1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل طريق اليونان قدر لبنان لحل أزمة الدين العام؟

٨ سبتمبر ٢٠١٩

تصب عوامل كالعقوبات الأمريكية والتوتر بين إسرائيل وحزب الله الزيت على نار أزمة الديون اللبنانية المتراكمة. حكومة الحريري تنوي تنفيذ إصلاحات قاسية لمواجهة الأزمة، هل تنجح بذلك، أم تتم معالجة المشكلة على الطريقة اليونانية؟

Saad Hariri
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H.Malla

يبدو أن المخاوف التي يعبر عنها الرئيس اللبناني ميشال عون على الاقتصاد اللبناني بسبب العقوبات الأمريكية على أشخاص وشركات ومصارف متهمة بدعم حزب الله اللبناني في محلها. وطالت آخر هذه العقوبات قبل أيام مصرف "جمّال ترست بنك" وكيانات أخرى وشخصيات فلسطينية ولبنانية. الرئيس يرى من خلال مخاوفه أن العقوبات التي بدأت واشنطن بفرضها منذ عام 2016 "تضر كل لبنان، لأنها تجعل المستثمرين والمودعين خائفين من التعامل مع المصارف اللبنانية خوفا من احتمال ضمها إلى قائمة العقوبات بحجة تعاملها مع زبائن على علاقة بالحزب". واليوم يحذر الجميع من أزمة مالية واقتصادية خطيرة قد يفجرها التراجع المستمر في نمو ودائع القطاع المصرفي اللبناني الحيوي لتمويل الدولة. ومما لا شك فيه أن توترات الأيام الأخيرة الخطيرة بين إسرائيل وحزب الله لن تساعد على انفراج الوضع.

تراكم جبال النفايات في العاصمة اللبنانية بيروت مثال صارخ على فشل الحكومة في حل المشكلة رغم الخصخصةصورة من: DW

استقرار الليرة على المحك

يدل على خطورة الوضع معطيات عدة مثل معدل نمو دون 1 بالمائة منذ ثلاث سنوات وتوقع انخفاض احتياطات لبنان القابلة للاستخدام من 25.5 مليار دولار نهاية 2018 إلى 19 مليار دولار مع نهاية العام الجاري 2019 حسب وكالة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد آند بورز جلوبال". وترى الوكالة أن هناك مخاطر من "استمرار انخفاض تدفقات ودائع العملاء على الأخص غير المقيمين، ما يعني اضطرار الحكومة إلى تسريع السحب من احتياطات النقد الأجنبي المتاحة فعليا للوفاء بالتزاماتها تجاه مؤسسات الدولة وخدمة أقساط الدين العام الذي تعادل قيمته ما يزيد على 150 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنحو 56 مليار دولار خلال العام الماضي 2018. وهو الأمر الذي يهدد استقرار سعر الليرة اللبنانية والحفاظ على ربطها بالدولار الأمريكي بسبب تناقص الاحتياطات اللازمة لضمان هذا الاستقرار ودفع أقساط الدين وفوائده إضافة إلى تمويل المستوردات التي تصل قيمتها السنوية إلى أكثر من 18 مليار دولار. وينبغي على الحكومة اللبنانية سداد ديون بنحو 4 مليارات دولار خلال العام القادم ونحو 1.5 مليار دولار لتغطية سندات يحل أجل سدادها في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم. ويعد الدين العام اللبناني الشبيه بالدين اليوناني قبل 10 سنوات أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم.

ارتباط الليرة اللبنانية بالدولار ما يزال مدعوما باحتياطات البنك المركزي اللبناني القادر على التدخل لحماية العملة اللبنانية من اضطرابات محتملةصورة من: Getty Images/AFP/A. Ali//J. Barrak

مصدر القوة في خطر

شكل القطاع المصرفي اللبناني شبكة الأمان والإنقاذ للاقتصاد اللبناني في تاريخه المعاصر حتى خلال سنوات الحرب الأهلية السوداء من 1975 وحتى 1990. وقد تمكن من ذلك نتيجة قدرته على جذب ودائع عربية وأجنبية كبيرة بفضل سريته وفوائده العالية وحرص جميع فرقاء النزاعات على تحييده. ولطالما تدفقت هذه الودائع إلى جانب تحويلات المغتربين، لم يكن صعبا على الحكومات اللبنانية المتعاقبة الوفاء بالتزاماتها المحلية وتجاه الدائنين الأجانب. وقد دعمها في ذلك قروض وإيداعات خليجية بضمانات دولية. أما اليوم فقد تراجعت الإيداعات لأسباب سياسية ولأن الدول الخليجية أضحت هي نفسها تعاني من نقص السيولة. كما أن وعود المانحين والدائنين الدوليين بتقديم 11 مليار دولار خلال "مؤتمر سيدر الباريسي 2018" لم تنفذ لأن تقديم المبلغ مرهون بتنفيذ إصلاحات اقتصادية عميقة وقاسية تؤجلها الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ أكثر من 15 سنة. ويزيد الطين بلة استمرار الأزمة السورية وتراجع الاستثمارات المباشرة في لبنان إلى النصف تقريبا منذ عام 2010 حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية/ GTAI، فبينما كانت هذه  الاستثمارات على سبيل المثال بحدود 5 مليارات دولار في عام 2010 فإنها بقيت بين عامي 2011 و 2017 بحدود 2.3 إلى 2.9 مليار دولار سنويا.

ماذا يفعل لبنان مع تراجع أموال الدعم السعودي والخليجي للبنك المركزي اللبناني والموازنة اللبنانية؟ صورة من: Getty Images/AFP/F. Nureldine

وكالات التصنيف وجواب الحكومة

الحكومة اللبنانية وعلى ضوء المخاطر المحدقة بالاقتصاد أقرت بعد جهد جهيد ومشاحنات لا تنتهي موازنة تهدف إلى تقليص العجز من أكثر من 11 بالمائة إلى أقل من 8 بالمائة خلال السنة المالية الحالية وإلى 5 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول 2022. لكن الحكومة ما أن بدأت بتنفيذ خطتها الطموحة حتى أطلت أشهر وكالات التصنيف الائتماني الأمريكية بتقارير غير مطمئنة عن الاقتصاد اللبناني وآفاقه المستقبلية. وإذا كانت وكالة "فيتش" خفضت فعليا تصنيف لبنان قبل بضعة أسابيع، فإن وكالة "ستاندارد آند بورز جلوبال" أجلته لبعض الوقت محذرة من أنها ستقوم بذلك اذا استمر تسارع استنزاف احتياطات النقد الأجنبي. الحكومة اللبنانية من جهتها لم تنتظر طويلا للرد على التقارير المقلقة، إذ أعلن رئيسها سعد الحريري عن عزم حكومته على إطلاق "خطة طوارئ اقتصادية" تهدف إلى تصحيح مسار الاقتصاد والمالية العامة من خلال إعادة هيكلتهما على حد قوله. ويقوم هذا التصحيح على تخفيض عجز الموازنة من خلال "تجميد التعيينات الحكومية في مؤسسات الدولة والاستغناء عن مصاريف ترهق كاهل الخزانة وطرح شركات حكومية للخصخصة".

الخبير الاقتصادي ابراهيم محمد: أزمة المديونية في لبنان، هل يكون الحل في سلوك طريق اليونان؟صورة من: DW/P.Henriksen

إصلاح على الطريقة اليونانية؟

وهنا يظهر السؤال: هل يكفي ذلك وهل ينجح الحريري الذي لا يعد من رجال الأعمال المتميزين في تحقيق أهداف حكومته في ظل المعطيات غير المطمئنة وفي ظل ظل فساد وانقسامات ومحاصصة طائفية ابتلت بها مؤسسات الدولة؟ ويزيد من هشاشة الاستقرار في البلاد استمرار الأزمة السورية والتوترات بين إسرائيل من جهة وحزب الله والحكومة اللبنانية من جهة آخرى.

في الحقيقة يفترض بمعالجة حالة كحالة المدينونية اللبنانية التركيز أولا على تشجيع ودعم القطاعات الانتاجية بهدف دفع عجلة التنمية وتقليص فاتورة العجز الهائل في الميزان التجاري. فقيمة صادرات لبنان الغني بالاراضي الزراعية والخبرات في الصناعات التحويلية لا تصل إلى 20 بالمائة من قيمة وارداته السنوية، 3 مليارات للصادرات مقابل أكثر من 18 مليار دولار للواردات. أما تجميد التعيينات الحكومية لموظفين جدد وزيادة الرسوم والضرائب فلن يساعد على دفع معدلات النمو. وفيما يتعلق بالكلمة السحرية "إعادة الهيكلة" فإن الفشل الذريع في حل مشكلة الكهرباء بعد نحو عقدين على نهاية الحرب الأهلية يدل على ضعف الحكومة وقدرتها على تطوير البنى التحتية المتهالكة في معظم المناطق اللبنانية. وتدل تجربة الخصخصة في قطاع النفايات على أنها كارثة على البيئة والسياحة وسمعة لبنان في الخارج.

على ضوء ما تقدم، قد يكون قدر لبنان في مزيد من الاقتراض والخضوع لشروط الدائنين في فرض إصلاحات تكاد لا تُحتمل على غرار الإصلاحات اليونانية التي تراقب تنفيذها الجهات الدائنة. وتتم هذه المراقبة بناء على سحب الكثير من صلاحيات الحكومة لصالح الجهات الدائنة من دول في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

ابراهيم محمد

هل تضيق العقوبات الأمريكية الخناق على حزب الله؟

23:01

This browser does not support the video element.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW