تحليل: نتنياهو سعى لتقسيم الفلسطينيين لكنه فرّق الإسرائيليين
فيليكس تامسوت
٢٣ يناير ٢٠٢٤
كان رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو يرى أن إبقاء حماس على قيد الحياة يُعدّ مفتاح منع قيام دولة فلسطينية، لكن عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول وقف الإسرائيليون على قصور هذه الخطة. تحليل لـ DW من إسرائيل يسلط الضوء على ذلك.
إعلان
فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ، تبنى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهجا قوامه الحفاظ على الوضع القائم بشكل جدي.
ورغم خطابه الشهير الذي ألقاه في جامعة بار إيلان عام 2009 والذي حمل موافقته المبدئية على إقامة دولة فلسطينية، إلا أن تصرفات نتنياهو كشفت عن أنه وأعضاء حكوماته لديهم رغبة في إطالة أمد الصراع الفلسطيني-الفلسطيني بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى على حساب إبقاء حماس على قيد الحياة.
وفي ذلك، قال موقع "ميدا " الإسرائيلي إن نتنياهو أبلغ أعضاء حزبه الليكود عام 2019 أن السماح للأموال القطرية بالوصول إلى حماس يعد مفتاح منع قيام دولة فلسطينية. ونقل الموقع اليميني المحافظ عن نتنياهو قوله: "هذا جزء من استراتيجيتنا لخلق فرقة بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".
وعلى مر السنين، كانت قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي غير مكترثة بنهج رئيس حكومتهم، لكن الوضع تغير في إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
الحاجة إلى نهج مختلف
في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، كانت عبارة "تغيير المفهوم" الأكثر تكرارا داخل إسرائيل، حيث يتوقع كثيرون حلولا مختلفة من كافة الأحزاب عن خطط ما قبل الهجوم الذي نفذته الحركة الفلسطينية التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
بيد أن نتنياهو فشل حتى الآن في الخروج بحلول من هذا القبيل رغم تأكيد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على أن قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي لا تصدق في الوقت الراهن أن حل الصراع ممكن.
نتائج متضادة
وفي الوقت الذي تدعو فيه أصوات ليبرالية ويسارية في إسرائيل إلى إجراء انتخابات بما يمهد الطريق أمام رئيس وزراء يحل محل نتنياهو، فإن حكومته التي تضم عناصر يمينية متطرفة، تسعى إلى الاستفادة من وضع الحرب الراهن بهدف إعادة بناء المستوطنات التي أخلتها إسرائيل عام 2005 في غزة عقب انسحابها من القطاع.
ورغم أن نتنياهو خرج أكثر مرة رافضا هذا المخطط، إلا أن شركائه في الائتلاف الحاكم وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير ظلوا ينتقلون من استوديو تلفزيوني إلى آخر مطالبين بحلول مثل " الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة .
ويسلط صعود بن غفير الضوء على كيفية فقدان نتنياهو السيطرة على حكومته.
فمع بداية تشكيل الحكومة، كانت العناصر اليمينية المتطرفة المنضوية تحت لواءها موضع إدانة واضحة من كافة الأحزاب السياسية الأخرى في إسرائيل، بما في ذلك حزب الليكود بزعامة نتنياهو، الذي دعم علنا مسار بن غفير السياسي بل أضفى شرعية على ذلك رغم أن بن غفير يعد أشهر شخصية يمينية متطرفة في إسرائيل، حيث أدين مرتين بسبب دعم منظمة إرهابية.
وفي الوقت الراهن، تظهر استطلاعات الرأي أن حزب بن غفير اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت" سوف يحصل على مقاعد أكثر في الكنيست بما يتجاوز عدد مقاعده الحالية والبالغة ست مقاعد، في حين أن تأييد الناخبين لنتنياهو نفسه مستمر في التضاؤل، بحسب الاستطلاعات أيضا.
ومهما حدث، فإن المجتمع الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر / تشرين الأول سيكون مختلفا تماما عما كان عليه يوم السادس من أكتوبر، أي قبل يوم من هجوم حماس، سواء من الناحية السياسية أو غير السياسية. وسيتم الحكم على تصريحات نتنياهو الأخيرة حول اضطرار إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب. ووفقا لذلك، فإن مكانة نتنياهو في التاريخ ستحددها الإجابة على سؤالين هما: هل ما زالت حماس تشكل تهديدا لإسرائيل؟ وهل سيعود الرهائن بسلام؟
وفي حالة فشل حكومته في تحقيق الأهداف التي أعلنتها علنا للإسرائيليين، فإن نتانياهو، صاحب أطول فترة في منصب رئيس الوزراء بإسرائيل وصلت إلى 15 عاما والذي يرغب في أن يتذكره الإسرائيليون باعتباره "المدافع القوي" عن دولتهم، سوف يترك وراءه إرث خسارة إسرائيل أول حروبها.
أعده للعربية: محمد فرحان
في صور- مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال العقود الأخيرة
قرار الكنيست الإسرائيلي القاضي بالسماح بعودة المستوطنين إلى مستوطنات أخليت منذ أعوام، هو أحدث فصل في تاريخ طويل من النزاعات والحروب بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. فيما يلي نظرة عامة بالصور حول أبرز محطات الصراع.
صورة من: Ilan Rosenberg/REUTERS
إعلان التأسيس والاعتراف
في الـ 14 من مايو/ أيار 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين للدولة الجديدة والمعترفين بها ورُفع علمها أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".
