تحليل: في أوج الحراك الجزائري "لابد من حل سلمي للأزمة" !
٩ مارس ٢٠١٩
الجزائر، التي تشهد منذ فبراير/ شباط المنصرم احتجاجات حاشدة ضد ولاية خامسة للرئيس بوتفليقة، تقف على مفترق طرق يفرض على الجميع البحث عن مخرج سلمي للأزمة يمر عبر "احترام النظام الدستوري"، كما يرى خبير.
إعلان
يقول بعض المحتجين إنهم يشعرون بوجود دعم ما للمتظاهرين، لكن ذلك لا ينفي الطابع العفوي للتظاهرات، كما يرى المحلل في "مجموعة الأزمات الدولية"، مايكل العياري، مؤكداً أن الجزائر تواجه تحدي "ابتكار" مخرج سلمي للأزمة يمر أساساً عبر "احترام النظام الدستوري".
ويمضي العياري إلى القول إنه لم يتم الدفع في اتجاه هذه الاحتجاجات مباشرة، لكن هناك دعم لها من قيادات عسكرية أحيلت على التقاعد المبكر ومن عسكريين سابقين وعناصر رافضين لقرار حل إدارة الاستعلامات والأمن عام 2015.
هناك تسلسل هرمي يعمل على الإبقاء على الوضع الراهن، لا الجيش كمؤسسة، ولكن أشخاص داخل الجهاز الأمني يمكن ان يكون لهم تأثير، بالإضافة إلى رجال أعمال لهم مكانة دولية يواجهون عوائق من الدوائر العليا في السلطة تحول دون تطوير أنشطتهم الاقتصادية، وموظفين كبار ونقابيين مستقلين ومنظمات شبابية ومناضلين من أجل حقوق الإنسان.
"يمكن للجيش قيادة مسار انتقالي محتمل كحل من الحلول"
وفي مجال المقارنة بتجارب الربيع العربي، يقول العياري: "ليست الاحتجاجات معادية للأمن او للجيش كما كان عليه الحال في الثورة التونسية (2010-2011) التي انطلق منها "الربيع العربي"، ماضياً لتبيان أنه يمكن للجيش قيادة مسار انتقالي محتمل كحل من الحلول. وبإمكان الجنرال المتقاعد علي غديري أن يكون شخصية توافقية تجسد "القطيعة من ضمن الاستمرارية".
وحيال خيار "السلمية"، يقول العياري: "يتوقف الطابع السلمي أو العنفي للتظاهرات على طريقة تعامل قوات الأمن. فإذا ردّت بطريقة مهنية - كما حصل في الاحتجاجات الأخيرة حيث تدخلت فقط حين توجهت الحشود صوب المؤسسات الحكومية - فهناك أمل كبير ألا يلجأ المحتجون للعنف.
ويتواجه في القمة معسكران: من ناحية هناك من يدافع عن إبقاء الأمور على حالها ويدعم بوتفليقة وقيادات المؤسسات، وهناك المعسكر المقابل الذي يريد إعادة تنظيم المؤسسات في البلاد، ويرى أن الدولة قد تجزأت وأصبحت قراراتها غير شفافة وعشوائية ولا يمكن تبيّن من يدير البلاد. وهنا يكمن خطر حقيقي، حسب مايكل العياري، بظهور العنف إذا تواجه الداعمون والمناهضون للولاية الخامسة، أي بين الداعين "لإعادة هيكلة المؤسسة" والمدافعين عن بقاء الوضع الراهن على حاله.
وحول موروث العنف والرئاسة المتعلقة بالكرسي، يقول العياري: "من هذا المنطلق، فإن كل قطع مع الماضي يجب ان يكون تدريجياً وفي إطار احترام النظام الدستوري، وهي عملية لن تكون سهلة. من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الامور والسيناريوهات المحتملة. ما يحصل حالياً في الجزائر تجربة فريدة من نوعها، وعلى الجزائريين أن يبتكروا الحل لأنه لا يمكنهم الاستلهام من تجربة أخرى".
