1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

موقع المستهلك والعالم العربي من نمو الاقتصاد الألماني

١٤ يونيو ٢٠٢١

رغم التضخم وارتفاع الأسعار ينمو الاقتصاد الألماني بمعدلات عالية وواعدة على مختلف الأصعدة. ما هي تبعات ذلك على المستهلك وفرص العمل والتجارة العربية الألمانية؟

خلال أزمة كورونا اقرت حكومة المستشارة ميركل حزمة مساعدات مالية ضخمة لدعم القطاعات المتضررة
صورة من الارشيف للمستشارة ميركل خلال احتفال بيوم الصناعة التي تعد ألمانيا من البلدان الرائدة فيهاصورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

حتى فترة قريبة سادت توقعات سلبية مبالغ فيها عن مدى انكماش الاقتصاد الألماني بسبب تبعات جائحة فيروس كورونا. أما الآن ومع تراجع عدد الإصابات بالفيروس وتقدم حملة التطعيم ضده؛ فتتوالى التوقعات المتفائلة بانتعاش قوي لهذا الاقتصاد خلال هذه السنة.

ويدعم هذه التوقعات تحسن النمو العالمي وخاصة في الصين والولايات المتحدة حيث يذهب القسم الأكبر من الصادرات الألمانية. وتفيد آخر توقعات البنك المركزي الألماني بأن نسبة النمو ستقارب 4 بالمائة بدلا من 3 بالمائة، كانت متوقعة أوائل هذه السنة. وبالنسبة للعام القادم 2022 يتوقع البنك نسبة نمو تزيد على 5 بالمائة. ويذهب رئيس البنك ينس فايدمان إلى القول بأن "الناتج الاقتصادي قد يصل هذه السنة إلى مستوى ما قبل الأزمة".

غير أن نسبة النمو العالية هذه يرافقها ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات. ومما يعنيه ذلك نسبة النمو الفعلية ستكون أدنى من التوقعات. غير أن ذلك لا يقلل من أهمية النمو المذكور على صعيد السوق الداخلية الألمانية والأسواق الخارجية التي تقيم علاقات وثيقة به ومن بينها أسواق دول عربية عديدة كتونس والمغرب ومصر والجزائر والإمارات والسعودية.  

مصنع تابع لشركة فولكسفاغن في مدينة تسفيكاو شرق ألمانيا وهو من احدث مصانع الشركة المنتشرة عبر العالمصورة من: Hendrik Schmidt/dpa/picture alliance

زيادة الأسعار وموقع المستهلك منها

عندما اندلعت جائحة كورونا شهدت الأسواق بعض التراجع في أسعار السلع غير القابلة للتخزين كالأغذية ونباتات الزينة. بالمقابل حصل نقص في عروض مواد استهلاكية قابلة للتخزين؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بنسب متفاوتة. واليوم ومع عودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران يلمس المستهلك العادي ارتفاع فواتير البنزين والديزل والكهرباء ومواد البناء وغيرها.

وتظهر بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني ارتفاع أسعار الجملة بشكل متواصل بلغ خلال أبريل/ نيسان الماضي حده الأعلى منذ عشر سنوات. وتصدرت أسعار مصادر الطاقة هذا الارتفاع بنسبة زادت على 10.5 بالمائة تلتها أسعار السلع الوسيطة بنسبة تجاوزت حدود 8 بالمائة. وهناك زيادة واضحة في أسعار مواد البناء والكثير من المواد الغذائية. ومن المعروف أن الشركات تحمّل المستهلكين زيادة الأسعار عاجلا أم آجلا. وفي هذا السياق تفيد معطيات معهد "إيفو" الألماني للبحوث الاقتصادية أن الكثير من الشركات الألمانية تعتزم زيادة أسعار منتجاتها خلال الفترة القادمة كي تستطيع تغطية تكاليف الإنتاج التي ارتفعت على ضوء زيادة تكاليف النقل وانقطاع سلاسل التوريد وقلة العرض في السوق العالمية.

صورة من الأرشيف تجمع عددا من رجال الأعمال العرب والألمان في المتلقى الاقتصادي العربي الألماني السنويصورة من: picture-alliance / Berliner Kurier

التيسير النقدي وفرص المستثمرين والشركات

ورغم توقع معدل تضخم سنوي بنحو 2.5 بالمائة على مستوى ألمانيا وتقدير وصول هذا المعدل إلى 1.9 بالمائة على مستوى الاتحاد الأوروبي خلال السنة الجارية، فإن البنك المركزي الأوروبي لا يريد حتى رفع سعر الفائدة والتخلي عن سياسية التيسير النقدي غير المسبوقة والسارية المفعول منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة. والجدير ذكره أن البنك ملزم حسب القوانين الناظمة لعمله بالتدخل من أجل الحفاظ على معدل تضخم أقل من 2 بالمئة في منطقة اليورو.

ويعلل البنك الإبقاء على سياسته الحالية بأن ارتفاع الأسعار مسألة مؤقتة لاتستدعي التدخل حتى الساعة. غير أن الكثير من المحللين يرون أن التضخم في ألمانيا ومنطقة اليورو قادم لا محالة، لكن السؤال، هل سيبقى بحدود 2 بالمائة أم سيصل إلى 5 بالمائة أو ربما أكثر؟ ويدعم حتمية التضخم طباعة الكثير من النقود الجديدة لتمويل حزم المساعدات المالية التي أقرها الاتحاد الأوروبي بقيمة 1.8 تريليون يورو لمواجهة تبعات جائحة كورونا. ومما لا شك فيه أن التضخم القادم سيؤدي إلى تراجع قيمة الودائع البنكية التي يراكمها الألمان في البنوك بمئات المليارات من اليورو، لاسيما وأن البنوك لا تدفع فوائد تُذكر عليها في الوقت الحاضر.

ابراهيم محمد: التضخم قادم في ألمانيا والعالم، لكن السؤال كيف سيكون مستواه في ألمانيا ومنطقة اليورو؟ صورة من: DW/P.Henriksen

وإذا كان الوضع الحالي لايناسب أصحاب الودائع النقدية، فإنه يوفر للمستثمرين والشركات فرصة لتوسيع الاستثمار وزيادة الصادرات. ومما يعنيه ذلك خلق المزيد من فرص العمل وزيادة الأرباح والعائدات الضريبية وتحفيز الطلب على مختلف السلع في السوق الألمانية. وستكون فرص العمل مطلوبة بشكل خاص في قطاع الخدمات الطبية ومجالات تقنية المعلوماتية بسبب الحاجة إلى مئات آلاف المؤهلين فيها خلال السنوات القادمة.

وبما أن ألمانيا من أبطال العالم في الصادرات والاستهلاك بحكم سوقها الكبير، فإن طلبها على مختلف السلع من دول عربية عديدة سيرتفع. وبالمقابل فإن ارتفاع أسعار النفط مجددا إلى أكثر من 70 دولارا للبرميل سيزيد طلب الدول العربية النفطية على السلع الألمانية مجددا.

فرصة لانتعاش التجارة العربية الألمانية مجددا

مع تبعات جائحة كورونا وتراجع التجارة العالمية انكمشت أيضا التجارة الخارجية الألمانية خلال عام 2020 بنسبة أكثر من 9 بالمائة على صعيد الصادرات وأكثر من 7 بالمائة على صعيد الواردات، حسب بيانات غرفة التجارة العربية الألمانية في برلين.

وقد انعكس هذا الانكماش على التجارة العربية الألمانية التي تراجعت بدورها بمعدلات غير مسبوقة. وعلى سبيل المثال تفيد بيانات مركز الإحصاء الاتحادي الألماني أن الواردات الألمانية من الدول العربية تراجعت خلال العام الماضي 2020 مقارنة بعام 2019 بنسبة زادت على 37 بالمائة لتبلغ فقط 8 مليارات دولار مقابل تراجع الصادرات بنسبة حوالي 11 بالمائة لتصل نزولا إلى نحو 28 مليار دولار.

ومع عودة الاقتصاد الألماني إلى الانتعاش يتوقع زيادة حجم التبادل التجاري مجددا وعودة السياحة الألمانية للتدفق إلى تونس والمغرب ومصر والإمارات. وتبدو تونس والمغرب ومصر الأوفر حظا في تحسين فرص التصدير إلى ألمانيا. ويعود السبب في ذلك إلى تنوع صادراتها إلى السوق الألمانية، والتي تشمل أغذية وألبسة وأنسجة ومواد وسيطة وقطع تبديل وغيرها.

وبالنسبة للدول الأخرى، لاسيما الجزائر ودول الخليج فسيكون هناك زيادة محدودة في صادرات مصادر الطاقة، لأن ألمانيا لا تعتمد كثيرا على نفط الدول العربية لسد احتياجاتها. غير أن ارتفاع أسعار النفط مجددا سيعطي دفعة قوية للصادرات الألمانية إلى هذه الدول وخاصة إلى الإمارات والسعودية.

ابراهيم محمد

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW