1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحليل: عبر ليبيا والسودان..فاغنر سلاح بوتين الفتّاك بأفريقيا

Moncef Slimi Kommentarbild App
منصف السليمي
٢٦ أبريل ٢٠٢٣

يبدو أن ما تكشّف حتى الآن عن الأدوار الحسّاسة التي تقوم بها مجموعة فاغنر الروسية في الصراع بالسودان، ليس سوى قمة جبل الجليد. فما تقوم به هذه المجموعة شبه العسكرية كرأس حربة للكرملين في رقعة شطرنج أفريقية شاسعة خطير جدا.

يفغيني بريغوجين، الملقب بطباخ الرئيس فلاديمير بوتين. صورة من: Misha Japaridze/AP/picture alliance

يبدو أن المعلومات التي تكشف عنها وثائق مسربة للمخابرات الأمريكية وتحقيقات لصحف عالمية وهيئات ومعاهد متخصصة في الأزمات والصراعات، تُظهر أبعادا أخرى لمجموعة فاغنر الروسية التي يتزعمها الأوليغارشي يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، تتجاوز بكثير في خطورتها وتأثيرها ما كان يتردد عن دورها العسكري المباشر في أوكرانيا وسوريا وليبيا أو غير المباشر عبر عمليات خاصة ومحدودة في دول أفريقية.

وفيما تُسلط الأضواء على دور فاغنر في الصراع المسلح الدائر حاليا في السودان، تتكشف المزيد من المعلومات عن أدوارها الحسّاسة في القارة الأفريقية.

ورغم أن تقارير عديدة نشرت في كبريات وسائل الإعلام أمريكية وبريطانية وألمانية، ركزت على عمليات دعم يقدمها مرتزقة فاغنر لقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، انطلاقا من قواعد عسكرية بليبيا (قاعدتي الخروبة شرقا والجفرة جنوبا) تحت سيطرة خليفة حفتر، تم رصدها عبر أقمار اصطناعية، تظهر عمليات نقل جوي ودعم لقوات "الدعم السريع" بعتاد عسكري وصواريخ وتدريبات وربما نقل مقاتلين مرتزقة من الجنجويد شاركوا سنة 2019 مع قوات حفتر في الهجوم على العاصمة طرابلس، نفت قوات حفتر انحيازها لأي طرف في الصراع المسلح الدائر بالسودان.

وفي تصريحات له في نيويورك حاول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التقليل من أدوار فاغنر وقال إن السودان يمكنه أن يستفيد من خدماتها التي قارنها بشركات أمن أمريكية وأوروبية. إلا أن نظرة فاحصة في الأدوار المتعددة التي تقوم بها المجموعة شبه العسكرية الروسية، تكشف أن شبكة عملياتها ونطاقها تكتسي تعقيدا أكبر في عشرة دول أفريقية على الأقل، ضمنها السودان، حيث تتمتع بمواقع تأثير حسّاسة مثلا في مراقبة مناجم الذهب أو في علاقاتها مع الجبهة المقابلة في الصراع التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

قطعة محورية في استراتيجية موسكو ضد الغرب

ترسم وثيقة الاستراتيجية الجديدة التي أعلنت عنها روسيا مؤخرا، ملامح عقيدة جديدة في السياسة الخارجية قوامها تصنيف الغرب على أنه "تهديد وجودي" لروسيا. وتكشف الوثيقة بأن الصراع في أوكرانيا ليس سوى جبهة من جبهات مواجهة واسعة النطاق بين روسيا والغرب.

وتكشف الوثيقة التي تقع في أكثر من 40 صفحة، بأن "الحرب الهجينة" تحل محل الحرب الباردة، في استراتيجية روسيا التي تقدم نفسها "حصنا" للعالم الناطق بالروسية، في مواجهة "هيمنة الغرب" ومحاولاته "تفكيك روسيا الاتحادية".

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لقاء مع عبد الفتاح البرهان.صورة من: Palace Media Office/REUTERS

ويرصد خبراء بأن مجموعة فاغنر وفرق مرتبطة بها بشكل أو بآخر مثل مجموعة "وايت باور رينجر سكواد"WPRS و"روسيتش"، تلعب كشبكة شبه عسكرية دورا محوريا في الجبهات المفتوحة بين روسيا والغرب بدءا من أوكرانيا، ومرورا بسوريا، ووصولا إلى القارة الأفريقية التي تشكل المسرح الأوسع فيما يبدو لهذه المواجهة.