صورة من: Israeli State Archive
"أرض الميعاد"
اليهود هم أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. وبلغ عدد سكان إسرائيل في يناير/ كانون الثاني 2023 نحو 9.7 مليون نسمة، بحسب موقع دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية. حوالي 74% منهم من اليهود و 21٪ من العرب و 5٪ آخرون. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.
صورة من: AFP/Getty Images
"النكبة"
"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم وموارد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
حرب الأيام الستة
تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 يونيو/ حزيران 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
صورة من: Reuters/
لاجئون في دول الجوار وفي الضفة والقطاع
يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون في 58 مخيما في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.
ظروف مزرية
يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تتسم عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية المرتفعة وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.
صورة من: John Owens
لماذا أونروا؟
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. وتم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/AFP/
حرب "يوم كيبور"
في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية في سيناء وهضبة الجولان في "يوم كيبور" (يوم الغفران) اليهودي. وحقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس (الصورة) وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. وبعدها بأربع سنوات (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1977) قال الرئيس المصري أنور السادات "إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم" في السلام.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر تفتح الباب
وبعدها بعشرة أيام، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 1977، فاجأ السادات العالم بزيارته لإسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 مارس/ آذار عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب بين البلدين وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/CNP/Arnie Sachs
اتفاق أوسلو
بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في حديقة البيت الأبيض في 13 سبتمبر/ أيلول 1993 توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.
صورة من: Getty Images
معاهدة وادي عربة
في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1994 وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقع ملك الأردن ورئيس وزراء إسرائيل معاهدة سلام بينهما. أنهت معاهدة وادي عربة رسمياً عقوداً من حالة الحرب، بيد أنها لم تكتسب شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، ففي نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين، الذين يشكل الفلسطينيون أكثر من نصفهم، لا تزال إسرائيل "عدواً". وبموجب المعاهدة احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. Gibson
حق العودة
حق العودة حلم يراود معظم اللاجئين الفلسطينيين. ولجأ الفلسطينيون وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو إلى تشكيل لجان ومؤسسات بهدف الحفاظ على قضية اللاجئين والدفاع عن حق العودة.
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMA Wire/APA Images/A. Amra
الإمارات وإسرائيل تعلنان التطبيع الكامل
في 13 أغسطس/ آب 2020 عُقد "اتفاق سلام تاريخي" بين دولة الإمارات وإسرائيل، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتعد الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل. محمد بن زايد أعلن في تغريدة أنه تم في اتصال مع ترامب ونتانياهو "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد بأن مخطّط الضمّ "تأجّل" لكنّه "لم يُلغ".
البحرين تنضم للإمارات
وانضمت البحرين إلى اتفاقات السلام فوقع نتنياهو اتفاقي سلام مع وزيري خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني عبد اللطيف الزياني (15/9/2020). وحينها جرى الاعتقاد بأن البحرين لن تكون الأخيرة، وأن هناك دولا عربية قد تنضم لاتفاقات السلام، في مؤشر جديد على قرب نهاية رسمية للصراع العربي-الإسرائيلي ليتحول إلى صراع فلسطيني-إسرائيلي، بيدَ أن هناك دولا في المنطقة لن تغير موقفها كإيران.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Loeb
السودان ينضم للمطبّعين مع إسرائيل
في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أبرم السودان اتفاقا مع إسرائيل. وبموجب ما أعلن عنه، سيعمل الاتفاق على تسوية العلاقات بين البلدين وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما. على أن يكون البدء بعلاقات اقتصادية وتجارية مع التركيز على الزراعة بالإضافة إلى مجالات التكنولوجيا الزراعية والطيران والهجرة وغيرها. وفي نفس اليوم وقع الرئيس الأمريكي ترامب على قرار يزيل السودان من قائمة الإرهاب.
صورة من: SOUVEREIGN COUNCIL OF SUDAN/HO/AFP
المغرب يعقد اتفاقا مع إسرائيل
في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2020، أبرم المغرب اتفاقا مع إسرائيل، بوساطة أمريكية، بات المغرب بموجبه سادس بلد عربي يطبع علاقاته مع إسرائيل. وأعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن الاتفاق وعن إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. وتبع الاتفاق زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين. مثل زيارة وزيرة الداخلية الإسرائيلية ايليت شاكيد إلى المغرب، واستقبالها من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
صورة من: Moroccan Foreign Ministry/AA/picture alliance
"قمة النقب" 2022
عقدت القمة الأولى لمنتدى النقب في إسرائيل في 28 مارس/ آذار 2022، بمشاركة وزراء خارجية إسرائيل ومصر والبحرين والإمارات والمغرب والولايات المتحدة. ومن المخطط أن تعقد النسخة الثانية من المنتدى في المغرب. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أنه يعتزم حضورها مع شركاء من الدول العربية التي طبعت العلاقات مع إسرائيل. وقال كوهين "توسيع الاتفاقيات لضم دول أخرى هي مسألة وقت فقط".
صورة من: Jacquelyn Martin/AFP/Getty Images
الكنيست يسمح بالعودة لمستوطنات أخليت
ألغى الكنيست (21/3/2022) بنودا في "قانون فك الارتباط" الذي يعود لعام 2005، والذي بموجبه أخليت آنذاك أربع مستوطنات قرب نابلس بالضفة الغربية وهي غانيم وكاديم وحومش وسانور. التعديل الجديد الذي أقره الكنيست سيفسح المجال مبدئيا لعودة مستوطنين يهود إلى تلك المستوطنات بشرط موافقة الجيش، وهو ما أزعج أوروبا وأمريكا. لكن مكتب نتنياهو قال في بيان: "لا تنوي الحكومة إنشاء مجتمعات جديدة في تلك المناطق".