العودة إلى أحزاب الاسلام السياسي؟
وعلى فرض أن يعرض النظام الحاكم مرونة وانفتاحاً على الأحزاب القائمة والمحظورة، يشير الخبير في مجموعة الأزمات الدولية إلى أن "هناك إمكانية حصول انفتاح سياسي جزئي تستفيد منه الأحزاب السياسية، على غرار الأحزاب ذات التوجه الإسلامي. كما أنّ هناك احتمال ظهور دعوات لمجلس تأسيسي وانتقال يديره الجيش وتحديد حوار وطني".
وحول وجود مخاوف من تكرار أخطاء تجارب الربيع العربي أو الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات، قال العياري: "توجد تطلعات للديمقراطية ومطالب بدولة القانون، ولكنها قد تصطدم بنوع من الحذر من المضي فيها".
ويدرك من يطالبون بالقطيعة جيداً أن كل فراغ سيكون كارثياً، وينادون بمناقشة القطيعة والمحافظة على الاستقرار. ويعتبر العياري أن كل الاحتمالات واردة وتتوقف على ميزان القوى وقدرات التعبئة وطابعها السلمي أو العنيف. كما توجد عوامل هيكلية تدفع نحو التحركات، وطالما لا يوجد حل متفاوض عليه بتراجع بوتفليقة عن ترشحه أو تأكيد عدم قدرته على مواصلة الحكم، فإن الأمور يمكن أن تطول.
م.م/ ي.أ (أ ف ب)
في صور .. أبرز اللاعبين في المشهد السياسي الجزائري
بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باتت العملية السياسية أكبر التحديات يواجه البلاد ونخبها السياسية والعسكرية. والسؤال الآن: ما هو البديل السياسي ومن هم اللاعبون البارزون والمرشحون المحتملون لرئاسة الجزائر؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
الجنرال أحمد قايد صالح
رجل الجزائر الأقوى كما يراه كثيرون هو الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ 2004، ونائب وزير الدفاع الوطني منذ عام 2013. شارك صالح في معارك التحرير وهو في السنة السابعة عشرة من عمره. تولى مناصب قيادية في جبهة التحرير منذ عام 1957. ويمثل امتداداً لنفس الخط السياسي الذي حكم الجزائر في الجمهورية الأولى عام 1962.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
رئيس مجلس الأمة
عبد القادر بن صالح (77 عاما)، رئيس مجلس الأمة منذ 17 عاما وسيتولى رئاسة الجزائر بموجب الدستور بعد استقالة بوتفليقة، لمدة أقصاها 90 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.
صورة من: AFP/P. Kovarik
نور الدين بدوي
تولى وزير الداخلية السابق نورالدين بدوي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال، في 11 مارس/ آذار إثر إعلان بوتفيلقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى. وترفض معظم أحزاب المعارضة والشارع حكومة تصريف الأعمال لأن رئيسها بدوي مقرب جدا من النخبة الحاكمة. ولذلك من غير المرجح أن يترشح للمنافسة على الرئاسة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Bensalem
مصطفى بوشاشي
المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أبرز وجوه وزعامات الحراك الشعبي ويحظى بتأييد كبير بين المحتجين. ويصر على استمرار الاحتجاجات حتى بعد استقالة بوتفليقة إلى أن تتم الاستجابة لمطالب الشارع برحيل كل رموز النظام. ومن شأن ترحيبه بموقف الجيش طمأنه المؤسسة العسكرية. وبالتالي يمكن أن يحظى بدعم الشارع وتأييد الجيش له، وهو ما يجعله واحدا من أقوى المرشحين للرئاسة، هذا إذا قبل الترشح!
صورة من: DW/T.Bougaada
عبدالرزاق مقري
رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للتنافس على انتخابات الرئاسة عبد الرزاق مقري. يعرض مبدأ الإطار التوافقي الوطني لحشد الجزائريين حول قوة تخرج ببلدهم من خانق الأزمة. من أشد رافضي الولاية الخامسة لبوتفليقة. حركة مجتمع السلم ليست جزءاً من خارطة السلطة الحاكمة وتعلن أنّ الشعب هو مصدر السلطة.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
علي بن فليس
علي بن فليس هو جزء من النخبة السياسية الحاكمة، وكان رئيسا للحكومة فترتين بين عامي 1999 و2003، ثم تحول الى صف المعارضة بعد فضيحة تزوير الأصوات في انتخابات عام 2004. يترأس حزب طلائع الحريات وهو مرشحه الآن. أعلن بوضوح عن احتمالين في الانتخابات "الأول أن تكون فرصة عظيمة للذهاب إلى نظام ديمقراطي"، أما الاحتمال الثاني فهو "الغموض التام والذهاب نحو المجهول".
صورة من: Imago/Chahine Sebiaa
رشيد نكاز
رشيد نكاز هو مرشح مستقل، ويعد مرشح الشباب والتغيير ويرفض الانتساب لأي حزب. مثير للجدل وقد جرى إبعاده عن انتخابات عام 2014. كبر وتعلم في فرنسا، وقد فاجأ الجميع بإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2011، ثم تخلى عن جنسيته الفرنسية وبات يروج من خلال صفحته على فيبسوك لبرنامجه الانتخابي في الجزائر الساعي إلى الحد من الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. الصورة له وهو يتوسط الحراك الجزائري الجاري.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
عبد المجيد تبون
جزء من النخبة السياسية الحاكمة، ويعد مرشحا توافقياً، وكان رئيس الحكومة قبل تولي أحمد أويحيى المنصب. خلال رئاسته للوزراء مطلع عام 2017، أعلن عن إصلاحات أراد منها الفصل بين السياسة والمال، في محاولة معلنة لمحاربة الفساد المستشري في البلد. لا يملك برنامجا انتخابياً واضحاً، لكنه متحالف بقوة مع الجنرال أحمد قايد صالح.
صورة من: Imago/PanoramiC
شكيب خليل
شكيب خليل من رجال النخبة السياسية التي كانت تدور في فلك بوتفليقة، تولى منصب وزير الطاقة ويشير البعض إلى صلته بمرحلة الرفاه الاقتصادي. وهو من أبرز وجوه فضيحة سوناطراك، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عام 2013، لكنّ علاقته الشخصية بالرئيس المستقيل بوتفليقة أنقذته. لا يملك أي برنامج انتخابي أو سياسي.
صورة من: Imago/Imagespic Agency
لويزه حنون
لويزة حنون هي المرأة الوحيدة التي رشحت للمشاركة في السباق على كرسي الرئاسة في الجمهورية "الثانية" المنتظرة بالجزائر. ترشحت عن حزب العمال المعارض، ثم انسحبت بعد إعلان حزب العمال يوم (الثاني من آذار/ مارس 2019) مقاطعته لانتخابات الرئاسة لعام 2019، ولكن هل سيتراجع الحزب عن قراره بعد استقالة بوتفليقة أم يستمر في المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات؟
صورة من: Reuters
الجنرال المتقاعد علي غديري
أبن الجيش الجنرال المتقاعد علي غديري، طرده المتظاهرون بشارع ديدوش مراد بالعاصمة وظلوا يهتفون ضده بالفرنسية "ديغاج ديغاج" بمعنى "غادر". شغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع لمدة 15 سنة، يعلن أنّ برنامجه الانتخابي هو"القطيعة مع ممارسات الماضي وإعلان جمهورية ثانية". ومن آرائه أنّ مشاكل الجزائر ليست اقتصادية وإنما سياسية بالأساس وسببها الفساد السياسي. (صورة من الأرشيف لوحدة من الجيش الجزائري)
صورة من: Reuters
شعب الجزائر قد يدفع بمرشح غير معلن
يبدو أن صوت الشعب الجزائري هو الأعلى في الميادين والشوارع، فهو ما برح يعلن اعتراضه واحتجاجه عبر مظاهرات كل جمعة، والسؤال هنا هو: من يقود قوة الشعب ومن سيحرز ثقته؟ وقد يُقرر شكل الحكم المقبل من خلال انتخاب شخص لم تسلط عليها الأضواء.