وتفيد مصادر غربية بأن قوام قوات فاغنر في أوكرانيا يقدر بحوالي أربعين ألف عنصر، وفي ليبيا بألفين وخمسمائة عنصر. وقد تكون موسكو سحبت منهم النصف ليلتحقوا بجبهات القتال في أوكرانيا، وضمن الوحدات المتبقية في ليبيا مرتزقة أفارقة.

وتوفر موسكو لمجموعة فاغنر موارد وإمكانيات هائلة من أجل اضطلاعها بمهمات حسّاسة في جبهات وحروب روسيا. ولئن انطلقت المجموعة كفرق مرتزقة تعمل في الظل مع المخابرات الروسية، فهي تتحول تدريجيا إلى قوة معترف بها داخل القوات الروسية. وقد اعترف مؤسسها مؤخرا بأنه أنشأ المجموعة سنة 2014 لحماية المصالح الروسية في دونباس شرق أوكرانيا.

ففضلا عن الارتباط الوثيق بين قيادة فاغنر بالكرملين والرئيس بوتين شخصيا، يتم رصد موارد مالية وتسليح متطور لمقاتلي المجموعة الذين يلعبون أدوار رأس الحربة في جبهات القتال، كما حدث ويحدث في أوكرانيا وسوريا منذ سنة 2014. إضافة إلى أدوار خلفية في الاختراقات الأمنية والعمليات الخاصة مثلا في بلدان أفريقية.

ويعتقد محللون أوروبيون بأنأخطاء فادحة في سياسة العواصم الغربية المؤثرة في السودان ومحيطها الأفريقي، ساهمت في توفير أرضية ملائمة لتزايد النفوذ الروسي على القوى المؤثرة في الصراع، مثل قائد قوات"الدعم السريع" الذي يعتمد في نفس الوقت على دعم مزدوج من الإمارات العربية المتحدة حليف الغرب وإسرائيل، وعلى دعم مرتزقة فاغنر.

إذ تلعب موسكو لعبة مزدوجة من خلال علاقاتها الوثيقة مع طرفي الصراع المسلح في السودان. وشهدت تلك العلاقات انطلاقتها في عهد الرئيس السابق الجنرال عمر حسن البشير وتعمقت مع القيادة العسكرية الحالية وعلى رأسها الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي يحظى في نفس الوقت بدعم السعودية ومصر حليفي الغرب الأساسيين في الشرق الأوسط.

ويرى يوهانس ديتريتش الكاتب الصحفي الألماني بأن أخطاء الديبلوماسية الغربية تبرز في مظاهر فشل المبعوث الأممي فولكر بيرتس، الرئيس السابق للمعهد الألمانية للسياسة الدولية والأمن، في مهمته بإدارة مفاوضات الأطراف السودانية حول عملية الانتقال السياسي.

ويستنتج دويتريتش الخبير في الشؤون الأفريقية، في مقال بعنوان "الغرب يتودد إلى الأطراف الخطأ" نشر بصحيفة "فرانكفورتر روند شاو" الألمانية في عددها ليوم 21 أبريل/ نيسان الجاري، كيف آلت تلك المفاوضات إلى التفاف الجنرالات على القوى المدنية وانقسام هذه الأخيرة، وتبخرت الأحلام باحتفال العاصمة التي يلتقي حولها النيل الأبيض مع الأزرق، بقيام الديمقراطية.

وقبل السودان، شكلت ليبيا ومالي وأفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، حقلا خصبا لاختراقات روسية عبر قوات فاغنر، حيث استغلت موسكو أخطاء السياسة الفرنسية خصوصا والأوروبية عموما في تلك البلدان، وما تزال تواصل ضغطها على الأوروبيين والأمريكيين.

 أهداف في مرمى فاغنر بالقارة السمراء

وإلى وقت قريب كانت معظم التحقيقات والمعلومات عن عمليات عناصر فاغنر تتعلق بأدوار عسكرية أو أمنية محدودة لتحقيق أهداف روسية في أزمات أو حروب، حتى بدأت تتكشّف أبعاد أكثر خطورة في الأدوار والمهمات التي تضطلع بها هذه المنظمة شبه العسكرية، في القارة الأفريقية.

عمليات خاصة ودعم انقلابات عسكرية: تسير وتيرة التطور في العلاقات الأمنية والعسكرية والاقتصادية الروسية مع الدول الأفريقية بشكل متداخل ومتفاوت أحيانا. ويشكل تمركز عناصر فاغنر في مناطق الأزمات خاصية ملحوظة، وذلك استجابة لطبيعة الأدوار والمهمات المطلوبة من هذه المجموعة ضمن استراتيجية موسكو.

الجنرال خليفة حفتر خلال زيارة إلى موسكو في نهاية نوفمبر تشرين ثاني سنة 2016.صورة من: Reuters/M. Shemetov

ففي ليبيا ومالي وأفريقيا الوسطى ينفذ مرتزقة الفاغنر عمليات أمنية وعسكرية محددة لدعم أطراف معينة في الصراعات بتلك الدول. وتتوسع أدوار فاغنر بحسب تطور الصراع.

إذ يرى محللون بأن موجة الانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا، بمالي وبوركينا فاسو، ومحاولات فاشلة في غينيا بيساو، تتم بدعم روسي، وتقدم قوات فاغنر أذرع مساعدة لها.

السيطرة على مناطق بها موارد طبيعية: إذا كانت الاشتباكات المسلحة في السودان، قد سلطت الضوء على جانب من أدوار فاغنر في دعم قوات الدعم السريع، عبر التدريب وتوفير معدات عسكرية أو خدمات حماية لمناجم الذهب الخاضعة لمراقبة هذه القوات. فقد كشفت إحدى وثائق المخابرات الأمريكية المسربة، بأن فاغنر لها أدوار في استخراج موارد كالنفط والذهب واليورانيوم وغيرها من جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا والسودان.

ومنذ عهد حكم الجنرال عمر حسن البشير حصلت روسيا على امتيازات عبر شركة "إم إنفست" الروسية على حقوق التنقيب في مناجم الذهب شمال السودان. وليست الشركة سوى "غطاء مالي" لمجموعة فاغنر، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية. ووفقا لتقرير في صحيفة "ذي تلغراف" البريطانية فإن المجموعة الروسية تواصل لحد الآن بمساعدة شركة "ار اس اف" استغلال المناجم السودانية.

وتقدر تقارير منظمات دولية قيمة انتاج السودان من الذهب بأكثر من 100 طن سنويا، وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة المستورد الرئيسي للذهب السوداني. وتصل عائداته 3 مليار يورو سنويا.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر في الحكومة السودانية بأن ما يقارب 80 في المائة من الذهب المنتج في البلاد يجري تهريبه خارج القنوات التجارية والمصرفية الرسمية، وتشكل روسيا وجهة رئيسية لعمليات تهريب الذهب عبر طائرات خاصة من مطارات عسكرية في أنحاء عديدة من السودان.

وبحسب خبراء المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية الذي يقدم الخبرة والمشورة للبنتاغون، فإن فاغنر تقوم بأنشطة في قطاع التعدين بعدد من البلدان الأفريقية "كشكل من أشكال الدفع" مقابل خدماتها الأمنية أو العمليات اللوجستية التي تنفذها. وفي ليبيا تراقب فاغنر حقول نفط شرق البلاد وجنوبها.

مناصرون لقائد الانقلاب العسكري في بوركينافاسو يرفعون أعلاما روسية.صورة من: Sophia Garcia/AP Photo/picture alliance

الهجرة غير النظامية: ترصد مؤسسات وحكومات أوروبية في السنوات القليلة الأخيرة، ارتباطا متزايدا بين تزايد موجات الهجرة غير النظامية عبر مناطق نفوذ روسي في أفريقيا والشرق الأوسط وشرق أوروبا.

وفي ظل مواجهة موجة هجرة غير نظامية غير مسبوقة، لاحظ وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني في تصريحات أدلى بها مؤخرا بأن "الكثير من المهاجرين يصلون من مناطق تسيطر عليها مجموعة فاغنر". بينما حذر زميله وزير الدفاع غويدو كروزيتو  من أن "الهجرة غير المنضبطة والمتواصلة (...) أصبحت وسيلة لضرب أكثر الدول عرضة، وفي مقدمتها إيطاليا، وخياراتها الجيوستراتيجية".

وتعتبر الهجرة غير النظامية وتدفق موجات اللاجئين، إحدى الأساليب التي استخدمتها موسكو للضغط على الإتحاد الأوروبي على واجهات جغرافية عديدة وبتواطؤ مع حلفاء إقليميين، فيما يعتبره الأوروبيون أداة مؤثرة في "حرب هجينة" تخوضها روسيا ضد العواصم الأوروبية.

وقد اتهم وزير الدفاع الإيطالي روسيا بتشجيع الهجرة غير النظامية إلى أوروبا لمعاقبة الدول الأوروبية على دعم أوكرانيا. وكشف كروزيتو أن"الزيادة المتسارعة في ظاهرة الهجرة من السواحل الإفريقية تمثل أيضًا، بشكل كبير، جزءًا من استراتيجية واضحة للحرب الهجينة التي تطبقها مجموعة فاغنر ... مستخدمة نفوذها الكبير في الكثير من الدول الأفريقية"، في شمال القارة السمراء مثل ليبيا وفي جنوب الصحراء مثل مالي وأفريقيا الوسطى.

وفي خضم الحرب في سوريا، تسببت الهجمات الدموية التي نفذها الجيش الروسي وقوات فاغنر على مناطق شمال وشرق سوريا في عمليات نزوح كبيرة للسوريين، ووضعت موسكو وحليفتها دمشق عراقيل أمام وصول المساعدات الانسانية، مما دفع بالفارين من الحرب إلى عبور الحدود إلى تركيا بأعداد كبيرة، ومن هناك تحولت قضية اللاجئين إلى ورقة مساومة كبيرة استخدمتها أنقرة مع الاتحاد الأوروبي.

وبدورها شكلت صربيا التي تربطها علاقات وثيقة مع موسكو جسرا مهما لتسلل المهاجرين غير النظاميين إلى حدود الاتحاد الأوروبي. وبعد ضغوط أوروبية مكثفة قامت صربيا بإجراءات مراقبة مشددة على حدودها. كما تكرر سيناريو مشابه من خلال تدفق اللاجئين من بيلاروسيا حليف موسكو عبر الحدود البولندية.

إنشاء "فيدرالية" مناهضة للغرب: ويبدو أن دور فاغنر في الجبهات المتقدمة بالصراع في شرق أوكرانيا، لا يكبح اندفاعها في ميادين الصراع الأمني والعسكري بالقارة الأفريقية. إذ تكشف وثائق المخابرات الأمريكية المسربة، بأن عمليات فاغنر تشمل على الأقل 8 دول أفريقية، وتجاوزت أهدافها نطاق الاختراقات الأمنية التقليدية وعمليات التدخل المحدودة، لتنتقل إلى طور جهود حثيثة من أجل إنشاء "كونفدرالية" لدول أفريقية مناهضة للغرب.

وحسب صحيفة "واشنطن بوست" فإن محللين أمريكيين يستنتجون من الوثائق المسربة بأن فاغنر باتت "قوة" لا يمكن احتواؤها في أفريقيا وبأن انخراطها الكبير في الحرب الروسية على أوكرانيا لا يكبح توسعها في القارة السمراء.

أساليب فاغنر .. لاعب"محصّن" من العقاب

واستخدام المرتزقة ليس بدعة روسية، ففد استخدم الأمريكيون بلاك ووتر إبان غزوهم للعراق، وتولت الشركة الأمنية الخاصة التي كانت توظف أكثر من 30 ألف مقاتل متعاقد، مهام قذرة من أخطرها قتل وتعذيب مدنيين وعسكريين في بغداد والفلوجة وصولا إلى فظائع سجن "أبوغريب".

منصف السليمي، صحفي خبير بالشؤون المغاربية في مؤسسة DW الألمانية

وإذا كانت العدالة الأمريكية قد طالت بعد سنوات متورطينَ من أعضاء بلاك ووتر بإصدارها أحكام ثقيلة بالسجن وقدمت الولايات المتحدة تعويضات لذوي الضحايا، فإن مرتزقة فاغنر ما زالوا يفلتون من العدالة، رغم صدور عقوبات أمريكية وأوروبية عديدة ضدهم.

ويبدو أن لعبة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها مرتزقة فاغنر، باتت تقنية مفضلة يستخدمها الكرملين في حروبه المعلنة في أوكرانيا وسوريا، وتدخلاته العسكرية وعملياته السرية في دول أفريقية عديدة.

وتكشف تقاريرهيئات حقوقية دولية وتحقيقات أنجزتها معاهد غربية متخصصة في دراسة الأزمات والصراعات المسلحة، أن مرتزقة فاغنر يستخدمون أساليب وتقنيات خطيرة في عملياتهم الأمنية والعسكرية.

وتتنوع تقنيات الحرب المباشرة والهجينة التي تستخدمها فاغنر، وتشمل الأعمال القتالية وعمليات التجسس والمراقبة والحراسة، وتستخدم تقنيات عسكرية متطورة من الأسلحة ووسائل النقل العسكري الجوي والبري والبحري، ووسائل المراقبة والهجوم مثل طائرات الدرون.

وتكشف تقارير عديدة بأن أنشطة فاغنر تشمل أيضا مجالات الاتصالات والدعاية الرقمية وتمتلك شركات ذات تأثير في التواصل الاجتماعي، تلعب أدورا في التضليل الإعلامي. وترتبط خدمات الإنترنت وشبكات تواصل اجتماعي في السودان بشركات اتصالات روسية.

وفي عامي 2019 و2021، أغلقت فيسبوك حسابات سودانية تدعم وسائل إعلام روسية متصلة بـ"وكالة أبحاث الإنترنت" الروسية، وهي شبكة تتهمها الولايات المتحدة بالمشاركة في محاولات للتأثير الانتخابات الأمريكية سنة 2016.

كما كشفت تحقيقات صحافية بأن الديمقراطية الناشئة في تونس قد تعرضت في السنوات الماضية إلى محاولات روسية عبر عمليات اختراق في البيانات الشخصية لأعداد كبيرة من المواطنين التونسيين. كما شارك عملاء روس انطلاقا من ليبيا في حملات تضليل إعلامي استهدفت شخصيات سياسية ومن المجتمع المدني في تونس.

العسكر حلفاء فاغنر المفضلون

من اللافت أن أنشطة فاغنر في مناطق الأزمات بالقارة الأفريقية ودولها التي تجتاز أوضاعا غير مستقرة، تتوجه للتركيز على الاعتماد على شركاء محليين ينتمون إلى نخب عسكرية وأمنية أو ميليشات. وهي تدعم جماعات مناوئة للمجتمع المدني والنخب والأحزاب المدافعة عن الديمقراطية.

وتسعى فاغنر لاختراق الدول الأفريقية الحليفة للغرب عبر استغلال مظاهر التذمر والاستياء من الغرب، كما يحدث في عدد من دول غرب أفريقيا حيث تستغل روسيا بشكل فعّال التذمر المحلي من النفوذ الفرنسي.

ويعزو محللون هذه التوجهات إلى دور فاغنر في استراتيجية روسيا بالقارة الأفريقية، حيث تتوسع روسيا كمزود رئيسي بالأسلحة من ناحية وكحليف للأنظمة المستبدة.

وتتولى فاغنر في هذا الصدد مهمات أمنية وعمليات دعم لتلك الأنظمة ومرافقة النخب العسكرية ومساعدتها على مواجهة أي اضطرابات أو احتجاجات. كما تقدم نفسها كشبكة متخصصة في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة.

وضمن سلسلة العقوبات التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة، ضد المجموعة الروسية شبه العسكرية، يتم اعتمادها على خلفية "انتهاكات لحقوق الإنسان" ارتكبتها في بلدان مثل جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والسودان، إضافة لأوكرانيا.

وبرأي بول نانتيوليا الباحث في المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية فإن فاغنر "تنشط في بيئات استبدادية تفتقر إلى الديموقراطية وحيث يعد الفساد أسلوب حياة.. لأنها تدرك أن بإمكانها القيام بالكثير من دون محاسبة". ويلاحظ بأن مجموعة فاغنر لا تنشط في بيئات ديموقراطية.

منصف السليمي

 

منصف السليمي صحفي في مؤسسة DW الألمانية، خبير بالشؤون المغاربية
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW