالية "ليست هي مرحلة المسار الديمقراطي، فهي تتسم بقوة الدولة ومركزتيها وعودتها بشكل أقوى، الأمر الذي ساهم في اتساع الهوة بين الشعوب والحكام، وهو ما يعني أن حكم الدولة أصبح أقوى من كل الفاعلين الموجودين في هذه المجتمعات، وأقوى من الاحزاب والنقابات، ومن المجتمعات المدنية، ومن الحركات الاجتماعية".

هذه المقولة يبدو أنها تلخص المشهد في تونس وباقي بلدان "الربيع العربي" التي أطلقت فيها الانتفاضات أحلام الشباب بإقامة ديمقراطية في العالم العربي.

فبعد عقد من الانتفاضات والانتخابات الواعدة وصعود نخب سياسية من الإسلاميين والليبراليين واليساريين، انهارت الأوضاع الأمنية وهيمنت مسارات العنف والحروب الأهلية والثورات المضادة، وعادت آلة الدولة العميقة للسيطرة على الحياة السياسية.

ولا يبدو أن انهيار تجارب الانتقال الديمقراطي في مصر وتونس وخيبات أجيال جديدة من الانتفاضات التي شهدتها الجزائر والسودان والعراق ولبنان، ودموية حروب أنظمة الحكم في سوريا واليمن وليبيا ضد الانتفاضات الشعبية، حالة عربية معزولة عما يجري في العالم من اتساع لنفوذ الأنظمة الاستبدادية تحت وطأة الأزمات الصحية والاقتصادية والحروب الطاحنة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

شهدت مصر وتونس تراجعات كبيرة في السنوات الأخيرة في مجال الحريات صورة من: Egyptian Presidency Media Office via AP/picture alliance

وكان مؤشر التحولات الذي تصدره مؤسسة بيرتيلسمانBTI   الألمانية سنويا، قد رصد في تقريره الأخير 2023، أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تأتي ضمن فئة 70 دولة مستبدة، وتشهد أسوأ تحولات سياسية منذ 15 عاما، حيث رصد المؤشر تراجعا في مجالات حرية التجمع وتقاسم السلطة بشكل ديمقراطي.

وحسب مؤشرات تقرير فريدم هاوس الأمريكية لسنة 2023 فإن العالم يشهد أكبر تراجع للديمقراطية في العقدين الأخيرين.

ووضع التقرير 4 دول عربية ضمن لائحة تسع دول هي الأسوأ عالميا من حيث تدهور الحريات السياسية والمدنية، وهي اليمن وسوريا والصومال والسعودية. بينما جاءت تونس ومصر ضمن الدول التي شهدت أسرع تراجعات في السنوات العشر الماضية.

وبالمقابل لم يسجل التقرير أي دولة عربية ضمن الدول العشر التي حققت أفضل تقدم في مجال الديمقراطية في العالم.

اهتزاز مرجعية الديمقراطيات الغربية

يشكل تنامي نفوذ نماذج حكام مستبدين أمثال الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بالإضافة للعملاق الصيني، واحدا من أبرز ملامح التحولات التي يشهدها العالم في العقد الثالث من الألفية، في وقت تتعرض مرجعية الديمقراطيات الغربية لاهتزازات ملحوظة، يستغلها الحكام المستبدون لتوسيع نفوذهم. وتعتبر العودة القوية لظاهرة الانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية، مؤشرا دالّا عليها.

إذ شكلت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن جائحة كورونا وحروب أوكرانيا والشرق الأوسط، وعجز الديمقراطيات الناشئة على مواجهة تداعياتها وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية، منطلقا لعودة القبضة الاستبدادية على الحكم ومهاجمة الدول الغربية وتحميلها المسؤولية الأخلاقية عن تدهور الأوضاع.

فقد اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن 2023 كان "عاما حافلا" على صعيد قمع حقوق الإنسان في العالم، خصوصا نتيجة النزاعات الدامية في قطاع غزة والسودان وأوكرانيا.

ورأت المنظمة في تقريرها السنوي الذي صدر منتصف شهر يناير/ كانون الثاني 2024، وتطرق الى أوضاع حقوق الانسان في العالم، أن الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة والقتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، يتسببان بـ"معاناة شديدة"، مثل النزاعات المتواصلة في أوكرانيا وبورما وإثيوبيا ومنطقة الساحل الإفريقية.

واعتبرت رايتس ووتش أن العام المنصرم "لم يكن عاما حافلا بقمع حقوق الإنسان وفظائع الحرب فحسب، بل كذلك بالغضب الحكومي الانتقائي ودبلوماسية الصفقات التي حملت في طياتها تكاليف باهظة على حقوق من لم تشملهم الصفقات".

تزايد نفوذ أحزاب يمينية متشددة في أوروبا يدفعها نحو إبرام صفقات حول الهجرة على حساب حقوق الإنسانصورة من: Tunisian Presidency/APA Images via ZUMA Press Wire/picture alliance

وانتقدت المنظمة الاتحاد الأوروبي الذي يتبع "أسلوبا فريدا من دبلوماسية الصفقات يركز على التحايل على التزاماته الحقوقية تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين، وبخاصة الوافدين من أفريقيا والشرق الأوسط".

واعتبرت أن "الرد المفضّل للدول الأعضاء هو إعادة الأشخاص إلى بلدان أخرى أو عقد صفقات مع حكومات تعسفية مثل ليبيا وتركيا ومؤخرا تونس، لإبقاء المهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي".

وقالت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في تقريرها السنوي "عندما يغض الغربيون الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، محلياً أو دولياً، فقط من أجل تعزيز مصلحتهم الأنانية، فهذا ليس أقل من نفاق". مستنتجة أن هذه التناقضات "تزعزع... شرعية نظام القواعد الذي نعتمد عليه لحماية حقوق الجميع".

الأمل في الديمقراطية

شكلت إخفاقات النخب السياسية من إسلاميين وليبراليين ويساريين في الدول العربية التي شهدت انتخابات ديمقراطية، ومعها سياسات الكيل بمكيالين والانتقادات الموجهة لعدد من الدول الغربية، مادة خصبة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الدول التي يحكمها مستبدون، يقدمونها كذريعة للتشكيك في جدوى إقامة الديمقراطية في العالم العربي. ومعها أيضا تشكيك في المرجعية الأخلاقية للنموذج الغربي للديمقراطية.

منصف السليمي، صحفي بمؤسسة DW الألمانية خبير بالشؤون المغاربية

وتساهم مثل هذه المناخات المتفشية حاليا في العالم العربي، في تبديد أحلام الشباب في الديمقراطية والتنمية على أسس عادلة وشفافة، لكن هل يعني ذلك نهاية للحلم والأمل؟

ففي بلد مثل تونس فاز فيه رباعي المجتمع المدني (الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للصناعة والتجارة) بجائزة نوبل للسلام 2014، وبعد أن كان يُنظر إليه كمهد لديمقراطية ناشئة يتعايش في ظلها العلمانيون والمحافظون الإسلاميون، يبدو المشهد الآن قاتما، إذ ترتبط النظرة للديمقراطية لدى قطاعات واسعة من التونسيين بفساد النخب والمؤسسات المنتخبة، ويعتبرونها مسؤولة عن تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية التي قامت أصلا الثورة سنة 2011 من أجل تحسينها.

وتهيمن ردود الفعل اليائسة في سلوك الشباب، وتهجر أغلبية كاسحة منهم السياسة وحتى البلاد، ولم تتجاوز نسبة المشاركة في المحطات الانتخابية التي شهدتها تونس في العامين الماضيين، 12 في المائة. وتعتبر نسبة الامتناع عالية في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و21 عاما.

وفي أحدث انتخابات بلدية أجريت في ديسمبر/ كانون الأول 2023 سجل حضور محدود للشباب، وبحسب الأرقام التي أعلنت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات، لم تتجاوز نسبة الشباب الفائزين (دون 35 عاما) ثلث أعضاء البلديات والمجالس المحلية، رغم أن الشباب يشكل نسبة تفوق ثلثي السكان.

ويأتي انسحاب أو امتناع الشباب عن المشاركة السياسية في تونس، في سياق أشمل بحسب استنتاجات خبراء أعدوا دراسة حديثة نشرها مركز "مبادرة الإصلاح العربي" وهو هيئة غير حكومية مقرها باريس وتُعنى بقضايا الإصلاحات في الدول العربية. وحسب هذه الاستنتاجات "يتبع انسحاب التونسيين (وخصوصا الشباب) من الإحباط الشديد الذي تفاقم بسبب الصعوبات الاقتصادية الشديدة، والركود السياسي، والاضطرابات الاجتماعية".

ويحذر مفكرون عرب من التوقف عند فشل النخب السياسية سواء الإسلامية أو اليسارية أو الليبرالية، وربطه بالديمقراطية نفسها من أجل مصادرة فكرة التغيير القائمة على مفاهيم الحرية والديمقراطية في الدول العربية.

ويمكن رصد أربعة محاور رئيسية في آفاق التفكير في قضايا الديمقراطية والتغيير بالعالم العربي:

أولا: ضرورة قيام النخب السياسية والمثقفين والنشطاء بنقد ذاتي للتجارب السياسية التي شاركوا فيها وآلت للفشل، لإدراك العوامل الحاسمة فيها.

ثانيا: التفكير بجرأة في أسس مشاريع الديمقراطية في الدول العربية، ومسألة ارتباطها التاريخي بالمرجعية الغربية أو التفكير في إدماج عناصر التراث والدين كعوامل مؤثرة بعمق في المجتمعات العربية.

وفي كتابه الجديد (صدر 2023) "سؤال المصير" يقدم المفكر السوري الدكتور برهان غليون قراءة فكرية وتاريخية لصراع العرب طيلة قرنين "من أجل السيادة والحرية". ويدعو إلى إعادة التفكير في المرجعية الفكرية للديمقراطية وضرورة "تخليصها" من السياق والخلفية الغربية، والاتجاه إلى التركيز على توظيف عوامل التراث والدين الإسلامي في بناء النظرية السياسية التي تقوم عليها الديمقراطية في العالم العربي.

بيد أنّ غليون يحذر في نفس الوقت من الوقوع عند معالجة إشكالية الديمقراطية، في كماشة بين استراتيجية "الأصولية الدينية" أو حتى في فخ خصومها المتصارعين معها. لأن الفاعل السياسي والدولة هما من يرسم في الواقع التأثير الحاسم في تحقيق التغيير السياسي، كما يقول المفكر السوري.

 ويستتبع هذا الاتجاه في التفكير جدلا واسعا في المجال الفكري والسياسي والإعلامي العربي حول مستقبل أحزاب الإسلام السياسي بين من يرى أنها في مرحلة أفول ونهاية موجتها وبين من يرى أن عوامل استمرارها قائمة رغم تراجعها في الوقت الراهن.

ثالثا: الأجيال الجديدة من السياسيين والنشطاء والمؤثرين وقوى المجتمع الحية مثل المرأة والشباب، تذوقت طعم الحرية ومن الصعب إسكاتها، كما أن تطورات التكنولوجيا تمنحها فرصا غير مسبوقة. وهؤلاء سيكون لهم دور أساسي في رسم ملامح مشاريع التغيير السياسي المستقبلية، وبالتالي فإن الأمل والحلم بتحقيق ما فشلت فيه الأجيال السابقة والحالية، يظل قائما. ويلتقي غليون مع المفكر المغربي عبد الله ساعف حول هذه الفكرة.  

وللمفكرين ساعف وغليون خلفية فكرية يسارية وقومية، وشاركا في تجارب سياسية من أجل إقامة ديمقراطية في بلديهما المغرب وسوريا. إذ شارك غليون إبان الانتفاضة السورية من موقع قيادي في إدارة هيئات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد، فيما شارك ساعف في حكومة "التناوب التوافقي" التي ترأسها الاشتراكي الراحل عبد الرحمن اليوسفي في الفترة (2000- 2002).

رابعا: أن مسألة التغيير السياسي في الدول العربية، ليست فقط مسألة محلية، بل هي شديدة التأثير والتفاعل مع المحيط العالمي والأحداث الكبرى بمنطقة الشرق الأوسط وفي صدارتها الصراع الإسرائيلي  الفلسطيني.  إذ تُظهر الحرب الحالية بين إسرائيل وحركة حماس، تداعيات كبيرة على السياسة اليومية في الدول العربية والتوازنات الداخلية فيها. فطالما شكل الصراع مع إسرائيل عنوانا لمعارك داخلية تخوضها أنظمة استبدادية في دول عربية ضد معارضيها، تحت شعار "لا صوت يعلو فوق صوت البندقية".

 كما يمكن أن يكون للصراع الفسلطيني الإسرائيلي والانقسام الشديد في النظرة إليه، أثر مستقبلي على العلاقة بين الدول العربية وأوروبا والغرب بشكل عام. كما يتوقع أن يكون لنتائج الحرب الحالية ومدى جدية المجتمع الدولي في تسوية الصراع آثار مستقبلية حاسمة على علاقة الدول العربية مع إسرائيل.

منصف السليمي صحفي في مؤسسة DW الألمانية، خبير بالشؤون المغاربية
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW